حقوقيّون ومسعفون: الاحتلال تعمّد استهداف الطواقم الطبية خلال مسيرات العودة

أثاروا الاهتمام وجازفوا بحياتهم في سبيل إنقاذ غيرهم دون التفكير في مخاطر ما يفعلون، منذ بداية مسيرات العودة الكبرى السلمية. لم تشفع لهم شارتهم، فأمعن الاحتلال في استهدافهم. يقتل الاحتلال القتيل، يقولون، ويقتل من يحاول أن يسعفه.

حقوقيّون ومسعفون: الاحتلال تعمّد استهداف الطواقم الطبية خلال مسيرات العودة

خيمة إسعافات أثناء القمع (أ ب)

أثاروا الاهتمام وجازفوا بحياتهم في سبيل إنقاذ غيرهم دون التفكير في مخاطر ما يفعلون، منذ بداية مسيرات العودة الكبرى السلمية. لم تشفع لهم شارتهم، فأمعن الاحتلال في استهدافهم. يقتل الاحتلال القتيل، يقولون، ويقتل من يحاول أن يسعفه.


على الرغم من وجود قوانين دوليّة لحماية الطواقم الطبيّة، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيليّ لم تتوانَ عن ارتكاب انتهاكاتٍ وجرائِمَ بحقّ الطواقم الطبيّة الفلسطينيّة وأفراد المهمّات الطبيّة ووسائط النقل الطبي والمشافي الميدانيّة، التي انتشرت على امتداد الخطّ الأمنيّ الفاصل بين قطاع غزّة وباقي فلسطين.

واستخدم الاحتلال قذائفَ الدّبابات في بعض الحالات لتفريق المتظاهرين، وكانت هذه أخطر ما حدث في منطقة المقبرة الشرقيّة، حيث تم إطلاق قذيفةٍ أدّت إلى استشهاد 8 مواطنين من ضمنهم مسعف يتبع الدّفاع المدني، وإصابة 223 مسعفًا بالرصاص الحي وقنابل الغاز، إضافةً إلى تضرّر 37 سيارةَ إسعافٍ بشكل جزئيّ.

وتابع موقع "عرب 48" الانتهاكات الّتي وقعت خلال مسيرات العودة الكبرى.

بشار مراد
د. بشّار مراد

وفي حديث مع موقع "عرب 48"، قال مدير الإسعاف والطوارئ في جمعيّة الهلال الأحمر الفلسطينيّ، د. بشّار مراد، "نحن في الهلال الأحمر المقدّم الأساسي لخدمة الإسعاف والطوارئ في قطاع غزة، قمنا بإنشاء نقاط طبيّة متقدّمة وهي قريبة من مستشفيات ميدانية في المناطق الحدودية، وذلك بسبب وعورة المكان وصعوبة إخلاء المصابين من المناطق الشرقية للمستشفيات"، موضحًا أن جمعيّته بدأت باستعداداتها منذُ قيامها بإعلان حالة الطوارئ واستدعاء جميع الطواقم والاستعانة بمتطوعي الجمعية، البالغ عددهم 250 متطوعًا، بالإضافة إلى 143 ضابط إسعاف أساسيًا.

وأضاف أن الاستعدادات قلّلت، كثيرًا، من عدد الشهداء ومن المضاعفات الّتي كان ممكن أن تحدث للمصابين نتيجة نقلهم دون تقديم الخدمة في المكان، "وفّرنا أطباء مهرة بعلم الطوارئ، وكذلك، أطباء من أقسام الجراحة وقمنا باستقبال كلّ الحالات في النّقاط الطبيّة، وتعاملنا مع الحالات التي لا تحتاج للنّقل إلى المستشفيات قدّمنا لها العلاج، والحالات التي تحتاج للنقل بعد أن قدم لها الإسعاف الأوليّ مثل فتح مجرى التنفّس وتثبيت كسور العظام، مثل فتح الأوردة وتوقيف النّزيف".

موضحًا أن هذه أشياء أساسيّة تنقذ الحياة، "إذا لم نقم بتقديم هذه الإسعافات الأولية بأسرع وقت، كان ممكن أن يصل المصاب إلى المستشفى في حالة خطرة أو أن يفقد حياته".

