نقص الأدوية في قطاع غزّة يزيد من معاناة الفلسطينيّين

حذّرت وزارة الصحّة الفلسطينيّة هذا الأسبوع من "نقص في الأدوية والمستهلكات الطبّيّة وعجز في أصناف الرعاية الأوّليّة بما يزيد عن 60% من القائمة الأساسيّة لأدوية الرعاية الأوّليّة"...

نقص الأدوية في قطاع غزّة يزيد من معاناة الفلسطينيّين

صيدليّة فارغة في قطاع غزّة (Getty)

يبحث محمّد خضر في صيدليّات رفح في جنوب قطاع غزّة عن أدوية لوالده وشقيقته، لكنّه يواجه صعوبة قصوى في العثور عليها وسط نقص حادّ في القطاع بسبب العدوان الإسرائيليّ منذ أشهر، والذي تحاكم إسرائيل بسببه أمام محكمة العدل الدوليّة بتهمة الإبادة الجماعيّة، والتي راح ضحيّتها حتّى الآن نحو ٣٠ ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء.

ويقول الشابّ الّذي نزح إلى رفح من جباليا في شمال القطاع "هذه الصيدليّة الخامسة الّتي أبحث فيها"، موضّحًا "لم أجد إلّا نوعًا واحدًا من ثلاثة أنواع (أدوية) وصفها الطبيب، والدي لديه ثقب في طبلة الأذن بسبب القصف ويتألم طوال الوقت".

ويضيف "تعاني أختي من مرض الذئبة الحمراء المزمن وهي بحاجة إلى أربعة أنواع من العلاج، ولا يتوافر سوى نوع واحد منها. وضعها الصحّيّ في تدهور شديد، وتتألّم بشدّة ولا نستطيع القيام بشيء".

وحذّرت وزارة الصحّة الفلسطينيّة هذا الأسبوع من "نقص في الأدوية والمستهلكات الطبّيّة وعجز في أصناف الرعاية الأوّليّة بما يزيد عن 60% من القائمة الأساسيّة لأدوية الرعاية الأوّليّة".

وأشارت الوزارة إلى وجود 350 ألف شخص مصاب بأمراض مزمنة بلا دواء، محذّرة من "مضاعفات صحّيّة خطيرة للمرضى".

عيادة داخل خيمة في رفح (Getty)

وفي صيدليّته في رفح، يقول الصيدليّ محمّد سحويل إنّ ما يحدث "فترة كارثيّة" موضّحًا "لا تتوافر جميع أنواع الأدوية خصوصًا للأمراض المزمنة مثل القلب، الضغط، السكّر والسرطان (..) وثمّة نقص في أدوية الأطفال والمضادّات الحيويّة وحتّى المسكّنات".

ويؤكّد "حتّى الأدوية البديلة الّتي قد تساعد في بعض الحالات، نفدت منذ عدّة شهور".

وفي صيدليّة أخرى، يعتذر الصيدليّ عبد الهادي ضهير لرجل يسأله عن أنواع عدّة من الأدوية لمرض الشلل الرعّاش (باركنسون)، فيما تغادر سيّدة محبطة لعدم عثورها على دواء.

ويقول ضهير إنّ "الحاجة إلى الدواء بلغت ذروتها خاصّة مع انتشار الأمراض والأوبئة بسبب الازدحام وسوء التغذية وظروف المعيشة".

ويشير أنّ الكثيرين يأتون و"يعانون أعراض مرض الكبد الوبائيّ وهو أمر خطير، لكن نشعر بالعجز، فلا توجد أدوية، ولا يمكننا التدخّل بدون توجيهات الأطباء حتّى البدائل من الأدوية نفدت".

ويتكدّس في رفح نحو 1,4 مليون فلسطينيّ، أي أكثر من نصف سكّان غزّة، وسط ظروف إنسانيّة ومعيشيّة يائسة وخطر كبير لانتشار الأمراض، بحسب الأمم المتّحدة.

ويخضع قطاع غزّة لحصار إسرائيليّ منذ العام 2007، وقد بات هذا الحصار محكمًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة الّذي لا تدخله إلّا مساعدات قليلة.

خيام النازحين الفلسطينيّين في رفح (Getty)

وحذّرت وزارة الصحّة الفلسطينيّة من أن تكدّس النازحين في البرد "زاد من انتشار الأمراض التنفّسيّة والجلديّة وأمراض معدية أخرى" من بينها التهاب الكبد الوبائيّ (ا).

وشنّت إسرائيل في تشرين الأوّل/ أكتوبر حملة قصف مركز أتبعتها بهجوم برّيّ واسع في القطاع، ما أسفر عن استشهاد 28663 شخصًا في قطاع غزّة، غالبيّتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحّة الفلسطينية

وفي غرب مدينة رفح يقف أكثر من مئتي شخص في طابور أمام صيدليّة المستشفى الكويتيّ ينتظرون دورهم حاملين وصفات طبّيّة آملين بالحصول على الأدوية المطلوبة.

وتشكو جيهان القوقا النازحة من خان يونس الّتي أتت منذ الصباح الباكر "نقف لساعات للحصول على حبّة دواء. يعطوننا حبّة مسكن فلا توجد مضادّات حيويّة ولا علاجات. الأطفال مرضى وكبار السنّ".

وتوضّح "زوجي يعاني من مرض الضغط والسكّر وساقه متورّمة لكن لا يمكننا الحصول على دواء له. يقول الأطبّاء إنّ لديه انسدادًا في الأوردة بسبب عدم تناوله الأدوية".

ويجلس عبد اللّه الحاجّ الّذي بترت ساقه على كرسيّ متحرّك ويقول بحسرة "لا يوجد أيّ صيدليّة في رفح لديها مسكن آلام لأنام في الليل".

بعد أشهر على اندلاع الحرب في تشرين الأوّل/أكتوبر، يبدو النظام الصحّيّ منهارًا في قطاع غزّة. وتفيد الأمم المتّحدة بأنّه لا توجد مستشفيات تعمل بقدرتها التشغيليّة الكاملة في غزّة، فيما تعمل 13 منشأة طبّيّة فقط من أصل 36 في أنحاء القطاع بطاقة محدودة.

وحذّرت منظّمة الصحّة الأربعاء من افتقار المستشفيات في غزّة "إلى "الإمدادات الكافية". فيضطرّ الأطبّاء إلى إجراء عمليّات بتر بسبب نقص الوسائل اللازمة لعلاج المرضى وإنقاذ أطرافهم، حسب ما أفاد الممثّل المحلّيّ لمنظّمة الصحّة العالميّة الدكتور ريك بيبيركورن من غزّة.

يأتي نبيل العثماني (60 عامًا) يوميًّا ليسأل عن الدواء الّذي يحتاجه لمرض الصرع لكن من دون جدوى. ويوضّح الرجل محاولًا حبس دموعه الّتي تنهمر رغم ذلك، "يخبرونني أنّه غير متوافر إطلاقًا".

ويشير محمّد ياغي النازح من مدينة غزّة "أصبحنا نموت بطريقة بطيئة… بسبب قلّة الأدوية والعلاجات في داخل مدينة رفح".

التعليقات