لاجئو مخيم يبنا برفح يروون فظائع نكبة عام 1948

اللاجئون الذين شردهم الاحتلال مرة اخرى من مخيمهم "يبنا" الى مخيم البرازيل يروون قصص التشريد المتواصل وامل العودة الى الوطن

لاجئو مخيم يبنا برفح يروون فظائع نكبة عام 1948

ما أشبه اليوم بالأمس


 


بحثنا في رفح وتحديدا في مخيم يبنا الذي يسكنه لاجئي قرية يبنا (قضاء الرملة ) الواقعة الآن ضمن أراضي ال 48 عن كبار القرية سنا لكننا لم نجدهم، فهم الذين أجبرهم هدم مئات المنازل على الرحيل من هذا المخيم لمخيم آخر في هذه الأيام، وهو مخيم البرازيل، هناك تحدثنا للحاج إسماعيل يوسف الذي هاجر عام 1948 وكان عمره  13 عاما، ولان لحكايا المقاومة والشهادة ذكرى لا تنسي فقد بدأ الحاج يوسف حديثه معنا بها، يقول الحاج "بعدما تتالت الهجمات على القرى المحيطة بيبنا حصن أهلنا القرية فقد عرف عنهم القوة والبسالة التي عملت اليهود دروس كبيرة رغم جهود الجيش الإنجليزي بإضعافهم حيث كان الإنجليز يقتلون من يمتلك السلاح، ثم استعدوا بسلاحهم وقد اشتروه بعدما باعوا ممتلكاتهم وعندما أتي اليهود لاقتحام القرية صدهم المقاومين بقوة، وما لبثوا أن تأكدوا من صعوبة اجتياح القرية فسارعوا لتخطيط بخبث وفعلا اقتحموا القرية من الجهة الغربية بينما كان مقاومين القرية متواجدين في الجهة الشرقية للقرية".


ويتحدث الحاج ربيع عن المزيد "استشهد عمي وأبنائه الاثنين وأصيبت ابنه عمي، وكان العلاج اعتمدنا على مداواة جرحنا بأنفسنا".



أهل يبنا الذين ما زالوا يعيشون أحداث النكبة بعد دمرت قوات الاحتلال مئات المنازل، لم ينسوا يوما تلك القرية الجميلة ولم يعبثوا باتفاقيات دولية يطالب أصحابها بالتنازل عن هذا الحق الذي لا يملكونه، يقول الحاج ربيع مصران – 73 عام - الذي هاجر من يبنا وعمره 18، مستهزئا بتلك القرارات "لم ينعموا بيوم في قريتي حتى يعلموا مدي تمسكي بها.. لم ينعموا بتلك الحياة الجميلة التي تحكم الإسلام في كافة تصرفات أهلها ، ولم يستنشقوا هوائها ورائحة جناتها كي يعملوا مدى تمسكنا بها"، لم يكن حديثنا مع الحاج ربيع ليمر دون ذكر لتفاصيل أكثر عن الخير الذي كان ينعم بها أهل يبنا فيتكلم أكثر عن قريته ويقول "كانت قرية يبنا مجمع للقرى التي تجاورها وكنا نعيش كعائلة واحدة طبقنا واحد وأفراحنا وأحزاننا واحدة ، وكنا نعتمد في مصدر على رزقنا على زراعة الحمضيات".



الحاج يونس البوجي هاجر وهو شابا في الواحدة والعشرين من العمر تحدث لنا عن مذابح النكبة ومعالم الحزن ترتسم على وجه المجعد فقال "ما حدث في عام 1948 من الصعب نسيانه"، يصمت قليلا ثم يعاود "نعم من الصعب نسيان المجازر التي حدثت... لقد شاهدت مذبحة دير ياسين فقد كنت جنديا. خرجنا لدير ياسين قبل وصول عصابات اليهود إليها ، وهناك طوقت القرية وقامت معركة شديدة بين اليهود وبين الجانب العربي بقيادة عبد القادر الحسيني واستمرت المقاومة دون إمدادات معنا إلى أن انتهت ذخيرة " ، الحاج الذي رأي بأم عينه واقعة استشهاد القائد عبد القادر الحسيني قال " كان يقاوم بكل قوة وعندما اعتلي أحد الأسطح لتركيز التصويب على اليهود أطلق عليه الرصاص فاستشهد الحسيني وكانت مأساة للجميع ، ويضيف الحاج يونس " في اليوم الثاني لاستشهاد الحسيني قدم اليهود ليكملوا ذبح أهالي القرية فذبحوا الكثير واقروا بطون الحوامل واغتصبوا الكثير من الفتيات على مرأى أهلها"



كانت الأمور تسير بسرعة نحو التدهور ، وكان الجميع يقاوم بكل ما أوتي من قوة يقول الحاج يونس " بعد مجزرة دير ياسين عدنا ليبنا لصد الهجمات عنها ، وكان محمد الشرقاوي ورشيد محمد البوجي ( أبرز المقاومين آنذاك ) قد جمعوا نقود من أهل يبنا لشراء السلاح من مصر ، ثم أخرجوا المقاومين شيوخ ونساء واطفال يبنا ، ويوضح الحاج يونس "كنا حولي 300 مسلح نجحنا في صد اليهود عن القرية أكثر من مرة إلى أن حدثت مؤامرة ودخل اليهود القرية من الجهة التي لم يتوقعها المقاومين فخرجنا مع الجيش المصري إلى اسدود ثم هاجرنا على المجدل وحمامة.



