بمناسبة 17 نيسان يوم الأسير الفلسطيني

-

بمناسبة 17 نيسان يوم الأسير الفلسطيني
يحيي الشعب الفلسطيني في 17 نيسان من كل عام يوم الاسير الفلسطيني معبراً عن استمرار نضاله وكفاحه في سبيل حرية ابنائه وبناته المعتقلين في سجون الاحتلال.. انه يوم للحرية.. يوم لرفض الظلم والقيود وسيطرة المحتلين على حياة وكرامة الشعب الفلسطيني...

يوم الاسير هو اليوم الذي اطلق فيه سراح اول اسير فلسطيني محمود بكر حجازي بتاريخ 17/4/1974 في اول عملية تبادل للاسرى مع الجانب الاسرائيلي وقد اعتمد المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التي عقدت في نفس العام يوم 17/4 يوماًمن اجل حرية الاسير ونصرة قضيتة العادلة...

ان قضية الأسرى الفلسطينيين تعتبر من اكبر القضايا الانسانية في العصر الحديث.. خاصة ان ما يقارب خمس الشعب الفلسطيني قد دخل السجون منذ بداية الاحتلال الاسرائيلي.. حيث يقدر عدد حالات الاعتقال في صفوف الشعب الفلسطيني منذ عام 1967 (800.000) أي ما نسبته اكثر من 20% من ابناء الشعب الفلسطيني.

لقد ارتبطت قضية الاعتقال بعملية النضال المتواصل للخلاص من الاحتلال لهذا لم يبقى بيت فلسطيني الا واعتقل احد من ابنائه... لهذا فهي قضية شعب ومجتمع ترتبط بشكل عضوي بالتطلع الى الحياة الانسانية والمستقبل المنشود دون معاناة وقيود...

ولم تترك حكومة الاحتلال اية وسيلة حربية ونفسية الا واستخدمتها في عمليات الاعتقال العشوائية والجماعية ودون تمييز بين كبير وصغير وبين ذكر وانثى..
انها حرب شاملة وممنهجة حولت شعبً بأكمله الى شعب اسير يحمل على جسده آلام السجون وعذابات الزنازين.. يقضي شبابه اعمارهم اليانعة في الظلمات الدامسة وتحت وطأة الممارسات التعسفية والوحشية...

وخلال انتفاضة الاقصى التي اندلعت بتاريخ 28/9/2000 وصل عدد حالات الاعتقال الى )40( الف حالة اعتقال لا زال )8000( منهم يرزحون في السجون وموزعين على 27 سجناً ومعسكراً ومركز توقيف وتحقيق وسجون سرية كشف عنها مؤخراً مثل السجن السري الذي يحمل رقم (1391).

واعتقلت سلطات الاحتلال (3000) طفل قاصر اعمارهم اقل من 18 عام لا زال (350) منهم داخل السجن.

بينما اعتقلت ما يقارب (500) امرأة فلسطينية بقي منهم (120) اسيرة يقبعن في سجن تلموند الاسرائيلي
وتفننت سلطات الاحتلال في اساليب واشكال الاعتقال من المداهمات الليلية للمنازل الى نصب الكمائن واعتقالات على الحواجز العسكرية واثناء السفر واستخدام الوحدات الخاصة والكلاب واطلاق الرصاص وفرض منع التجول واختطاف الجرحى من المستشفيات وسيارات الاسعاف...

وتعرض الاسرى خلال اعتقالهم للاعتداء والتنكيل والاذلال حتى قبل مثولهم امام المحققين وقبل وصولهم الى مراكز اعتقال رسمية.. وتشير الاحصاءات ان 80% من الاسرى تعرضوا للاعتداء خلال الاعتقال على يد جنود الاحتلال اضافة الى اعتداءات على سكان المنازل ودب الرعب والفزع في صفوف العائلة والاطفال والنساء.

