شخصيات سياسية وأمنية تناقش مسودة مشروع قانون مجلس الأمن القومي الفلسطيني

الحوار ذو لطابع غير الرسمي له دور في توفير الدعم لمسار المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية عبر تقديم اقتراحات وتصورات وآليات لمعالجة العديد من القضايا الشائكة

شخصيات سياسية وأمنية تناقش مسودة مشروع قانون مجلس الأمن القومي الفلسطيني

عقد في مقر "المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية – مسارات" ومركز "الميزان" في غزة، عبر نظام الفيديو كونفرنس، ورشة عمل لمناقشة مسودة مشروع قانون "مجلس الأمن القومي" المقترح من قبل فريق الخبراء المساند لعمل المجموعة الخاصة بقطاع الأمن، وذلك ضمن البرامج التي تنفذ في إطار مجموعة دعم وتطوير مسار المصالحة.

افتتح الورشة الأستاذ هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، الذي استعرض أهداف مشروع الحوار حول قطاع الأمن والمخرجات التي تم التوصل إليها في سياق الجهود التي تبذلها مجموعة دعم وتطوير المصالحة، منوّهًا إلى الطابع غير الرسمي لهذا الحوار، ودوره في توفير الدعم لمسار المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية عبر تقديم اقتراحات وتصورات وآليات لمعالجة العديد من القضايا الشائكة، لا سيما بعد توقيع "اتفاق الشاطئ" وتشكيل حكومة الوفاق الوطني والإشكالات والأزمات التي بدأت بانفجار أزمة رواتب موظفي حكومة "حماس"، والتي تؤكد الحاجة إلى إعادة بناء وتوحيد وإصلاح الأجهزة الأمنية، بحيث تكون أجهزة مهنية ووطنية بعيدًا عن الحزبية.

ترأس الجلسة، التي شارك فيها سياسيون ونواب وأكاديميون وخبراء في مجال الأمن، جهاد حرب، الباحث المشارك في مشروع دعم وتطوير مسار المصالحة، حيث شرح الجهود المبذولة في سياق عمل مجموعة دعم وتطوير مسار المصالحة الوطنية في الشق الأمني، والتي بدأت فعليًا منذ بداية العام 2012. وتحدث عن بنية المجموعة التي يشارك فيها بشكل غير رسمي قياديون من الفصائل الرئيسية، وفريق خبراء فني، وتعتبر مسارًا خلفيًا يحاول وضع خيارات ومقترحات لتسهيل مهمة عمل اللجنة الأمنية المنصوص عليها في اتفاق المصالحة، وخلق حوار و/ أو تفاهمات غير رسمية حول القضايا المتعلقة بالشق الأمني للمصالحة.

ونوه حرب إلى ما أنجز من أوراق عمل وسياسات خلال الفترة الماضية، ومن ضمنها إعداد مسودة قانون الشرطة، واقتراح حول إعادة بناء وتوحيد وهيكلة جهاز الشرطة في الضفة الغربية وقطاع غزة، والمعايير الدولية الفضلى لعمل الشرطة الفلسطينية، وورقة حول دور ومهمات اللجنة الأمنية العليا، ورقة السياسات الأمنية، وورقة تجارب في عملية الاصلاح الأمني، بالإضافة إلى مشروع قانون مجلس الأمن القومي.

وقال إن هذه الجلسة تأتي في إطار توسيع النقاش مع الأطراف السياسية والمختصين في المجال الأمني، لإغناء الحوارات التي تمت في إطار المجموعة الخاصة بالشق الأمني بمشاركة الفصائل الفلسطينية الأساسية، حيث عقدت سلسلة من اللقاءات في القاهرة لوضع تصورات وآليات تسهم في دعم وتطوير مسار المصالحة، وإزالة العراقيل التي تعترض ذلك، مشيرا إلى أن هذه الجلسة والنقاشات تندرج في هذا السياق، خاصة في ضوء أزمة الرواتب في قطاع غزة بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني، التي تشير إلى عدم وجود تفاهمات واضحة بشأن العديد من القضايا التفصيلية عند توقيع الاتفاقات.

وثم استعرض د. عزمي الشعيبي، عضو فريق الخبراء الفني، تاريخ إنشاء مجلس الأمن القومي في السلطة الفلسطينية منذ تشكيل أول مجلس في العام 1994 وعدم تفعيله، ثم تشكيله مرة أخرى في العام 2003، وكذلك في العام 2005 والعام 2007، حيث أصدر الرئيس محمود عباس مرسومًا جديدًا يحدد عمل مجلس الأمن القومي. وقال إنه في ظل الظروف التي كانت سائدة في فترات سابقة، استخدم مجلس الأمن القومي في إطار الصراع على الصلاحيات ما بين رئيس السلطة ورئيس مجلس الوزراء. وخلص إلى استنتاج يقضي بضرورة وضع قانون يوضح فلسفة عمل هذا المجلس ومهامه وتركيبته وآليات عمله.

