بيت لحم: كورونا تكبد السياحة والاقتصاد خسائر فادحة

بدد قرار الحكومة الإسرائيلية بمنع دخول السياح الأجانب ووفود الحجيج إلى البلاد للاحتفال بعيد الميلاد المجيد آمال الفلسطينيين في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة لعودة السياحة الدينية إلى سابق عهدها.

بيت لحم: كورونا تكبد السياحة والاقتصاد خسائر فادحة

بسطات صغيرة لتوفير لقمة العيش ("عرب 48")

بدد قرار الحكومة الإسرائيلية بمنع دخول السياح الأجانب ووفود الحجيج إلى البلاد للاحتفال بعيد الميلاد المجيد آمال الفلسطينيين في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة لعودة السياحة الدينية إلى سابق عهدها، إذ أنهكتها جائحة كورونا وكبدت الاقتصاد المحلي أضرارا جسيمة وخسائر فادحة.

وعمّق قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي حظر دخول السياحة المسيحية الأجنبية والدينية للبلاد بذريعة المتحورة الجديدة "أوميكرون" الأزمة الاقتصادية التي يشهدها قطاع السياحة في محافظة بيت لحم، إذ تعيش مدينة المهد بلا آفق للسياحة الدينية الأجنبية التي علقت الآمال عليها علّها تُخرج عجلة الاقتصاد من الركود، وإنقاذ المحال التجارية من الشلل، سيما وأن مئات المحال والمشاغل والمقاهي والمطاعم أغلقت أبوابها منذ الإعلان عن تفشي فيروس كورونا في آذار/ مارس 2020.


كانت بيت لحم الأكثر تضررا سياحيا واقتصاديا من جراء جائحة كورونا، كون المدينة تعتمد على السياحة الوافدة بوجود 70 فندقا تضم 5 آلاف غرفة، وأكثر من 100 متجر لبيع التحف الشرقية والمطرزات والنسيج والنحاسيات، و400 مشغل للصدف وخشب الزيتون والحفر على الخشب، ومئات المطاعم، وعشرات من الأدلاء السياحيين، وعشرات الشركات السياحية.

كورونا وغياب السياحة الدينية

في ظل الإغلاق بسبب كورونا وغياب السياحة الدينية، بلغت خسائر قطاع السياحة الفلسطينية بالضفة الغربية في العام الجاري 2021، أكثر من مليار ونصف المليار دولار، وفقا لتقديرات مركز الإحصاء الفلسطيني، وكانت محافظة بيت لحم صاحبة حصة الأسد بهذه الخسائر، علما أن 33 ألف عامل فلسطيني يعملون في قطاع السياحة.

وعلى مدار عامين، غابت السياحة الدينية والأجنبية عن مهد المسيح ومحافظة بيت لحم وبلدتي بيت ساحور وبيت جالا، علما أنه كان يؤم الكنائس والمواقع الأثرية بالمحافظة عامة وكنيسة المهد بشكل خاص آلاف السياح والحجيج من مختلف أنحاء العالم يوميا، وكان يصل عشرات آلاف الحجيج الأجانب لمدينة المهد يوميا خلال فترة الأعياد المجيدة.

70 فندقا تضم نحو 5 آلاف غرفة في بيت لحم

شكل آذار/ مارس عام 2020 محطة فارقة في الحياة الاقتصادية وعجلة السياحة في بيت لحم ومنطقتها بسبب جائحة كورونا، إذ لم تشهد المحافظة بكنائسها ومعالمها السياحية إلا زيارات محدودة للمسيحيين، غالبيتهم من الضفة الغربية والقدس المحتلتين، ومن الداخل الفلسطيني، فقد أنهكت الجائحة الاقتصاد، وشلت السياحة الدينية، وقلصت أعداد السياح بشكل غير مسبوق، فيما أغلقت الفنادق أبوابها.

