قيادات فلسطينية من جانبي الخط الأخضر تناقش استحقاقات أيلول

أمين عام التجمع يتساءل عن الصيغة المقدمة للأمم المتحدة وما إذا كانت تفرط بأي من الثوابت الوطنية كما يؤكد أن الدولة لن تقيمها الأمم المتحدة وإنما شعب فلسطين بكفاحه ونضاله

قيادات فلسطينية من جانبي الخط الأخضر تناقش استحقاقات أيلول
ناقش قياديون فلسطينيون ونواب ومثقفون ونقابيون وإعلاميون من مختلف التوجهات والتيارات السياسية والفكرية الفلسطينية، نهاية الأسبوع في مدينة بيت لحم، أهمية توجه منظمة التحرير الفلسطينية للأمم المتحدة لنيل الاعتراف الدولي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران، والمحاذير السياسية والقانونية المتعلقة بذلك، وأهمية المصالحة الفلسطينية لإنجاح هذه الخطوة.
 
وشارك في اللقاء الذي نظمه ائتلاف المؤسسات الأهلية/ مبادرة الدفاع عن الأراضي المحتلة، وأداره الكاتب والصحفي راسم عبيدات؛ من داخل الخط الأخضر رئيس لجنة المتابعة العليا محمد زيدان، والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي عوض عبد الفتاح، ورئيس حركة أبناء البلد رجا إغبارية، ومن الضفة الغربية عبد الرحيم ملوح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ونائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعباس زكي عضو اللجنة المركزية العامة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني / فتح، وقيس عبد الكريم نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية، وكمال هماش عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي، والنائب محمد اللحام من كتلة فتح البرلمانية، وإحسان كامل أبو عرب الأمين العام للحزب العربي الاشتراكي في فلسطين "منظمة الصاعقة "، والعديد من الفعاليات السياسية والثقافية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني.
 
وفي بداية اللقاء رحب عدنان عطية المدير التنفيذي للائتلاف بالمشاركين في هذا اللقاء الهام، والذي يأتي لأهمية المعركة السياسية والتاريخية التي ستخوضها منظمة التحرير الفلسطينية لانتزاع اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية، وأهمية المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية لمثل هذه الخطوة.    
وقال ملوح: "إن الذهاب إلى الأمم المتحدة معركة سياسية، ونحن مع ذلك، لأنه يعيد القضية إلى الأمم المتحدة، ويساهم في إنهاء المفاوضات العبثية تحت الرعاية الأمريكية"، لافتا إلى أن ذلك يتطلب التمسك بوحدة شعبنا وبالثوابت الوطنية، والى تحرك سياسي ورؤية وطنية استراتيجية يشارك فيها الجميع، حتى نتقدم في مواجهة استحقاقات أيلول، ومواجهة الاستيطان والجدار وتهويد القدس، محملا حركتي فتح وحماس مسؤولية الانقسام وعدم تنفيذ الاتفاق، ورفع شعار الشعب يريد تنفيذ الاتفاق، ومؤكدا على ضرورة مغادرة الحسابات الفئوية، والإسراع بإنهاء الانقسام الذي يمزقنا ويشتت شعبنا.
 
وأكد أن الجبهة الشعبية ومعها عدد من الفصائل الفلسطينية لن تشارك في الحوار الوطني الفلسطيني إذا اقتصر على البند الرابع في الاتفاق بين فتح وحماس.
 
وقال عباس زكي إن قضية الوحدة الوطنية تعتبر ممر إجباري وضروري، وإن استخدام السلاح في حسم الصراع الداخلي جريمة وخط أحمر. وأضاف "أدركنا ذلك في حركة فتح، ولذلك نحن صادقون في توجهنا للمصالحة، ووقعنا على الورقة المصرية، وقد دفعت مصر بكل ثقلها، من أجل إنجاح المصالحة"، مؤكدا أن المصالحة تحتاج إلى تكريس واقع جديد على الأرض، بتحريم الاعتقال السياسي، فقد آن الأوان لوضع حد لعذابات السجون، وأن تكون المصالحة حتمية، معتبرا أن القضية ليست قضية فتح وحماس، لأن الانقلاب كان على منظمة التحرير الفلسطينية.
 
