حملة الدفاع عن عمال غزة: بين اسرائيل والمنطقة الصناعية ايريز ضاعت حقوق ألاف العمال الغزيين

-

حملة الدفاع عن عمال غزة: بين اسرائيل والمنطقة الصناعية ايريز ضاعت حقوق ألاف العمال الغزيين
في المنطقة الصناعية ايرز التي اقيمت قبل اكثر من ثلاثين عاما على الحدود بين غزة واسرائيل، هذه المنطقة التي كانت تعج بالاف العمال والعاملات من قطاع غزة الذين عملوا في اكثر من مئتي مصنع وورشات النسيج، اصبحت اليوم منطقة مهجورة تماما من العمال والمصانع منذ شهر ابريل 2004 وذلك بعد ان اقرت الحكومة الاسرائيلية خطة الانفصال والانسحاب من قطاع غزة وبالتالي فقد اكثر من 4500 عامل وعاملة في ايريز لقمة عيشهم ومكان عملهم نتيجة لاغلاق المصانع الناتج عن الاغلاق والطوق الامني المحكم الذي فرضته السلطات الاسرائيلية على قطاع غزة، هكذا اصبحت اكثر من 50 الف عائلة غزية اصبحت بدون أي دخل او مصدر رزق.

السياسة الاسرائيلية الجديدة التي اتبعت بعد نيسان 2004، كانت قد اقرت بمنح المستوطنين في مستوطنات قطاع غزة وارباب العمل والمصانع بتعويضات مالية نتيجة هذا الاغلاق ونقل المصانع من منطقة ايرز الى البلدات الاسرائيلية جنوب اسرائيل مثل اشكلون وسدوروت ونتيفوت، ويتضح من خلال الفحص الذي اجرته نقابة " صوت العامل" في الناصرة من خلال مئات الملفات العمالية التي تعمل بها للعمال الغزيين بان غالبية المشغلين والمصانع الاسرائيلية قد حصلت على تعويضات من الحكومة الاسرائيلية بما فيها مخصصات تعود للعمال الغزيين كحق لهم في التعويضات نتيجة اغلاق المصانع في ايرز، غير ان هذه المخصصات لم تصل حتى اليوم الى ايدي الاف العمال الذين اصبحوا جيشا من العاطلين عن العمل يرزحون تحت وطأة الحصار والجوع نتيجة سياسة الاغلاق الذي تفرضه اسرائيل على غزة.

ان اكثر الامور التي غابت عن بال الباحثين والمحللين في شؤون السياسة والاقتصاد في الاوضاع المعيشية للفلسطينيين في قطاع غزة، وحتى بعض الاطر النقابية الفلسطينية، هي عدم التطرق او تناول حجم الكارثة التي لحقت بالطبقة العاملة الفلسطينية وتحديدا تلك التي عملت في منطقة ايريز قبل وبعد الطوق المحكم على غزة منذ نيسان 2004، ولم تطرح مسالة الاستغلال البشع بحق العمال والعاملات من قطاع غزة الذين وصلوا للعمل في ايريز من كافة المدن والمخيمات والقرى في القطاع، لم يتناول احدا ضرورة التحليل الجدي والمسؤول عن السبب في عدم تنظيم العمال في ايرز ورفع وعيهم وثقاقتهم النقابية من خلال الاطر النقابية في فلسطين والدفاع عن حقوقهم النقابية امام شراسة المشغلين الاسرائيليين الذين نهبوا حقوق العمال والعاملات من ابناء وبنات غزة على مدار ثلاثين عاما عندما داس المشغل الاسرائيلي على ابسط حقوقهم النقابية ولم يمنحهم قسائم الراتب او الحد الادنى من الاجور والتعويضات وغيرها وغيرها من الحد الادنى من الحقوق التي ضاعت والتي نصت عليها مواثيق وقوانين منظمة العمل الدولية، ومن المؤسف القول ان قليلا من الدراسات والمقالات تجرأت او حاولت ان تسلط الاضواء على حقيقة وقوع الطبقة العاملة الفلسطينية في قطاع غزة ضحية للصراعات والنزاعات السياسية بين حركتي فتح وحماس.

على ذات الصعيد، وناهيك عن حالة الفوضى وتفاقم الاستغلال وانعدام أي اطار نقابي فلسطيني ينهض ويحمل هموم العمال، وحالة الضياع التي عاشها الاف العمال والعاملات في المنطقة الصناعية ايرز الذين قبلوا بهذا الواقع المر مقابل التصريح ثمنا للقمة العيش الزهيدة، فان اوضاع ال 130 الف عامل من قطاع غزة الذين عملوا داخل اسرائيل من خلال التصاريح التي حصلوا عليها من مديرية التنسيق والارتباط في ايرز لم تكن ظروفهم باحسن من اخوانهم العمال في ايرز.

