رام الله: حكومة جديدة وآمال محدودة

انتهى المخاض أخيرًا. اتفاق حركتي فتح وحماس، خلال اجتماعهما في القاهرة الشهر المنصرم بتشكيل الحكومة الفلسطينية خلال جدول زمني لا يتجاوز الثلاثة أسابيع، توَّج بتكليف الرئيس محمود عباس لرامي الحمدلله بتشكيل الحكومة الجديدة، وهو تكليف على ما يبدو أوجد ضجة في الفراغ الذي خلفه فياض، ويبدو أن عادة الحكم على الأشياء قبل وقوعها أصابت الحكومة الجديدة، فعارض البعض تشكيلها واصفًا اياها بالحكومة التي خرجت عن الصف الوطني وحكومة لا تداوي جراح الانقسام، وذهبت الصحف العبرية إلى اعتبار حمدلله أنه في مهمة انتحارية.

رام الله: حكومة جديدة وآمال محدودة

انتهى المخاض أخيرًا. اتفاق حركتي فتح وحماس، خلال اجتماعهما في القاهرة  الشهر المنصرم  بتشكيل الحكومة الفلسطينية  خلال جدول زمني لا يتجاوز الثلاثة أسابيع، توَّج بتكليف الرئيس محمود عباس لرامي الحمدلله بتشكيل الحكومة الجديدة، وهو تكليف على ما يبدو أوجد ضجة في الفراغ الذي خلفه فياض، ويبدو أن عادة الحكم على الأشياء قبل وقوعها أصابت الحكومة الجديدة، فعارض البعض تشكيلها واصفًا اياها بالحكومة التي خرجت عن الصف الوطني وحكومة لا تداوي جراح الانقسام، وذهبت الصحف العبرية إلى اعتبار حمدلله أنه في مهمة انتحارية.

تناقضت الآراء حتّى داخل حركة حماس ذاتها، وربما يرجع ذلك إلى خلافات داخلية للحركة. حيث اعتبرت أن قرار عباس بمثابة "انحراف عن مسار التوافق الوطني". وجاء على لسان محدثها سامي أبو زهري أن الحكومة الجديدة لا تمثل الشعب الفلسطيني بالمطلق؛ معتبرًا إياها بدون شرعية لأنها لم تأخذ الشرعية من المجلس التشريعي. وأوضح أن قرار تشكيل الحكومة الجديدة خرج عن الإتفاق الذي تم بين الحركتين خلال لقاءات القاهرة. من جهة أخرى طالب يوسف رزقة ويحيى العباسية القادة في حماس بالتعاون والتنسيق مع الحكومة الجديدة لتشكيل هيئة وطنية لتسلم مقاليد الحكم في قطاع غزة للذهاب بعدها مباشرة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني في غضون ثلاثة أشهر.

فيما اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن تشكيل الحكومة الجديدة دون التشاور مع بقية الفصائل الفلسطينية هو تكريس للانقسام وتعزيزه ولا يخدم أبدًا المصالحة الوطنية.

وقالت النائبة خالدة جرار عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، لـ "فصل المقال" أن تشكيل الحكومة لن يقدم شيئاً  للمصالحة ولا يخدمها بل هو يعزز الانقسام، وعليه ويجب الإنطلاق فورًا لتطبيق البنود التي تم الإتفاق عليها بين القوى والفصائل الفلسطينية والمضي قٌدمًا في المصالحة. كما نظرت السيدة جرار بعين الشك إلى وجود السلطة الفلسطينية برمّتها ودعت إلى إعادة صياغة لإطار وحدوي يجمع كل الفصائل، إطار جديد مبني على قواعد وطنية وثوابت الشعب الفلسطيني التي تخرج بعيدًا عما تم حصر في الراتب الشهري للموظفين.

وفي الجانب القانوني، قال خبراء قانونيون إن النصوص المتفق عليها قانونيًا تلزم رئيس الحكومة المكلف رامي الحمدلله بعرض حكومته الجديدة على المجلس التشريعي، في حين تكمن الإشكالية في العطل الذي لحق بالمجلس التشريعي منذ أعوام. كما رأى هؤلاء أن عدم التزام الرئيس بمبادئ ونصوص القانون وعدم اتخاذ قرار بتشكيل حكومة جديدة، يضيف مزيدًا من علامات الشك والاستفهام حول شرعية الحكومة القائمة حيث لا يجوز لحكومة تسيير الأعمال أن تُوجد قوانين جديدة أو تعدل تلك السارية.

