كيف يقرأ الفلسطينيون قرار تجريم الاستيطان؟

د. خليل التفكجي: إسرائيل تتظاهر بالاستياء وتعزز الاستيطان على الأرض * عمر عساف: أخشى أن تفرط السلطة الفلسطينية بأي نتائج إيجابية للقرار

كيف يقرأ الفلسطينيون قرار تجريم الاستيطان؟

في أعقاب صدور قرار مجلس الأمن الدولي 2334  في تجريم الاستيطان الإسرائيلي، أصيب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بحالة هستيريا دبلوماسية غير مسبوقة بعد تصويت مجلس الأمن لصالح قرار إدانة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، واتخذ عدة خطوات تصعيدية من المرجح أن تضر بإسرائيل في الساحة الدولية.

وبينما اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن القرار من شأنه أن يدفع نحو تجديد المفاوضات، رأى نشطاء فلسطينيين أن القيادة الفلسطينية الحالية ليس بمقدورها وغير مؤهلة لاستثمار هذا القرار لصالح القضية الفلسطينية.

التفكجي: إسرائيل تتظاهر بالاستياء وتعزز الاستيطان على الارض

اعتبر خبير الخرائط والاستيطان د. خليل التفكجي في حديثه لعرب 48 أنها قرارات وإدانات كسابقاتها دون أي رصيد من الفعل.

                                                                                                                                        د. خليل التفكجي

وقال: اتخذت في السابق سلسلة قرارات دولية منذ العام 1967، وآخرها قرار 465 في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت هناك إدانات لقضية الاستيطان، وكان رد الفعل الاسرائيلي وضع مخطط استيطاني لكل مناطق الضفة الغربية بحيث أصبح هذا الاستيطان من وجهة نظر إسرائيلية هو أمر شرعي.

وأضاف التفكجي: 'أعتقد أن قرار مجلس الأمن إدانة مجردة من أي فعل على أرض الواقع، وهو قرار ضمن سلسلة قرارات اتخذت منذ العام 1967 التي لا تقدم ولا تؤخر.

وعن ردود الفعل الإسرائيلية على القرار، قال إنها ردود مسرحية في حين تواصل وتوغل بالاستيطان، أي أنها تتظاهر بالاستياء والغضب وتسعى للابتزاز.

ولفت التفكجي إلى أنه منذ بداية هذا العام لغاية اليوم تم إيداع مخطط لـ4350 وحدة سكنية في محيط القدس، صودق على 2600 منها، ما يعني أن الاستيطان يستمر ويتغول.

وختم حديثه بالقول 'ربما يكون في هذا القرار إشارة إيجابية، كرسالة للجانب الإسرائيلي، لكن علينا ألا نبالغ بالتعويل على هذه القرارات، حيث أنه قد يكون للقرار تأثير على المستوى الشعبي في العالم، ولكن على مستوى الحكومات لا أعتقد أنه سيجد أي مفعول.

عساف: أخشى أن تفرط السلطة بأي نتائج إيجابية للقرار

استعرض عمر عساف، من هيئة مقاومة جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، في حديثه مع عرب 48 عساف الجدوى المشروطة لهذا القرار، وقال: هو قرار يأتي بعد عدة عقود من غياب لمثل هذه القرارات التي قد تشكل خطوة إيجابية في سياق الصراع مع الاحتلال التي من شأنها أن تفتح الباب أمام النضال الفلسطيني، خصوصا أن إسرائيل تراهن على أنها دوما فوق القانون الدولي.

وأضاف عساف: 'إذا راجعنا التصرفات والتصريحات الإسرائيلية العنجهية بعد إصدار القرار فهي تشير بشكل جلي إلى إمعان وإيغال إسرائيل في تحدي المجتمع الدولي التي عبر عنها نتنياهو من خلال توجيهاته وتعليماته لمقاطعة الدول التي صوتت لصالح القرار ومقاطعة لقاءات  كانت مقررة له مع بعض الرؤساء والوزراء ودعوته للسفراء لتوبيخهم. ومن جهة أخرى فإن القرار جاء صفعة للنظام العربي الرسمي لأن مصر عندما تراجعت عن طرح القرار على مجلس الأمن فهي لم تكن تتحدث باسم مصر بل كانت تتحدث باسم النظام العربي الرسمي لأن مصر هي الدولة العربية الوحيدة في مجلس الأمن. ومن جهة ثالثة، بتقديري، فإن إدارة الرئيس أوباما تحاول من وراء هذه الخطوة أن تسترد 'بعضا من الكرامة' بعد كل الإهانات التي وجهتها لها الحكومة اليمينية الإسرائيلية'.

وتابع 'أعتقد أن إدارة أوباما أيضا بعد أن ثبت عجزها خلال ثماني سنوات عن الاالتزام والوفاء بخطاب أوباما في جامعة القاهرة، قبل ثماني سنوات عندما تولى الحكم، ومع مغادرته، فهو يحاول أن يطرح شيئا،'.

وقال عساف إنه بالرغم من تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بأنه سيعالج ما ترتب على هذا القرار إلا أن القرار يظل خطوة إيجابية بالاتجاه الصحيح شأنه شأن الاتفاق النووي الإيراني، بحيث أن أميركا لا تستطيع التنصل من اتفاق عالمي، وخصوصا إذا وجد موقف فلسطيني جاد بالتعامل مع القرار وعدم التفريط.

وأشار عساف إلى تصريح الرئيس محمود عباس الذي جاء فيه أن من شأن هذا القرار أن يفتح الباب أمام مفاوضات جدية. وقال 'ما أخشاه في القيادة الفلسطينية هو أن الرئيس محمود عباس وفريقه ليسوا قادرين على استثمار هذا القرار وتوظيفه في الاتجاه الصحيح'.

وشدد على ان استثمار القرار بالشكل الصحيح يعني 'باتجاه استعادة الوحدة الوطنية قبل كل شيء، وأن تطلق كل عناصر القوة لدى الشعب الفلسطيني بالتصدي ومجابهة الاحتلال، لأن هذا الاحتلال لا يفهم إلا لغة واحدة، وهي لغة التصدي والمجابهة. لكن اعتقد أن القيادة الفلسطينية الراهنة هي أعجز من أن تستثمر هذا القرار بالاتجاه الصحيح، خصوصا أن صائب عريقات يرى أن الحياة مفاوضات'.

وخلص إلى القول 'نحن تسلحنا بقرار دولي، وقبل ذلك تسلحنا بفتوى جنيف، وفرطت بها السلطة الفلسطينية، وأنا أخشى الآن أن تفرط أيضا بأي نتائج إيجابية لهذا القرار، وإن لم نحسن الاستثمار سيكون مصير القرار مثل العشرات من القرارات السابقة، على الرف'.

التعليقات