واجهت طواقم الإسعاف العديد من المشاكل، إذ إنّ المنطقة المتواجد فيها المتظاهرون منطقةٌ زراعية يصعب على سيّارات الإسعاف الوصول إلى هذه المناطق وإخلاء المصابين منها، أيضًا، صعوبة الاتصالات في المنطقة الحدوديّة، إذ انقطع الاتصال بين المستشفيات والنقاط الطبيّة، ما أدّى إلى أن تنهال الإصابات على المستشفيات دون إبلاغ مسبق عن طبيعة الإصابات التي سوف تصل، ما أدّى إلى إرباك في العمل داخل المستشفيات.

منطقة الـ300 متر هي منطقة يُمنع على سيارات الإسعاف الدخول إليها، إذّ أنّه كان يتم نقل المصابين عبر حمّالاتٍ أو مشيًا على الأقدام مسافة 200 متر أو 100 متر، حتّى وصول أول سيارة إسعاف.

وأضاف أنه "من ضمن المشاكل التي واجهناها هي الاستخدام المفرط للقوّة واستهداف طواقم الإسعاف، فقد أصيب من الهلال الأحمر 6 ضباط إسعاف بالرصاص الحي و127 من قنابل الغاز المباشرة".

وأضاف أنّه من ضمن المشاكل زيادة عدد المصابين، إذ واجهنا صعوبة في توفير سيّارات إسعاف لكل المرضى، وفي حالات معيّنة تم نقل أكثر من 5 إصابات في سيّارة واحدة، وتمّ استخدام السّيّارات التّابعة للجمعيّة الإداريّة لنقل الجرحى إلى المستشفيات، أيضا، ما شاهدناه من استخدام قذائف الدبابات في بعض الحالات لتفريق المتظاهرين، وهذا كان أخطر ما حدث في المناطق الشرقيّة، في منطقة المقبرة الشرقيّة تم إطلاق قذيفة أدت إلى استشهاد 8 مواطنين من ضمنهم مسعف يتبع الدّفاع المدني وهو يرتدي زي الإسعاف، ولكن، للأسف، لم يتمّ احترام الشّارات والعاملين في الإسعاف و النظام الصحي".

د. أشرف القدرة
د. أشرف القدرة

وفي مقابلة مع مدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة الصحة بغزة، د. أشرف القدرة، أوضح أن وزارة الصحّة "قامت بالاستعداد التام للتعامل مع التطورات الميدانيّة، التي قد تلحق بالمشاركين في مسيرات العودة الكبرى، وقامت بإنشاء 5 نقاط طبية أشبه بمستشفى ميداني، تم استنفار كامل للإسعاف والطوارئ في قطاع غزة، كانت الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف مستهدفة بشكل مركّز خلال المسيرة بهدف إعاقة عملهم واستشهد أحد المسعفين فيها وأصيب 223 مسعفًا بالرّصاص الحي وقنابل الغاز، إضافة إلى تضرّر 37 سيارة إسعاف بشكل جزئي، وهذا يأتي في سياق الاستهداف المركّز الذي يقوم به الاحتلال الإسرائيلي".

وانتهى إلى القول إنه تمّ استنزاف كمّيّات هائلة من الأدوية، حيث أن حجم الإصابات الذي جوبه به المتظاهرون فاق التوقعات".

سمير زقوت
سمير زقوت

أمّا نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، سمير زقوت، فوصف العلاقة بين منظّمات حقوق الإنسان والطواقم الطبيّة، بالقول إنّ هناك تغطيةً مباشرة لمجريات الأحداث، وفقًا لما يعتقده المركز أقرب إلى الحقيقة، فالطواقم الطبية واحدة من مصادر معلوماتنا الدائمةـ، إذ إنّ أفراد الطواقم الطبية دائما شهود عيون، عندما يكون هناك ضحايا نذهب ونتواصل ونبحث عن شهود من كان يرافق هذا الممرض أو الطبيب، ونأخذ إفادة الظروف والمعلومات اللازمة".

وانتهى إلى القول إن هناك علاقة مرتبطة مع أفراد الطواقم الطبية بطبيعة العمل المشترك في أوقات الطوارئ، "هم ضحايا في كل عدوان إسرائيليٍّ على القطاع، ندعو المجتمع الدولي من خلال مجلس الأمن الدولي، إلى اتخاذ خطوات فورية وحاسمة من شأنها وقف الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين الفلسطينيين ومن ضمنها الطواقم الطبية الفلسطينية في قطاع غزة".

التعليقات