شلل اقتصادي وخسائر فادحة

وعلى الرغم من استعدادات وزارة السياحة والآثار الفلسطينية لاستقبال السياح والحجاج المسيحيين من جميع أنحاء العالم، وإطلاق مشروع "بيت لحم هالمرة غير.." لجذب فلسطينيي أراضي الـ48 وتشجيع السياحة الداخلية، بيد أن إبراهيم الأعراج من مالكي فندق "إنجل" في بيت جالا، شكك في إمكانية سماح سلطات الاحتلال الإسرائيلي للوفود السياحية الأجنبية والحجيج المسيحيين من دخول البلاد، وهو ما أعاد الأوضاع الاقتصادية إلى نقطة الركود واقتصار الأنشطة على السياحة الداخلية.

كنيسة المهد ببيت لحم تحتفي بالأعياد المجيدة لأول مرة منذ عامين

واستعرض الأعرج لـ"عرب 48" الواقع السياحي والاقتصادي الذي تعانيه بيت لحم بسبب جائحة كورونا والخسائر الفادحة التي تكبدت بها مئات العائلات، مشير إلى أن محافظة بيت لحم التي تضم 45 تجمعا سكنيا، تبلغ مسحاتها 659 كيلومترا مربعا، وهي تُعد 12% من مساحة الضفة الغربية، ويقطنها نحو 240 ألف فلسطيني، يعتمد غالبيتهم العظمى على السياحة الدينية، والمرافق التجارية والاقتصادية والزراعية المرافقة للسياحة.

وأوضح أن محافظة بيت لحم التي تضم أكثر من 70 فندقا تضم حوالي 5 آلاف غرفة ومئات المرافق السياحية والمطاعم، عاشت خلال عامين من جائحة كورونا حالة من الشلل عقب إغلاقها، إذ تم تسريح آلاف العمال والموظفين والمستخدمين لسوق البطالة، فيما فقدت مئات العائلات مصدر رزقها بالفندقة وتكبدت خسائر فادحة.

خطط إنقاذ وبدائل سياحية

وأشار الأعرج إلى أن القطاع السياحي في محافظة بيت لحم الذي اعتاد على قرابة مليون ونصف المليون سائح أجنبي قبل جائحة كورونا، مهدد بالانهيار، داعيا إلى ضرورة توفير خطط إنقاذ وبدائل سياحية، مشيدا بمشروع جذب السياح من فلسطينيي 48 وتشجيع السياحة الداخلية للمحافظة.

مئات المحال التجارية ببيت لحم أغلقت بسبب كورونا

ودعا إلى وضع خطط عمل لتشجيع السياحة الداخلية وملاءمة الرزم السياحية والمرافق السياحية للسياحة الداخلية ولفلسطينيي 48، وعدم الارتهان إلى سياسات الاحتلال أو تعليق الآمال على السياحة المسيحية الأجنبية، مقدرا أن جائحة وتقييدات كورونا ستتواصل لسنوات.

وذكر الأعرج أن منظومة السياحة في بيت لحم والمحافظة صممت بالأساس للسياحية الدينية الأجنبية، ولم تأخذ بعين الاعتبار متطلبات السياحة الداخلية، وهي المنظومة التي بحاجة لتغييرات جوهرية من أجل التكييف مع الوضع الجديد، وإنقاذ المصالح التجارية والفندقية من الإغلاق، ومنع انهيار قطاع السياحة.

سياحة دينية وداخلية

على الرغم من إجراءات سلطات الاحتلال، والتي تسببت بإلغاء آلاف الحجوزات للحجيج المسيحيين والسياح الأجانب، إلا أن وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع كافة الجهات في محافظة بيت لحم تواصل العمل بإطلاق احتفالات عيد الميلاد، وإضاءة شجرة الميلاد، وسوق الميلاد الذي يرافقه عروض فنية وكشفية ومسرحية ودينية، يقول كاهن الرعية الأرثوذكسية في بيت لحم، الأب سبيريدون سمور.

السياحة الدينية الأجنبية تغيب عن بيت لحم

وفي كنيسة المهد التي شيدت على المغارة التي يعتقد أن السيد المسيح عيسى عليه السلام وُلد فيها، يجلس الأب سمور على كرسيه يصلي من أجل أن يزول الوباء ويعم السلام وتعود مدينة المهد إلى سابق عهدها تعج بالسياح والحجيج المسيحيين من مختلف أنحاء العالم، قائلا لـ"عرب 48" إن "مدينة المهد التي كان يؤمها سنويا مليون ونصف المليون سائح من الحجيج الأجانب، لا يمكن للسياحة الداخلية مع أهميتها وضرورتها أن تنشط السياحة والاقتصاد".

