المجلس الأرثوذكسي في فلسطين والأردن: "صفقة أراضي مار إلياس الأخيرة كارثية"

"خطورة صفقة أراضي مار إلياس الأخيرة كارثية بالبعد الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، فهي تشكل حلقة هامة جدا في سلسلة الحزام الاستيطاني الذي يحاصر جنوبي القدس ويعزلها تماما عن امتدادها الطبيعي والتاريخي، بيت لحم"

المجلس الأرثوذكسي في فلسطين والأردن:

القدس (تصوير وفا)

قال عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي في فلسطين والأردن، جلال برهم، لـ"عرب 48" إن "خطورة صفقة أراضي مار إلياس الأخيرة كارثية بالبعد الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، فهي تشكل حلقة هامة جدا في سلسلة الحزام الاستيطاني الذي يحاصر جنوبي القدس ويعزلها تماما عن امتدادها الطبيعي والتاريخي، بيت لحم. ويمنع أي آفاق لتطور أو توسع لبيت صفافا، وكذلك يشكل المشروع الاستيطاني بما يتضمنه من مشاريع ومرافق وفنادق سياحية ضربة قاسية لاقتصاد بيت لحم السياحي والذي يعتبر العمود الفقري والركيزة الاقتصادية لهذا الاقتصاد".

وعن موقفه من تسريب أراضي الطائفة الأرثوذكسية من قبل البطريركية الأرثوذكسية، قال برهم إن "موقفنا من أي صفقة بيع أو تسريب للعقارات الأرثوذكسية تحدده بشكل دائم الوثائق والمستندات. نحن لا نعلن أو ندعي معرفة أي صفقة دون أن تكون بين أيدينا الوثائق والمستندات وأوراق رسمية من دائرة الأراضي تشمل كل الملاحظات والتغييرات الحاصلة على قسيمة الأرض. ولم يثبت تاريخنا في هذا المجال أن ادعينا أو أعلنا عن صفقة وثبت عكس ذلك. نعم، الصفقة تمت فعلا وهذا مثبت بالوثائق ومسجلة رسميا".

وكانت بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية، قد أعلنت في بيان لها، الأسبوع الجاري، بأنها تنظر بخطورة بالغة إلى ما جاء في البيان الذي أصدرته "الهيئة الإسلامية العليا" و"هيئة العلماء والدعاة في بيت المقدس" حول المشروع الاستيطاني المزمع إقامته على أراض في جنوبي القدس المحتلة على حدود بلدة بيت صفافا على شارع القدس - بيت لحم.

وأوضحت البطريركية المقدسية بأنه ليس لها ولا لأملاكها علاقة من قريب أو بعيد بالمشروع الاستيطاني جنوبي القدس، وأنها تتمنى لو أن "الهيئة الإسلامية العليا" و"هيئة العلماء والدعاة في بيت المقدس" قد قامتا بفحص ولو بشكل سطحي للحقائق والمعطيات أو أقلها مراجعة البطريركية للتزود بالمعلومات الصحيحة قبل إصدار بيانها.

الهيئة الإسلامية العليا تدعو للالتزام بالعهدة العمرية

وكانت الهيئة الإسلامية العليا قد أصدرت بيانا دعت فيه إلى الالتزام بالعهدة العمرية والحفاظ على أرض فلسطين، وانتقدت قيام البطريركية ببيع قطعة أرض على حدود بلدة بيت صفافا - شارع القدس - بيت لحم تبلغ مساحتها نحو 100 دونم لإقامة مستوطنات عليها والحد من توسع بيت صفافا، لا بل ومحاصرتها.

وقالت الهيئة الإسلامية العليا وهيئة العلماء والدعاة في بيت المقدس - فلسطين، إنه "تم الاطلاع على مشروع مخططات وخرائط استيطانية لإقامتها على أراضٍ واسعة تخص الكنيسة الأرثوذكسية، وتقع هذه الأراضي على حدود بلدة بيت صفافا - شارع القدس - بيت لحم. وتضم ثلاثة آلاف وحدة سكنية، بالإضافة إلى إقامة ملاعب، وشق الطرق، وبذلك يتم محاصرة مدينة القدس وعزلها عن محيطها من الجهة الجنوبية".

وإزاء ذلك، أكدت الهيئة الإسلامية العليا وهيئة العلماء والدعاة في بيت المقدس/ فلسطين في بيان صدر عنها، على أن "العهدة العمرية قد حافظت على أرض فلسطين، وحينما نذكر فلسطين فإننا نعني القدس، وحينما نذكر القدس فإننا نعني فلسطين؛ فإن كلا اللفظين يؤديان إلى دلالة واحدة في المعنى كما في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة".

وأضافت: "إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان حريصاً على الكنائس المسيحية (النصارى) وعلى أرواحهم وممتلكاتهم وأموالهم، فقد ورد في نص العهدة العمرية ما يأتي: هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم".

