إغلاق ثغرات في جدار الفصل العنصريّ: "ضربة قويّة" لآلاف العائلات الفلسطينيّة

فقد آلاف العمّال من الضفة الغربية المحتلة، مصادر رزقهم، بعد أن أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيليّ، ثغرات في جدار الفصل الفصل العنصريّ، كانت تمكّنهم من اجتياز جدار الفصل، والتوجّه إلى أعمالهم في مناطق 48.

إغلاق ثغرات في جدار الفصل العنصريّ:

عمّال من غزّة خلال توجّههم للعمل بإسرائيل (توضيحية - أ ب أ)

فقد آلاف العمّال من الضفة الغربية المحتلة، مصادر رزقهم، بعد أن أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيليّ، ثغرات في جدار الفصل العنصريّ، كانت تمكّنهم من اجتيازه، والتوجّه إلى أعمالهم في مناطق 48، وذلك بعد 3 عمليات نُفِّذت في إسرائيل، الأسبوعين الماضيين، أسفرت عن مقتل 11 شخصا، بينهم عناصر أمن.

وتُنمّي الخطوة التي أقدمت عليها سلطات الاحتلال، المخاوف، إزاء احتمال أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة البطالة في الضفة، وزيادة تردّي الحالة الاقتصادية، وبخاصّة أن الخطوة تأتي بالتزامن مع شهر رمضان، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وأسعار الطاقة، عالميًّا.

وطالب جيش الاحتلال، الحكومة الإسرائيلية، بميزانية تُقدَّر بمليار شيكل لسدّ الثغرات وتطوير الرقابة وتقوية جدار الفصل، إلا أن الكاتب والمحلل في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، تساءل في مقال نشره الإثنين؛ لماذا يطالب الجيش بهذا المبلغ وهو الذي دفع بسياسة فتح الثغرات في الجدار للتخفيف من الأزمة الاقتصادية والتوتر في الضفة الغربية، وهي السياسة التي سيطالب بها لاحقا للتخفيف من الاحتقان في الضفة.

وكانت الثغرات، وبخاصة خلال السنوات الأخيرة، متنفَّسًا لآلاف عمال الضفة الذي كانوا يعبرون من خلالها إلى مناطق 48، متجنّبين بذلك عقبات عدّة، كتصاريح العمل التي تكلّفهم مبالغ باهظة، والأزمات اليوميّة على الحواجز. في المقابل، يختار عمّال آخرون، البقاء في ورشات وأماكن عملهم، والمبيت فيها، ثمّ العودة إلى عائلاتهم عند نهاية كلّ أسبوع، أو كلّ شهر.

انتشار قوات الاحتلال عند جدار الفصل ("وفا")

غير أنّ سلطات الاحتلال، أغلقت الثغرات، التي يطلِق عليها العمال مسمّى "فتحات"، وعززت تواجد قواتها وعناصرها في عدّة أماكن، إذ استقدم الاحتلال دوريات راجلة قرب جدار الفصل عند مدينة باقة الغربية وقرية برطعة، في حين شهدت البلدات العربية في إسرائيل، القريبة من خطّ التماس من جلجولية والطيبة جنوبا، وحتى قرى زلفة شمالا، دوريات لقوات الاحتلال، دخلت هذه القرى وحقولها، بحثا عن عمال من الضفة، يعملون بدون تصاريح تخوّلهم بذلك.

وأمس الأحد، قمعت قوات الاحتلال، العمال عند فتحات جدار الفصل في عدة مناطق بالضفة الغربية المحتلة، ومنعتهم من الدخول إلى مناطق 48، للعمل وتوفير لقمة العيش لأبنائهم، وأطلق جنود الاحتلال قنابل صوتية وأخرى غاز مسيلة للدموع، تجاه العمال عند "فتحات" الجدار والثغرات في السياج الأمني، في عدة مناطق من الضفة. وتركز إطلاق القنابل بشكل أكبر عند فتحات الجدار في بلدة فرعون، وخربة جبارة عند طولكرم.

وذكر أحد أصحاب المركبات التي تقلّ العمال من الفتحات إلى مناطق العمل، في حديث مع "عرب 48"، أنه "بعد العملية التي حدثت في مدينة بني براك، وقُتلت خلالها مجموعة من المستوطنين، تم تشديد القيود على الفتحات في جدار الفصل العنصري بمنطقة المثلث الشمالي، إذ أنه تم إغلاق عدد كبير من الفتحات التي كان يمر منها العمال الفلسطينيون من أجل العمل في مناطق الداخل".

