أسرى القدس: إبراهيم شماسنة وياسين أبو خضير

-

أسرى القدس: إبراهيم شماسنة وياسين أبو خضير
صمود أم
" ابراهيم هو ابني الوحيد ويا ليت كان عندي خمسة أو ستة أولاد لقدمتهم كلهم فداء لفلسطين والقدس، سنبقى صامدين بوطننا ولن نخرج منه لو فقدنا أرواحنا، ويتوجب على كل إنسان فلسطيني ومسلم التضحية والجهاد من أجل فلسطين والمسجد الأقصى ، وإن شاء الله يلم شمل الأسرى ويرفرف العلم الفلسطيني فوق المسجد الأقصى". بهذا الصمود تواجه الحاجة أم ابراهيم من يسألها عن ولدها الأسير إبراهيم سليم محمود شماسنة.

ضرب الخناجر ولا حكم النذل
ولد الأسير ابراهيم سليم محمود شماسنة في بيت حنينا، بتاريخ 18/ 2/ 1964، واعتقل بتاريخ 12 / 10 / 1993، بتهمة المشاركة في قتل ثلاثة مستوطنين بالتعاون مع أولاد عمه محمد وعبد الجواد شماسنة والانتماء لحركة فتح، وحكم عليه بالسجن ثلاث مؤبدات وعشرين سنة وقضى حتى الآن قرابة خمسة عشر عامًا من حكمه.

وخلال اعتقاله تعرض الأسير ابراهيم لتعذيب وحشي في أقبية التحقيق حيث استمر في أقبية الزنازين قرابة 7 شهور وتعرض لشتى ألوان التعذيب كحرق جسده ووجهه باستخدام السجائر والأنابيب البلاستيكية، وما زالت آثار التعذيب واضحة على جسده حتى هذا اليوم.

كما يعاني الأسير من آلام في الرأس والعين نتيجة الضرب المبرح الذي تعرض له خلال التحقيق معه وما زال يشكو من آثاره..

وعندما كان في سجن النقب الصحراوي تعرض لتعذيب مذل وفي تلك الفترة احرقت خيام الأسرى واستشهد على إثرها عدد من زملائه مما كان له بالغ الأثر على نفسه. وكان قد تعرض الأسير ابراهيم لعدة عقابات داخل السجون الإسرائيلية، حيث حرمته إدارة السجن في أحد المرات من الزيارة لمدة ثلاثة شهور وعزلته طوال هذه المدة في زنزانة إنفرادية، وفرضت عليه دفع غرامة مالية قدرها ألف شيكل(236$) عقابًا له.

صمود بطل
لم تقهر ظلمة السجن وظلم السجان إرادة الأسير ابراهيم بل كانت دافعًا لتكملة المشوار والطموح، فلم يكن ابراهيم قد أنهى دراسته قبل اعتقاله حيث كان في الصف الثاني إعدادي، وحرمته إدارة السجن في بداية اعتقاله من تقديم التوجيهي لمدة ثلاث سنوات كعقاب له، وبعد ذلك حصل على التوجيهي، ثم درس الصحافة لمدة عامين في الجامعة العبرية المفتوحة على حسابه الخاص وهو في السجن، ولكنه توقف عن إكمال الدراسة حاليًا لأن الجامعة طلبت منه عشرة آلاف شيكل(2،364$).

أبطال حرية قدموا زهرة شبابهم في السجن

وصمود الأسير ابراهيم مثار افتخار وتقدير وإجلال عند عائلته التي تنتقد دور المفاوض الفلسطيني حيال قضية الأسرى حيث تقول والدته:" ما جرى ليس إتفاقًا وعلى الوفد الفلسطيني أن يفاوض بقوة وشجاعة حيال قضية الأسرى، فالجانب الإسرائيلي ثارت ثائرته من أجل جندي واحد فيما نحن لدينا آلاف الأسرى داخل السجون الإسرائيلية"، وتساءلت "أين الدول العربية حيال ما يجري للأسرى في السجون الإسرائيلية ...؟!

وناشدت كل إنسان عنده ضمير الوقوف بجانب الأسرى وضرورة الاهتمام بقضيتهم، مطالبة بإدراج جميع أسرى القدس ضمن أي صفقة تبادل أو إفراجات دون شرط أو تمييز، فهم أبطال حرية قدموا زهرة شبابهم في السجن.
هي أيام قليلة، تفصله عن رؤية والده، سيتسنى له أن يعانقه ويأخذا الصور معاً، سيتسنى له البقاء مع والده 45 دقيقة، في هذة الزيارة ليس هناك من حواجز زجاجية ولا قيود تكبل يدي تيسير، فقد سمحت إدارة السجن لوالد تيسير بزيارة خاصة، ولكن القدر حال بينه وبين الزيارة فقد توفاه الله قبل أيام من ذلك اللقاء، وبهذا يكون تيسير قد حرم من تلك الزيارة وحرم
من وداع والده ورؤيته للمرة الأخيرة قبل ان يوارى الثرى، "لقد أنتابني شعور غريب، وحزنت على والدي، فقد كنت أتوق لرؤيته، كنت أتوق أن يضمني الى صدره، وأغيب ولو للحظات عن جدران هذا السجن "هكذا وصف الأسير ياسين شعوره أثناء موت والده.