في اوضاع العمال الغزيين الذين عملوا داخل اسرائيل حتى شهر نيسان 2004 ، كان هؤلاء يحصلون على قسائم الراتب من المشغل الاسرائيلي وتصاريح الدخول الى اسرائيل كان يتم تدبيرها من خلال الاتحاد العام لنقابات فلسطين، وكانت الاجور التي يتقاضوناها من المشغل افضل من اجور العمال في منطقة ايرز لكنها لم تصل في غالب الاحيان الى الحد الادنى من الاجور كما ينص على ذلك القانون ونادرا ما كنا نجد في قسائم الراتب أي ذكر للحقوق الاخرى مثل ايام الاجازة او النقاهة.
في كلا المشهدين كانت معاناة العمال واحدة لدى المشغلين الاسرائيلين، ناهيك عن الحديث عن سياسة الذل والقهر والاهانة التي كان يتكبدها العمال على الحواجز العسكرية خلال سنين عملهم في اسرائيل او ايرز، ولكن الافدح من ذلك بان الاف العمال الغزيين سواء اولئك الذين عملوا في ايرز او الذين عملوا داخل اسرائيل والذين ترعرعوا على ثقافة العمل والكدح لسنوات طويلة وجدوا انفسهم عاطلين عن العمل بعد العام 2004، يعيشون داخل غيتو كبير محاصر يبحثون عن أي نوع من الاستغاثة والبحث عن مشغليهم الذي رفضوا ويرفضون حتى الان الاعتراف لهم بحقوقهم العمالية والحصول على التعويضات بعد سنوات من الكد والكدح في المصانع وورشات العمل الاسرائيلية. وهكذا ضاعت حقوق العمال الغزييين والتي اذا ما ترجمنا هذه الحقوق الى " فلوس" كما يقول عمال غزة فانها حتما ستصل الى ملايين الدولارات.

لقد رات نقابة " صوت العامل " بان واجبها النقابي والوطني تجاه الطبقة العاملة الفلسطينية، ونظرا لادراكنا واطلاعنا على تفاصيل الكارثة التي تتكبدها الطبقة العاملة الفلسطينية بشكل عام وفي غزة بشكل خاص نتيجة الاحتلال والقمع وسياسة الافقار والتجويع، ونظرا لان الطبقة العاملة الفلسطينية وتحديدا في قطاع غزة اصبحت بلا عنوان نقابي خصوصا بعد القصف الاسرائيلي لمقر الاتحاد العام للعمال الفلسطينيين في غزة، وايضا نتيجة الظرف السياسي واحتدام المواجهة بين حماس وفتح في غزة ، فان هذه الشريحة العمالية فقدت من يمثلها ويطالب بحقوقها امام محاكم العمل الاسرائيلية ، وهي الطبقة الاكثر تهميشا في المجتمع الفلسطيني، وهي التي تدفع الثمن الباهض ثمنا للاغلاق والحصار وثمنا للاستغلال البشع من قبل المشغل الاسرائيلي، راينا نحن في نقابة " صوت العامل" ان نتحمل هذه المسؤولية ونأخذ على عاتقنا تمثيل مئات العمال الغزيين في المحاكم الاسرائيلية، لان اعادة الحقوق المنهوبة للعمال من خلال العمل القانوني ودعم العمال وعائلاتهم على الصعيد المالي هو ذات قيمة كبرى في الظروف الكارثية التي يعيشها شعبنا في غزة في ظل سياسة الحصار والتجويع.

ان التحديات التي تواجهنا في " صوت العامل"، في مئات الملفات التي وصلتنا من غزة هي تحديات كبيرة وفي غاية التعقيد نظرا للاعباء المالية التي سنتحملها من خلال تمثيل العمال امام المشغلين والمحاكم، لكن الكم الهائل من التوجهات والملفات التي تصلنا اسبوعيا من قطاع غزة تؤكد على مدى الثقة الكبيرة التي منحها عمال غزة لنقابة " صوت العامل" منذ ان انطلقنا بهذا المشروع منذ اكثر من عام، واننا نؤكد ان " صوت العامل" ومحاميها المتطوعين وكافة الطاقم في النقابة على القدرة والكفاءة الكافية في انتزاع وتحصيل حقوق العمال التي سرقها المشغلين الاسرائيليين. وما ضاع حق وراءه مطالب .



التعليقات