زكارنة لعرب48: وضعت مع الحشاشين والمجرمين في غرفة واحدة

الحكومة نسيت أنني عضو مجلس ثوريّ وأمَثّل الحُرّيّات ولم تميز بين سجين حريات وبين سجين جنائي فوضعتني مع الحشاشين والمجرمين في غرفة واحدة

زكارنة لعرب48: وضعت مع الحشاشين والمجرمين في غرفة واحدة

"لن أنسى أنني اعتقلت، وأنّ هذه الحكومة وضعتني مع الحشاشين والمجرمين في غرفة واحدة، ونسيت أنني عضو مجلس ثوريّ، ورئيسٌ لنقابة تمثل أربعين ألف موظف، لدرجة أنني أصبت به بنوبة قلبية، استدعت نقلي للمستشفى، نتيجة هذا الاعتقال الذي لم يفرق بين سجين حرّيّات وسجين جنائيّ".

هذا ما قاله بسام زكارنة؛ رئيس نقابة الموظفين الفلسطينيّن، وعضو المجلس الثوريّ لحركة فتح، في حوار خاص بموقع "عرب 48"، تطرّق من خلاله لمسيرة النقابة، منذ نشأتها وحتى إعلان الحكومة الفلسطينية عن حلّها، وتشميع مقرّها بالشمع الأحمر في الحادي عشر من الشهر الماضي 11/11/ 2014، تحت مبرر عدم مقانونيتها.

يقول زكارنة:

في سنة 1998 بدأت السلطة الوطنية الفلسطينية بتطبيق قانون الخدمه المدنية، وكانت في حينه محاولة لإلغاء درجة المديرين من مدير(س الى ب)، وعلى أثرها، تم تشكيل لجنه بدأت تعمل لتثبيت الفئة الأولى في قانون الخدمة المدنية المديرين من(س الى ب).

واستكمالا للفكرة، وبما أن هناك شيئا يمس حقوق الموظفين كمتضرّرين، عقدنا اجتماعًا في مقر اتحاد العمال مع السيد حيدر إبراهيم، الذي كان هو الراعي لهذا الموضوع عام 1998، واستمرت اللقاءات الى عام 2001، حيث بلورنا النظام الداخلي، وفي يوم 9/12/2002 عقدنا المؤتمر الأول في مقر اتحاد العمال، وبدأنا العمل .

 وكان قد فاز من عندنا عضو هيئة إدارية من وزارة العمل عبد الكريم دراغمة، وكان علي حمدان مندوب وزارة العمل حاضرًا، وتم إيداع الملف في نفس اللحظة، بحضور وزير العمل الدكتور غسان الخطيب في حينه.

أول رسالة للحصول على الترخيص بعثنا بها  للدكتور غسان الخطيب، والذي بدوره أعطانا القانون الأساسي، وطلب شخصيا منا أن نعقد المؤتمر، وأن نقوم باستكمال كافة الخطوات المطلوبة، وأوضح لنا أنه الآن لا يوجد في فلسطين قانون نقابات، وقال: إن القانون الأساسي يتيح العمل لكل النقابات، مثلكم مثل المهندسين والمحامين وغيرهم، ممن يودعون ملفاتهم لدى وزارة العمل، وبعدها تُستكمل باقي الإجراءات وتتمّ.

ما هي بدايات العمل وأولى النشاطات؟

اجتمعنا مع أعضاء من المجلس التشريعي آنذاك، وأضفنا بعض المواد على القانون وتعديلاته، واجتمعنا مع حسن أبو لبدة، ومع السيد سمير حليلة، ولدينا توثيق لكافة هذه القضايا.

في العام 2006 قمنا بنشاط بدائي، كان في حقيقة الأمر نشاطًا  ضعيفًا، وتصاعد العمل النقابي بعد عام 2006، بعد انقطاع رواتب الموظفين، وبدأ اسم النقابة يظهر بشكل كبير من خلال فعالياتها، الأمر الذي دعا كثيرا من الناس إلى القول: إن النقابة أسّستها حركة فتح.

لكن الأوراق معي، وأنا سأزودك بها، والرسائل المودَعة في وزارة العمل، والمراسلات بيننا وبين المجلس التشريعي السابق، وحتى مع الحكومة السابقة وتوقيع الاتقاقيات، ومن ضمنها بعض المواد في القانون، بالإضافة الى الاتفاقيات التي وقعناها، وأيضًا الاتفاقية التي تمّ توقعيها مع الحكومة العاشرة (حكومة حماس).

