شهادة طبيب من غزة: لم يتبقّ في القطاع سوى مشفى واحد... إسرائيل تنفّذ "مشروع إبادة"

لم يتوقّف الطبيب الذي قضى أكثر من 40 يوما في غزة عقب اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، قبل أن يخرج من القطاع؛ في سعيه في المساهمة والعمل من أجل تقديم مساعدات لمشافي القطاع، والتخطيط لنظام صحيّ جديد فيه.

شهادة طبيب من غزة: لم يتبقّ في القطاع سوى مشفى واحد... إسرائيل تنفّذ

أهال أمام جثمان أحد أفراد عائلتهم (Getty Images)

قال طبيب الحروب الفلسطينيّ - البريطانيّ، د. غسان أبو ستّة، والذي شاهد الأوضاع الكارثية في مشافي غزة عن كثب، إن "النوايا الإسرائيليّة كانت ظاهرة وواضحة منذ الأيام الأولى" للحرب على القطاع الذي يشهد "مشروع إبادة".

ولم يتوقّف الطبيب الذي قضى أكثر من 40 يوما في غزة عقب اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، قبل أن يخرج من القطاع؛ في سعيه في المساهمة والعمل من أجل تقديم مساعدات لمشافي القطاع، والتخطيط لنظام صحيّ جديد فيه، مستفيدا من خبرته حينما عمل متطوّعا في العديد من الدول التي شهدت حروبا، مثل سورية واليمن والعراق، بالإضافة إلى الحروب السابقة التي شهدتها غزة.

(Getty Images)

ويخطّط الطبيب أبو ستة لليوم التالي للحرب في ما يتعلّق بالقطاع الصحيّ لغزة، والمرضى داخل القطاع؛ كما أنه يسعى إلى "إيجاد أماكن لإكمال طلبة الطب في غزة، تعليمهم في أماكن مختلفة"؛ كي يكونوا رافدا للقطاع الصحيّ.

"مشروع إبادة"

وقال أبو ستة ابن مدينة غزة في حديث لـ"عرب 48"، إن "النوايا الإسرائيلية كانت ظاهرة وواضحة منذ الأيام الأولى للحرب، إذ كان يصل في كل يوم في بداية الحرب إلى مستشفى الشفاء، ما بين 250 وحتى 500 شهيد يوميًا، بالإضافة إلى آلاف الجرحى، وأيضًا الاستخدام المفرط للقنابل التي يصل وزنها إلى 2000 رطل، والتي بإمكانها إزالة احياء كاملة؛ يؤكد أن المشروع المرتبط بهذا الهجوم العسكري هو مشروع إبادة".

وبشأن استهداف المراكز الصحية والمستشفيات في غزة، ذكر أبو ستة أن "فرض الحصار منذ الأيام الأولى من الحرب على قطاع غزة، جعل الموارد تشحّ بشكل كبير جدًا، مما أدى إلى ارتفاع أعداد القتلى بشكل كبير جدًا بالتزامن مع استهداف الأهالي".

وأكّد أن ذلك "قلّص النظام الصحيّ مع استهداف المستشفيات، حيث كانت البداية مع مستشفى المعمداني، ثم انتقل (العدوان الإسرائيلي) إلى ’القدس’ و’الرنتيسي’ و’النصر’ و’الدرة’ و’الشفاء’، وحتى اللحظة لا يزال الاستهداف مستمرا، ولم يتبقّ في غزة إلا مستشفى واحد هو ’الأوروبي’، إذ بات أكثر من 2 مليون شخص، يتعالجون في مستشفى واحد".

وقال أبو ستة: "بالطبع لا أزال على تواصل مع الأطباء في القطاع، واليوم، وردنا أن الدبابات الإسرائيلية لا تزال تحاصر مستشفى ’ناصر’ في خانيونس، والذي قُطعت الكهرباء عنه بشكل كامل، واستشهد بعض المرضى في العناية المركزة بسبب ذلك، والزميل أحمد مغربي رئيس قسم التجميل في المستشفى محاصر"، مضيفا أن "المجزرة الإبادية مستمرة، والاستهداف لكل المستشفيات مستمرّ".

وبشأن أول خطوة فكرة فيها أبو ستة فور خروجه من القطاع من أجل تقديم المساعدة للأطباء في القطاع، قال: "شعرت أن المهمة يجب أن تكون بمسارين متوازيين؛ الأول هو الإغاثة والإسهام في تقديم المساعدات، والتشجيع على مشاريع قصيرة وطويلة الأمد، وكذلك (التركيز) على قطاع التعليم الصحي، وطلبة الطب في السنوات الأخيرة داخل القطاع، وإكمال التعليم في أماكن مختلفة".

تقديم شهادات لمحكمة العدل الدوليّة

وأضاف أبو ستة أن "المسار الثاني يتمحور في الجانب القانوني، وتقديم شهادات لمحكمة العدل الدولية، وتقديم شهادة في وحدة جرائم الحرب في ’سكوتلاند يارد’، والعمل على زيادة الوعي بالجرائم الإسرائيلية في صفوف المجتمع البريطاني".

(Getty Images)

وقال أبو ستة إن "الاحتلال الإسرائيلي سيحاول تحقيق أمور خلال الهدنة (المحتملة، وبعد الحرب) لم يستطع تحقيقها خلال الحرب، إذ إنه سيحاول عن طريق الحصار الخانق، منع أي محاولة إغاثية، أو أعادة بناء قطاع غزة من خلال الحصار، وذلك بسبب عدم قدرته تحقيق الهدف وهو إفراغ السكان من القطاع، ومهمتنا منع تحقيق هذا الهدف".

واقع صحيّ جديد

وشدّد على أن "هناك حاجة ماسّة لفهم التداعيات الصحيّة لهذه الحرب، وبناء قطاع صحي يتجاوب مع الواقع الصحي الجديد في قطاع غزة، وليس كما كان قبل الحرب".

واختتم أبو ستة حديثه بالقول، إنه "يتواصل مع الأطباء من أجل الدخول إلى القطاع لتقديم المساعدة، ولكن ما يدخل الآن من أطباء إلى القطاع، لا يشكل ما نسبته 10% من الطلبات المقدَّمة، وذلك بسبب استهداف المستشفيات والمراكز الصحية، إذ إن الطواقم الطبية محصورة الآن في مكان واحد، وهو المستشفى ’الأوروبي’ في رفح".

التعليقات