تصنيف ستّ مؤسسات بـ"الإرهابية": تدمير لمؤسسات المجتمع المدنيّ وعواقب وخيمة

شدّد مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، والذي يضمّ المؤسسات الستّ التي صنّفها الاحتلال الإسرائيليّ، اليوم الجمعة، على أنها "إرهابية"، على خطورة القرار، الذي من شأنه أن يتسبب في "تدمير مؤسسات المجتمع المدني".

تصنيف ستّ مؤسسات بـ

نشاط لمؤسسة "الضمير" لمناسبة يوم الأسير الفلسطيني (أرشيف)

شدّد مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، والذي يضمّ المؤسسات الستّ التي صنّفها الاحتلال الإسرائيليّ، اليوم الجمعة، على أنها "إرهابية"، على خطورة القرار، الذي من شأنه أن يتسبب في "تدمير مؤسسات المجتمع المدني".

وصنفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، 6 مؤسسات حقوقية فلسطينية كـ"منظمات إرهابية". والمؤسّسات هي: "الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان" و"الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين"، و"الحق" و"اتحاد لجان العمل الزراعي"، و"اتحاد لجان المرأة العربية"، و"مركز بيسان للبحوث والإنماء".

بدوره، رفض رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد اشتية، القرار، ودعا المجتمع الدولي وجميع منظمات حقوق الإنسان في العالم لإدانة هذا الإجراء المنافي للقرارات والقوانين الدولية.

وذكر اشتية في بيان صدر عن مكتبه، مساء اليوم، أن القرار الإسرائيلي "بمثابة مس خطير بالقانون الدولي، باعتبار أن المؤسسات المستهدفة تعمل وفق القانون الفلسطيني، وأنها ترتبط بشراكات مع مؤسسات دولية، ما يستدعي تدخلا من تلك المؤسسات لإدانة الإجراء الإسرائيلي والعمل على منع تنفيذه".

وقال منسّق مجلس المنظمات، محمود إفرنجي في تصريحات لـ"عرب 48"، اليوم الجمعة، إن "الحديث يدور عن لجان تعمل على عدّة أصعدة"، والقرار الذي اتُّخِذ من قِبل سلطات الاحتلال، بحقّها "خطير جدا"، وقد يؤدي إلى "تدمير حقوق الضحايا (المستفديين من عمل المؤسسات)، وتدمير مؤسسات المجتمع المدني".

وأضاف إفرنجي أن "القرار يعني ضربة في الصميم لمؤسسات دولية" كذلك، في إشارة إلى أنّ بعض المؤسسات التي تمّ شملها بالتصنيف الإسرائيلي، هي أذرعٌ لمؤسسات عالمية مثل "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين".

وتابع إفرنجي أنه "نتوقّع تحرّكًا من السلطة الفلسطينية... نحن نعقد اجتماعات مع شركائنا المحليين من مؤسسات المجتمع المدني، وشركائنا الدوليين، بالإضافة إلى التوجّه إلى وزارة الخارجية الفلسطينية، ورئاسة الحكومة (الفلسطينية)"، لمتابعة الموضوع.

القرار الصادر بحق المؤسسات

وشدّد إفرنجي على خطورة القرار الإسرائيلي على المؤسسات المشمولة ضمنَه، وعلى عملها، إذ قال: "كلّ شيء قد يحصل، فقد يتمّ اقتحام المؤسسات في أي لحظة، كما قد تُصادَر أموالها، ويُعتقل موظفوها".

وأشار إلى أنه "في الفترة الماضية، تمّ إغلاق لجان العمل الزراعي، والصحيّ، وهذا يشير إلى حملة موجّهة من قِبل الاحتلال".

وقال إفرنجي إن "تبعات القرار تنقسم إلى شقّين؛ الأول هو ما يتعلّق بشلّ عمل المؤسسات الحقوقية (المذكورة) وبخاصّة على الساحة الدولية، والثاني، حِرمان الضحايا من تحصيل حقوقهم".

كما ذكر أنّ تصنيف المؤسسات على أنها "إرهابية"، يعمل على "إخافة الموولين"، موضحا أن "البنوك الفلسطينية (والتي تحوي حسابات المؤسسات المذكورة)، قد تخاف أيضا، وقد تخشى تجميد حسابات كاملة، ومصادرة ممتلكات".

وفي السياق ذاته، قال إفرنجي إنّ "الخشية لدى البنوك، مُبرّرة، فقد تٌقتحم البنوك نفسها"، من قِبل الاحتلال.

وفي معرض إجابته عن سؤال حول احتمالية أن يؤثّر القرار على المانِح الأوروبي بعامّة، وعلى الاتحاد الأوروبي بشكل خاص، قال إفرنجي لـ"عرب 48" إنه "لا أستطيع أن أتحدث عن الاتحاد الأوروبي بشكل كبير، ولكنه جسم مموِّل، ولكن هناك مؤسسات أوروبية أخرى، يُخشَى أن توقف تمويلها" للمؤسسات.

