2020: عام الأزمات للاقتصاد الفلسطينيّ وأسوأ انكماش منذ سنوات

لم يتعاف الاقتصاد الفلسطيني من تبعات أزمة المقاصة عام 2019، حتى أعلن الرئيس، محمود عباس في آذار/ مارس الماضي، حالة الطوارئ في البلاد، والتي باتت تُجدَّد شهريا منذ ذلك التاريخ حتى اليوم، إثر تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، ليتسبّب القرار بتأثيرات اقتصادية

2020: عام الأزمات للاقتصاد الفلسطينيّ وأسوأ انكماش منذ سنوات

تزيين شجرة عيد الميلاد في غزة (أ ب أ)

لم يتعاف الاقتصاد الفلسطيني من تبعات أزمة المقاصة عام 2019، حتى أعلن الرئيس، محمود عباس في آذار/ مارس الماضي، حالة الطوارئ في البلاد، والتي باتت تُجدَّد شهريا منذ ذلك التاريخ حتى اليوم، إثر تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، ليتسبّب القرار بتأثيرات اقتصادية سلبية على مختلف مرافق الاقتصاد المحلي.

وبدأ الاقتصاد الفلسطيني العام الجاري، بتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.4 بالمئة مقارنة مع قرابة 1 بالمئة في 2019، وهو أدنى نمو فعلي منذ 2014.

وفي آذار/ مارس الماضي، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اكتشاف 7 حالات إصابة بفيروس كورونا في مدينة بيت لحم، لسياح أجانب، نتج عنه إعلان حالة الطوارئ وإغلاق المحافظة بالكامل وتجميد صناعة السياحة.

ونهاية آذار/ مارس، دخلت الضفة الغربية المحتلة في إغلاق إلزامي رافقه غلق غالبية المرافق الحيوية خاصة الاقتصادية منها، باستثناء قطاعات قليلة كالمخابز والصيدليات ومحال البقالة، فيما عملت البنوك بالحد الأدنى.

من فرض الإغلاق في محافظة الخليل (وفا)

ونتيجة لذلك، انكمش الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بالأسعار الثابتة، بنسبة 4.9 بالمئة خلال الربع الأول 2020، قارنة مع الربع الأخير 2019.

وأعلن القطاع الخاص الفلسطيني عن مبادرة لجمع تبرعات للمتضررين من أفراد وعمالة، نتيجة جائحة كورونا، وتمكنوا من جمع 18 مليون دولار تم توزيعها على المتضررين.

حكوميا، تراجعت الإيرادات المالية المحلية التي تجبيها وزارة المالية الفلسطينية بعيدا عن أموال المقاصة، خلال الربع الثاني 2020 بأكثر من 20 بالمئة، قبل أن تتحسن لاحقا.

وخلال الشهور العشرة الأولى من عام 2020، تراجعت الإيرادات المالية المحلية بنسبة 5.2 بالمئة على أساس سنوي إلى مليار دولار.

أزمة المقاصة

وتبع استمرار الإجراءات المشددة حتى نهاية أيار/ مايو الماضي، تبعه دخول الاقتصاد أزمة فاقمت بشكل كبير الأوضاع المعيشية، بإعلان عباس وقف التنسيق مع إسرائيل، بما يشمل اجتماعات المقاصة مع إسرائيل.

ونتيجة وقف التنسيق، رفضت الحكومة الفلسطينية تسلم أموال المقاصة من إسرائيل، بسبب قطع العلاقات الناجمة عن قرار تل أبيب ضم أجزاء من الضفة في تموز/ يوليو 2020، وهو ما لم يحصل حتى اليوم.

مزارعون فلسطينيون في غور الأردن (أرشيفية)

واستمرت الحكومة في رفض تسلم أموال المقاصة منذ أيار/ مايو حتى نهاية تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي، رافقه صرف أنصاف رواتب لموظفي الدولة والمتقاعدين وغيرهم، وهم 210 آلاف فرد.

وتمثل أموال المقاصة 63 بالمئة من إجمالي الإيرادات المالية الفلسطينية، بمتوسط شهري 200 مليون دولار، تخصص لصرف فاتورة رواتب موظفي الدولة.

وبسبب عدم تسلم الحكومة لأموال المقاصة، تراكم عليها مستحقات مالية للموردين والقطاع الخاص، وكان لذلك تأثيرات حادة على القوة الشرائية وخلق وظائف جديدة.

أزمات ثلاث

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، توقع البنك الدولي انكماش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 8 في المئة خلال 2020، تحت تأثير أزمتي جائحة كورونا، وتعطل تحويل عائدات المقاصة من إسرائيل، وتباطؤ اقتصادي بدأ في 2019.

وقال البنك في تقرير: "بعد ثلاث سنوات متتالية من نمو اقتصادي يقل عن 2 بالمئة، أثبت عام 2020 أنه صعب للغاية حيث يواجه الاقتصاد الفلسطيني أزمات ثلاث تشد كل منها الأخرى".

تحذيرات من انهيار السلطة اقتصاديًا (أ ب أ)

والأزمات الثلاث، حسب البنك الدولي، تتمثل في "تفشي جائحة كورونا، وتباطؤ اقتصادي حاد، ومواجهة سياسية أخرى بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، عطّل تحويل إيرادات المقاصة".

وبشأن الوظائف، ذكر التقرير أن 121 ألف شخص فقدوا وظائفهم في الربع الثاني من 2020، مع تفشي الجائحة، 96 ألفا منهم في الاقتصاد المحلي، و25 ألفا كانوا يعملون في الاقتصاد الإسرائيلي.

الأسوأ منذ 2002

وبعد 7 شهور على أزمة المقاصة، أعلنت الحكومة الفلسطينية، عودة العلاقة مع إسرائيل كما كانت قبل قطعها، واستأنفت تسلم أموال المقاصة، وأعادت للموظفين باقي رواتبهم المتأخرة خلال تشرين الثاني/ نوفمبر، وكانون الأول/ ديسمبر الجاري.

مواطن فلسطيني يقف أمام أحد المصارف (أرشيفية - رويترز)

وخلال وقت سابق من الأسبوع الجاري، قال تقرير مشترك لسلطة النقد الفلسطينية، والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطينية إن الاقتصاد المحلي انكمش بنسبة 12 بالمئة خلال 2020، أعلى من توقعات البنك الدولي والحكومة.

وأظهر مسح لوكالة"الأناضول" للأنباء، أن الانكماش المسجل خلال العام الجاري والذي جاء أعمق من توقعات الحكومة والبنك الدولي، يُعدّ الأسوأ منذ عام 2002 أوج انتفاضة الأقصى، الذي سجل حينها انكماشا بنسبة 12.4 بالمئة.

التعليقات