وأضاف سنذهب إلى الأمم المتحدة، لأن هذه الخطوة الهامة تعتبر معركة سياسية، ولن نتنازل عن أي من الثوابت الفلسطينية، مشيرا إلى أن جميع التخوفات مشروعة، لكن إذا لم نذهب إلى الأمم المتحدة، فإن الخسائر فادحة، حيث سيستمر الاستيطان وبناء الجدار، وتهويد الأراضي الفلسطينية، وفرض سياسة الأمر الواقع في الأراضي الفلسطينية.
 
من جهته أكد قيس عبد الكريم نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين على أهمية خوض المعركة الدبلوماسية في الأمم المتحدة، لافتا أن ما يخشاه في هذا الموضوع ظهور ما يبرر التراجع عن هذه الخطوة التاريخية، مؤكدا أن التحفظات والتساؤلات مشروعة، وأن الحوار الوطني يجب أن يكون شاملا، وعلى أسس واضحة.
 
وقال إن من سيتوجه إلى الأمم المتحدة ليست السلطة الفلسطينية، وإنما منظمة التحرير الفلسطينية، التي أعلنت الدولة في عام 1988، وهذا يرد على أي تساؤلات حول المساس بمنظمة التحرير، مضيفا أنه في حال حصولنا على العضوية في الأمم المتحدة، أو الدولة غير العضو فإن ذلك يعطينا حق وضع إسرائيل أمام المحكمة الدولية، ما يحررنا من صيغة أوسلو والمفاوضات الثنائية.     
 
وبدوره حذر محمد زيدان رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية في الداخل من أن يؤدي التوجه إلى الأمم المتحدة إلى التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني، وبالذات حق العودة، والقدس التي يجب أن تكون حاضرة في أي عملية تفاوضية، مؤكدا أننا جزء أصيل من الشعب الفلسطيني، ويجب أن يكون لنا بصمات وتأثير في المحطات الرئيسية. كما لفت إلى أن الانقسام الفلسطيني خلق مشهدا محرجا للشعب الفلسطيني أمام العالم، ما يتطلب الإسراع في تحقيق الوحدة الفلسطينية، كونها الشرط الرئيسي لإنجاح أي مشروع فلسطيني، داعيا أطراف الخلاف إلى التنازل من اجل المصلحة العامة.
 
ودعا الشارع الفلسطيني إلى ممارسة الضغط على طرفي الانقسام، من أجل تحقيق المصالحة، كي نذهب إلى استحقاقات أيلول موحدين، مؤكدا أن انتزاع اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية المستقلة، يتطلب مراعاة الثوابت الفلسطينية، وفي مقدمتها حق العودة، والقدس بمقدساتها الإسلامية والمسحية.
 
وأكد عوض عبد الفتاح الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي (في الداخل) على أهمية نقل الملف إلى الأمم المتحدة، والتحرر من مرجعية أوسلو، إلا أنه عبر عن خشيته من أن تكون هذه الخطوة تكتيكية ووهمية، وتستهدف تحسين شروط التفاوض الثنائي مع إسرائيل، وتساءل إذا ما كانت الفصائل الفلسطينية ببنيتها الحالية قادرة على مواجهة استحقاقات الانتقال من مرحلة إلى أخرى، ودعا إلى مراجعة نقدية شاملة للحالة الفلسطينية، وتحديد رؤية إستراتيجية والاتفاق على الآليات والبرامج.
 
وتساءل عبد الفتاح حول الصيغة المقدمة إلى الأمم المتحدة، وما إذا كانت لا تفرط بأي من الثوابت الوطنية أو تهمشها، وفي مقدمتها حق العودة. وقال "حتى الآن لا يعرف أحد ما هي هذه الصيغة، كما أن التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على عضوية كاملة أو اعتراف لا يجري التحضير له شعبيا باعتبار أن الدولة لن تقيمها الأمم المتحدة، وإنما شعب فلسطين عبر نضاله وكفاحه ضد المشروع الكولونيالي الاحتلالي.
 
