في لقاء في البيرة بالضفة الغربية: دعوة لتبني "خيار الدولة الواحدة لجميع مواطنيها"..

"محاولات التوصل إلى حل الدولتين على أساس تقسيم أرض فلسطين إلى كيان فلسطيني على 22% من أرض فلسطين التاريخية وعجزت عن توفير الحد الأدنى من العدالة"

في لقاء في البيرة بالضفة الغربية: دعوة لتبني
دعا الدكتور مازن قمصية المحاضر في جامعة بيت لحم، وأحد نشطاء ودعاة المقاومة الشعبية، إلى التفكير الجدي على مستوى القيادة الفلسطينية والفصائل والمؤسسات البحثية والأهلية في خيار "الدولة الواحدة لجميع مواطنيها"، بحيث تكون دولة ديمقراطية يعيش فيها الجميع بسلام وتعايش وعدالة وكرامة بغض النظر عن اللغة أو الدين أو العرق.
 
جاء ذلك خلال لقاء نظمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإسترايجية أمس (الأحد) في مقره بمدينة البيرة، بحضور عشرات الشخصيات السياسية والأكاديمية والناشطة، وأدار اللقاء هاني المصري، مدير عام المركز، الذي رحب بالحضور، مبينًا أهمية الحوار والنقاش في مثل هكذا مسائل، خصوصًا أن هناك حلولًا وخيارات ورؤى عدة للوضع الفلسطيني تبدأ بحل الدولتين ولا تنتهي بحل بالدولة الديمقراطية أو الإسلامية أو الكونفدرالية، بحيث يجب دراستها، ومعرفة نقاط القوة والضعف في كل منها، واختيار الخيارات المفضلة للسير فيها.
 
وقال قمصية: إن حل الدولة الواحدة سينتج عنه بناء البلد لكل الشعب الساكن فيه بسلام ووئام، ليكون نموذجًا للتعايش على مستوى العالم، وأن لهذه الدولة برنامجًا وافق عليه عدد من الفلسطينيين والإسرائيليين، من خلال مذكرة حملت تواقيعهم، وينص هذا البرنامج على أن يقوم سكان فلسطين من الفلسطينيين والإسرائيليين بصياغة دستور جديد يكفل الحقوق والحريات والمساواة والعدالة الاقتصادية لجميع المواطنين، ويضمن أيضًا حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار 194.
 
ويشتمل البرنامج على أمور أخرى تتعلق بالأراضي العامة والثقافة والحقوق والأسرة واللغة، بحيث ستكون العبرية لغة رسمية إلى جانب العربية والإنجليزية.
 
وطرح قمصية ستة مبررات لإقناع الحضور بالدولة الواحدة، وهي: من ناحية الطبيعة والموارد والبيئة، فلا يعقل أن يعيش الفلسطينيون في دولة لا تزيد مساحتها عن 22% من مساحة فلسطين، وتفتقر إلى الموارد الطبيعية، حتى بدون إضافة أعداد اللاجئين المتوقع عودتهم إلى مثل هذه الدولة. ومن الناحية الإنسانية والحضارية، ففلسطين هي مهبط الديانات وبينها ارتباط وثيق. ومن ناحية حقوق الإنسان، فهناك قرارات لا يمكن أن تتوافق وحل الدولتين، فلا يمكن تطبيق الحق الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير في إطار حل الدولتين، فضلا عن قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي الذي يصون مثل هذه الحقوق، لاسيما حق العودة. ومن ناحية البرامج السياسية، من الأسهل لحركتي فتح وحماس وغيرهما من الفصائل الاتفاق على حل الدولة الواحدة أكثر من حل الدولتين. وأخيرًا من الناحية الأمنية، سيتوفر الأمن بشكل أفضل في ظل الدولة الواحدة، أما في ظل الدولتين فسيحصل الفلسطينيون على دولة من دون سيادة ودون مقومات الاستقلال بحجة الأمن.
 
وقال إن محاولات التوصل إلى حل الدولتين على أساس تقسيم أرض فلسطين إلى كيان فلسطيني على 22% من أرض فلسطين التاريخية، وكيان إسرائيلي على 78% منها، فشلت لأنها عجزت عن توفير الحد الأدنى من العدالة، كما أن حل الدولتين يتجاهل الواقع الجغرافي والسياسي، ويؤسس لسياسة التجزئة والفصل وعدم المساواة.
 
وأضاف أن حل الدولتين الذي تنادي به السلطة الفلسطينية والعديد من الفصائل والأحزاب الفلسطينية هو وهم، لأن هذا الحل وفق المفهوم الصهيوني يختلف عن حل الدولتين وفق المفهوم الفلسطيني، فالسلطة الفلسطينية بدأت ببناء مؤسسات الدولة الصغيرة المرتقبة في ظل تصاعد المخططات الاستيطانية ومصادرة الأراضي والعدوان والمستمر والجدار والحصار، وفي وضع لا يمكن لإسرائيل أن تسمح فيه للفلسطينيين بالسيطرة على الموارد الطبيعية والمياه والأرض والحدود والهواء، منوها إلى أن استمرار التمسك سياسيا بهذا الحل في المرحلة الراهنة لا ينبغي أن يلغي أهمية التفكير في خيارات إستراتيجية أخرى، في مقدمتها الدولة الواحدة، خصوصا أن اوساطا واسعة في العالم يمكن أن تبدي تفهما أكبر للأبعاد المتعلقة بالمساواة والعدالة وحقوق الإنسان كما يمكن ان يجسدها هذا الخيار.
 
ودعا قمصية إلى الاهتمام بتطوير وتوسيع نطاق المقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال وسياساته العنصرية، في ضوء اتساع حركة المقاطعة لإسرائيل، وتزايد دور حركات التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، مستعرضا عددا من التجارب الناجحة في هذا الصدد، وآخرها التأثرات الإيجابية لمبادرة "ركاب الحرية"، التي سلطت الضوء على الطابع العنصري لنظام المواصلات المخصص للمستوطنين في الضفة الغربية، والقيود المفروضة على حق التنقل والحركة لأبناء البلد الأصليين.
 
وطرحت خلال اللقاء العديد من المداخلات والاستفسارات حول تجاهل طبيعة الصراع كصراع وجود، وتجاهل الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، ومدى واقعية فكرة الدولة الواحدة، أو حتى الدولة ثنائية القومية، بالرغم من أفول حل الدولتين، وخصوصًا فيما يتعلق بخسارة التأييد الدولي المتعاظم لإقامة الدولة الفلسطينية والمعارضة الإسرائيلية الواسعة له ولحل الدولة الواحدة، وكذلك أكد الحضور على ضرورة التوقف أمام السياسات والآليات المطلوبة لتحويل فكرة الدولة الواحدة إلى مشروع سياسي يتبناه التيار المركزي الفلسطيني والرأي العام ويمكن أن يحظى بدعم من أوساط إسرائيلية، خصوصًا أن المشروع الصهيوني لا يزال مفتوحًا ويدفع باتجاه تنفيذ مخططات التطهير العرقي والاستيطان، ويسعى لترسيخ سيناريوهات على أرض الواقع لا يمكن تجاهلها ضمن أي إستراتيجية مستقبلية، مثل كيفية التصدي لمشروع الدولة ضمن الحدود المؤقتة الذي تحاول إسرائيل فرضه.
 
كما طرحت فكرة حول إمكانية الربط بين خيار الدولتين وخيار الدولة الواحدة، بحيث يؤسس الأول إلى الثاني ولا يتناقض معه تناقضًا مستعصيًا بالضرورة.
 

التعليقات