مقدسيون: التصعيد المتواصل من قبل الاحتلال سيُفجّر الأوضاع

*رئيس صندوق إعمار القدس، سامر سنجلاوي: "الأجواء في مدينة القدس دائمًا مُهيأة للعاصفة". *الناشط المقدسي، أسامة برهم: ""ما يحصل في القدس ولادة مبكرة للأجواء المشحونة بسبب السياسات الغبية لحكومة الاحتلال".

مقدسيون: التصعيد المتواصل من قبل الاحتلال سيُفجّر الأوضاع

باب العامود في القدس

بدأ المقدسيون في مخيم شعفاط وعناتا وجبل المكبر والرام، يوم الأحد الماضي، بالعصيان المدني ضد الاحتلال الإسرائيلي، وذلك احتجاجًا على ممارسات الاحتلال والتضييقات بحقهم.

ومع بداية العصيان المدني امتنع عدد من المقدسيين من الذهاب إلى أماكن عملهم وإلى المدارس، واستمر العصيان المدني مخيم شعفاط، إذ يمتنع سكان المخيم من التوجه إلى أعمالهم، بالإضافة إلى إغلاق المحال التجارية وسد طرق رئيسة في المخيم لمنع دخول قوات الاحتلال، ما أدى إلى اندلاع مواجهات بين الشباب والقوات تخللها إطلاق رصاص مطاطي، وغاز مسيل للدموع، وقنابل صوتية.

مواجهات في القدس

وقال رئيس صندوق إعمار القدس، سامر سنجلاوي، من حي الشيخ جراح، لـ"عرب 48" إن "الاجواء في مدينة القدس دائمًا جاهزة للعاصفة، ولكن يبقى السؤال من أين ومتى ستكون العاصفة؟ هل ستكون من البلدة القديمة في القدس أو من مخيم شعفاط أو العيساوية أو جبل المكبر، غير معروف من أين ستكون الشرارة الأولى لاندلاع العاصفة، لكن المناخ موجود والعاصفة قادمة لا محالة، في ظل الممارسات بحق المقدسيين من قبل السلطات الإسرائيلية".

وعن العصيان المدني المستمر في أحياء القدس، قال إن "هذا العصيان جزئي ومخفف من قبل الفلسطينيين، إذ أنه جاء بشكل تلقائي ردًا على الممارسات الإسرائيلية، والضغط الكبير الذي يعيشه المواطن الفلسطيني في القدس في ظل إجراءات وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بحق المواطنين المقدسيين".

وعن الإجراءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في القدس، أوضح سنجلاوي أن "هذه الإجراءات تمس بتفاصيل حياة المواطنين الفلسطينيين في مخيم شعفاط بشكل كبير جدًا وبحياة الفلسطينيين في القدس، إذ أن مخيم شعفاط يعيش فيبه آلاف الفلسطينيين الذين يجتازون يوميًا الحاجز الذي يربطهم بكل تفاصيل حياتهم، والمخيم منطقة سكنية فقط، والخدمات الحياتية خارجه كالمدارس وأماكم عمل الموظفين والعمال والعيادات، الأمر الذي يجبر الفلسطينيين على اجتياز الحاجز يوميًا".

سامر سنجلاوي

ولفت إلى أنه "قبل إجراءات بن غفير، كان يستغرق المواطن من مخيم شعفاط حتى يجتاز الحاجز قرابة 20 دقيقة، ولكن اليوم بعد هذه الإجراءات يستغرق المواطن أكثر من ساعة ونصف حتى ساعتين ليتمكن من اجتياز الحاجز، إذ أنه يتم تفتيش المواطنين، وهناك حالات تم بها تجريد المواطنين من ملابسهم في الشارع وهناك تسجيلات تثبت ذلك، كل هذه الممارسات أدت إلى انتفاض الشارع المقدسي وخاصة في مخيم شعفاط".

وعن أسباب توتر الأوضاع في لقدس، قال رئيس صندوق إعمار القدس إن "كل ما يحصل في مدينة القدس هو تراكم للسياسات العنصرية تجاه المقدسيين، إذ أن هذه السياسات مستمرة منذ عقود، بينها منع المقدسيين من البناء وهدم منازلهم والتضييقات الكثيرة عليهم، والتي أدت إلى الأجواء المشحونة التي يعيشها الشارع المقدسي اليوم، إذ أنه من بين 57 ألف مبنى في شرقي القدس هناك 20 ألف مبنى صادر بحقه أمر هدم إداري، أي ما يعادل 40% من سكان القدس يهددهم التهجير، وتنفيذ الهدم ليس مرتبط بالبلدية وحدها، إنما لجنة التخطيط والبناء اللوائية التي يرأسها وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش".

وأكد أن "قانون كامينيتس العنصري ينطبق على المقدسيين أيضًا، لتقييد حركة البناء، إذ أن الفلسطينيين في القدس تصل نسبتهم إلى 40% من سكان مدينة القدس، وسنويًا تصدر البلدية قرابة 25 ألف رخصة بناء في القدس، حتى عام 2016 كان يصدر لسكان شرقي القدس فقط ألف رخصة بناء من المجمل، في سنة 2022 من 23 ألف رخصة بناء صدر فقط 3 رخص لسكان شرقي القدس، وذلك حسب بيانات البلدية، وهذا بسبب انضمام آرييه كينغ للجنة التي تمنح المقدسيين البناء والتضييقات التي تفرضها الحكومات المتعاقبة على المقدسيين".

