غزة تستقبل رمضان بشق الأنفس بين فكيّ الاحتلال والحرب الروسية الأوكرانية

تزامنا مع الارتفاع العالمي في أسعار سلع السلة الغذائية الأساسية إثر الغزو الروسي لأوكرانيا، يجد سكان قطاع غزة أنفسهم بين فكي هذه الأزمة وحصار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لأكثر من 15 عاما.

غزة تستقبل رمضان بشق الأنفس بين فكيّ الاحتلال والحرب الروسية الأوكرانية

من أسواق غزة (أ ب أ)

تزامنا مع الارتفاع العالمي في أسعار سلع السلة الغذائية الأساسية إثر الغزو الروسي لأوكرانيا، يجد سكان قطاع غزة أنفسهم بين فكي هذه الأزمة وحصار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لأكثر من 15 عاما.

وتُلقي الأزمة، بظلالها السلبية على حركة الأسواق في قطاع غزة، مع اقتراب حلول شهر رمضان، حيث تعاني - بحسب تجار في القطاع - من ضعف الإقبال على شراء المواد الأساسية.

وجرّاء حصار الاحتلال الإسرائيلي، والانقسام السياسي الداخلي، يعاني سكان القطاع، الذين تزيد أعدادهم عن مليوني نسمة، من ظروف اقتصادية صعبة، في ظل انعدام توفّر فرص العمل، وارتفاع نسبتي الفقر والبطالة.

كما يتقاضى موظفو حكومة "حماس" بغزة، والموظفون التابعون للسلطة الفلسطينية في رام الله، رواتب مُجتزأة، تتراوح بين 50-70%، بسبب ما يرجعه الطرفان إلى "أزمات مالية" يعانيان منها.

واضطر الفلسطينيون إلى تقليص حجم تحضيراتهم للسلة الغذائية الرمضانية، بما يتماشى مع أوضاعهم الاقتصادية، وحالة الغلاء.

وفي 22 آذار/ مارس الماضي، حذّرت الولايات المتحدة الأميركية، في جلسة دورية حول الحالة في الشرق الأوسط، عقدها مجلس الأمن الدولي، من احتمال تفاقم حالة "انعدام الأمن الغذائي" في غزة خلال الأسابيع المقبلة؛ بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والسلع الأخرى.

كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال الجلسة، من احتمال حدوث "أزمة جوع عالمية"؛ جرّاء الأزمة في أوكرانيا منذ 24 شباط/ فبراير الماضي.

ووفقا لمنظّمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن روسيا تعدّ أكبر مُصدّر للقمح في العالم، بينما تأتي أوكرانيا في المرتبة الخامسة، حيث توفران معًا 19% من إمدادات الشعير و14% من القمح و4% من الذرة، وتشكلان أكثر من ثلث صادرات الحبوب العالمية.

كما تستحوذ الدولتان، بحسب المنظّمة، على 52% من سوق تصدير زيت عباد الشمس في العالم، وتعد وروسيا من أكبر منتجي الأسمدة في العالم.

الأسعار بغزة

قال مدير عام التخطيط والسياسات في وزارة الاقتصاد بمدينة غزة، أسامة نوفل، إن "السلع الأساسية المُستوردة من الخارج شهدت أسعارها ارتفاعا في القطاع، وصل إلى 11.5% تقريبا".

وأضاف لـ"لأناضول"، إن "هذا الارتفاع يبقى أقل من الارتفاع العالمي، نظرا لسياسات الوزارة لتخفيف من هذا الارتفاع؛ كإجراء إعفاء الدقيق المستورد من الجمارك".

ويوضح أن هذا الارتفاع، سيلقي بظلاله السلبية، على سكان القطاع.

واستكمل قائلا: "الوضع في غزة، جراء الارتفاع في الأسعار، أصعب من الخارج، لأن غزة تعاني بالأصل من أوضاع اقتصادية صعبة".

(أ ب أ)

وحذّر من انخفاض المستوى المعيشي لدى المواطنين بغزة، في ظل انعدام توفر الفرص، الأمر الذي يشير إلى احتمالية ارتفاع نسبة الفقر.

ظروف مُعقّدة

قال المحلل الاقتصادي، سمير أبو مدلّلة، المحاضر في جامعة الأزهر بغزة، إن شهر رمضان يحلّ على الفلسطينيين بالقطاع، في ظل ظروف صعبة ومعقّدة، جرّاء الحصار الإسرائيلي، والانقسام الداخلي، وارتفاع الأسعار.

وأضاف للأناضول، إن "الإجراءات التي تم اتخاذها بحق الموظفين (يتبعون لرام الله)، عام 2017، من اقتطاع أجزاء من رواتبهم، فضلا عن التداعيات التي خلّفتها الحروب العسكرية، أدى إلى تراجع دور القطاع الخاص الفلسطيني، وحالة النمو بغزة".