رامي الحمد الله رئيس جامعة النجاح الوطنية، الدكتور في علم اللغة ابن الرابعة والخمسين، أصبح بين ليلة وضحاها رئيسًا لحكومة السلطة الفلسطينية بتكليف من الرئيس محمود عباس، ووصفه كثيرون بأنه ذاهب في مهمة انتحارية يلبس حذاءً واسعًا تركه له فياض، يعيق تقدمه كيفما تحرك. يستلم حمدلله رئاسة الحكومة وهو رجل أكاديمي يشكك الكثيرون في إمكانية نجاح حكومته لا لقلة خبرته في مجال العمل السياسي  بل لأن المظلة تطير في العاصفة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها السلطة الفلسطينية. ستتلخص مهمة الرئيس الجديد في المحافظة على الموازنة الفلسطينية المتداعية وأن يضمن لعشرات آلاف الموظفين ورجال الأجهزة الأمنية الحصول على رواتبهم نهاية كل شهر.

رئيس الوزراء د المكلف، أصيب قبل نحو عشر سنوات بصدمة إثر مأساة توفيت فيها زوجته وبناته الثلاث في حادث طُرق. سيضطر أن يترك رئاسة جامعة النجاح ليتفرغ لمهمته الجديدة وعليه اقناع الولايات المتحدة وكل الدول المانحة بأنه شريك جدي ومستقيم وعليه أيضًا أن يدخل الشهرة من أوسع أبوابها لأنه شخص مجهول في عالم واشنطن ودول الغرب، لأن الدول المانحة إذا شعرت بأنه ما من أحد يحافظ على قفل الخزنة ويحرسها، ربما ستقطع التحويلات التي تبقي السلطة حية.

وكتب بعض الصحافيين والمدونين أن لا جديد في الحكومة الجديدة، واصفين حمدلله بأنه بلا مشروع وطني ولا حتّى اقتصادي. فكتب الصحفي صهيب العصا أن فياض عزز الإنقسام وخلق سلطة القبضة الأمنية، من خلال قمع أي مخطط للتصدي للاحتلال، أو الرد على انتهاكاته بحق الفلسطينيين في الضفة، أو حتى التضامن مع قطاع غزة الواقع تحت النار.. فشعر الفلسطيني أن الضفة والقطاع دولتان لشعبين.

وخلاف فياض المستميت مع الرئيس ومن خلفه حركة فتح في السيطرة على مقاليد الحكم رجحت فيه الكفة لصالح الرئيس وفتح على كفة فياض الذي أحرج بقوته حركة بوزن وتاريخ فتح. فكانت الاستقالة ليأتي رجل لا يختلف كثيرا عن خلفية فياض السياسية فرامي الحمد الله بلا مشروع وطني .. أو حتى اقتصادي.. فلن يأتي بجديد لأن المشروع الأمريكي في الضفة هو بقاؤها على ما هي عليه .. عجز سياسي وترنح اقتصادي دون تشييع جثمان السلطة.. ليكون الحمد الله بالنسبة لعباس كما كان قريع بالنسبة لعرفات.. منفذا وليس مخططاً أو مُغيراً.

وبعث المُدون علاء الأعرج برسالة إلى الرئيس الجديد قائلاً فيها " بعيداً عن لغة الحفاوة و مقدمات ”دولة“ و ”سيادة“ و ”فخامة“ التي تساق لرئيس وزراء تحت الاحتلال سيرُ مركبه على حاجز إسرائيلي مرهون بمزاج مجنّدة إسرائيلية، أود أن أخاطبك بمسمى ”الأستاذ الدكتور“ رامي حمد الله، فهو أرفع في نظري وفي نظر كثيرين ممن يرون العلم تاجاً على رؤوس البشر من مصطلح ”رئيس الوزراء".

وطلب منه أن يعود بمنصب رئيس الوزراء من الحاضة الأمريكية إلى الحاضنة الوطنية وأن يخرج من دائرة الإملاء الخارجي لكي يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته وأن يوقف سيل التنازلات حيث هو الحد الأدنى إن لم يكن السير عكسه وأن يمضي بحكومة وأد الإنقسام.. وتمنى أن يُقال له في نهايته فترته " دخل بيد نظيفة وخرج ولم تتسخ ".

التعليقات