ويتحدث الحاج يونس عن ما جري في الطريق لغزة فيقول " تركنا كل شيء وركدنا بأرواح أبنائنا نحملهم فقط دون أي شيء أخر ..كنا نمشي ويموت بعضنا على الطرق فالطائرات كانت تضربنا ونحن مهاجرين أيضا.


إحصائيات



رغم عظم الفاجعة إلا أن بعض المراكز والمؤسسات الدولية استطاعت إحصاء أعداد وأرقام المهاجرين الفلسطينيين عاما 1948، فوفقا لتقرير أعده المركز الصحافي الدولي يتضح انه وبعد النكبة تشرد أكثر من (200) ألف فلسطيني من أراضيهم إلى غزة، أضيفوا إلى جانب السكان الأصليين البالغ عددهم آنذاك حوالي (80) ألف نسمة، مما أدى إلى اكتظاظ سكاني شديد في هذه المنطقة الضيقة، التي يبلغ طولها نحو "40 كم" وعرضها من (7-12) كم2، ومساحتها تقدر من 363-365كم2، حيث شكل اللاجئون المسجلون، أكثر من ثلاثة أرباع سكان القطاع حوالي (74%)، وحوالي (22%) من مجموع اللاجئين المسجلين لدى الوكالة الانروا، وفق إحصائيات الوكالة، حتى منتصف عام 2001م فإن حوالي "460.031" ألف لاجئ يعيشون داخل المخيمات، من مجموع اللاجئين المسجلين لدى الوكالة البالغ عددهم حوالي (852.626 ألف لاجئ)، وهي مخيمات جباليا، الشاطئ، النصيرات، البريج، المغازي، دير البلح، خانيونس ورفح.



ويذكر التقرير أنه يبلغ عدد المخيمات الفلسطينية المنتشرة في الضفة الغربية، وقطاع غزة، وفي الدول العربية المجاورة ( الأردن، سوريا، لبنان) حوالي (69)مخيماً، منها حوالي (61) مخيما "منظما"، أي تشرف عليه وكالة الغوث الدولية لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الانروا" وعدداً آخراً حوالي 6 أو 7 مخيمات غير خاضعة لإشراف الوكالة الدولية، وهناك عدد من المخيمات قد أغلقت أو أفرغت من سكانها ، ويوضح التقرير أن الضفة الغربية تحتل المرتبة الأولى باحتوائها على حوالي 27 مخيماً، وتعتبر الأردن أكثر الدول استيعاباً للاجئين والنازحين الفلسطينيين، ويعود هذا إلى الموقع الجغرافي المميز لكلا البلدين وحدودهم المشتركة، علاوة على توحيد الضفتين (الشرقية والغربية) منذ بداية الخمسينات.



وتشير التقديرات الحديثة حسب التقرير ذاته إلى أن عدد الفلسطينيين في خارج فلسطين قد بلغ مع نهاية عام 2000م حوالي 4.5 مليون نسمة، منهم حوالي 2.6 مليون يعيشون في الأردن، وحوالي 385 ألف في لبنان و401.1 يقيمون في سوريا، بينما يقيم في مصر حوالي 57 ألف و545 ألف موزعين في باقي الدول العربية، وحوالي 223 ألف في الولايات المتحدة الأمريكية و284 ألف في الدول الأجنبية الأخرى (66) ، ويوجد في الأردن عشرة مخيمات فلسطينية منتظمة، أي تشرف عليها وكالة الغوث الدولية (الانروا)، وهي تشكل بمجموعها حوالي 16.5%، من المجموع الكلي للمخيمات الفلسطينية المنظمة ، والمخيمات في الأردن هي ( الحسين، الوحدات، الطالبية، الزرقاء، حطين، اربد، الحصن، غزة، سوف، والبقعة).



ويعيش في الجمهورية اللبنانية حوالي "10%" من مجموع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الانروا، يشكلون حوالي 11% من مجموع سكان لبنان، ويقيم أكثر من نصفهم في (12) مخيماً وهي( مارالياس- برج البراجنة-ضبية-صبرا وشاتيلا- عين الحلوة- المية ومية – البص- الرشيدية- برج الشمالي- نهر البارد- البداوي "ويقال/ الجليل" أو بعلبك).



كما استقبلت سوريا عدداً لا بأس به من اللاجئين الفلسطينيين، معظمهم من سكان شمال فلسطين، لقربها منهم، بلغ عددهم وفق الإحصائيات عام 1955م. حوالي "88179" لاجئاً فلسطينياً ويعيش الآن في الجمهورية السورية حوالي 11% من مجموع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأنروا، يشكلون حوالي 4.5% من مجموع سكان سوريا، يقيم حوالي (29%) منهم في إحدى عشر مخيماً وهي( خان الشيخ، مخيم ذا النون، سبينة، قبر الست زينب، جرمانا/ جدمان، مخيم النيرب، حمص، درعا، درعا الطوارئ، ومخيم اليرموك) ويعيش معظم اللاجئون في منطقة دمشق، بينما يقيم الباقون في مدن حمص، حماة، حلب وفي مدينة درعا الجنوبية قرب الحدود الأردنية.






التعليقات