واستكمل قائلا: "كما أن أكثر من 80 ألف أسرة فلسطينية (يبلغ أعدادهم نحو نصف مليون)، من منتفعي الشؤون الاجتماعية، لم تتلق مخصصاتها المالية، منذ أكثر من عام".

وأوضح أن هذه الأوضاع مجتمعة تسببت بارتفاع نسبة البطالة إلى 47%، والفقر إلى 53%، بينما وصلت نسبة الفقر المدقع إلى 33%، على حدّ قوله.

وقال إن الارتفاع العالمي بأسعار المواد الغذائية الأساسية، فضلا عن ارتفاع أسعار سلع أُخرى نتيجة شجع بعض التجار، سيفاقم من معاناة الكثير من العائلات.

وأشار إلى أن شهر رمضان، يتسم لدى كافة الشعوب الإسلامية، بزيادة الإنفاق، نظرا لاختلاف احتياجاته عن الأشهر الأُخرى.

ويوضح أن الأزمات القديمة بغزة، مضافا إليها ارتفاع الأسعار، ستحرم عائلات خاصة من الطبقة المتوسطة، من توفير احتياجاتها الغذائية خلال رمضان، الأمر الذي يمكن أن يتسبب بارتفاع نسب الأمراض المرتبطة بسوء التغذية لديهم.

وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن 68.5% من سكان قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وعن متوسط الارتفاع العالمي في الأسعار، قال أبو مدللة إن بعض السلع كالدقيق والزيوت والدواجن والبيض، ارتفعت أسعارها بنسبة تتراوح بين 10-30%، خلال الفترة الماضية.

ولفت إلى وجود ارتفاع أيضا في أسعار بعض أنواع الخضراوات، بشكل كبيرة، مطالبا بضرورة وجود رقابة من وزارة الاقتصاد لضبط الأسعار.

ضعف إقبال

من جانبه قال أحمد أبو ثريا، العامل في مطحنة بسوق الزاوية، شرقي مدينة غزة، إن إقبال الناس على شراء السلع الرمضانية، ضعيف بسبب ارتفاع الأسعار.

وأضاف، في حديثه للأناضول، شكل ارتفاع الأسعار ضربة للمواطن، مع حلول شهر رمضان، خاصة في السلع الأساسية التي كانت تشكّل أساس الحياة لديهم، كالدقيق.

وأوضح أن سكان غزة يواجهون كل عام تحدٍ جديد، إذ تسببت جائحة كورونا العام الماضي بتغيب طقوس هذا الشهر، في حين أن الحرب التي شنّتها إسرائيل، نهاية رمضان، حرمت الفلسطينيين من الفرحة بآخر أيامه.

واستكمل قائلا: "هذا العام يأتي رمضان في ظل ارتفاع الأسعار، وفي وضع اقتصادي صعب، وانخفاض الدخل".

ودعا أبو ثريا، وهو يرتب الفاكهة المجففة، التجّار إلى تقليص نسبة الربح على السلع الأساسية من أجل التخفيف عن المواطنين.

من جانبه، قال عبد القادر أبو شعبان، وهو بائع فاكهة في سواق الزاوية، إن هناك ضعف في شراء المستلزمات الرمضانية، وأن الكثير من الناس يزورون الأسواق ويكتفون بشراء القليل.

وتابع، في حديث للأناضول "أنا كمواطن كنت أجهز لشهر رمضان، في بداية شهر شعبان، فأخزن كميات من الأجبان، والعصائر والتمور، تكفي لطيلة الشهر".

إلا أنه هذا العام، اكتفى بتخزين القليل من المواد الغذائية، التي لا يعتقد، وفق حديثه، أنها ستكفي لجميع أيام الشهر.

عائلات فقيرة

قال الفلسطيني صبحي المُغربي، المتحدث باسم "الهيئة الوطنية العليا للمطالبة بحقوق الفقراء ومنتفعي الشؤون الاجتماعية"، إن "أكثر من 80 ألف عائلة بغزة، تعاني الفقر والجوع؛ جرّاء قطع مخصصاتهم المالية لأكثر من 18 شهرا، من الحكومة برام الله".

واعتاد منتفعو "الشؤون الاجتماعية"، على استلام مخصصات مالية من قبل الحكومة (برام الله)، بشكل دوري، مرة واحدة كل 3 شهور، في حين أرجعت الحكومة التأخر إلى "عدم توفّر التمويل".

(الأناضول)

وأضاف المُغربي للأناضول، أن "الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها تلك العائلات، يدقّ ناقوس الخطر من عدم توفر المستلزمات الأساسية لشهر رمضان".

ولفت إلى وجود وعود بتوزيع مساعدات غذائية على المئات منهم، دون وصولها إلى كافة العائلات.

التعليقات