مجموعة التفكير الإستراتيجي الفلسطيني تعلن عن وثيقة جديدة حول الخيارات الإستراتيجية

خلال ورشة عمل في الضفة والقطاع: مجموعة التفكير الإستراتيجي الفلسطيني تعلن عن وثيقة جديدة حول الخيارات الإستراتيجية أمام الشعب الفلسطيني * عبد الفتاح: الوثيقة مؤشر على بداية يقظة العقل السياسي الفلسطيني من الغيبوبة

مجموعة التفكير الإستراتيجي الفلسطيني تعلن عن وثيقة جديدة حول الخيارات الإستراتيجية
خلال ورشة عمل في الضفة والقطاع:
* مجموعة التفكير الإستراتيجي الفلسطيني تعلن عن وثيقة جديدة حول الخيارات الإستراتيجية أمام الشعب الفلسطيني
 
* عوض عبد الفتاح: الوثيقة مؤشر على بداية يقظة العقل السياسي الفلسطيني من الغيبوبة
 
أعلنت مجموعة التفكير الإستراتيجي الفلسطيني عن وثيقة جديدة بعنوان "نحو إستراتيجيّات جديدة للتحرر الوطني الفلسطيني- خيارات لتحقيق الغايات الإستراتيجية الفلسطينية في ظل انهيار المفاوضات الثنائية"، خلال ورشة عمل نظمتها" يوم الجمعة الماضي، في قاعة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في كل من البيرة وغزة عبر نظام "الفيديو كونفرنس"، بحضور عشرات الشخصيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تمثل مختلف الأطياف الفلسطينية.
 
أدار الورشة عضو مجموعة التفكير الإستراتيجي د. حسام زملط، الذي قدم تعريفا بالمجموعة التي تعد منتدى مفتوحا وتعدديا للحوار والنقاش الإستراتيجي، يقوم من خلاله الفلسطينيون من مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية بالتحليل الإستراتيجي لبيئة الصراع مع إسرائيل، لتقوية وتوجيه المشروع الفلسطيني نحو التحرر والاستقلال. كما أدار الورشة في غزة عضو المجموعة د. عمر شعبان.
 
واستعرض زملط مراحل عمل مجموعة التفكير الإستراتيجي منذ إصدارها في أيلول 2008 وثيقة "استعادة زمام المبادرة – الخيارات الإستراتيجية الفلسطينية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي"، مرورا بتنظيم ثلاث ورش عمل في كل من أريحا وغزة واسطنبول خلال عامي 2010 و2011، تمهيدا لبلورة الوثيقة الجديدة.
 
وعرض كل من هاني المصري، مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية، ود. خالد الحروب، منسق مشارك لورش التفكير الإستراتيجي الفلسطيني- مجموعة أكسفورد للأبحاث، المحاور الرئيسية للوثيقة، وأكدا أنها لا تتصدى لمهمة صياغة إستراتيجية وطنية فلسطينية جديدة، ولا تزعم ذلك، لأن هذه المهمة هي مسؤولية القادة المنتخبين للشعب الفلسطيني، لكنها تسعى إلى تقديم تحليل معمق للخيارات الإستراتيجية التي من شأنها أن تسهم في صوغ الإستراتيجية الوطنية المأمولة، لاسيما في ضوء سقوط عدد من الافتراضات التي قامت عليها الحركة السياسية الفلسطينية حتى الآن، وانتفاء القدرة على تطبيقها.
 
وأشار المصري والحروب إلى أن الوثيقة تبدأ بطرح المتطلبات الإستراتيجية التي تضم كلا من التفكير الإستراتيجي المشروط بإمكانية تطبيقه على الأرض، وإنجاز أهدافه، والوحدة الإستراتيجية، التي تفترض وجود مطالب وطنية موحدة للشعب الفلسطيني. من ثم تطرح السيناريوهات المرغوبة وغير المرغوبة للفلسطينيين، ذات العلاقة بمستقبل القضية الفلسطينية، والتي كانت وردت في وثيقة "استعادة زمام المبادرة" عام 2008.
 
وتتلخص السيناريوهات المقبولة بشكل نسبي للشعب الفلسطيني بما يلي: دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس، مع تسوية عادلة تنجز حقوق اللاجئين في العودة والتعويض، أو دولة واحدة ثنائية القومية للإسرائيليين والفلسطينيين، أو دولة واحدة ديمقراطية ليبرالية تعامل جميع المواطنين بمساواة أمام القانون، أو اتحاد كونفدرالي بين الأردن ودولة فلسطينية مستقلة.
 
وأوضحا أن السيناريوهات غير المرغوبة تتلخص في ما يلي: استمرار الوضع الراهن وما يتضمنه من مفاوضات مفتوحة ومتقطعة، أو دولة فلسطينية بحدود مؤقتة تحت سيطرة فعلية دائمة لإسرائيل، أو فصل أحادي الجانب من قبل إسرائيل يفرض قيودا من طرف واحد على حركة الفلسطينيين، أو أي أفكار أخرى تتعلق بإلحاق قطاع غزة بمصر، أو إلحاق الضفة الغربية بالأردن، وهي سيناريوهات تؤكد الوثيقة على ضرورة قيام الفلسطينيين بمواجهتها مهما كلف الأمر.
 