كما أكدت الهيئتان: "إننا أهل فلسطين - من مسلمين ومسيحيين - ملزمون بالحفاظ على أرض فلسطين - بما في ذلك المقدسات - وذلك تمشياً مع العهدة العمرية فهي أمانة في أعناقنا جميعاً، وعليه نرفض أي تفريط أو تسريب من أرضنا المباركة المقدسة سواء أكانت من قبل المسلمين أم من قبل المسيحيين، وإن أي صفقة مشبوهة تعد باطلة وغير شرعية وغير قانونية، ولا بدَّ من إلغائها".

البطريركية الأرثوذكسية: على الهيئة الإسلامية مراجعة بيانها وتصويب الخطأ

وأعربت البطريركية الأرثوذكسية عن استهجانها بأن تكون الهيئة الإسلامية "أداة وبوقا لأعداء البطريركية وأن تقوم بنشر أكاذيبهم بواسطة بيانات مغلوطة صادرة عن الهيئة".

كما أشارت البطريركية إلى أنها "في تواصل وتعاون كامل مع دائرة الأوقاف الإسلامية التي تعتبر الجهة الشرعية الوحيدة الموكلة من قبل صاحب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في الأراضي المقدسة على متابعة ملف العقارات والمقدسات المسيحية".

جلال برهم

وأكدت البطريركية أنها "صاحبة العهدة العمرية"، وأن "غبطة البطريرك ثيوفلوس الثالث هو خليفة البطريرك صوفرونيوس الذي عقد العهدة العمرية مع الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن غبطته هو أحرص من يكون على العهدة والنسيج المجتمعي الإسلامي - المسيحي بحكم الإرث التاريخي والمسؤولية الكَنَسية والقاضية بضرورة حماية كافة المقدسات، وهو على الدوام بتواصل مع جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس محمود عباس بهدف الدفاع عن القدس، وأن بطريركية الروم الأرثوذوكس المقدسية ترفض استغلال العهدة العمرية من خلال بيان مغلوط وغير دقيق لأن في ذلك تضليل وإعطاء البيان صبغة لا يستحقها". وطالبت البطريركية بأن "تقوم الهيئة المذكورة بمراجعة بيانها وتصويب الخطأ".

برهم: البطريركية تنفي وتنكر حتى لا توضع في قفص الإدانة والخيانة

وتعقيبا على بيان البطريركية، قال عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي في فلسطين والأردن، جلال برهم، لـ"عرب 48" إن "البطريركية كعادتها تنفي وتنكر، هذا نهجها وسياستها، فهي لا تستطيع أن تعترف لأن ذلك يضعها في قفص الاتهام والإدانة بالخيانة، وهذا الاعتراف منها هي تدرك أنه يفتح الأبواب الموصدة لتغيير الوضع القائم في البطريركية. هذا الوضع الذي تسعى البطريركية إلى الحفاظ عليه حتى لا تكون هناك أي فرصة إصلاح وتغيير في بنيتها وإدارتها. هذا الإصلاح الذي سيحقق باقي المطالب الإصلاحية داخل البطريركية، سواء أكان ذلك برفع الظلم عن الكهنة العرب أو فتح المدارس الإكليريكية، وإفساح المجال للرهبنة العربية، أو تطبيق القانون 27/58 القاضي بتنحية البطريرك إذا ما ارتكب تجاوزات، وتشكيل المجلس المختلط، وغيرها من المطالب الإصلاحية. باختصار، الإنكار من أجل الحفاظ على حالة الفساد القائم في أروقة البطريركية. وعليه، فلا تستطيع البطريركية أن تكذبنا فيما ندعي، وفي نفس الوقت لا تنفي ما جاء به بيان الهيئة الإسلامية العليا وهيئة علماء المسلمين والدعاة. هذا هو السلوك الطبيعي للبطريركية".

وأكد أن "بيان هيئة علماء المسلمين والهيئة الإسلامية العليا أثار حنق وغضب البطريركية، فمن جهة أن البطريركية لم تكن تتوقع مثل هكذا بيان وهكذا موقف من جهات لم تعتد البطريركية أن ترى منها بيانا أو موقفا يحرم البيع، ومن جهة أخرى أن البيان جاء مدروسا ومتماسكا من ألفه إلى يائه، فالبيان أعطى الفهم الواسع والشامل للعهدة العمرية عندما قال إن القدس هي فلسطين، وفلسطين هي القدس، وهذا يعني أن أي صفقة حتى لو كانت خارج حدود القدس إنما هو خروج ومساس بالعهدة العمرية".

وختم برهم بالقول إنه "نأمل أن تستمر هذه الهيئات الإسلامية وتتواصل على هكذا نهج ومواقف، وأن تحذو كل القوى والمؤسسات والفعاليات الوطنية والأهلية هذا الحذو لأن ذلك بالتأكيد هو أحد أشكال الدفاع عن الأوقاف الأرثوذكسية إلى جانب أشكال النضال الأخرى شعبيا وسياسيا وقانونيا، وهذه هي أشكال وأساليب عملنا التي نسعى إلى تطويرها وتفعيلها للدفاع عن أوقافنا وعقاراتنا من التبديد والتسريب".

التعليقات