التوقيع تم في مقرّ الرئيس أبو مازن، فانتدب السيد روحي فتوح للتوقيع نيابة عنه عام2007، والتي وقع عليها الدكتور ناصر الشاعر، عن رئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية، كما وقعها الوزير سمير أبو عيشة، وعن المجلس التشريعي قيس أبو ليلى.

كل تلك الإجراءات والأحداث كانت في 13/1/2007، مما يعني أن "حماس" كانت جزءًا من الموضوع.

هل أسست النقابة على خلفيات حزبية؟

أول من حاورنا بشأن النقابة كانت حكومة حماس، علمًا أنه ظهر في حينه من يقول: إن النقابة أسست لمواجهة حماس وضد حماس.

أعتقد أن هذه الاتهامات باطلة، والنقابة تشكلت من كل أطياف المجتمع الفلسطيني، والحكومات هي من تعمل على تكرار وتجسيد الخلل، لأن النقابة ليست ضد أحد، ولا هي متحزبة لصالح حزب ضد حزب، والنقابة تحترم القانون بعكس الحكومات المتعاقبة، والتي لا تحترم الديمقراطيات، وأقول كل الحكومات بلا استثناء، بما فيها الحكومة الحالية التي تواجه النقابات بتهم غير قانونية، وتتهم النقابة بأن لها أجندة سياسية لا تخدم الصالح العام.

أستغرب من هكذا ادعاء! هل النقابة التي تطالب بغلاء المعيشة للموظفين، لها علاقة بمطالب سياسية؟ ما هي العلاقة بين السياسة وقضية فصل الموظفين بدون قانون، أو أن تقوم الحكومة بنقل تعسُّفي  للموظفين أيضًا، دون الاستناد لأي قانون؟ هل المطلوب مني ومن النقابة السكوت، حتى نكون صالحين وجيدين في نظر الحكومات؟  

بصراحة، نقابة الموظفين العموميين هي أقوى من أي تنظيم سياسي، لأنها تتشكل من كل التنظيمات، وتشارك بها "حماس"، و"فتح"، و"الجهاد"، و"الجبهة الشعبية" وكل الأطياف.

السيد الرئيس دعم النقابات بأهدافها الوطنية، ونحن لسنا حزبين، غير أن هناك بعض الأحزاب، ولا أريد أن أخصّص، تحاول أن تستحوذ على القصة، وأن تستخدمها لأجندتها  السياسية.

أنا أقول وأؤكد لكم، أن مجلس النقابة المشكل من 63 عضو من كل الأطياف، ولم يستطع أي فصيل فلسطيني أن يسيطر على قراره، لأن قرار النقابة مستقل، ولا يتبع لأحد، سواء لحزب أو شخص، أو سواء كان أيضًا شخص عادي أو رئيس وزراء أو الرئيس.

في الاجتماع الأخير مع أبو مازن قبل أيام، حاول الأخ توفيق الطيراوي أحد الإخوة من أعضاء اللجنة المركزية، أن يقول: إن قرار الإضراب (يتبع عندي)، وكان رد الرئيس لهم: لا أقبل إلا أن تكون النقابات حرة، والاتحاد السوفييتي لم ينهار، إلّا عندما أصبح القرار للحزب.

قال السيد الرئيس في الاجتماع معنا: (نحن الحرية عندنا سقفها السماء، وأتمنى عليكم كنقابين منتخبين، أن تتمسكوا بحقوق أعضائكم).

لم نكن لوحدنا في الاجتماع، بل كنا نحن واتحاد المعلمين والقطاع الصحي، وقال السيد الرئيس أيضا: (الذي لا يمثل جماعته، فهو غير نقابي، والذي يتبع لي أيضًا ليس بنقابي). لذلك كان الرئيس الداعم الأساسي والأول لحرية العمل النقابي، ولم يتدخل إطلاقا إلّا مؤخرًا.

*عرب48 : نفهم أنكم فاعلون وناشطون على الصعيد المجتمعي؟

نقابة الموظفين من أهم النقابات التي شاركت بكل القضايا الوطنية، من دعم للأسرى، أو للقدس، أو ضد الاجتياحات الإسرائيلية لقطاع غزة والضفة الغربية، وكنا نقوم بفعاليات وهي الأضخم، أيضًا كنا في استقبال الرئيس في مقر المقاطعة، حين عودته من الأمم المتحدة والاعتراف بالدولة.