وعرض الشعيبي أحكام مشروع القانون الخاصة بمهام مجلس الأمن القومي المتمثلة بإقرار السياسات الأمنية للسلطة الوطنية الفلسطينية، وإقرار إستراتيجية لتنمية القوى الأمنية في فلسطين، وإقرار خطط تنفيذ السياسات الأمنية العامة، ومساعدة السلطة السياسية في حماية النظام السياسي الديمقراطي الفلسطيني القائم على التعددية السياسية، وسيادة القانون، واحترام حقوق الأفراد، وتنسيق العمل الأمني بين الأجهزة الأمنية، وقيادة العمليات في الأوقات الملحة، إضافة إلى إقرار الهيكليات الخاصة بالأجهزة والهيئات الأمنية، ودراسة الاتفاقيات الأمنية وتقديم التوصيات بشأنها للسلطة السياسية.

وأشار إلى تركيبة مجلس الأمن القومي التي يغلب عليها الطابع السياسي، وتتكون من رئيس السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة رئيسًا، ورئيس الوزراء نائبًا للرئيس، وعضوية كل من وزير الداخليّة، ووزير الخارجيّة، ووزير الماليّة، وزير العدل، ومدير المخابرات العامة، ومستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي مقرّرًا للمجلس، بالإضافة إلى إمكانية دعوة المجلس لأي مسؤول في السلطة الوطنية الفلسطينية، ذي علاقة بموضوع مدرج على جدول أعمال الجلسة، لحضور اجتماعات المجلس والمشاركة في مناقشاته.

كما تطرق إلى إنشاء سكرتاريا للمجلس برئاسة مستشار الأمن القومي، تتولى مهمة متابعة تنفيذ قرارات المجلس، وإعداد جدول أعمال جلسات المجلس، وتنسيق عقد اجتماعاته، وتحرير محاضر الجلسات، وأي مهام أخرى تكلف بها من قبل الرئيس و/أو المجلس.

وبرز خلال النقاش العديد من الملاحظات، إذ اتفق أغلب الحضور على ضرورة إرفاق مذكرة توضيحية لمشروع القانون تشرح الأسباب الموجبة لإصدار القانون، والتوسع فيها بحيث تشمل تعريف الأمن القومي في الحالة الفلسطينية وأهميته والفائدة المرجوة منه، مع عدم اقتصار هذا التعريف على البعد الأمني فقط. بينما طالب البعض برفع الأغلبية اللازمة لإصدار القرارات في المجلس من الأغلبية المطلقة المنصوص عليها في مشروع القانون إلى أغلبية الثلثين. وددعا البعض إلى استخدم مصطلحات الدولة بدلا من السلطة الوطنية الفلسطينية.

وثار نقاش حول من يمثل مجلس الأمن القومي أمام المجلس التشريعي، حيث نص مشروع القانون على أن "يتولّى رئيس الوزراء مهام رئيس المجلس عند غياب الرئيس، ويقوم بتمثيل المجلس لدى المجلس التشريعي"، في حين طالب البعض بأن يقوم رئيس المجلس "رئيس السلطة الفلسطينية" بذلك. واستقر رأي الأغلبية على إبقاء النص كما هو باعتبار أن الرئيس غير مساءل أمام المجلس التشريعي، وأن رئيس الحكومة يقوم بهذه المهمة بسبب قدرة المجلس الشتريعي على مساءلته دستوريا.

وطالب البعض بإضافة عضوية ممثل الكتلة البرلمانية المعارضة الأكبر ورئيس لجنة الداخلية والأمن في المجلس التشريعي إلى مجلس الأمن القومي، فيما عارض آخرون ذلك حفاظًا على مبدأ فصل السلطات ولما سيحدثه ذلك من تأثير على دور المجلس الرقابي. كما طالب البعض بإضافة عضوية "القائد العام" لمجلس الأمن القومي. وأشار آخرون إلى ضرورة وضع مواصفات محددة لمستشار الأمن القومي، كما طالب آخرون بأن يتم تنسيبه من قبل مجلس الوزراء.

وجرى خلال اللقاء نقاش حول تسمية المجلس "الأمن القومي" أم "الأمن الوطني". وقد فضلت الغالبية أن تكون التسمية "مجلس الأمن القومي". وتمت المطالبة باضافة مادة جديدة تتعلق بصلاحيات مجلس الامن القومي.
وأشاد الحاضرون بما تضمنه مشروع القانون من بنود، وبشكل خاص ما يتعلق بحماية الحريات وضمان التعددية.

التعليقات