وفعلّت حكومة الاحتلال سياسة الاعتقال الاداري خلال انتفاضة الاقصى لتصل حالالت الاعتقال الى (3000) حالة بقي منهم (800) معتقل دون تهمة او محاكمة وقد جدد هذا الاعتقال المحرم دولياً لحوالي (150) اسير اكثر من 3 مرات بعضهم جدد له الاعتقال 8 مرات على التوالي. ولم تكتف سلطات الاحتلال بعملية الاعتقال بل مارست عقوبات جماعية بحق الاسير وذويه من خلال هدم منازل الاسرى اذ هدمت سلطات الاحتلال (200) منزل لاسرى معتقلين وابعدت الى قطاع غزة (35) اسيراً ادارياً من سكان الضفة الغربية

ان الاسرى في سجون الاحتلال يعيشون اوضاعاً لا تطاق.. وقد شبهوا السجون بالمقابر بسب افتقارها للحد الادنى من مقومات الحياة الانسانية واستهتار سلطات الاحتلال بكرامة الاسرى وانسانيتهم واستخدامها اساليب لتدمير الاسير وتحطيمه نفسياً وجسدياً ولوحظ ان سياسة مقصودة ومبرمجة اتبعت في السجون خلال انتفاضة الاقصى تستهدف سلب الاسرى كافة حقوقهم الانسانية والانقضاض على منجزاتهم النضالية واعادة الحياة الى الوراء الى عهد القمع والبطش والاذلال.

وتعرضت حكومة الاحتلال وكأنها فوق القوانين الدولية والانسانية فقد اعدمت (150) اسيراً خارج نطاق القانون بعد القاء القبض عليهم كان آخرهم محمود كميل من جنين لتمارس القتل بدم بارد وترتكب جرائم حرب يحاسب عليها القانون الدولي.

اذ يعاني الاسرى من سياسة التعذيب واستخدام المعاملة القاسية خلال استجوابهم، حيث ان 85% من الاسرى تعرضوا لتعذيب وحشي على يد المحققين في اقبية التحقيق ومنهم الاطفال... ووصل الامر الى استخدام اساليب لا اخلاقية لإنتزاع الاعترافات من المعتقلين مثل التحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب واعتقال زوجات المعتقلين واطلاق الكلاب المتوحشة ضد الاسرى والاعتداء بالضرب وغيره من الاساليب التي تنتهك كل الشرائع الدولية.

وظهرت ابداعات جديدة من اساليب التعذيب بحق الاسرى خلال انتفاضة الاقصى وانتزعت اعترافات من الاطفال تحت التهديد والتعذيب.

ويعاني الاسرى من سياسة الاهمال الطبي وعدم تقديم العلاج اذ يوجد (950) حالة مرضية خطيرة في السجون تتعرض للموت البطيئ حيث يعاني الاسرى من امراض القلب والسرطان والكلى والمفاصل والسكري ويوجد اسرى معاقين ومصابين بالشلل النصفي وبأمراض عصبية وغيرها.. وتماطل ادارة السجون في اجراء العمليات الجراحية للاسرى وتقديم العلاج اللازم لهم.

وبسب التعذيب والاهمال الطبي وعدم وجود مقومات انسانية في السجون والمعسكرات فقد استشهد داخل السجون منذ عام 1967 (174) اسيراً كان آخرهم الشهيد راسم غنيمات/ رام الله الذي استشهد بسبب اندلاع حريق في سجن مجدو..

ان صرخات الاسرى تتعالى كل يوم نتيجة الهجمة المتواصلة عليهم وبلا أي نازع انساني واخلاقي فهم يتعرضون للقمع الوحشي على يد وحدات خاصة شكلت لهذا الغرض منها وحدات (نحشون) و (مسادا) اضافة الى سياسة التفتيش العاري المذل واقتحام غرفهم ليل نهار وبشكل استفزازي ومصادرة اغراضهم الشخصية.. وكذلك يتعرضون لسياسة سرقة ونهب اموالهم من خلال فرض غرامات مالية عليهم لأتفه الاسباب وعقوبات في الزنازين والحرمان من الزيارة والكنتين...

ولا زالت (2000) عائلة اسير محرومة من زيارة ابنائها بقرار من المخابرات الاسرائيلية تحت ما يسمى دواعي الامن وحتى العائلات التي تزور ابنائها فإنها تصطدم بالحاجز البلاستيكي في غرف الزيارات والذي يحول دون اجراء زيارة انسانية وطبيعية بين الاسير وعائلته واطفاله.

