14/11/2015 - 16:34

النصرة "تجوع" في مخيم اليرموك، وأميرها قتل من مجهولين

لم تمض أسابيع على تعيين أبو يوسف الدرعاوي، إبراهيم أحمد المجاريش، أميراً جديداً لجبهة النصرة في مخيم اليرموك المحاصر، حتى اغتاله مجهولون بعبوة ناسفة استهدفته في شارع اليرموك الرئيسي قرب مخبز حمدان

النصرة "تجوع" في مخيم اليرموك، وأميرها قتل من مجهولين

لم تمض أسابيع على تعيين أبو يوسف الدرعاوي، إبراهيم أحمد المجاريش، أميراً جديداً لجبهة النصرة في مخيم اليرموك المحاصر، حتى اغتاله 'مجهولون' بعبوة ناسفة استهدفته  في شارع اليرموك الرئيسي قرب مخبز حمدان، ليكون اغتيال الدرعاوي الاغتيال الأول الذي يسجل بحق قيادي في جبهة النصرة في المخيم بعد سلسلة من عميات الاغتيال التي طالت شخصيات فلسطينية منذ احتياح تنظيم الدولة لليرموك في نيسان الماضي، ليترك الاغتيال الجديد، جبهة النصرة في مأزق قد ينعكس بردة فعل عسكرية تخلط الأوراق من جديد، ليس في ميخم اليرموك فقط، بل في كل المنطقة الجنوبية لدمشق.

كان أمير جبهة النصرة وزعيمها أبو محمد الجولاني قد تدخل للمرة الأولى في مخيم اليرموك، عبر قرار عزل أقصى بموجبه عددا من أمراء الجبهة في المخيم، مطلع تشرين الأول الماضي، على رأسهم  'أبو خضر' و'أبو هشام الليبي'، و'أبو بكر الأمني'، الذين سرعان ما أعلنوا عن تشكيل جديد سمي بجماعة الانصار.

قرار الجولاني كان يهدف لتخليص الجبهة من أمراء متعاطفين مع تنظيم الدولة في المخيم، لكن اغتيال أبو يوسف الدرعاوي عاد ليقلب الأوارق في مخيم اليرموك، الذي يشبه المشهد فيه اليوم بشكل كبير، ما كان عليه الحال إبان اجتياح تنظيم الدولة.

الإمداد والتمويل

تتحكم طرق الإمداد والتمويل الخاصة بالكتائب والفصائل داخل المخيم، بالمشهد العسكري فيه بشكل بات يغير التحالفات والتكتيتات بشكل جذري، ففيما يبقى تنظيم الدولة الأكثر تمويلاً في المخيم ومحيطة، تعيش جيهة النصرة وضعاَ مالياً سيئاً يجعلها مضطرة للتفاوض مع النظام من أجل طريق المساعدات الغذائية الذي يمر عبر يلدا في جنوب اليرموك، الطريق الذي من أجله انقلبت النصرة على حليفها السابق 'الأكناف' بعد أن نُقلت نقطة إدخال المساعدات من أول اليرموك إلى معبر يلدا، في الثامن والعشرين من آذار، حيث كان في أول اليرموك قطاع عسكري للجبهة، تستطيع طالما استمر دخول المساعدات منه، تأمين إمدادها واستمرارها.

الإمداد المقصود عبر طريق المساعدات، لا يعني قطعاً السلاح والمال، لكنه الوسيلة الوحيدة في اليرموك، لكسب تأييد، إن صح التعبير، من السكان المدنيين، جميع القوى في المخيم تعرف أنها تكسب أكثر، في حال كانت هي من تشرف على توزيع المساعدات على السكان.

هدف النصرة من تحالفها الذي وصل حد تسهيل الاجتياح لتنظيم داعش كما يبدو اليوم، هو بسط السيطرة على المخيم، وبشكل أدق، السيطرة على الشأن الخدمي والمدني فيه، من خلال طريق المساعدات، ومع الأيام الأولى لاجتياح التنظيم للمخيم، سربت مصادر قريبة من الأكناف، أن النصرة ترغب بتسيير شؤون اليرموك مقابل انسحاب التنظيم والأكناف من اليرموك، كحل لحقن الدماء ووقف القتال، لكن النصرة تلقت ضربة جديدة، حين توقف توزيع المساعدات في مخيم اليرموك بشكل تام من قبل كل المنظمات الدولية والمحلية، ووجدت نفسها أمام عبء أمني كبير لم تكن قد خططت له.