مؤسسات الأسرى: محاولة للقضاء على المجتمع المدنيّ الفلسطينيّ

من جانبها، قالت مؤسسات؛ هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – DCI، والهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى، إنّ القرار، هو "استكمال للعدوان الذي يمارسه الاحتلال على شعبنا ومؤسساته، التي تتعرض لعدوان متصاعد في محاولة للقضاء على المجتمع المدنيّ الفلسطيني".

وأضافت في بيان مشترك صدر عنها، اليوم الجمعة، أنّ "هذا العدوان لم يبدأ اليوم، فعلى مدار السنوات القليلة الماضية استهدف الاحتلال المؤسسات الفلسطينية عبر الاقتحامات ومصادرة مقتنيات، واعتقال العاملين فيها، وملاحقتهم بكافة الوسائل، والتضييق على عملهم الحقوقيّ والمدنيّ"، مشيرةً إلى أن "هذا النهج تصاعد مؤخرًا ليطال مؤسسات حقوقية عملت تاريخيًا في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية أمام المنظومة الحقوقية الدولية، وعملت ليلًا نهارًا على فضح جرائم الاحتلال وتبيان حقيقة الانتهاكات الجسيمة التي نفّذها الاحتلال بحقّ الفلسطيني".

وذكرت المؤسسات أن "القرار هو اعتداء على المنظومة الحقوقية الدولية وليس فقط الفلسطينية، فقد شكّلت هذه المؤسسات ركيزة أساسية للفلسطيني في نقل معاناته اليومية وما يُرتكب بحقّه من جرائم وانتهاكات، وكانت مصدرًا فلسطينيًا ينقل صوت الإنسان الفلسطيني وروايته للعالم"، مضيفةً: "بهذا القرار الخطير فإننا اليوم نواجه واقعًا سيمتد ليشمل كل ما تبقى من أدوات الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه".

ودعت المؤسسات إلى "التحرك الفوري والعاجل وعلى عدة مستويات في الدفاع عن حقّ الفلسطيني ومؤسساته، ووقف هذا العدوان، لما له من تبعات وآثار خطيرة تمس الوجود الفلسطيني"، مؤكدةً أنها "ستتخذ خطوات احتجاجية رافضة للقرار ستُعلن عنها لاحقًا".

افتراء عدائيّ... وعواقب وخيمة محتمَلة

من جانبها، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية القرار، وقالت إن "هذا الافتراء العدائي، والتشهير هو اعتداء إستراتيجي على المجتمع المدني الفلسطيني، والحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، غير الشرعي، وعلى العمل الهادف لفضح جرائمه المستمرة".

وذكرت أن "هذه الخطوة المشينة، هي الأحدث في حملة الاحتلال وأدواته الممنهجة وواسعة النطاق، المُشنّة ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، وكبار المدافعين عن حقوق الإنسان"، وقالت إن "ما شجع إسرائيل، سلطة الاحتلال غير الشرعي، على إقدامها على هذه الخطوة هي ردود الفعل الدولية المخيبة للآمال، والباهتة في ما يتعلق بالاستهداف السابق لمنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، والمجتمع المدني الفلسطيني، بما فيها تلك الغارات والاعتداءات الأخيرة على مؤسسة الدفاع عن الأطفال الدولية - فلسطين، ومركز بيسان للأبحاث والتنمية، واتحاد لجان العمل الزراعي، وغيرها".

وحذرت الخارجية من "عواقب وخيمة محتملة لهذا الهجوم غير المسبوق"، محملة "السلطة القائمة بالاحتلال، المسؤولية الكاملة عن سلامة موظفي هذه المنظمات"، ودعت "المجتمع الدولي وجميع الجهات الفاعلة ذات الصلة، الذين تم إبلاغهم بانتظام، بالاعتداءات الممنهجة، إلى الارتقاء إلى مستوى الحدث والدفاع عن حق هذه المنظمات في العمل دون اضطهاد، وعن حق الشعب الفلسطيني الأساسي في الدفاع عن حريته".

كما دعت الأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان "للوقوف علنًا وبقوة ضد هذه الإجراءات، واتخاذ جميع الإجراءات الممكنة للدفاع عن منظمات المجتمع المدني الفلسطينية".

وزعم وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، في وقت سابق اليوم، أنّ هذه المؤسّسات "مرتبطة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وأنها حصلت بين عامي 2014 و2021 على أكثر من "200 مليون يورو" من عدّة دول أوروبية.

وادّعى بيان لوزارة القضاء الإسرائيلية، أن "عشرات المسؤولين في هذه المؤسسات مرتبطون بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بطرق مختلفة، حتى أن بعضهم كان متورطًا في قتل الشابة رينا شنراف. ومع ذلك، الحكومات المناحة تجاهلت لسنواتٍ الوقائع"، على حدّ زعم البيان.

التعليقات