فلسطينيون: إسرائيل دولة أبرتهايد بامتياز ويجب دعم حملة BDS

عقد مركز أطلس ندوة بعنوان "إسرائيل والأبرتهايد"، شارك فيها عشرات الكتاب والسياسيين والمثقفين في قاعة اللاتيرنا بمدينة غزة، وأدارها مدير المركز عبد الرحمن شهاب، الذي أوضح أن هذه الندوة تهدف إلى فهم أعمق للنظام الإسرائيلي.

 فلسطينيون: إسرائيل دولة أبرتهايد بامتياز ويجب دعم حملة BDS

 عقد مركز أطلس ندوة بعنوان "إسرائيل والأبرتهايد"، شارك فيها عشرات الكتاب والسياسيين والمثقفين في قاعة اللاتيرنا بمدينة غزة، وأدارها مدير المركز عبد الرحمن شهاب، الذي أوضح أن هذه الندوة تهدف إلى فهم أعمق للنظام الإسرائيلي وكيفية الاستفادة من تجارب الشعوب في مواجهة الاحتلال، والتجربة الجنوب افريقية نموذجًا.

وأشاد شهاب بالموقف البطولي والشجاع لرئيسة الهيئة الأممية د. ريما خلف لتقديمها استقالتها احتجاجًا على المعايير المزدوجة من وكالة أممية خاضعة للابتزاز الإسرائيلي.

الدكتور حيدر عيد ، المتحدث الرئيسي في الندوة، عضو الحملة الفلسطينية للمقاطعة، أكد في كلمته على أن إسرائيل دولة أبرتهايد حسب التعريفات الدولية والأمم المتحدة، وأن مواجهة إسرائيل يرتكز على مقاطعتها فلسطينيًا وعربيًا، وصولًا إلى مقاطعة دولية وعالمية لها، وفرض عقوبات مثلما حصل مع نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا، للضغط عليها لإحقاق الحقوق الفلسطينية المتمثلة بحق العودة، والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 67 ، وإنهاء نظام التفرقة العنصرية الذي تطبقه إسرائيل ضد 1.4 مليون فلسطيني يسكنون داخل فلسطين التاريخية.

وأوضح أن هناك أوجه تشابه وأوجه اختلاف بين الحالة الفلسطينية والجنوب أفريقية، وأن هناك نداء صدر عام 2005 عن حملة المقاطعة إلى المجتمع الدولي لضرورة مقاطعة إسرائيل كي تستجيب للشرعية الدولية، وتناول بعض القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة التي تجرم الأبرتهايد وكافة أشكال التفرقة العنصرية وتطالب بمقاطعة الدول التي تمارسه ومقاطعتها، كما تناول جهود حركة المقاطعة وإنجازاتها.

الأبرتهايد جزء من الاحتلال وليس العكس

من ناحيته، أكد إسماعيل مهرة، الباحث في مركز أطلس والمختص في الشأن الإسرائيلي، على أن القضية الفلسطينية هي قضية شعب يناضل من أجل تحرره الوطني ونيل حقه في تقرير مصيره، وأنه لا توجد جريمة أكبر من جريمة الاحتلال الاستيطاني الإحلالي الذي قام على المجازر والإرهاب والتطهير العرقي والتهجير، وأن ما ترتكبه إسرائيل من جرائم فصل عنصري هو جزء من جريمتها الكبرى والفصل العنصري هو أداة من أدوات انجاح مشروعها في القضاء على المشروع الوطني الفلسطيني.

وأعرب مهرة عن خشيته من أن يستهوينا شعار النضال ضد الأبرتهايد وتحشيد الرأي العام الدولي ضده على حساب مشروعنا التحرري، لما يحمله هذا الشعار من جاذبية، وربما سهولة تحشيد وعدم تكلفة أدواته وآلياته واعتماده على المقاومة السلمية.

وعبر عن مخاوفه من أن الرواج لمواجهة إسرائيل كدولة أبرتهايد يأتي في سياق ترجمة مخرجات الشعور بفشل مشروع دولة على حدود الـ 67، مثل الحديث عن مشروع الدولة الواحدة او دولتين ووطن واحد أو مشروع الفيدرالية بين النهر والبحر؛ ممّا يعمق حالة التشتت والشعور بفقدان البوصلة.

وأشار إلى أن الفلسطينيين نجحوا سابقًا في إصدار قرار من الأمم المتحدة يصف الحركة الصهيونية بالعنصرية، ثم تم إلغاؤه سنة 1991 بمجرد موافقة إسرائيل على المشاركة في مؤتمر مدريد.

