عيد الأضحى في غزة: أسواق "خالية" وقدرة شرائيّة ضعيفة

في الوقت الذي تشكو فيه أسواق الملابس والحلويات في غزة، من ضعف الشراء، فإن سوق الأضاحي سجل إقبالا "جيدا" مقارنة بها، بحسب مختصين اقتصاديين.

عيد الأضحى في غزة: أسواق

غزة، سوق الأضاخي (الأناضول)

يستقبل سكان قطاع غزة عيد الأضحى لهذا العام، في ظل أوضاع اقتصادية سيئة، يصفها مراقبون بأنها "كارثية".

وتباينت الحركة الشرائية من سوق إلى آخر، وفق القدرات المادية لسكان القطاع وترتيب أولوياتهم، إذ تعاني شريحة واسعة منهم، انعداما كاملا للقدرة الشرائية.

وفي الوقت الذي تشكو فيه أسواق الملابس والحلويات، من ضعف الشراء، فإن سوق الأضاحي سجل إقبالا "جيدا" مقارنة بها، بحسب مختصين اقتصاديين.

يأتي ذلك، في ظل انخفاض أسعار المواشي هذا العام، وتوجه عدد من المؤسسات المحلية والإقليمية الإغاثية، لشراء الأضاحي من أجل توزيع لحومها على الفقراء في العيد.

ويرجع اقتصاديون وتجار، تردي الأوضاع الاقتصادية إلى استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع للعام الـ14 على التوالي، إلى جانب تداعيات أزمة كورونا العالمية، وانعكاساتها السلبية على كافة القطاعات الاقتصادية والإنتاجية.

ومع بداية 2020، ارتفع مؤشرا الفقر والبطالة إلى 52 بالمئة، و50 بالمئة، على التوالي.

إلى جانب ذلك، فإن الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الوطنية الفلسطينية، عمقت الأزمة الاقتصادية في غزة.

ومنذ مطلع حزيران/ يونيو الماضي، لم تتسلم الحكومة الفلسطينية أموال المقاصة عن شهر مايو/ أيار السابق، المقدرة بـ 190 مليون دولار شهريا، وتمثل 63 بالمئة من إجمالي الإيرادات.

الأوضاع الاقتصادية

قال مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة التجارة والصناعة، ماهر الطباع، إن "كافة المؤشرات على أرض الواقع، تشير إلى كارثية الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والإنسانية".

وبيّن الطباع، في حديث للأناضول، أن قطاع غزة يعاني بالأصل من ترد في الأوضاع الاقتصادية، بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض عليه.

وأوضح أن أزمة جائحة كورونا عمقت الأزمة الاقتصادية، وسجلت ارتدادات خطيرة على كافة القطاعات الاقتصادية والإنتاجية، "رصدنا تعطل 45 ألف شخص عن العمل، بفعل أزمة كورونا".

وأضاف: "كما أن الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية، وانعكست في صرف جزء من رواتب موظفيها، ألقت بظلال سلبية على الحالة الاقتصادية بغزة.. هذه الرواتب هي المحرك الأساسي للعجلة الاقتصادية للأسواق".

وتبلغ قيمة السيولة النقدية من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية بغزة، والتي يتم ضخها في الأسواق حوالي 30 مليون دولار شهريا، حيث انخفضت قيمة هذه السيولة بسبب الأزمة المالية بنسبة تزيد على 60 بالمئة، وفق الطباع.

قدرة شرائية ضعيفة

شكا البائع علاء حامد (26 عاما)، صاحب "بسطة" للملابس، في سوق مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين، شمالي القطاع، من قلة إقبال الناس على شراء ملابس العيد لهذا العام.

وقال حامد للأناضول: "الإقبال على الأسواق خلال الأيام التي تسبق عيد الأضحى، ليس هو المطلوب، كنا نعول على موسم العيد لبيع بضائعنا، حيث نعاني طوال أيام السنة حالة ركود، نتيجة انخفاض القدرة الشرائية".

ويستكمل: "عادة نعتمد على مواسم الأعياد والمدارس لتغطية خسائرنا، لكن هذا العام، مع تراكم الأزمات وانعكاسها على الوضع الاقتصادي، تأثرت الحركة التجارية بشكل كبير". وبيّن أن الأزمة الاقتصادية المركبة "غيّرت أولويات المواطنين، وجعلت من شراء مستلزمات العيد أمورا ثانوية".

بدوره، قال تاجر الأدوات المنزلية، أحمد سامي (38 عاما)، إن "المواطنين يترددون إلى السوق هذا العام من أجل المشاهدة، لكن دون شراء".

وتابع: "العيد يعتبر موسما لبيع عدة أصناف من الأدوات المنزلية، لكن هذا العام المواطنون يكتفون بإلقاء نظرة عليها دون المبادرة بالشراء"، معربا عن أمله في تحسن الأوضاع الاقتصادية.

سوق المواشي

وفي سوق الماشية الأسبوعي قرب مخيم النصيرات وسط القطاع، يتفقد الشاب، محمود الريان، أغنامه كي يعرضها للبيع.

هذه الأغنام، عكف الريان طوال أيام العام كاملا، على تربيتها وعلفها، بمساعدة أشقائه، لبيعها خلال هذا الموسم، حيث تشكل لهم مصدر الرزق الأساسي، والمهنة الوحيدة التي يجيدونها.

وقال للأناضول، إن "الإقبال على شراء الأضاحي لهذا العيد جيد نوعا ما". وأشار الريان، إلى أن "انخفاض أسعار المواشي عن السنة الماضية"، لافتا إلى أن هذا الأمر سبب لهم "خسائر كبيرة" تحول دون قدرتهم على توفير متطلبات الحياة اللازمة.

وأردف: "كنا نبيع الخروف بمتوسط سعر يصل 350 دولارا، أما في هذه السنة بالكاد يصل سعره 305 دولارات، ونحن مضطرون للبيع، لسداد التزاماتنا المادية كثمن الأعلاف والأدوية الخاصة بالمواشي".

وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، جلب الخمسيني حسن المصري أغنامه الـ15 لبيعها في ذات السوق.

وقال للأناضول: "بعت 8 أغنام حتى الآن، وبقي لدي 7 رؤوس، لم أتمكن من بيعها رغم تخفيض سعر الرأس الواحد بنحو 15 بالمئة".

واعتاد المصري، كل عام، على بيع أكثر من 20 رأس غنم، وتحقيق أرباح "تمكنه من سداد رسوم أبنائه الذين يدرسون في الجامعات"، لكنه بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، لم يتمكن من ذلك هذا العام.

انخفاض الأسعار

المتحدث باسم وزارة الزراعة في قطاع غزة، أدهم البسيوني، وصف نسبة الإقبال على أسواق المواشي في غزة بـ"الجيدة".

وأضاف للأناضول: "إن كميات المواشي المتوفرة في الأسواق، والمقدرة بـ 12 ألف رأس عجل، و30 ألف رأس غنم، تتناسب مع الظروف الراهنة". وأوضح أن انخفاض "أسعار المواشي في قطاع غزة يجعل من شراء الأضاحي في متناول أيدي المواطنين".

التعليقات