يعني في أكثر من مناسبة، كان السيد الرئيس يلقي كلمته، ونلقي كلمتنا إلى جانبه، وتبرعنا بصندوق الطالب الفلسطيني بلبنان، وقام السيد الرئيس أبو مازن بالرد علينا برسالة شكر، وتبرعنا لمخيم اليرموك، ونهر البارد، والبداوي، ولإخوتنا في قطاع غزة مؤخرًا. الموظفين كانوا دائمًا جزءًا من الحملات الشعبية التي تدعم كل الشرائح، ليس في فلسطين، وإنما في خارجها.

ما الذي حصل بعد ذلك؟ وكيف تم اعتقالكم؟

منذ سبعة أشهر طلبت لقاء السيد الرئيس أربع مرات، ولم أتمكن من الالتقاء به، وتمّ الحديث مع الرئيس من قبل الحكومة بعيدًا عن النقابة، والرئيس هو مرجع وحكم.

أنا سمعت من خلال الصحافة ومن خلال شخصيات، أني مطلوب للاعتقال، فأرسلت رسالة للسيد الرئيس، رسالة كاملة وشاملة وقانونية، توثق الأحداث مع الوثائق بخصوص وضع النقابة، وقانون النقابة، والإجراءات التي تمت، والتعامل والإشكال الحاصل، لأن الإشكال الأخير مع الحكومة لم يكن يحتاج لكل ما حصل.

كنا اتفقنا مع الحكومة على القضية المالية، واتفقنا على إعطائنا 12 مليون شيكل، ولكن الحكومة أعطتنا 38 مليون شيكل، أي ضاعفوا المبلغ المطلوب، إلا أن الخلاف استمر وكبر حول قضية  النقل التعسفي لأمين السر، والذي وافق عليه رئيس الوزراء على وقف تنفيذه، وعند التنفيذ في وزارة العمل لم ينفذ هذا القرار، هذه مشكلة داخلية في الحكومة.

وعند التوقيع اطلعت على البنود وقلت لهم: يجب عودة أمين السر، وتوقفت الأمور عند هذا البند، وهذا الموضوع هو الذي تسبب في المشكلة. ليس هذا فقط، هناك داخل الحكومة تيار يتزعمه وزير المالية د. شكري، الذي قال لي قبل اعتقالي: ستعتقل وسأفصل الذين عندي. وهذا الكلام موثق، وقال لي: رح أفصلك أيضا.

هذا الحديث تم ونفذ وزير المالية قراره، وتم اعتقالنا، وأضيف لهذه القضية حل النقابة، والآن الأعضاء التسعة في النقابة في وزارة المالية، تمّ نقلهم تعسفًا الى مدن مختلفة، فالذي من رام الله تم نقله الى الخليل، وللصراحة فإن بعضهم من النساء، وأريد أن أقول لك: إنهن يبكين لأن ظروفهن اختلفت بسب هذا النقل التعسّفي، وانعكس على حياتهن الأسرية.

كل هذا يحصل دون أن نجد صوتا يسمعنا، فهل يعقل أن تحرم موظفًا من أن يكون عنده جسمه النقابي؟

شيء آخر لا بد من قوله في هذا اللقاء، هو أن الحكومة الحالية حكومة لا تحترم القضاء، ولا تحترم قرارات محكمة العدل العليا، رغم أن الحكومة رفعت علينا قضية في محكمة العدل العليا، وقمنا نحن بدورنا برفع قضية مماثلة ضد الحكومة أمام محكمة العدل العليا، التي حكمت لنا وحكمت علينا، وجاء قرار العدل العليا لصالحنا، حيث أقرت المحكمة بأننا جسم قانوني، غير ان الحكومة تجاوزت قرارات العدل العليا، والقانون الأساسي، والاتفاقيات العربية والدولية، وقامت باعتقالنا بدون لائحة اتهام، وأفرجت عنا بدون أية مسوغات.  

