طفل استشهدت أسرته: سأصبح مهندسًا لأعيد بناء غزة

"أمي لشدة إصابتها لم يستطيعوا التعرف عليها، رقدت أسبوعًا بالعناية ولمّا استيقظت ذهبت إليها.. حكت معي عرفتني.. وبعد 9 أيام استشهدت متأثرة بإصابتها".

طفل استشهدت أسرته: سأصبح مهندسًا لأعيد بناء غزة

(نجا وحيدًا من مجزرة؛ الطفل، شهاب الدين أبو معمر/ تصوير شاشة)

استهدف قصف إسرائيلي منزلهم في منطقة الفخاري بين خانيونس ورفح في قطاع غزة أواخر 2023، فخرج الطفل، شهاب الدين أبو معمر (13 عامًا)، وحيدًا من تلك المجزرة المروّعة، حاملاً معاناته، محاولاً "مشاركة العالم" بعض أهوال العدوان الذي عاشه.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

يستعيد شهاب ذكريات تلك اللحظة المفجعة: "في يوم 20 كانون الأول/ ديسمبر 2023، كنا نجلس كعادتنا، وفجأة تحول المكان من مضيء إلى مظلم، مع انتشار رائحة البارود والركام. أصبح كل شيء مختلفًا.. لم أدري ماذا عليّ أن أفعل وما العمل.. سمعت أصوات الإسعاف.. فأدركت أن منزلنا قد قصف".

فقد شهاب والده وأخته الصغيرة على الفور في القصف، فيما احتضن أمه المصابة التي تعرفت عليه بعد أن استفاقت من غيبوبتها لمدة أسبوع. لكنه فقدها لاحقًا متأثرة بجراحها نتيجة إصابات بليغة في الرئة والكلى.

يقول في تقرير لوكالة "الأناضول": "أخبروني باستشهاد والدي وأختي. أما والدتي، فقد فارقت الحياة بعد 9 أيام من الحادثة نتيجة إصابتها الخطيرة. كانت أختي الصغيرة معي في الطابق الثاني، ولكنها نزلت إلى الطابق السفلي قبل دقائق من القصف لتكون مع والدي واستشهدت معه".

وعمّا عايشه لحظة القصف، قال: "وقفت بعد أن كنت جالسًا، والركام يغطي الأرض من حولي. كنت أمشي بين الحجارة والزجاج المتناثر في كل مكان. نظرت حولي، ولم أجد الجدار الذي كنت أعلم أنه كان موجودًا. بدأت ألاحظ أضواء خافتة، كانت في الواقع أضواء جوالات تقترب وتقف عند منزلنا، ثم سمعت صوت سيارات الإسعاف وهي تصل".

وتابع: "في تلك اللحظة، أدركت تمامًا أن بيتنا قد قُصف. نزل عمي من الطابق الثالث، بينما كنت أنا في الطابق الثاني. كان ينادي ويبحث عن أي ناجين، فأجبته. أخذني ونزلنا معًا إلى الأسفل، ثم سلمني لأحد الجيران. تم نقلي إلى المستشفى بواسطة سيارة عادية. كنا خمسة أشخاص تقريبًا في السيارة التي أقلتنا إلى المستشفى".

فاجعة فقدان الأهل

واصل الطفل شهاب أبو معمر سرد تفاصيل ما حدث بعد القصف، قائلاً: "في أماكن القصف، تتوقف أي سيارة تمر على الطريق بشكل طبيعي لتحمل المصابين وتنقلهم إلى المستشفى. وهذا ما حدث معنا؛ نقلونا بسيارة عادية إلى المستشفى.. وعند وصولنا، كان الشهداء والجثث ممددين عند باب الطوارئ على الأرض، بينما كان المصابون على فراش بسيط على الأرض. مكثت في المستشفى يومًا واحدًا، وهناك تلقيت خبر استشهاد أبي وأختي. الحمد لله على كل حال".

وتابع: "منزلنا كان يقع في منطقة الفخاري بين خانيونس ورفح. قوات الاحتلال كانت تتصل عشوائيًا على السكان وتطالبهم بالاتجاه إلى منطقة الفخاري، مدعية أنها آمنة، لكنها قصفتها لاحقًا".

"أمي عرفتني وتحدثت معي"

أما أمي، يتابع حديثه، "فلشدة إصابتها لم يتمكنوا من التعرف عليها في البداية. مكثت في العناية المركزة لمدة أسبوع كامل بعد الحادثة. عندما استيقظت، ذهبت إليها، وتحدثت معي وعرفتني. لكن استشهدت في الساعة الثالثة عصرًا متأثرة بإصابتها".

وأوضح: "تعطلت وظائف الرئة والكلى عند أمي، مما جعلها غير قادرة على التنفس. استشهدت متأثرة بجراحها. أما أختي الصغيرة، التي كانت تبلغ من العمر خمس سنوات، فقد استشهدت في اللحظة ذاتها التي قُصف فيها المنزل".

الخروج من غزة إلى تركيا

بعد فقدان أسرته، عاش شهاب في غزة لفترة قصيرة، ثم غادر إلى مصر حيث أمضى ستة أشهر حاول خلالها الحصول على تأشيرة للقدوم إلى تركيا. أخيرًا، تمكن من الوصول واستقر في إسطنبول حيث يدرس الآن في مدارس القدس التي تتبع المنهج الفلسطيني.
يقول: "الحمد لله بعد محاولات كثيرة أتيت إلى تركيا وحصلت على إقامة، وهذا أول نشاط لي لأكون صوت أطفال غزة الأيتام وأكون صوت المظلومين".

وتابع "أدرس الآن في مدارس القدس، مدارس تدرس بالمنهج الفلسطيني وأريد أن أكمل تعليمي وأكون صوت أطفال غزة اليتامى وأكون صوت المظلومين في غزة وهذا هو أول نشاط لي".

وشدد الطفل على أنه "سيعود إلى غزة"، وسيساهم في إعادة بنائها، قائلاً: "إذا أعلن وقف إطلاق النار غزة سترجع كما كانت بشبابها ورجالها إن شاء الله، وأنا سوف أرجع إلى غزة إن شاء الله، أحب أنا أصير بالمستقبل مهندسًا، وأعيد بناء غزة".

التعليقات