وبخصوص مدى تضرر المحال التجارية في شرقي القدس، قال إن "المصالح التجارية في شرقي القدس تسدد ضريبة مضاعفة عن الضريبة في المناطق اليهودية، والتي تحظى بخدمات ممتازة مقارنةً بالقدس الشرقية التي تفتقر لأبسط الخدمات، لذلك الضرر على المصالح التجارية في شرقي القدس كبير جدًا".

وأوضح سنجلاوي أن "البيان الذي صدر عن بلدية القدس لعام 2022 حول غرامات مواقف المركبات، يظهر أن البلدية حررت مليون مخالفة، منها 91% في شرقي القدس، أي أنه 910 آلاف من المخالفات في شرقي القدس، وفقط 90 ألف في غربي القدس التي تشكلون 60% من سكان المدينة، والسبب الشوارع غير المنظمة في شرقي القدس نتيجة إهمال بلدية القدس والسلطات الإسرائيلية، وعدم تخطيط الشوارع وملاحقة المقدسيين في مختلف مناحي الحياة".

وختم سنجلاوي بالقول إن "العبء على المواطن المقدسي كبير جدًا، يبدأ من السياسات العنصرية إلى ملاحقة المواطنين المقدسيين والضغط عليهم نتيجة هذه السياسات التي تضرب المقدسيين من مختلف الجوانب الحياتية".

تحديات على الحواجز

وقال الناشط المقدسي من البلدة القديمة في القدس، أسامة برهم، لـ" عرب 48" إن "الأوضاع في مركز مدينة القدس وتحديدًا في البلدة القديمة عادية، إذ أن المواطن الفلسطيني مصر على إكمال حياته على الرغم من كل التحديات التي يفتعلها الاحتلال عند الحواجز. صحيح ترى البؤس على وجوه الناس، لكنهم مصرون على إكمال حياتهم".

أسامة برهم

وأضاف برهم أنه "دائمًا نحاول استثناء البلدة القديمة من الإضرابات، إذ أننا نعطي الشرعية لسكان البلدة القديمة والتجار لفتح مصالحهم خلال الإضرابات، وذلك لرمزية البلدة القديمة، لأن تفريغ المدينة وتحديدًا البلدة القديمة من التجار والزائرين يخدم المستوطنين، بالإضافة إلى ذلك تفريغ البلدة القديمة من المصالح التجارية والزائرين يؤدي إلى تفريغ المسجد الأقصى المبارك، وهذا ليس لصالحنا أبدًا، لذلك كل مرة يتم استثناء البلدة القديمة من الإضرابات".

وبخصوص الأوضاع في أحياء مدينة القدس المختلفة، أوضح أن "الأحياء والبلدات الأخرى في القدس، ومنها مخيم شعفاط، ومخيم قلنديا، وجبل المكبر، والعيساوية على صفيح ساخن بين مد وجزر، إذ أنه خلال أي لحظة من الممكن أن تندلع مواجهات واعتقالات في هذه المناطق، وذلك بسبب سياسات الحكومة الإسرائيلية، إذ أنه منذ تنصيب الحكومة الجديدة، بدأت أبواق التحريض من السياسيين والإعلام الاسرائيلي على المقدسيين، وتم اقتحام منازل العديد من الناشطين المقدسيين والتضييق عليهم بالإضافة إلى الاعتقالات تفذتها تجاه المقدسيين وأوامر الإبعاد".

وعن العصيان المدني، قال إن "العصيان المدني جاء من المقدسيين أنفسهم وليس من فصيل أو من جهة معينة، بسبب الضغوطات والعقوبات التي تفرضها حكومة الاحتلال على المقدسيين، إذ أن الفلسطينيين يريدون الحياة ويحبونها، لكن التضييقات تجبرهم على العصيان المدني".

وأشار إلى أنه "من إنجازات وزير التيك توك الإسرائيلي (بن غفير) والتي تحدث عنها خلال مقطع مصوّر نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، عدد الذين حققوا معهم، والبيوت التي هدمت، ومخالفات السير التي يعتبرها هذا الوزير تهدد أمن وأمان دولة الاحتلال، إذ أننا توجهنا للمقدسيين لحثهم عدم إعطاء فرصة لشرطي السير الانتقام من المواطن المقدسي عبر مخالفة سير بسيطة، ومن الطبيعي أن واجبات شرطي السير الحفاظ على القانون، لكن هنا في القدس أصبح شرطي السير أداة في يد الحكومة التي تنتقم من المقدسيين".

وعن مدى الضرر الاقتصادي، أكد أن "الضرر الاقتصادي كبير جدًا بسبب كل هذه التضييقات على المقدسيين، إذ أن كل أذرع المؤسسة الإسرائيلية تتواجد في البلدة القديمة من وزارة الصحة والضريبة وغيرها، لذلك هناك العديد من التجار يغلقون مصالحهم بسبب هذه الإجراءات والممارسات المعقدة بحق المواطنين والمصالح التجارية".

وختم برهم بالقول إن "ما يحصل في القدس ولادة مبكرة لشهر آذار/ مارس، حيث سيحل شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، إذ أننا كنا نتوقع أن تكون الأجواء المشحونة مع تزامن عيد الفصح لدى اليهود وشهر رمضان، لكن الإجراءات الغبية من حكومة الاحتلال أدت إلى خلق هذه الحالة مبكرًا، ونتوقع مع بداية شهر رمضان وعيد الفصح أن تكون الأجواء مشحونة جدًا في القدس".

التعليقات