في يوم المرأة العالمي: الأسيرات الفلسطينيات رحلة عذاب ومعاناة مستمرة

-

في يوم المرأة العالمي: الأسيرات الفلسطينيات رحلة عذاب ومعاناة مستمرة
كما شاركت المرأة الفلسطينية الرجل في ميادين العمل والتربية والبناء والصمود والكفاح والنضال وغيرها، شاركته أيضاً في رحلات التحقيق والسجن والقيد، شاركته المقاومة والدفاع عن الوطن، خاضت وشاركت في كل أشكال وأنواع النضال بدءا من العمل العسكري وانتهاء بالعمل الجماهيري والتطوعي.

وهناك العديد من النساء الفلسطينيات اللواتي ضربن نماذج في التضحية والفداء، وكن عناوين ونماذج نضال وتضحيات وعطاء هذا الشعب وصموده، منهن أول شهيدة فلسطينية بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غز الشهيدة شادية أبو غزالة، والشهيدة دلال المغربي، ولتمتد بعدها القائمة وتطول العديد من شهيدات العمليات الاستشهادية في انتفاضة الأقصى/ 2000.

وكما في الشهادة فهناك من كن أعلاما في النضال الوطني الفلسطيني، حيث الرفيقة ليلى خالد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية كانت وما زالت واحدة من تلك الرموز، أما على الصعيد الاعتقالي فالمرأة الفلسطينية دفعت ثمناً باهظاً على هذا الصعيد، حيث أنه منذ بداية الاحتلال عام 1967 ولغاية الآن دخلت سجون الاحتلال أكثر من 10000 امرأة وفتاة فلسطينية. ومنذ بداية انتفاضة الأقصى فإن مجموع ما دخل سجون الاحتلال من نساء فلسطينيات هو 800.

ورحلة القيد والأسر للأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال مشابهة إلى حد كبير رحلة القيد لأخوتهن ورفاقهن الأسرى في سجون الاحتلال، فهذه الرحلة تمارس فيها إدارات مصلحة السجون الإسرائيلية كل أشكال وصنوف التعذيب الجسدي والنفسي بحق الأسيرات الفلسطينيات من عزل في زنازين وأقسام خاصة، وحتى الزج بهن في أقسام المعتقلات الجنائيات اليهوديات إلى الحرمان من أبسط متطلبات ومقومات الحياة، حيث الغرف الضيقة وشديدة الرطوبة وقليلة التهوية، ومنع إدخال الكتب والأغراض الخاصة من ملابس وغيرها، والحرمان من زيارة الأهل ولفترات طويلة، أو الالتقاء بالمحامين، والقمع والتفتيشات العارية والمذلة، وانتهاك خصوصيات الأسيرات، ناهيك عن عمليات التفتيش والدهم المستمرة من قبل وحدة "نحشون" وحدة قمع السجون لغرف المعتقلات، والاعتداء في أحيان كثيرة عليهن جسدياً ولفظياً، والعقوبات لأتفه الأسباب والتي تكلف المعتقلة إما عزلاً في الزنازين أو ترحيلا من السجن لسجن أو قسم عزل آخر وحرمان من زيارة الأهل أو الالتقاء بالمحامي، أو عقوبات مجتمعة يضاف إليها غرامة مالية وحرمان من شراء الأغراض من "كانتينا" السجن، حيث أكل إدارة المعتقل الذي تعاف المعدة أكله في الكثير من الأحيان، ناهيك عن طريقة تصنيعه السيئة والنقص فيه كمياً ونوعياً، وعمليات التعذيب والقمع المستمرة التي تخضع لها الأسيرات من أجل منع بلورة أي أطر تنظيمية ثابتة ومستقرة لهن، أو منعهن من اتخاذ خطوات نضالية احتجاجية، إضرابات جزئية عن الطعام، أو خطوات استراتيجية، إضراب مفتوح عن الطعام على سوء أوضاعهن، أو محاولة إدارة السجن الانقضاض على مكتسباتهن وحقوقهن، والمشاركة فيها ليست قصراً على إدارة السجن وإدارة استخباراته، بل كل الطواقم التابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية تتجند للمشاركة في عمليات القمع تلك بحق الأسرى والأسيرات، من أعلى رتبة وحتى أدناها.

وفي هذا السياق تقول الأسيرة الموقوفة سناء بريك والمعتقلة منذ22/9/2008 عن رحلة العذاب والمعاناة للنقل إلى المحاكم والتي تقوم بها ما يسمى بوحدات"النحشون" التابعة لإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية "أعيش رحلة موت خلال تنقلي من والى المحكمة في ظل البرد القارص، والساعات الطويلة التي ننتظرها من أجل نقلنا من والى المحكمة وسط معاملة سيئة جدا من قبل وحدات "النحشون"، ناهيك أنه تحت حجج وذرائع الأمن محرومة من زيارة الأهل، حيث تزورها والدتها مرة كل ستة شهور.

