"الجيش الاسرائيلي يواجه مشكلة في التعامل مع المظاهرات غير العنيفة ضد الجدار"

ممارسات الجنود الاسرائيليين واعمال التنكيل التي يمارسونها بحق الفلسطينيين على خلفية المظاهرات ضد الجدار العازل اخذت تتزايد على ضوء المظاهرات غير العنيفة ومشاركة نشطاء اسرائيليين

تزايدت في الاونة الاخيرة الانباء حول اعمال تنكيل واعتداءات الجنود الاسرائيليين على المواطنين الفلسطينيين في اثناء تظاهرات ضد الجدار العازل الذي تبنيه اسرائيل في اراضي الضفة الغربية.

وتكاد وسائل الاعلام الاسرائيلية لا تخلو يوما من انباء عن ممارسات الجنود الاسرائيليين بحق مواطنين فلسطينيين على خلفية هذه المظاهرات التي اصبحت وتيرتها يوميا خصوصا في منطقة رام الله.

واصبحت قريتا بلعين وبدرس الواقعتان غرب مدينة رام الله رمزا لنضال الفلسطينيين ضد بناء الجدار العازل على اراضي المواطنين خصوصا ان هذا الاراضي مزروعة بالاشجار المثمرة التي اقتلعها الجيش الاسرائيلي ليسد بذلك باب كسب رزق اهالي القرى.

وتكتسب المظاهرات ضد الجدار العازل اهمية خاصة بالنسبة للاسرائيليين على اثر مداومة نشطاء سلام اسرائيليين في المشاركة في هذه المظاهرات.

لكن ممارسات الجيش الاسرائيلي لم تعد تقتصر على المواجهات مع المتظاهرين الفلسطينيين في مواقع بناء الجدار العازل وانما بدأ الجنود بملاحقة سكان القرى الى بيوتهم والتنكيل بهم في داخلها.

وافاد موقع يديعوت احرونوت الالكتروني اليوم الخميس بان مجموعة من الجنود اقتحموا ليلة الاثنين/الثلاثاء الماضية بيتا في قرية بدرس وسألوا سكان البيت "اين معتز؟".

وعندما عرف معتز عواد البالغ 16 عاما عن نفسه امام الجنود قال الضابط لاحد الجنود "اضربه".

وتابع الفتى ان الجنود اخرجوه بالقوة الى ساحة منزل عائلته ثم راح احد الجنود يضربه بقوة شديدة بهراوة في كل انحاء جسده.
واضاف معتز انه بعد ان تلقى ضربا مبرحا أمره الجندي بان "يلعق ويقبل" حذاء الجندي.

وقال معتز انه "عندما طلب الجندي مني ذلك شعرت باذلال لا يمكن وصفه وشعرت انني افضل ان تبتلعني الارض".

وافاد معتز ان الجندي كان عربيا "وكان الجنود ينادونه باسم خالد، لكنه كان طوال الوقت يصرخ واراد ان اتحدث معه بالعبرية.

"وفي كل مرة كنت اقول له انني لا اعرف العبرية كان يضربني بشدة اكبر وفي كل مرة رفضت فيها تقبيل الحذاء كان يزداد الضرب اكثر واكثر".

واضاف معتز ان عمه وابني عمه تعرضا لعملية التنكيل نفسها ومن جانب الجندي العربي في الجيش الاسرائيلي ذاته.

وقالت يديعوت احرونوت ان ممارسات الجنود الاسرائيليين بحق معتز واقربائه هي "حملة انتقامية ينفذها الجنود بعدما اصيب زميلهم في عينه بحجر" خلال مظاهرة ضد الجدار في قرية بلعين الاسبوع الماضي.

من جهة اخرى افادت صحيفة هآرتس اليوم بان قائد المنطقة العسكرية الوسطى في الجيش الاسرائيلي يائير نافيه أقال ضابطا في منصب قائد سرية لان الاخير لم يتخذ قرارا باطلاق اعيرة مطاطية او قنابل غاز مسيل للدموع على متظاهرين فلسطينيين ضد الجدار العازل.