كما استعرضا الأهداف الإستراتيجية، التي تتمثل في إنجاز حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وإنجاز حقوق اللاجئين بموجب قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، وتحقيق المساواة للفلسطينيين داخل إسرائيل وضمان حقوقهم الفردية والجماعية، إضافة إلى الهدف الآني القاضي برفع الحصار عن غزة.
 
 (من اليمين: د. الحروب و د. زملط والمصري)
 
يذكر أن الوثيقة تضمنت ستة خيارات إستراتيجية، تربط الأهداف الإستراتيجية بالوسائل الإستراتيجية، وبالتكتيكات التي ستستخدم في تنفيذ هذه الإستراتيجية الجديدة، وهي: احتمال العودة للمفاوضات، وإعادة بناء الحركة الوطنية وتجديد النظام السياسي، والمقاومة الذكية (مصطلح صاغته المجموعة في تقرير 2008)، بالإضافة إلى مضاعفة الدعم العربي والإقليمي والدولي، ومقاربة القضايا وكيفية الدفاع عنها، انتهاء بخيار حل السلطة الفلسطينية.
 
وتبعا للنقاش الإستراتيجي الذي أوصت به الوثيقة، جاءت عدة قضايا ذات علاقة بطبيعة الإستراتيجية وكيفية تحقيقها، وهي: السلطة الإستراتيجية، التي تترتب عليها مهام الإدارة المؤقتة، وقيادة المقاومة الوطنية لتنفيذ الخيارات الإستراتيجية، بالإضافة إلى إدارة الحكومة المؤقتة الجنينية للدولة الفلسطينية المستقلة القادمة، بشرط إزالة الخلط بين دور السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير فيما يتعلق بهذه المهام.
 
ومن القضايا الأخرى المطروحة، السياق الإستراتيجي، والمقاومة الإستراتيجية، التي طالبت ضمنها مجموعة التفكير بحملة نشطة تهدف إلى إطلاق الطاقات الشبابية وتفعيلها بأوجه متعددة وموحدة ومرنة، والخطاب الإستراتيجي الذي يقوده الإعلام الفلسطيني باتجاه تشكيل رأي عالمي داعم وفاعل في مسار القضية الفلسطينية، والتأثير على الرأي العام الإسرائيلي ومواجهة الإستراتيجية الإسرائيلية.
 
واختتمت الوثيقة، باقتراح أجندة للعمل للقيام بتنفيذها خلال الأشهر القادمة، اشتملت على سبع مهام أساسية تحددها سبعة أسئلة مرتبطة بصياغة الإستراتيجية، والسلطة الإستراتيجية، والسياق الإستراتيجي، والسلطة الإستراتيجية، والمقاومة الإستراتيجية، فضلا عن الخطاب الإستراتيجي والخصم الإستراتيجي وإعداد الخطة البديلة.
 
وتخللت الورشة مداخلات وأسئلة وملاحظات على الوثيقة من معظم الحاضرين في البيرة وغزة، الذين أكدوا على الأهمية الكبيرة لهذه الوثيقة في تحديد الخيارات لتحقيق الأهداف الفلسطينية، وقدموا اقتراحات لإغناء الوثيقة، لاسيما تضمينها إضافات تفصيلية حول السيناريوهات والخيارات الإستراتيجية، وترتيبها حسب أولويتها ومدى واقعيتها، وتناول الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعوامل الإقليمية والدولية في سياق الخيارات الإستراتيجية، والتمييز بين المفاهيم وتوضيحها من حيث الفارق بين النقاش الإستراتيجي للخيارات وبلورة الخطط الإستراتيجية، وضرورة توضيح كيفية بناء السلطة الإستراتيجية في ظل الوضع الراهن، والتأكيد على حقوق اللاجئين ووحدة الشعب وحقه في تقرير المصير، وتحديد الجهة المعنية بصياغة الإستراتيجية الوطنية الجديدة في ظل آراء تحاجج بأن الجيل الحالي من القادة الفلسطينيين في مختلف الفصائل بات غير قادر على صياغة وتنفيذ إستراتيجية جديدة للتحرر الوطني.
 
 كما طرحت أفكار واقتراحات تؤكد على أهمية إشراك الفلسطينيين في أراضي 1948 في النقاش الإستراتيجي حول الخيارات المطروحة أمام الفلسطينيين، والتفكير المعمق في خيارات بديلة مثل خيار الدولة الواحدة.
 
وفي ختام الورشة، أجاب كل من المصري والحروب عن التساؤلات التي طرحت، وأكدا على أهمية الملاحظات التي قدمت في إغناء الوثيقة، التي تعتبر أجندة نقاش إستراتيجي مفتوحة، والمهم كيفية وصولها إلى صناع القرار.
 