عرب48: كيف تم اعتقالكم، وما هي إجراءات الاعتقال بحقكم؟

زكارنة: بصراحة، علمت من وسائل الإعلام  أن السيد معين نائب رئيس النقابة معتقل، وجاري البحث عني ومطلوب للاعتقال، فاتصلت باللواء حازم عطا الله رئيس الشرطة الفلسطينية، واستوضحت منهم حقيقة ملاحقتي وأمر اعتقالي،  فقالوا: لا، مؤكدين بأنني سأكون بضيافة الرئيس أبو مازن، ولم يقولا بأنني معتقل، وطلب مني اللواء حازم أن أتوجه إلى المكان الذي أختارُه، فذهبت لمكتب الرئيس ومكثت يومين، على أساس أني ذاهب للاجتماع بالسيد الرئيس أبو مازن الذي اعتبره رئيسي وقائدي، كعضو في المجلس الثوري، ويستطيع أن يعاقبني بالطريقة المناسبة من الناحية التنظيمية، ولكن من الناحية النقابية أنا لا أقبل أن أُعتقل بدون تهمة، ولا أقبل بأيّ شيء إلا بالقانون الذي أحترمه، وأُطالب بتطبيقه على الجميع سواسية.

الاعتقال لم يطلني لوحدي، إنما طال نائبي، إضافة الى 25 شخصا آخرين اعتقلوا لفترات متفاوتة، إضافة إلى أسامة النجار رئيس اتحاد نقابات المهن الصحية، الذي اعتقل في زنزانة لمدة 36 ساعة بدون كرسي، وإبراهيم خريشة يُحرم من وظيفته، بسبب دعمه ودفاعه عن الحريات، ونحن كنقابات نعلن تضامننا مع عودته لعمله، لأن هذا القرار تعسفي ونابع من دعمه للحريات.

عرب48: عايشتم حكومة حماس وحكومة فياض، والآن حكومة الحمد الله. ما الفرق بين هذه الحكومات في طريقة التعامل معكم كنقابة؟

زكارنة: لقد واجهنا صعوبات عديدة مع كافة الحكومات المتعاقبة، لأننا كنا نختلف مع جميع الحكومات حول نهجها في السياسات الاقتصادية، وخاصة بموضوع حقوق الموظفين، فحكومة حماس خونتنا، وكان التعامل معها صعبًا جدًّا، كونها اتبعت سياسة التخوين معنا، وحكومة فياض كان لديها سياسة اقتصادية مالية نختلف معها كثيرا، ولكن رغم الاختلاف كان هناك ممارسة للحرية بشكل كامل، مع ضغوطات بسيطة، وفي ظل الحكومة الحالية التي نختلف معها أكثر في السياسة، هذه الحكومة تقوم بتنفيذ سياسة الدكتور سلام فياض، التي  كانت تضع السياسات، ونعارضها نحن وتتوقف عندها، لكن هذه الحكومة طبقت أشياء خطيرة، ومارست القمع للحريات بشكل واضح، ابتداءً من اعتقال اتحاد المعلمين، واعتقالنا وحل النقابة، وأيضا توجيه التهم بلا أي مبرر.

عرب48: باعتقادكم، هل تمّ استهداف عزام في مقابلته على التلفزيون الفلسطينية، على أثر موقفه من نقابة الموظفين، وهي المقابلة التي خلفت جدلًا في الشارع الفلسطيني، بعد دخول رئيس الحكومة على خط المقابلة؟

زكارنة: حتى نكون واضحين، مؤسسة المجلس التشريعي لا تعمل، فالحكومات بالنسبة لحركة فتح ليس لها مرجع، حتى للفتحاويّين. وحتى نكون واضحين لا يوجد رابط بين الحكومة وحركة فتح، وأنا عضو مجلس ثوري ومسؤول عن كلامي، بأن الأشخاص التكنوقراط الذين يأتون بهم، يكون لهم أجندة للسيطرة، وخلق أجسام بديلة، سواء بتوجهات جزبية أو غير ذلك، وهذا نلمسه بأنهم أشخاص مسيّسون وليسوا عاديين، وجزء منهم استهدف حركة فتح. هذا من ناحية سياسية. نحن كنقابة لا علاقه لنا بهذا الموضوع، سواء استهدفوا فتح أم لم يستهدفوها، فنحن يقع على عاتقنا حماية حقوق الموظفين.