أما الأسيرتان أحلام التميمي وقاهرة السعدي واللتان تقضيان بالسجن أحكاماً مؤبدة فتقولان إن إدارة مصلحة السجون تعتدي على أدق خصوصيات الأسيرات، حيث تقوم بفتح الرسائل الواردة للأسيرات، وتلاوة وقراءة ما جاء فيها بشكل متعمد وخصوصاً في الجوانب الاجتماعية والإنسانية، وبما يشكل تعديا صارخا وانتهاكا فظا لكافة الأعراف والمواثيق الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان وحماية الأسرى.

وتضيف الأسيرة قاهرة السعدي، أن إدارة مصلحة السجون تصعد وتكثف من هجماتها على الأسيرات، حيث تستمر في رفض إدخال وإخراج الأشغال اليدوية والكتب وأغراض الأطفال، كما أنها تمارس بشكل متعمد سياسة الإهمال الطبي بحق الأسيرات، وتمنع إدخال أطباء من خارج السجن لمعاينتهن وعلاجهن، ناهيك عن سياسة التنقل المستمرة بحق الأسيرات، حيث يقبع في سجني "هشارون" القريب من مدينة نتانيا وسجن الدامون في حيفا خمس وثلاثين أسيرة فلسطينية، خمس منهن يقضين أحكاماً بالسجن المؤبد أو أكثر.

وفي ذكرى يوم المرأة العالمي، والذي تنهك فيه حقوق وأوضاع أسيراتنا الفلسطينيات في زنازين وسجون الاحتلال، بشكل فظ وسافر ومناف لكل الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، فإن المؤسسات الحقوقية والإنسانية مطالبة، بأن ترفعها صوتها عالياً من أجل إدانة جرائم الاحتلال بحق أسيراتنا، ومطالبته بالعمل على إطلاق سراحهن، كما أن هؤلاء الأسيرات المناضلات، هن الأولى بالتكريم من بين نساء شعبنا، فهن حملة الراية واللواتي يدفعن الثمن الباهظ على المستوى الشخصي والإنساني والوطني، ويتقدمن الصفوف.

وهذا التقدم يفرض على السلطة وأحزاب ومؤسسات شعبنا وأبنائه، أن تتقدم تلك النساء المناضلات منصات التكرم هن وعائلاتهن، وليس هذا فقط، بل لا بد من حملة محلية وعربية ودولية شعبية ورسمية، في هذا اليوم، يوم المرأة العالمي، تندد بجرائم الاحتلال بحق أسيراتنا، واعتبار ما تقوم به حكومة الاحتلال بحقهن من جرائم، بمثابة جرائم حرب، مع ضرورة التأكيد على إطلاق سراحهن وتحررهن من سجون الاحتلال وزنازينه، كما أن ملف الأسيرات الفلسطينيات في سجون إسرائيل يجب أن يغلق، فالطرف الفلسطيني المفاوض، الذي عاد إلى لعبة ومتاهة المفاوضات العبثية، كان الأجدى به أن لا يعود إلى تلك المتاهة دون تحرر كل أسيراتنا وقسم كبير من أسرانا في سجون الاحتلال، رغم أننا نرى أن تلك العودة ضارة وخطيرة على وحدة وحقوق شعبنا.

وكذلك في هذه المناسبة، مناسبة يوم المرأة العالمي، نوجه فيه تحية اعتزاز وافتخار للمرأة الفلسطينية، وما تقوم به من دور رائد وفي كل الميادين جنباً إلى جنب مع الرجل، في معارك المقاومة والبناء والدفاع والصمود والتصدي لكل إجراءات وممارسات الاحتلال بحق شعبنا.

ومن هنا فالسلطة والأحزاب والتنظيمات الفلسطينية مدعوة ليس لسن التشريعات والقوانين التي تكفل للمرأة حقوقها، والمساواة في ميادين العمل والإنتاج والوظائف والترشيحات وتقلد المناصب وغيرها، بل ضرورة احترام وتطبيق تلك القوانين والتشريعات، كما أننا ننتهز هذه المناسبة، لكي نقول لآسري الجندي الإسرائيلي "شاليط" من الفصائل الفلسطينية، بأن يكون على رأس سلم أولويات تلك الصفقة، الأسيرات الفلسطينيات بمجموعهن، فهؤلاء هن أخواتنا وبناتنا وزوجاتنا وأمهاتنا وعرضنا، واللواتي يمارس العدو بحقهن كل أشكال وأصناف التعذيب، وبالتالي مسؤولية تحريرهن من الأسر، هي حق واجب على السلطة وأحزاب وتنظيمات ومؤسسات وأبناء شعبنا أجمعين، وكل حسب موقعه ودوره ومسؤولياته.

التعليقات