عمال فلسطينيون يمرون عبر حاجز ("أ ب أ")

وأضاف السائق الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه: "بالإضافة إلى إغلاق الفتحات في جدار الفصل العنصري، تم نصب خيام للجيش الاسرائيلي على طول منطقة الجدار، وهذا زاد الخناق على العمال الفلسطينيين، إذ أنه أصبح من الصعب جدًا على العمال الدخول والتوجه إلى أماكن العمل في الداخل الفلسطيني، بسبب تواجد الجنود على بُعد مسافات قصيرة على طول الشريط (السياج الأمني الفاصل)".

وتابع: "خلال اليوم كنت أنقل العمال من الفتحة إلى المحطة التي يذهبون منها إلى العمل، وأقوم بإعادتهم إلى الفتحة بعد انتهاء عملهم، وهكذا كان الحال خلال السنوات الأخيرة، إذ إن الإقبال على الفتحات كان أكثر من الحواجز والتصاريح، مع العلم أن بعض العمال كانوا يمتلكون تصاريح عمل. لكن بالرغم من ذلك يمرّون من الفتحات، ولذلك لتجنُّب الأزمات والضغط على الحاجز".

وقال إنّ "إغلاق الفتحات في جدار الفصل العنصري، ضربة قوية لآلاف العائلات، منهم السائقون الذين كانوا ينقلون العمال من الفتحات إلى أماكن العمل، بالإضافة إلى العمال أنفسهم الذين فقدوا أعمالهم بسبب إغلاق الفتحات، بخاصة أن إصدار التصاريح ليس بالهيّن، كما أنه مكلف في الوقت ذاته".

أزمة خانقة يواجهها العمال يوميا (أرشيفية - "أ ب أ")

وقال عامل اعتاد على المرور من "الفتحات" بشكل يوميّ، لـ"عرب 48"، إنّ "إغلاق الفتحات أدى إلى تعطيلي عن العمل، فمنذ أسبوع تقريبًا لم أتوجه إلى العمل في الداخل الفلسطيني، الأمر الذي أدى إلى أزمة مالية، وبخاصة أن إغلاق الفتحات تزامن مع شهر رمضان المبارك".

وذكر أن "عددا لا يُستهان به من العمال الفلسطينيين، يواجهون الحالة ذاتها، بعد إغلاق الفتحات في الجدار، الأمر الذي أدى إلى أزمات اقتصادية وصعوبة في المعيشة، وبخاصة أن العالم يشهد ارتفاعًا غير مسبوق على أسعار السلع والمواد الغذائية".

وتطرق إلى قضية تصاريح العمل، قائلا، إنّ "الحصول عليها ليس بالأمر الهيّن، وفي الوقت ذاته، إنّ إصدار التصاريح مكلف جدًا، بسبب السماسرة الذين يستغلون العامل الكادح، الذي يعمل من أجل توفير لقمة العيش لعائلته. وإغلاق الفتحات سبّب أزمة للمقاولين الذين كانوا يعتمدون على عمال الضفة الغربية أيضًا".

("أ ب أ")

وقال أحد التجار الذين يعملون في بلدة برطعة: "بسبب إغلاق الفتحات، لا نستطيع إدخال البضائع، وبخاصة الصغيرة منها، من الضفة إلى برطعة، إذ أننا كنا نعتمد على الفتحات لإدخال البضائع، وذلك نظرًا للتكلفة الباهظة لعملية إدخالها من الحاجز، إذ إن إدخال البضائع عبر الفتحات أسهل وأوفر".

وأضاف: "نعاني من نقص كبير في البضائع والأيدي العاملة بسبب إغلاق الفتحات ومنع التجار من إدخال البضائع، بالإضافة إلى منع العمال من الدخول للعمل في المتاجر التي كانوا يعملون بها، وهذا سبب لنا أزمة في البضائع والعمال، إذ أن غالبية المحلات التجارية خالية من العمال بسبب التشديدات".

وتابع: "كانت الفتحات تعيل الآلاف العائلات. كما أنها كانت تعود بالفائدة على العمال والتجار والمقاولين الذين يعملون العمال في ورشاتهم بالداخل الفلسطيني، ومعظم هؤلاء العمال يعملون في البلدات والمدن اليهودية".

("أ ب")

التعليقات