مصطلح"النكبة"على أجندة الشطب الصهيونية!../ نواف الزرو

مصطلح
تحت وطاة الانحياز الامريكي السافر لـ"اسرائيل" وذلك الخطاب التوراتي المتشدد الذي اطلقه الرئيس بوش في الكنيست الاسرائيلي، يبدو أن المؤسسة الاسرائيلية أخذت تلتقط اللحظة التاريخية المختلة للانقضاض مجددا على القضية الفلسطينية، وهذه المرة ليس على الشجر والحجر والانسان الفلسطيني فقط، وليس على الرواية الفلسطينية فقط، وانما حتى على مصطلح" النكبة الفلسطينية" الذي على ما يبدو يتسبب بالأرق والقلق الدائمين لتلك المؤسسة، رغم أن هذا المصطلح لم يعد يتناسب حتى مع حجم الجريمة الصهيونية كما يؤكد الباحث الاسرائيلي د.ايلان بابيه، الذي دعا إلى إعادة النظر في مصطلح النكبة كتعريف لحرب عام 48 ونتائجها بالنسبة للشعب الفلسطيني، مشددا على أن الكلمة تضيق بالدلالات المروعة وبالحجم المهول للجرائم الصهيونية وللثلاثين مذبحة التي اقترفتها التنظيمات الصهيونية.

فقد شرعت المؤسسة الاسرائيلية بشن حرب من نوع آخر على القضية هدفها شطب مصطلح"النكبة" ليس فقط من القاموس السياسي الفلسطيني العربي، وانما كذلك من قرارات ومواثيق الامم المتحدة المتعلقة بالقضية..!

ففي الرؤية الاسرائيلية يحمل مصطلح"النكبة" "مغزى تهديديا"، فكما اعلنت تسيبي ليفني في كلمة ألقتها أمام المشاركين في مؤتمر الرئيس بوش في القدس يوم الخميس/2008/5/15/ "أنه لا يمكن لإسرائيل القبول بأن تقام إلى جانبها دولة إرهاب أو دولة إسلامية متطرفة"، مضيفة "انه لا يمكن للفلسطينيين الاحتفال بعيد استقلالهم إلا إذا تم شطب مصطلح "نكبة" من قاموس المصطلحات التابع لهم".

واستتباعا- "طلبت بعثة إسرائيل لدى الأمم المتحدة من سكرتارية المنظمة الدولية توضيحات حول استخدام مصطلح النكبة في بيان أصدرته الناطقة بلسان الأمين العام بان كي مون/ فلسطين اليوم-وكالات-16/05/2008"، وفي السياق ايضا اعتبرت الخارجية الإسرائيلية ذكرى النكبة الفلسطينية أنها "مأساة من صنع ذاتي".
فالنكبة اذن تنفي شرعية وجود"اسرائيل" ولا تكتمل حلقات تصفية القضية عندهم الا بمحو حتى المصطلح"النكبة"...!

وليس ذلك فحسب، فقد كان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أفي ديختر هو الذي اطلق الطلقة الاولى في الهجوم على مصطلح"النكبة" حينما هدد عرب 48 بنكبة جديدة، اذ اعتبر خلال افتتاح أول فرع لحزب كديما الحاكم في الوسط العربي "أن من يبكي النكبة الفلسطينية عام 1948 ستحل به نكبة في نهاية المطاف- عن موقع يديعوت أحرونوت الإلكتروني/ 18/12/2007"، واضاف:"إن من يجلس سنة بعد سنة ويبكي النكبة عليه ألا يستغرب أنه حقيقة في نهاية المطاف ستحل به نكبة"، واشارت يديعوت الى "إن أقوال ديختر جاءت على اثر رفض قيادة فلسطينيي الداخل مؤخرا المشاركة في احتفالات الذكرى السنوية الستين لقيام إسرائيل "، وان ديختر هدد قائلا: "إذا لم يحتفلوا باحتفالات يوم الاستقلال الستين فإنهم سيحتفلون بيوم الاستقلال السبعين أو الثمانين".