يمكن الاعتماد على المجتمع الغربي

أما الدكتور أحمد يوسف، القيادي في حركة حماس، فأكد أنه من المهم الاستفادة من التجربة الجنوب أفريقية، وأننا طالبنا السفراء الجنوب أفريقيين بتقديم التجربة لنا.

وأشار إلى الحراك الشعبي الأميركي المناهض لنظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا دفع الحكومة الأميركية التي كانت تأخذ موقفًا مضادًا إلى موقف شعبها، وأعلنت مقاطعة نظام الأبرتهايد مؤخرًا وقطع العلاقات معه، وهو ما أدى إلى سقوطه.

وقال يوسف "خط المقاطعة الإسرائيلية مهم جدًا ويجب ألا نتجاهله، وفي نفس الوقت إسرائيل دول قوية ويمكن نصل للحالة التي وصل لها مانديلا بعدم القدرة على مواجهة إسرائيل عسكريًا، واللجوء لوسائل أخرى لمواجهة إسرائيل".

ولفت إلى أن هناك تحولًا في الرأي الأميركي لأكثر من 50% باتجاه دعم القضية الفلسطينية، والاحساس بالتعاطف مع الفلسطينيين. وأكد على ضرورة تفاعل المؤسسات الفلسطينية بشكل جيد مع هذا توجه المقاطعة، لأن إسرائيل متضايقة جدًا منه لأنها تشكل خطرًا عليها.

الـ BDS تتفادي التناقض

من جهته، رأي عبد السلام الحايك ان حركة BDS بكونها حركة تطرح مسألة الحقوق لا الحلول المتعلقة بالقضية الفلسطينية، فهي تحاول الخروج من مأزق التناقض والصراع القائم داخل الحركة الوطنية الفلسطينية حول صيغة الحل المطروح للقضية هل هو دولتان أو دولة من البحر إلى النهر.

وأردف الحايك بالقول "بخروجها من هذا التناقض فإن BDS إنما تعمل على هوامش الحركة الوطنية الفلسطينية وليس في داخلها، وهذا ما يجعل دورها غامضًا وبعيدًا عن الجدل الدائر في الساحة الفلسطينية بين الأطراف المختلفة".

لن تنجح التجربة في فلسطين

من جهته، أكد المحلل في الشأن الإسرائيلي عامر عامر على أن مسار السياسيات الإسرائيلية ضد نشوء الكيانية الوطنية الفلسطينية يتشابه جزء منها بما قام به النظام العنصري في أفريقيا، مع الأخذ بالاعتبار التفرقة بين شيئين، وهما أن النظام الأفريقي كان فيه دولة واحدة وعرق أسود، أما حالتنا الفلسطينية فتقع تحت احتلال استعماري يريد أن يصفي القضية الفلسطينية، وأن الأبرتهايد في إسرائيل لا يمارس بنفس الطريقة التي مورست في جنوب أفريقيا.

ورأى أن تأثير حملة المقاطعة الفلسطينية وتوصيفها لإسرائيل بدولة الأبرتهايد لن تؤتي أكلها، كما حدث في نظام الأبرتهايد في افريقيا.

وقال: "يجب ألا نهول في موضوع المقاطعة كثيرًا وحصد نتائج من الموضوع، لأن واقعنا لا توجد فيه دولة تقاطع إسرائيل، والاتحاد الأوروبي الذي اتخذ قرارًا بمقاطعة منتجات المستوطنات لا يطبقه نظرًا لأن إسرائيل تصل إلى حلول معه كلما اقترب من التنفيذ".

فكرة الأبرتهايد تعميق لفهم إسرائيل

من جهته، نوه عبد السلام أحمد إلى أن "وصفنا لإسرائيل بالأبرتهايد ليس بديلًا، ولا يقلل من واقع إسرائيل كدولة استعمار إحلالي واحتلال عسكري، وأن هذه الندوة تأتي لاستكمال فهمنا القانوني والسياسي للنظام الإسرائيلي".

وقال "إسرائيل لا تحتاج إلى مجهر لإثبات أنها أبرتهايد"، مضيفًا أنه لو نظرنا إلى الجانب الأيديولوجي الفكري للحركة الصهيونية لاتضح الأمر جليًا، حيث الفرضية الأساسية: ان اليهود هم قوم مميزون، ومن حقهم ان تكون لهم دولة يهودية؛ لذلك من البديهي ان هذا الدولة ستقوم باضطهاد الآخرين الذين هم من وجهه نظرها أغيار خلقوا لخدمة اليهود. ومن هنا كانت أول خطوة أقدمت عليها الدولة الصهيونية هي تهجير السكان الفلسطينيين عام 48 وعدم الاعتراف بحقهم في العودة بهدف إبقاء اليهود كأغلبية ديموغرافية".