ونقلت الصحيفة عن الضابط الاسرائيلي قائد السرية قوله انه قرر عدم اصدار اوامر باطلاق النار لانه كان هناك اولاد بين المتظاهرين الفلسطينيين.

واقر العميد يوني غيدج وهو قائد لواء عسكري في الجيش الاسرائيلي باقالة قائد السرية معللا ذلك بانه "كان عليه اظهار حزم اكبر واستخدام الوسائل التي منحت له من اجل الحفاظ على منطقة الجدار".

واعتبر غيدج امتناع قائد السرية عن اطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين "فشلا عسكريا".

وافادت هآرتس بان الحدث وقع في شهر اذار/مارس الماضي عندما دخلت قوة من الجيش الاسرائيلي الى قرية بدرس الواقعة غرب مدينة رام الله في الضفة الغربية والتي شهدت خلال السنة الاخيرة مظاهرات ومسيرات ضد الجدار العازل الذي تبني اسرائيل مقطعا منه في اراض تابعة لاهالي القرية.

واعتقلت السرية التابعة لكتيبة المدرعات 52 عددا من الشبان الفلسطينيين كانوا يتواجدون في حفل زفاف اقيم في القرية ثم انسحبت من قرية بدرس.

وتابعت هآرتس ان عددا من الشبان الفلسطينيين وبينهم اولاد لاحقوا القوة العسكرية الاسرائيلية ووصلوا الى منطقة بناء الجدار العازل الذي يبعد بضعة مئات الامتار عن القرية "واسقطوا نحو 100 متر من الجدار" المبني من الواح اسمنتية.

وقال قائد السرية خلال تحقيق عسكري انه قرر عدم استخدام وسائل تفريق المظاهرات والتي تشمل قنابل صوتية وقنابل غاز مسيل للدموع واعيرة مطاطية لانه كان يتواجد بين المتظاهرين الفلسطينيين نساء واولاد.

ونقلت الصحيفة الاسرائيلية عن مصادر عسكرية اسرائيلية اقرارها بانه تبين من التحقيق العسكري تواجد اولاد بين المتظاهرين الفلسطينيين.
لكن المصادر العسكرية الاسرائيلية اضافت ان تواجد الاولاد والنساء "لا يبرر تصرف الضابط.

"اذ انه لم يبلغ عن وجود مشكلة ولم يستخدم وسائل تفريق مظاهرات التي بحوزته ولم يطلق النار في الهواء".

واضافت المصادر العسكرية الاسرائيلية "اننا نتوقع من ضباطنا ان يعرفوا كيفية مواجهة اوضاع صعبة وان يعرفوا كيف يمنعون تخريب ممتلكات الجيش الاسرائيلي مثل الجدار والا يتنازلوا ويتقهقروا الى الوراء".

وفي اعقاب التحقيق العسكري قرر قائد المنطقة العسكرية الوسطى في الجيش الاسرائيلي يائير نافيه اقالة الضابط الاسرائيلي من قيادة السرية ونقله الى منصب اخر.

وعلى الصعيد ذاته افادت وسائل الاعلام الاسرائيلية بان الجيش الاسرائيلي يجري في هذه الاثناء تحقيقا مع مجموعة من الجنود "المستعربين" من وحدة متسادا التابعة لسلطة السجون الاسرائيلية حول قيامهم باعتقال فلسطينيين اثنين شاركا في مظاهرة ضد الجدار في بلعين قبل نحو الشهر.

وأقر العميد غيدج في حديث لصحيفة هآرتس بان الجنود "المستعربين" الذين اندسوا بين المتظاهرين ضد الجدار قذفوا حجارة على الجنود الاسرائيليين.

واضاف ان التحقيق العسكري اظهر "مئة بالمئة" ان "المستعربين" انضموا الى المتظاهرين الذين كانوا يقذفون الحجارة على الجنود الاسرائيليين.