ومن جهته كان رئيس ما يسمى بـ"الليكود العالمي"، داني دنون قد توجه إلى آفي ديختر، وزير الأمن الداخلي بطلب "إلغاء مسيرات يوم النكبة التي ينظمها الفلسطينيون في الداخل/ موقع عــ48ـرب - 6/5/2008 "، لأن الهدف من هذه المسيرات هو "التحريض ضد الدولة"، وجاء في بيان موجه إلى الصحافة أن ذلك "معارضة موجهة وتأمر من قيادة العرب في البلاد ضد وجود الدولة"، كما طالب بـ"اعتقال كل قيادي يشارك في المسيرات ويحرض ضد الدولة ومؤسساتها، واعتقال من يرفع علم "دولة معادية أو علم منظمة إرهابية".

وعلى نحو متكامل، نذكر بان وزيرة التعليم الاسرائيلي سابقا ''ليمور لبنات اطلقت ''هجوما ايضا على الرواية العربية باسم'' خطة المائة مصطلح لتعليم الصهيونية '' وكان ذلك في مطلع العام الحالي 2005 "، ومضمون تلك الخطة التربوية التعليمية كما زعموا انها تهدف الى ''تعميق الصهيونية والديموقراطية والتراث اليهودي داخل المدارس في ''اسرائيل ''، واشتملت الخطة التي جري تعميمها على المدارس الاسرائيلية بما فيها المدارس العربية هناك على مئة مصطلح تتحدث عن أهم وابرز الاحداث المتعلقة بالصراع عبر مصطلحات مركزة موجهة معسكرة صهيونيا مثل : '' اعلان قيام اسرائيل '' و''انواع الاستيطان '' و''ايلي كوهين ''''وبنيامين زئيف هرتسل '' و''جيش الدفاع '' و''حروب اسرائيل '' و''حوماه ومجدال - اي السور والبرج و ''زئيف جابوتنسكي '' و''محاكمة ايخمان '' وكذلك عن ''المنظمات العسكرية الاسرائيلية قبل قيام الدولة '' وعن ''الهجرات اليهودية قبل قيام الدولة '' و ''وعد بلفور '' و''يد فشيم -الكارثة او المحرقة ''، كما كانت اتخذت الحكومة الاسرائيلية قبلها قرارا بتعليم '' تراث زئيفي '' ايضا في المدارس العربية اضافة الى اليهودية.

تداعت كافة القوى والفعاليات الوطنية العربية في فلسطين 48 للتصدى لهذا الهجوم التربوي الثقافي الاقتلاعي الجارف الذي يستهدف الرواية العربية برمتها ونجحت في وضع كراسة اطلقوا عليها اسم '' هوية وانتماء -مشروع المصطلحات الاساسية الطلاب العرب'' وهي رد على مشروع المصطلحات الصهيونية وتتسم المصطلحات العربية في هذا المشروع بالتاريخية وهدفها تكريس الهوية والانتماء للطلاب العرب.

وما بين خطة "المصطلحات المئة" لشطب الرواية الفلسطينية العربية، الى هجوم شطب مصطلح "النكبة" فان الاهداف الاسرائيلية تتكامل استراتيجيا.
ولذلك لا يمكننا في سياق هذا الصراع الجذري ان نفصل انفسنا نحن في الخارج عما يجري هناك من حرب صهيونية قذرة تشن ضد اهلنا وشعبنا وقضيتنا على اهم واخطر جبهة بقيت صامدة وهي جبهة التعليم والثقافة والرواية بغية شطبها والغائها بالكامل.

وبينما نسجل لأهلنا هناك تصديهم وصمودهم العظيم على هذه الجبهة، فاننا نؤكد على اهمية واستراتيجية المثقفين العرب في الخارج في تثبيت وتعميم وتكريس الرواية العربية في مواجهة الرواية الصهيونية، ولعل هذا السلاح هو بمثابة سلاح تدمير بالغ الاهمية لكافة الهجمات الصهيونية الرامية لاقتلاع وشطب روايتنا في وطننا وقضيتنا وحقوقنا الرسخة هناك....؟!!!

التعليقات