وفي المقارنة بين إسرائيل وجنوب أفريقيا، قال أحمد "في حالة جنوب أفريقيا كان نظام الحكم القائم هناك يتبنى العنصرية كسياسة رسمية بشكل علني وصريح، ويعتبرها السياسة الرسمية للدولة، لذلك لم تحظ جنوب أفريقيا بتعاطف العالم، وهذا سهل المهمة على المناضلين الأفريقيين لتعريتها في تحشيد المجتمع الدولي وكسب المعركة ضدها، بينما في الحالة الإسرائيلية فان إسرائيل لا تعلن عن سياستها العنصرية صراحة، وإنما تموه عبر حيل وسياسات إعلامية كثيرة".

نحن العائق

بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن هذا النقاش مهم جدًا ومميز، لأن عملية التوعية والجسيد ومقاومة العقبات الفلسطينية البطيئة محدودة.

وقال "في الواقع الفلسطيني مالم تعمر البيت الفلسطيني لا تستطيع أن تطالب الآخرين ان يقوموا بواجباتهم"، مضيفًا أن "هناك عقبة فلسطينية، نحن أقوى مؤشرات العنصرية والأبرتهايد من قبل الحكومة في المناطق المحتلة 48، لا يجوز ان تشتغل الحملة على خلفية الهدف السياسي".

وأشار إلى أن حركة المقاطعة تعمل على أساس واعٍ مبكر سبق الوعي السياسي الفلسطيني الرسمي، مؤكدًا على ضرورة التركيز على التشريعات والقوانين الإسرائيلية التي تصدر عن الكنيست مدعومة بالممارسات التي تتعلق بالعنصرية بشكل رسمي للاستنهاض على المستوى الخارجي.

ورأى أن ذرائع الحركة الصهيونية الأصلية التي استندت على أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض هي أن أصل الفكرة هي إحلالي استيطاني وتصفية الشعب الفلسطيني، وأن الحال الفلسطيني يشكل العقبة الاساسية أمام نجاح الحملة، خاصة أن إسرائيل ستجرم الحملات وتواجهها.

المعيقات الخارجية لاستلهام التجربة

من جانبه، عبد الرحمن شهاب، مدير مركز أطلس، تحدث عن  ثلاث معوقات تحول دون استلهام التجربة الجنوب افريقية، وهي إن المجتمع الغربي يعتبر الدولة الإسرائيلية هي مشروعه لحل المشكلة اليهودية من جانب، ولتقسيم  العالم الاسلامي من جانب آخر، وبهذا لن يقبل الغرب بأن توصف  إسرائيل بالأبرتهايد، بخلاف دولة البيض في جنوب افريقيا، حيث لم تكن تشكل مشروعًا استراتيجيا له، والعائق الثاني هي الثقافة اليهودية التي ترتكز على العنصرية، ولا يمكن ان ينتهي الأبرتهايد الإسرائيلي إلا بتفكيك هذه الثقافة التي ستقف بكل قواها للدفاع عن نفسها، بخلاف  ثقافة البيض في جنوب افريقيا، وأخيرًا الارتباط اليهودي بأرض فلسطين ليس كارتباط البيض بأرض جنوب افريقيا، فاليهود يعتبرون ان لا أرض لهم غير هذه الدولة، والتي تمثل يهود العالم، بينما جنوب افريقيا لا تشكل للبيض سوى إيجاد حل لبقايا الاحتلال الكولونيالي هناك.

التمييز ضد اليهود أنفسهم

وفي مداخلة للكاتب توفيق أبو شومر، اقترح أن يضاف للأعمدة الأربعة -التي اعتمدت عليها جنوب أفريقيا في مواجهة الأبرتهايد -كيفية ممارسة الأبرتهايد، واصفًا ما يجري في فلسطين من قبل إسرائيل بالأكبر من نظام الأبرتهايد.

وتساءل: ماذا عن الأبرتهايد الذي تمارسه إسرائيل ضد مكوناتها نفسها؟، مشيرًا إلى أن الطائفة السامرية يهودية مضطهدة من قبل إسرائيل، وعندما نستخدم ذلك كفلسطينيين سيكون أفضل لنا في إقناع الأوروبيين.

وأكد على أن المقاطعة الجامعية هي أكثر إيذاءً للإسرائيليين، إضافة إلى أنه يجب التركيز على القوانين العنصرية في إسرائيل وترجمتها للآخرين، مشددًا على أهمية الجهد الذي تقوم به حملة المقاطعة BDS.

التعليقات