نُبذة عن حياة الاسير
ولد ياسين محمد أبو خضير في 27/6/1965 واعتقل في 27/12/1987 من حي شعفاط في القدس المحتلة، ولديه خمسة أشقاء، وكان يعمل صحفيا في جريدة القدس والطلائع والنهار، ثم انتقل بعد ذلك للعمل في أحد الأفران وذلك بسبب تدني الراتب الذي كان يتقاضاه، وقد اتهم، حينها بشراء وحيازة مسدس، ومحاولة قتل مدير دائرة السير في رام الله، طعن مستوطن يهودي في سوق المصرارة لم يكن قد تجاوز 22 عاما، بعد ذلك إعترف أحد المعتقلين على أفراد المجموعة التي كان يعمل معها ياسين وحكم عليه بعد ذلك بالسجن 28 عاما، وقد قضى منهم 20 عاما.

ومثل باقي السجناء فقد تنقل بين سجون كثيرة حيث مكث 15 عاما في سجن المسكوبية، ثم انتقل الى سجن الرملة فشطة فعسقلان أما اليوم فهو في سجن هشارون.

ويتابع ياسين دراسته بالمراسلة من داخل السجن، فقد سجل إختصاص العلوم السياسية في إحدى الجامعات العبرية،ولم يتبق له سوى فصل واحد كي يتخرج. كما يعمل حلاقا وخطاطا داخل السجن، ويمضي وقته في مطالعة الكتب، ويعتبر من رواد الحركة الأسيرة داخل سجون الإحتلال الإسرائيلي.

ويعاني ياسين من الالام دائمة في معدته، فقد أصيب في عام 2002 بنزيف في المعدة ونقل بعد ذلك الى المستشفى حيث أجريت له عملية جراحية تم خلالها استئصال جزء من معدته، ومنذ ذلك الحين حتى اليوم ينقل ياسين باستمرار الى المشفى لتلقي العلاج.

في الأسر
اعتقل ياسين محمد أبو خضير من منزل عائلته في القدس، على أيدي المخابرات الإسرائيلية التي اقتحمت المنزل، وكسرت الأثاث، وقادته الى سجن شرطة المسكوبية، وهناك تعرض ياسين الى أقسى أنواع التعذيب النفسي والجسدي التي بات يتقنها جيش الإحتلال الاسرائيلي، بعد ذلك وضُع في زنزانة معزولة لمدة شهرين، وكان ياسين قد رفض الكلام عن فترة التعذيب لعائلته خوفا أن تتأثر والدته بهول ما تعرض له.

كما اعتقلت قوات الاحتلال شقيق ياسين أيمن لمدة أربعة أيام، حيث أفاد أنه تعرض للضرب، بالهراوات الخشبية والبلاستيكية، ولازم الفراش بعد ذلك لمدة شهر كامل.


على أمل اللقاء
إنها أشهر وأشهر من الحرمان، منعت فيها قوات الاحتلال الاسرائيلي أهله من زيارته، الاسباب متعددة، ياسين في المسشفى، ياسين شارك في إضرابات واعتصامات، ورغم قرارات منع العائلة بالزيارة، كانت أمه قبل أن يتوفى تذهب مع أهالي الأسرى وتنتظر خارج السجن وكلها أمل أن يشفق عليها الجنود ويسمحوا لها بالدخول، لكن للأسف كانت تقضي ساعات وساعات خارجا من دون أن يلتفت لها أحد. وكانت تقول إنها بالرغم من أنها لم تتمكن من رؤيته، فإنها تشعر به، وهو على بعد أمتار منها، وأنها بذلك تقول لياسين أنها لن تكل ولن تمل من محاولات االقاء به.

هذا بالإضافة الى التفتيش السيئ الذي كانت تتعرض له، ويقول شقيقه أيمن أن إدارة السجون قد غيّرت بعض قوانين الزيارات عام 2003، حيث قامت بوضع الحواجز الزجاجية في غرف الزيارة مما حرم الأسرى من ملامسة ذويهم وزوجاتهم والشعور ولو لدقائق معدودات بهم.

كما منعت إدارة السجون الأهالي من إدخال الملابس الجديدة للأسرى إلا إذا بُدلت بملابس قديمة للأسرى.

أما عائلة الاسير ياسين فقد شيدت له منزلا، حتى يسكن فيه لدى خروجه من السجن، ويقول شقيقه أيمن " أنه منذ بناء المنزل تسلمنا مخالفة بناء من قبل بلدية القدس، ثم بدأنا العمل بإجراءات الترخيص في عام 1998، في أول مرة تم إستصدار حكم بحقه يقضي بدفع غرامة مالية قدرها ثمانية آلاف شيكل أو السجن لمدة 45 يوماً فاختار السجن وبالتالي أضيفت هذه المدة لحكمه فأصبح 28 عاما و45 يوماً، ثم أجريت محاكمة أخرى ضد ياسين تم خلالها فرض مخالفة مقدارها 40 ألف شيكل، أو السجن لمدة 400 يوم حينها قررنا دفع الغرامة، ومنذ عام 2005 وأنا أدفع ألف شيكل شهريا للمخالفة، هذا غير أتعاب المحامي البالغة ستة آلاف دولار الذي تم توكيله من أجل إيقاف إجراءات الهدم.

في الإنتظار... منزل وحلم بالزواج
في انتظار ياسين، منزل وحلم بالزواج، حلم بتكوين عائلة دافئة، ومشاعر صادقة والاهم من ذلك، حلم بأن ينظر بعينيه فيرى أنه في عالم اخر، لا جدران فيه ولا شبابيك صغيرة، ولا سجانين، يقفون عند الأبواب. عالم يتحول فيه ياسين من رقم في سجلات وزارة الأسرى، الى فرد يتمتع بحق الحياة.

التعليقات