لكن النائب جمال زحالقة قال لـ"عرب 48" انه شارك في المظاهرة المذكورة ضد الجدار في بلعين.

واضاف انه كان شاهد عيان على تواجد "المستعربين" الذين اندسوا بين المتظاهرين الذين كانوا يرفعون شعار "بدون عنف" مشيرا الى ان الغالبية العظمى من المظاهرات ضد الجدار تسير من دون أي نوع من العنف من جانب المتظاهرين.

وقال النائب زحالقة ان عددا من المتظاهرين بدأوا بقذف الحجارة باتجاه الجنود ما دفع احد مركزي الاعمال الاحتجاجية بين الفلسطينيين الى الصراخ باتجاه المجموعة التي تقذف الحجارة بان يتوقفوا عن ذلك.

واضاف زحالقة انه عندما لم يتوقف هؤلاء عن قذف الحجارة توجه المركز نحوهم ليمنعهم من قذف الحجارة عندها "اتضح لنا انهم من المستعربين الذين يرتدون اللباس المدني وقاموا باعتقال الفلسطيني".

واعتبر زحالقة ان قيام "المستعربين" بقذف الحجارة باتجاه الجنود الاسرائيليين كان هدفه توفير مبرر لقوات الجيش باطلاق الاعيرة المطاطية وقنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين.

من جانبه قال المحلل العسكري في صحيفة يديعوت احرونوت عوفر شيلح لـ"عرب 48" ان "الجيش يواجه مشكلة في التعامل مع المظاهرات غير العنيفة التي تجري ضد الجدار".

واضاف ان "مواجهة مظاهرات كهذه هي من اختصاص الشرطة وليس من اختصاص قوات عسكرية.

"فالجيش يعرف كيف يفرق متظاهرين من خلال استخدام اطلاق النار".

ولفت الى ان "تواجد اسرائيليين بين المتظاهرين ضد بناء الجدار يزيد من صعوبة تعامل الجيش مع هذه المظاهرات".

وفي رده على سؤال حول ما اذا اخذ يتغلغل نهج عمليات الانتقام في الجيش الاسرائيلي كما حصل في حادث اعتداء الجنود الاسرائيليين على الفتى معتز عواد من قرية بدرس قال شيلح ان "مثل هذه الامور تسير بصورة موضعية ولا تتم وفق اوامر من قيادة الجيش".

واضاف ان "ما حصل مع معتز هو امر سيء ومؤسف ولكنه مثل هذا الامر حدث في جميع الحروب وعلى مر التاريخ".

ولفت الى ان "هذا الحادث يختلف مثلا عن قيام الجنود الاسرائيليين بقتل عشرات من افراد الشرطة الفلسطينية انتقاما لمقتل زملائهم الجنود عند حاجز عين عريك".

وكان شيلح يشير الى ما نشرته صحيفة معاريف الاسرائيلية في نهاية الاسبوع الماضي عن قيام وحدة كوماندو اسرائيلية بقتل 15 شرطيا فلسطينيا انتقاما لعملية اطلاق نار نفذها فلسطينيان في 19 شباط/فبراير 2002 عند الحاجز العسكري الاسرائيلي في منطقة عين عريك قرب رام الله.

وتابع شيلح ان هذه "حملة الانتقام هذه نفذها الجنود وفقا لاوامر من اعلى المستويات في الجيش الاسرائيلي تقضي بقتل افراد شرطة فلسطينيين بهدف الانتقام".

واضاف ان حملة الانتقام الاسرائيلية لم تنته في الليلة ذاتها كما نشرت معاريف وانما توصلت في الايام التي اعقبتها "وقتل فيها ما بين 40-50 شرطيا فلسطينيا.

"ويتوجب الاشارة الى ان الجيش الاسرائيلي لم يكن في تلك الفترة يعتبر افراد الشرطة الفلسطينية على انهم اعداء".

التعليقات