أما حركة فتح، فأعتقد أنها كفيلة بلجنتها المركزية ومجلسها الثوري، وبكافة أطرها، أن تدافع عن نفسها. أقول بصراحة، هناك من يستهدف النقابات، وهذا الاستهداف ليس موجّهًا لحركة فتح وإنما للمجلس التشريعي، وللنقابات التي تقف عائقا أمام أهدافهم الرامية لتنفيذ أجندة وسياسات معينة. أنا أرى أنّ المَسّ بعلاوات قطاع غزة سياسة، سيكون لها انعكاساتها على الصعيد المالي، وهي أيضا سياسة تحمل في جوهرها جوانب سياسية، وقضية رفع سنّ التقاعد الذي تحاول الحكومة تطبيقه، ستتأثر به شريحة معينة من الموظفين، وكذلك سيحيل نحو (28000) للتقاعد.

أعتقد أن مشروعا كهذا ما هو إلا مشروع سياسي، وهذا الموضوع عارضناه في السابق مع حكومة فياض، والآن حكومة الحمد الله تباشر في تطبيقه.

عرب48: ولكن هناك من يقول بسام زكارنه مقرب من عزام الأحمد ومدعوم منه؟

زكارنة: بصفتي عضو منتخب في المجلس الثوري لحركة فتح، ينبغي أن أكون قريبًا ومُقرّبًا من جميع أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، وهذا لا يمنع من أن تكون هناك خصوصية، وكون عزام الأحمد رئيسًا لكتله فتح البرلمانية، ومرجعًا للمجلس التشريعي، توجّهنا له بقضيتنا ليتعامل معها من منظور المجلس التشريعي، وأعتقد لو كان شخص غير عزام من يشغل هذا المنصب، لتوجهنا له بنفس القدر.

أما الشيء غير المعلوم للجميع، بأن السيد عزام كان أشد المعارضين للإضرابات التي دعت إليها النقابة، وبعد اعتقالنا توجهنا للمجلس التشريعي، وتفاجأنا أن كثيرين قالوا: لماذا الأحمد؟ وأنا أقول: لأنه فقط رئيس كتلة فتح البرلمانية بالمجلس التشريعي، ولأنه عنوان حامي الحريات، ونحن نفتخر بالاتصال به وبدوره، ونأمل أن يستمر. ولن يفوتني في هذا المقام، إلا أن أتوجه بالشكر لكل من جبريل الرجوب الذي توجهنا له، ولـ د. جمال محيسن، ولتوفيق الطيراوي، ولـ د. صبري صيدم وأمين مقبول.

عرب48: بعد اعتقالكم وحلّ النقابة، إلى ماذا توصلتم؟ وما الهدف من وراء هذه الضجة التي أثيرت حول النقابة؟

زكارنة: نحن في النقابة عانينا مع كل الحكومات، فحكومة حماس اتهمتنا بأننا جواسيس أمريكان، واتهمتنا بأننا نمثل حركة فتح، والحكومة الحالية تتهمنا بأننا نؤثر على الوضع الداخلي سياسيًّا، وأننا غير قانونين. هذه الاتهامات والأجندات لا لها هدف، سوى التشويش على الشارع الفلسطيني، وهي محاولة من الحكومات لضرب الالتفاف الشعبي الكبير، الذي تحظى به النقابة.

عرب48: ماذا بشأن قضيتكم أمام القضاء؟ وأين وصلتم بصدد هذا الصعيد؟

زكارنة: في النقابة العمومية جهزنا القضية، وقمنا بتسليمها لمحامي النقابة، والمعنيون سيعلنون عن ذلك، وقد حدث بعض التأخير بسبب الهجوم على النقابة، واتهامها بأنها غير قانونية، وفي هذا الصدد أؤكد أن النقابة هي رقم واحد في قانونيتها، ونتمنى على الحكومة أن تعمل على احترام القانون، لأنه وبصراحة: الفلتان القانوني في عهد هذه الحكومة، تفوّق على الفلتان الأمني السابق.

عرب 48: إذن؛ أنتم تتهمون الحكومة الفلسطينية بتجاوز القانون، وبمسؤوليتها عن ترهل القضاء؟

 نعم، وأخشى أن ينعكس هذا الفلتان القانوني على الشارع وعلى الفلتان الأمني، في ظل غياب القانون، فعندما تجد حكومة ورئيس وزراء لا يحترمون القانون، ويقولون إن هذه النقابة غير قانونية، يجب أن نتوقع منه أن يخرج يومًا ما، ويدّعي أن المجلس التشريعي أيضًا غير قانوني، وأن اللجنة التنفيذية غير قانونية، حينها لن نستغرب الأمر، لأنه سيكون هذا عاديًّا جدًّا على وزير داخلية، لا يتوانى في إعطاء التعليمات للأجهزة في الاعتقال وإغلاق المؤسسات.