وكان أمين عام التجمع، عوض عبد الفتاح، من المدعوين لحضور اللقاء والإدلاء بالملاحظات والاقتراحات بخصوص الوثيقة وما ورد فيها. ويذكر أنه كان قدّم ورقة بخصوص الخيارات الإستراتيجية البديلة في يوم دراسي عقده مركز"بدائل" الذي يديره الأستاذ هاني المصري، نهاية الشهر الماضي في رام الله.
 
 
يقظة العقل الفلسطيني
 
وقد بدأ عبد الفتاح بتحية المبادرين لهذه الوثيقة، وثمّن الجهد الذي بذل وخصّص للتوصّل إليها وقال: "إن هذه المبادرة التي تمخضت عنها هذه الوثيقة السياسية، هي مؤشّر على يقظة العقل الفلسطيني السياسي (غير الرسمي) من الغيبوبة الطويلة التي واكبت ونتجت عن نهج التّسوية العقيم والكارثي. إنه خروج من حالة الانغلاق على تفكير أحادي ومن خيار واحد إلى خانة التفكير الإستراتيجي حول كيفية الخروج من المأزق التاريخي الذي دخلت فيه الحركة الوطنية الفلسطينية".
 
وأضاف: "لم يزعم المبادرون كما سمعنا منهم ومما جاء في مقدمتها أن هذه الوثيقة نهائية، أو خطة عمل، بل صيغة لتحفيز صناع القرار السياسي لولوج خيارات وبدائل غير تلك المعتمدة حتى الآن" وقال: "لدي ملاحظات على الوثيقة بصورة عامة، وسأذكر نقطتين ولكن سأركز على واحدة فقط وذلك لضيق الوقت المتاح لكل متناقش".
 
"لقد تساءلت أنه طالما تتحدث الوثيقة عن رؤية استراتيجية لمقاربة الصراع وخوضه، والتي تعني من بين الخيارات المقترحة، الدولة الديمقراطية العلمانية أو ثنائية القومية وإن أكدت على عدم وضعها في تعارض مع بقية الخيارات الأخرى بل بتناغم، فلماذا يجري الإشارة بصورة عابرة إلى دور تجمعين فلسطينيين أساسيين بصورة عابرة؟ التجمع الأول هو اللاجئون البالغ عددهم نصف الشعب الفلسطيني (المقصود في الشتات)، والتجمع الثاني هو فلسطينيو الـ48. وهنا سأتطرق إلى قضية عرب الـ48. وأترك موقع اللاجئين لفرصة أخرى. لقد جاء في الوثيقة أن المبادرين يحملون آراءً متباينة، ومع ذلك أسأل هل عدم إيلاء الاهتمام الحقيقي بموقع ودور عرب 48 يعكس خوفًا على هذا الجزء من شعبنا أو خوفا منه. أقصد، هل عدم إقحام فلسطينيي الـ48 في الاستراتيجية الجديدة أو الخيارات البديلة بصورة واضحة، هو خوف عليهم من بطش الدولة العبرية أم خوف منهم من أن يشكلوا عبئا على العقلية التي حكمت النهج التـّسووي الذي اعتمد حتى الآن. وللتوضيح أقصد أن فريق التسوية منذ أوسلو وحتى اليوم كرّس تهميش هذا الجزء وخضع للإملاءات الاسرائيلية، حتى لا تكون حقوقهم عقبة أمام نهج التسوية".
 
وتابع عبد الفتاح "أعتقد أنه حان الوقت لأن تتحرر كليًا النخب الفلسطينية من أسر المقاربة التقليدية الرسمية لمكانة ودور عرب الـ48 في الصراع. بطبيعة الحال ليس المقصود تجاهل خصوصيتهم والدور الملائم لهذه الخصوصية، أقصد أن ينتقل المعنيون بالخيارات الإستراتيجية البديلة من العمومية إلى التحديد والوضوح، وذلك عبر الدخول في حيثيات واقع ومكانة هذا الجزء من شعب فلسطين، والتعرف على الخريطة السياسية هناك، وعلى القوى الوطنية التي أبدعت صيغة التعامل مع الواقع الاسرائيلي بصورة ذكية وحكيمة، وأبقت الباب مفتوحًا على الخيارات الإستراتيجية. لأنه بطبيعة الحال، يجب أن يتوفر الإقدام والحكمة في التعامل مع هذا الجزء من شعب فلسطين، ومعرفة كيفية تطوير دوره وربطه بالنضال الفلسطيني العام ببعده الوطني والديمقراطي والإنساني. الوثيقة تشكل بداية موفقة بهذا الاتجاه وعلينا المضيّ قدمًا في تطويرها وصولاً إلى تحولها الى محرك للجماهير وللقوى الصاعدة الواعدة في نضالها من أجل إنهاء الاحتلال والمشروع الكولونيالي الاسرائيلي وتحقيق الحرية لشعبنا".

التعليقات