تجري اليوم جبهة النصرة في مخيم اليرموك، عبر وسطاء، مفاوضات لا تنقطع مع النظام السوري من أجل فتح طريق المساعدات من جديد، خاصة وأن جميع القطاعات الشمالية والمحاذية للنظام أو مناطق المصالحات، تقع تحت سيطرة النصرة، ويرابط عناصر تابعون لها فيها، فالنصرة اليوم ترابط في كل قطاعات الأكناف السابقة، وتنتشر فيها جماعات كانت ضمن الأكناف قبل أن تعلن الولاء للجبهة أو حتى لتنظيم داعش، كـ 'الكراعين والزعاطيط والسعادين' فيما تبسط الجبهة سيطرتها أيضاَ على شارع العروبة الجنوبي، ولها نقاط في طريق العروبة ببيلا.

جنوباً ينتشر عناصر تنظيم الدولة داعش في شارع فلسطين وحي الزين، وهي مناطق بلا قتال، فضلاً عن سيطرة التنظيم على حي التضامن بشكل كامل، وتمكنه من عقد اتفاق صب في مصلحته في حي القدم المحاذي للمخيم من جهة الشرق، بعد قتال دام لأسابيع، لم تنصر فيه المعارضة السورية، وجيش الإسلام تحديداً، عناصر جند الشام الذي باتوا محاصرين بين التنظيم والنظام، تماماً كما حدث مع الأكناف في نيسان، اكتفت المعارضة السورية باصدار البيانات والصمت.

في حال نجحت النصرة خلال مفاوضاتها غير المباشرة مع النظام بفتح طريق المساعدات لداخل المخيم، فإنها ستضمن طريقاً جديداً للإمداد، بالذات وبعد أن خسرت خلال الأسبوع الأخير، حتى تلك المساعدات التي كانت تصل لأهالي المخيم من يلدا، إثر البطاقة الجديدة التي أصدرتها لجنة العمل الإغاثي في اليرموك.

البطاقة البيضاء

يحصل المحاصرون أو النازحون من مخيم اليرموك على المساعدات الغذائية بموجب بطاقة تعطى لهم من مكتب الإغاثة في المخيم. حتى ما قبل أسبوع، كان عدد البطاقات التي يحملها سكان اليرموك وجواره يصل إلى ستة آلاف، فيما أعلنت لجنة العمل الإغاثي في مخيم اليرموك أن الرقم الصحيح هو 4000 عائلة تقريباً، يقيمون في المخيم أو مناطق جواره، بحسب أحد العاملين في اللجنة، فإن الفرق بين الرقمين كان يصب في مصلحة قوة عسكرية في المخيم.

يقول الناشط الذي رفض الكشف عن اسمه لعرب 48 'قمنا وخلال أشهر بعملية إحصاء دقيقة، اعتمدنا فيها على ما تملكه العائلات من أوراق ثبوتية كي نوصل المساعدة إلى مستحقيها، الرقم الحقيقي لعدد العائلات هو 3965 عائلة، بينهم سوريون في حاجة ماسة للمساعدة'.

طلبت اللجنة من كافة المنظمات الإغاثية التعامل بموجب البطاقة الجديدة التي صدرت عنها، لكن ذات الناشط يتوقع أن ترفض بعض المنظمات التقيد بهذه البطاقة وحسب 'قلنا إننا لا نجبر أحداً على التعامل بموجب البطاقة، لكننا نحاول أن نوصل المساعدة إلى من يستحقها فقط، لا أن نكون جزءا من أي مشروع عسكري'.

اليوم خسرت النصرة الفرق بين الرقمين بحسب ناشطين داخل المخيم وفي محيطه، لكنها لا تزال تفاوض النظام من أجل خط المساعدات، فيما تجد نفسها في مواجهة مع المنشقين عنها من جهة، ومع قوى عسكرية قد تنقلب عليها من جهة أخرى، وضغط شعبي داخل المخيم، يشكل تحاشيه ما يفوق قدرة الجبهة الحالية.

التعليقات