واستذكر معاناة أهالي محافظة بيت لحم خلال جائحة كورونا الذين يعولون على أعياد الميلاد والسياحة الداخلية لتحريك عجلة الاقتصاد المتوقفة منذ نحو عامين، مشيرا إلى أن قطاع السياحة تكبد خسائر فادحة تقدر بمئات آلاف الدولارات، إذ عاشت العائلات وبينها أصحاب الفنادق والمحال التجارية على المدخرات والتوفيرات.

محال بيع الهدايا التذكارية تكبدت خسائر فادحة بسبب إغلاقات كورونا

وأبدى الأب سمور مخاوفه من مغبة استمرار الركود السياحي والشلل الاقتصادي خلال عام كورونا الثالث، لافتا إلى أن بيت لحم دون سياحة دينية أجنبية ستتعمق أزمتها الاقتصادية، إذ أن خطر الإغلاق يتهدد مئات المحال التجارية، ويوجد شلل شبه تام في حركة عمل الفنادق والمرافق السياحة.

فلسطينيو 48 يعززون صمود التجار

في فترة عيد الميلاد المجيد التي تستمر عدة أسابيع، ومع غياب السياحة الدينية الأجنبية، يقول التاجر محمد أبو شمسية لـ"عرب 48" إن "عشرات الفنادق فضلت عدم العمل، وعدم تشغيل مرافقها، بسبب الكلفة الزائدة، والمصاريف التي تزيد عن إيرادات عائدات السياحة، بينما تعتمد الفنادق في الغالبية العظمى من الحجوزات على السياحة الداخلية من الضفة والقدس، والوفود السياحية من فلسطينيي 48".

عشرات المشاغل والمعامل لحفر الخشب أغلقت أبوابها

وعلى الرغم من تقييدات كورونا، والإجراءات التي فرضتها حكومة الاحتلال على السياحة الدينية الأجنبية، إلا أن بيت لحم وبلدات المحافظة، يقول أبو شمسية "تشهد حركة نشطة نسبيا، لكن ليس كما كان قبل جائحة كورونا، فوضع السياحة في المحافظة سيء جدا"، علما أن بيت لحم كانت تعج بالوفود السياحية قبل كورونا وتنشط الحياة السياحية والتجارية وتنشّط الاقتصاد المحلي فيها.

ويولي التاجر أبو شمسية، وهو صاحب محل تجاري في البلدة القديمة ببيت لحم، أهمية قصوى للسياحة الداخلية وجذب الوفود السياحية من فلسطينيي 48 للمدينة، مؤكدا بأن الأسابيع الأخيرة، وبسبب الوفود السياحية من الداخل، شهدت حركة تجارية ملحوظة وعودة الحياة الاقتصادية، الأمر الذي من شأنه أن ينعش قطاع السياحة، ويعزز صمود التجار، ويحول دون إغلاق المزيد من المحال التجارية والمرافق السياحية.

كنيسة المهد غابت عنها الوفود السياحية المسيحية من الخارج
وفود سياحية من فلسطينيي 48 بكنيسة المهد
وفود سياحية من الضفة الغربية بكنيسة المهد
مشروع لتشجيع السياحة الداخلية لبيت لحم ووفود بمدخل ساحة المهد
كاهن الرعية الأرثوذكسية في بيت لحم الأب سبيريدون سمور
ركود بمطاعم الوجبات السريعة في بيت لحم
التاجر محمد أبو شمسية
حركة تجارية ضعيفة بالمحال التجارية في بيت لحم
السوق القديم في بيت لحم
عشرات المحال لبيع المطرزات في بيت لحم
إقبال ضعيف حتى على المحال التجارية الحيوية
غياب الزبائن عن المحال تجارية بالسوق القديم
انتشار البسطات بالسوق القديم في بيت لحم

التعليقات