أوسلو قسّمت ونسّقت: وعائلة فهيدات تعاني

تقترب عقارب الساعة من الثانية عشر ظهرا، في يوم صيفي حار، وما تزال الفلسطينية فايزة فهيدات (65 عاما)، تواصل العمل تحت أشعة الشمس في مزرعتها الواقعة على الطرف الشرقي لبلدة عناتا، شرقي القدس المحتلة.

أوسلو قسّمت ونسّقت: وعائلة فهيدات تعاني

تقترب عقارب الساعة من الثانية عشر ظهرا، في يوم صيفي حار، وما تزال الفلسطينية فايزة فهيدات (65 عاما)، تواصل العمل تحت أشعة الشمس في مزرعتها الواقعة على الطرف الشرقي لبلدة عناتا، شرقي القدس المحتلة.

وإلى الشرق من مزرعة فهيدات، تبدو الحركة نشطة لآليات عسكرية إسرائيلية، وقوات مدججة، في واحد من أكبر معسكرات جيش الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية، بينما توقفت الحياة تماما غربي المزرعة، حيث جدار الفصل العنصري المقام على أراضي الفلسطينيين.

وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلية قد شرعت في بناء جدار فاصل بين لعزل الضفة الغربية عام 2002، تحت ذرائع أمنية، ووفق تقديرات فلسطينية، فإن مساحة الأراضي الفلسطينية المعزولة والمحاصرة بين الجدار وحدود العام 1948، بلغت حوالي 680 كيلومترا مربعا عام 2012، أي نحو 12% من مساحة الضفة.

وتقول فهيدات، بينما تواصل تنظيف مزرعتها من الحشائش، إننا 'نعيش هنا منذ ما قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967، تملك عائلتي نحو 280 دونما، لم يتبق منهى سوى 18 دونما، بسبب الاستيطان الإسرائيلي'.

وتضيف 'إسرائيل استولت على جل أرضي، وحوّلتها عام 1967 إلى معسكر خاص بجيشها، وفصلت بيتي وما تبقى من الأراضي عن البلدة عناتا، بجدار فاصل (...) قبل بضع سنوات، حولت حياتنا لجحيم ورعب، حولته لسجن كبير'.

وهددت سلطات الاحتلال العائلة في العام 2013 بهدم مساكنها وترحيلها مرات عديدة، بزعم البناء في مناطق (ج)، حسب اتفاق أوسلو المشؤم، الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993.

وقسمت اتفاقية أوسلو، عام 1993، الضفة الغربية إلى 3 مناطق (أ) و(ب) و(ج)، وتمثل المناطق 'أ' نحو 18% من مساحة الضفة الغربية، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيًا وإداريًا، أما المناطق 'ب' فتمثل 21% من مساحة الضفة، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.

والمناطق 'ج' التي تشكل 61% من مساحة الضفة، تخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها. وأثناء كل ذلك فهناك تنسيق أمني بين السلطة والاحتلال يتضمن المناطق (أ) و(ب) و(ج).

ووفق أرقام صادرة عن البنك الدولي العام الماضي، فإن خسائر الفلسطينيين السنوية من عدم سيطرتهم على المناطق المسماة 'ج'، تبلغ 3.4 مليار دولار أميركي سنويا.

وكانت عائلة فهيدات استثمرت في العام 2010 كل ما تملكه وبمساعدة من جهات رسمية، في استصلاح ما تبقى من أرض لتحويلها لمزرعة، كمصدر رزق وحيد، غرست فيها أشجار الزيتون والرمان والتين واللوز والحمضيات، وعشرات الأنواع الأخرى من الفاكهة والخضروات.

وفي هذا السياق، تضيف فايزة فهيدات، إننا 'نأكل مما نزرع، نصدر منتجاتنا لمدينتي رام الله والخليل، يكفي أننا هنا باقون في وجه محاولات الاحتلال تهجيرنا والاستيلاء على ما تبقى من أرض'.

والوصول لمنزل ومزرعة عائلة فهيدات، يمر عبر نفق من أسفل جدار الفصل العنصري.

وتشير فايزة إلى معسكر للجيش الإسرائيلي يحيط بمزرعتها قائلة، 'انظر حُوّلت أرضنا إلى معسكر من أكبر المعسكرات الإسرائيلية في الضفة الغربية، يحتوي على آليات ثقيلة'.

محاولات إسرائيلية عديدة، لـ'تعويض' عائلة فهيدات عما خسرته من أرض، كلها باءت بالفشل والرفض، بحسب السيدة التي تقول 'مرات عديدة طُلب منا استلام تعويضات عن أرضنا، لم نقبل، التعويض يعني بيع الأرض، ولن نقبل بذلك'.

وتخشى السيدة على مستقبل أحفادها قائلة 'أسكن هنا مع عائلتي، تزوج أبنائي وأنجبوا أطفالا، لا يسمح لهم بتشييد مساكن جديدة، سلطات الاحتلال الإسرائيلية تمنعنا من البناء بحجة أنها مناطق مصنفة (ج)، أين يمكن لهؤلاء الأطفال السكن'.

وتستطرد بقولها 'أعلمهم حب الأرض والزراعة، ولكن هناك مستقبل ينتظرهم، سيكبرون ويسعون لتأسيس بيت خاص بهم، لا يسمح لهم بذلك هنا'.

تعود السيدة مرة أخرى للحديث عن مزرعتها قائلة 'في العام 2013، أطلق الجيش قطيع من الخنازير البرية، دمرت الحقل (...) بهدف ترحيلنا، مع ذلك صبرنا وبقينا هنا'.

وبينما تنشغل السيدة فايزة مع أحفادها في المزرعة، يعتني زوجها ساري فهيدات (68 عاما) بتربية الأغنام.

ويقول ساري 'كنت أملك نحو 200 رأس غنم قبل مصادرة الأرض، اليوم لا أملك سوى سبعة منها، لا يوجد مكان لتربيتها، الأغنام بحاجة إلى أراضي واسعة للرعي'.

ويضيف 'تم تحويل مسكني لسجن كبير، لا يسمح لنا بالبناء (..) نحن مقيدو الحركة عبر بوابة وحيدة، نسكن بجوار آليات عسكرية وضجيج العسكر'.

ينظر ساري للمعسكر المقام على أرضه قائلا، 'في كل يوم استيقظ من نومي وأشاهد أرضي التي ورثتها عن أبي مصادرة ومقام عليها معسكر، أصاب بضيق'.

وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلية قد عرضت على فهيدات بيع الأرض، أو الحصول على تعويض لكنه رفض، بحسب قوله.

اقرأ/ي أيضًا | 'الحمير'... أداة الاحتلال في معركة السيطرة على أراضي الغور

ويسكن في الموقع خمس عائلات كلهم ينحدرون من عائلة فهيدات.

التعليقات