عرب48: كيف؟

زكارنة: الحكومة الحالية تسيطر على الأجهزة الأمنية، ورئيس الوزراء هو نفسه وزير الداخلية، مثلما كان في السابق د. سلام فياض هو رئيس للوزراء ووزير المالية، وهذا يدل على خلل وقمة تجاوز، والمطلوب تشكيل حكومة ليست توافقا على حساب الشؤون المهنية، والمفروض تفعيل دور المجلس التشريعي، وديوان الرقابة، وتفعيل القوانين نفسها، حيث يتم الضغط على الجميع دون استثناء، فهذه الحكومة مختلفة مع التشريعي، ومع الكتل البرلمانية، ومع الفصائل ومع النقابات، رغم أنها لم تأخذ ثقة المجلس التشريعي، بالتالي مطلوب من الحكومة الحالية تعديل سياساتها، والتعامل مع الأجسام النقابية الموجودة، ولا يجوز تقديم مصلحة 22 وزير على المصلحة العامة، وأحيانا وزير واحد على حساب 40 ألف موظف.

عرب48: وهل اتخذتم قرار التوجه للمحكمة، أم أن القضية ما زالت رهن مكتب الرئيس؟

زكارنة: قرار التوجه الى المحكمة أخذناه، ولكن بسبب الإجراءات سيسلم للقضاء هذا الأسبوع. نحن نثق بالقضاء الفلسطيني وسنلتزم بأحكامه، ونقول: إن قرار الحكومة الحالي غير قانوني بتاريخ 11/11/2014، الذي يعتبر النقابة جسمًا غيرَ قانوني. نحن أوقفنا نشاطنا، وهم قاموا بتشميع مقر النقابة بالشمع الأحمر، بدون أية مرجعية قانونية وأي  قرار محكمة، علمًا بأنّ أي قرار بتشميع أي مقر، أو حجز على أموال، يجب أن يكون بقرار محكمة، "لاحظ كم انتهاك وتعدي على الحريات" .

عرب48: وفي النهاية؟

 في النهاية، سأعود على رأس النقابة في حال حكم القضاء لنا وبشرعية النقابة، لكني لن أنسى أنني اعتقلت، وأن هذه الحكومة وضعتني مع الحشاشين والمجرمين في غرفة واحدة، ونسيت أنني عضو مجلس ثوري، ورئيسٌ لنقابة تمثل أربعين ألف موظف، فأصبت بجلطة استدعت نقلي للمستشفى، نتيجة هذا الاعتقال الذي لم يفرق بين سجين حريات وسجين جنائي. 

وهنا أتوجّه بالتحيّة لكافة الكتل البرلمانية، ولكلّ مؤسّسات المجتمع المدنيّ التي تعرضت في وقت سابق لانتقادات لاذعة، ولكن ثبت أن هذه المؤسسات تساهم بشكل فاعل لمنح الفلسطينين إمكانية توفير حياة ديمقراطية.

وأحيّي كلّ الشخصيات الدولية والوطنية، كمنظمة العمل الدولية التي أرسلت مندوبها للمجلس التشريعي، وأيضا تحية للمسؤولين في دولة السويد الذين اتصلوا بي وتابعوا القضية، وسيتابعونها مع الرئاسة أيضًا، وتحية لكل الاتحادات التي بعثت برسائل لوزارة العمل، تسأل عن مدى التزام الدولة الفلسطينة بالاتفاقيات الدولية.

فما بالك بنقابة عقدت المؤتمر الثاني للنقابة، والذي عقد لمدة ثلاثة أيام في فندق (الموفمبك)، برعاية الرئيس أبو مازن، وبحضور كل المندوبين، وبحضور كل المؤسسسات، ومن بينهم وزارة العمل التي ختمت على نظامها الداخلي صفحة صفحة، ومنحتنا حسابًا في البنك، وأرسلت لنا رسالة، أنه تمت كل إجراءاتكم وفق القانون والنظام.

التعليقات