حسام خضر يشاكس الحريّة

وتوجه خضر بالشكر لفلسطينيي الداخل على وقفتهم مع نضال الأسرى، وقال إن تضامنهم وخيام الاعتصام التي نظموها مدت الأسرى بشحنة معنويات وكان لها أثر طيب على الأسرى وصمودهم، وطلب من فلسطينيي الداخل أن يولوا قضية الاسرى المزيد من الاهتمام، ويطالب النواب العرب بمزيد من الجهود لمعالجة قضايا الاسرى على مستوى المنظمات الدولية وفي المحافل الإسرائيلية.

حسام خضر يشاكس الحريّة

المُحرر حسام خضر

في مدخل أحد زقاقات مخيّم بلاطة للاجئين الفلسطينيين، يمكن بسهولة تمييز منزل المناضل حسام خضر، فالملصقات واللافتات التي أعدت لاستقباله لا زالت تحتفي بتحرره. هو منزل متواضع، لا يختلف بشيء عن محيطه، متماه مع الطابع العام للمخيّم، ذلك المخيّم الذي تحس حين تدخله بشيء من الرهبة لأن اسمه مرتبط وجدانيًا بالبطولات الأسطورية التي سطّرها أبناؤه في مقاومة الاحتلال.

يستقبل خضر المهنئين بابتسامة عريضة ووجه مشرق، وكعادته شغوف بالحديث عن الشأن الوطني بنقديته الحادة إلى حد المشاكسة. لكنه متشائم من الوضع الفلسطيني الحالي الذي بدد 40 سنة من النضال وأعاده لمربعه الأول، ويصف الوضع الفلسطيني بأنه يعاني من الإحباط العام، متوقعا اندلاع انتفاضة ثالثة.

يرى خضر في قضية الأسرى قضية مركزية تستدعي المزيد من الاهتمام، ويشيد بوقفة فلسطينيي الداخل مع نضال الأسرى، ويتحدث بألم عن تمدد الأخطبوط الاستيطاني في الضفة الغربية، واصفا حل الدولتين بأنه سيفضي لدولة يهودية وأخرى للمستوطنين. 

رغم تبوئه مناصب رفيعة، من بينها نائب في المجلس التشريعي، وعضو لجنة مركزية في حركة فتح، وفي المجلس الوطني الفلسطيني، واصل ابن العائلة المهجّرة من حي العجمي في يافا، الإقامة في مخيم بلاطه، واصفا المخيّم بأنه ينبوع عطاء وصمود لا ينضب، متحدثا بألم وعزّة عن المخيّم بالقول: "أترون هذا الطريق وتقاطعاته (مشيرًا إلى الزقاق الذي يقطن فيه)، كل بيت فيه قدّم شهيدا أو أسيرًا أو كلاهما أو أكثر".

هو مناضل عنيد، وأسير صلب، مثقف عضوي، وناقد جريء، مخلص بشّدة لقناعاته دون تسهيلات، يحمل الثوابت بثبات وعلى رأسها حقوق اللاجئين، حريص بشدة على الوحدة الوطنية وعلى إنهاء الانقسام في البيت الفلسطيني، وحيثما حلّ شكّل حالة نضالية تشحن المعنويات.

هو من مبعدي الانتفاضة الأولى، ودفع فاتورة باهظة لنضاله الوطني، فقد أنهى قبل أيام فترة الاعتقال الخامسة والعشرين، لكنه يؤكّد أنه ماض في طريقه مهما كان الثمن.

انخرط حسام في العمل النضالي منذ نعومة أظفاره في إطار حركة التحرير الوطني "فتح"،  ويعتبر أحد قادة ومؤسسي الحركة الطلابية في جامعة النجاح الوطنية، حيث حصل من هذه الجامعة على بكالوريوس إدارة أعمال وعلوم سياسية، وكان دائمًا في مقدمة صفوف المواجهة المباشرة مع جنود الإحتلال، مما عرضه للإصابة مرتين عامى 81، و87 في كتفه الأيسر وساقه اليمنى .

يؤيد خضر الاحتجاجات الاجتماعية في الشارع الفلسطيني، لكنه ضد تخريب الممتلكات العامة، معتبرا أن الاحتلال والاتفاقات معه كاتفاقات باريس والسياسات الاقتصادية المتراكمة هي أساس البليّة، ويرى أن اية حكومة فلسطينية، مهما كانت، لن يكون بمقدورها تحقيق الكثير في هذه الظروف، معتبرًا أن الاحتجاجات يجب أن توجّه بالأساس ضد الاحتلال لأنه المسؤول الأوّل عن تدمير كل مناحي الحياة الفلسطينية، بما فيها الاقتصاد.

وتوجه خضر بالشكر لفلسطينيي الداخل على وقفتهم مع نضال الأسرى، وقال إن تضامنهم وخيام الاعتصام التي نظموها مدت الأسرى بشحنة معنويات وكان لها أثر طيب على الأسرى وصمودهم، وطلب من فلسطينيي الداخل أن يولوا قضية الاسرى المزيد من الاهتمام، ويطالب النواب العرب بمزيد من الجهود لمعالجة قضايا الاسرى على مستوى المنظمات الدولية وفي المحافل الإسرائيلية.

مشاكس كعادته، لا يتجنب توجيه النقد حين يشعر بضرورته، من غير حسابات للثمن أو لتأثيرها على علاقاته مع المسؤولين. وصفه أحد قادة حركة فتح بأنه يسبق الكثيرين في تشخيصه للحالة الفلسطينية، فيُحارَب، لكن بعد سنوات يثبت أن ما قاله كان على صواب فيكون العلاج متأخرًا.
استذكر خضر ظروف الاعقال، وقال إنه في اليوم الأول لتحرره اعتلى سطح بيته في تمام الساعة السادسة مساء، وهو موعد دخول الأسرى إلى أقسامهم وإغلاق الأبواب عليهم،  وتنشق هواء الحرية واستذكر رفاقه، لكنه فوجئ بحجم تمدد للمستوطنات التي على مرمى نظره، وحذّر من نتحوّل حل الدولتين لـ " دولة يهودية ودولة للمستوطنين".

وقال خضر، قبل سنوات كان المستوطنون لا يتنقلون من مكان لأخر إلا بحماية جيش الاحتلال، لكنهم اليوم باتوا يصولون ويجولون، وأصبح الفلسطيني بحاجة لحماية حين يتنقل من مكان لآخر.

ويبدي خضر تشاؤما من الوضع الفلسطيني العام،  ويقول: " أنا شخص متفائل، وكان لدي إيمان راسخ بأن جيلنا سيحرر فلسطين، لكن في ظل هذه الأوضاع وفي ظل الانقسام والقيادة الحالية لا يوجد بريق أمل أن نعيش في جزئية من الكرامة".

يرى خضر ان الشارع الفلسطيني محبط نتيجة لانسداد الأفق على كافة المستويات،  ووصف الحالة الفلسطينية بأنها "حالة تسونامي من اليأس الوطني العام"، ويتوقع أن ينفجر هذا الإحباط بشكل عنيف.

ويتنبأ باندلاع انتفاضة ثالثة ووصفها بأنها لا زالت جنينا في طور التشكيل في رحم الشعب الفلسطيني، وسيمر هذا الحمل بمرحلة مخاض ويولد على شكل انتفاضة جديدة لا يمكن التنبؤ بشكلها.

التعليقات