والحرب التي تشنها سلطات السجون على الاسرى اصابت كل شيئ في حياتهم من المأكل الفاسد وعدم وجود مواد تنظيف والازدحام الشديد وعدم السماح لهم بادخال الملابس والمواد الغذائية واجبارهم على الاعتماد على انفسهم في شراء ما يحتاجونه داخل السجن وبأسعار مرتفعة.

ولعل سياسة عزل الاسرى في زنازين انفرادية ولمدة طويلة كعقاب لهم تعتبر من اخطر السياسات التي تهدد حياة الاسرى اذ يقبع حالياً 15 اسيراً في زنازين عزل انفرادي بعضهم يزيد عن الاربع سنوات كحالة الاسيرين احمد شكري من رام الله وحسن سلمة من غزة يعيشون في زنازين متعفنة وقذرة وضيقة لا تدخلها الشمس ولا الهواء... تفوح منها الروائح الكريه.

ان حكومة الاحتلال تتصرف مع الاسير الفلسطيني بصفتة مجرم وارهابي ويستحق القتل والابادة هذا ما تجسده محاكم الاحتلال باصدارها احكاماً قاسية ومرتفعة بحق الاسرى وفرض غرامات مالية عليهم بشكل مكثف دون أي اعتبار لأسس القضاء العادل والنزيه وتعكس المعاملة الوحشية للاسرى داخل السجون هذه الرؤية العنصرية والمتعالية والقائمة على العداء والكراهية الشديدة للاسرى...

وهذا ينبع من الموقف الايديولوجي والسياسي لحكومة الاحتلال التي ترفض الاعتراف بالصفة القانونية للاسرى باعتبارهم اسرى حرب وجنود مقاومة مشروعة ضد الاحتلال، وخاصة ان ممارسات حكومة الاحتلال تشير الى ضربها بعرض الحائط كافة الاتفاقيات الدولية والانسانية وقرارات الامم المتحدة واتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة والإعلان العالمي لحقوق الانسان...

وظهر هذا الموقف بوضوح في الاتفاقيات السياسية التي ابرمت بين م.ت.ف وحكومة اسرائيل اذ تمسكت اسرائيل برؤيتها ومعايييرها الخاصة المستندة الى اتهام الاسرى بالايادي الملطخة بالدماء ورفضها الافراج عن المئات من الاسرى حيث لا يزال 370 اسيراً معتقلاً ما قبل اتفاق اوسلو عام 1993 ترفض اسرائيل الافراج عنهم من بينهم 21 اسيراً يقضون اكثر من 20 عام داخل السجون اقدمهم الاسير سعيد العتبة/ نابلس الذي يقضي 28 عام داخل السجن..

وفرضت حكومة الاحتلال سياسة تجزئة وتصنيف المعتقلين حسب التهمة والانتماء ومكان السكن وتحكمت طوال الوقت بنوعية واسماء المفرج عنهم واستخدمت عمليات الافراج كبالونات اختبار وبشروط سياسية وامنية هدفها المساومة والمقايضة وعدم الاعتراف بمشروعية وقانونية نضال وكفاح المعتقلين الفلسطينيين...

ويتطلع الشعب الفلسطيني خاصة بعد تفاهمات قمة شرم الشيخ الاخيرة الى ارادة تغيير جذرية في اسلوب التفاوض حول الاسرى ورفض المعايير الاسرائيلية السابقة وادراج قضية الاسرى كجزء اساسي من الحل السياسي وليس وفق ما يسمى حسن النوايا وبناء الثقة وتوفير الحماية الدولية والحقوقية لانسانيتهم وكرامتهم داخل السجون.. خاصة ان التجربة سابقة دلت بوضوح ان ملف الاسرى هو قنبلة متفجرة قد تنسف أي تفاهم او استقرار اذا لم تجد حلاً عادلاً وشاملاً لها.. كونها قضية تحتل المركز الاول في الوجدان الشعبي الفلسطيني.

التعليقات