وتساءل الأمين العام للتجمع في هذا السياق حول قدرة النظام السياسي الفلسطيني القائم (بدون مراجعة الفترة السابقة وتحقيق الوحدة الوطنية) على خوض هذه المعركة وما يترتب عليها من احتمالات لانفجار شعبي شامل أو هبات شعبية متدرجة. كما تساءل عن القوة الثالثة (بين حماس وفتح) المؤهلة لتجميع كل هذه القوى وقيادة المرحلة.
 
ودعا عبد الفتاح إلى إعطاء القوى الشبابية والصاعدة كل الاهتمام والدعم والمساندة والرعاية لأن في ذلك حاجة وطنية وإستراتيجية.
 
وقال إحسان كامل "أبو عرب" الأمين العام للحزب العربي الاشتراكي في فلسطين "منظمة الصاعقة" إنه لا مستقبل للشعب الفلسطيني في ظل انعدام برنامج وطني، وبدون قيادة جماعية، وأن الوحدة الفلسطينية لن تتحقق إذا تمت عملية بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس غير كفاحية، وأن السلطة الفلسطينية غير جادة في معالجة ملف المصالحة، لأن الولايات المتحدة لا تتقبل مشروع م. ت. ف. ووحدة الشعب الفلسطيني معا، مشددا "أننا ذاهبون إلى دولة افتراضية في الأمم المتحدة، وإلغاء القرارات الأممية، ما قد يساهم في تعميق الانقسام ويبعد المصالحة، خاصة أننا نعيش في حالة ضعف". ودعا إلى تعزيز مصادر القوة على الأرض ومعالجة الملفات الداخلية.
 
وقال رجا إغبارية رئيس حركة أبناء البلد إنه ليس هناك مصالحة فلسطينية حتى الآن، وما هو موجود ليس أكثر من محاولات لإدارة الانقسام، وأن خطوة الذهاب إلى الأمم المتحدة يجب أن تكون خطوة نضالية، وجزءا من إستراتيجية كفاحية، مشيرا إلى أنه حتى الآن لا يوجد وضوح في صيغة التوجه إلى الأمم المتحدة، مؤكدا عدم وجود قدرة حقيقية على الأرض لتجسيد قرارات الأمم المتحدة، ما يضعنا أمام حالة متكررة، ولذلك يتوجب علينا أن نركز على مطالبتنا بتطبيق هذه القرارات التي تعترف بالحق الفلسطيني.
 
وأكد كمال هماش عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي على أهمية وحدة المؤسسة الفلسطينية م. ت. ف، ورفع الشعب الفلسطيني لصوته في وجه القيادة السياسية من اجل تصويب نهجها ومواقفها، محملا حركة حماس مسؤولية ما وصلت إليه الحالة الفلسطينية، ومؤكدا أن جهود المصالحة الفلسطينية ليست سوى إدارة للانقسام في الساحة الفلسطينية. ودعا إلى التوجه للأمم المتحدة لوضع حد للمرجعيات التفاوضية التي لم توصل الشعب الفلسطيني إلى شيء يذكر.
 
وقال النائب محمد اللحام إن الخطاب السياسي للفصائل الفلسطينية لم يرتق إلى مستوى متطلبات الوقع السياسي الفلسطيني، وأولويات الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، وخاصة في ظل الواقع المرير الذي يفرضه الجدار العازل والاستيطان في مختلف المحافظات الفلسطينية، وفي مقدمتها محافظة بيت لحم، ما يتطلب الخروج من حدود الدوائر المغلقة، ووضع حد للقطيعة بين الواقع والخطاب السياسي.
 
واعتبر الكاتب والصحفي نصار ابراهيم أن التوجه للأمم المتحدة والمصالحة الفلسطينية وجهان لعملة واحدة، ويجب أن يأتي ذلك في إطار رؤية إستراتيجية بهدف نظم منهجية واقعية للتفكير السياسي الفلسطيني، مشددا أن طرح قضية الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية ليست مسألة قانونية، وإنما قضية سياسية بامتياز.
 
ودعا إلى بناء إستراتيجية وطنية تأخذ بعين الاعتبار 20 عاما من الفشل الذي حققته المفاوضات بسبب التعنت الإسرائيلي، ما يتطلب التمسك بثوابت التحرر الوطني، والعودة إلى بديهيات التحرر الوطني وبناء المقاومة الميدانية التي تؤسس لتغيير موازين القوى.

التعليقات