غزة: تساهل السلطات مع جرائم قتل النساء

ينتظر والدا المغدورة الشابة استبرق بركة، بعد عام على مقتل ابنتهما، تحقيق العدالة لها، بعد أن ضربها زوجها وهي حامل بالشهر الثالث حتى الموت، وهي جريمة من حالات العنف ضد النساء المتزايدة في قطاع غزة المحاصر.

غزة: تساهل السلطات مع جرائم قتل النساء

من مظاهرة سابقة في قطاع غزّة (Gettyimages)

ينتظر والدا المغدورة الشابة استبرق بركة، بعد عام على مقتل ابنتهما، تحقيق العدالة لها، بعد أن ضربها زوجها وهي حامل بالشهر الثالث حتى الموت، وهي جريمة من حالات العنف ضد النساء المتزايدة في قطاع غزة المحاصر.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

انهال الزوج (25 عاما) على استبرق التي كانت تستعد لتقديم امتحان الثانوية العامة، بأكثر من خمسين لكمة على جسمها الذي تضررت سبعون بالمئة من من أعضائه، بحسب والديها.

وتشرح والدتها نظمية بركة (52 عاما) كيف فقدت واحدة من ابنتيها الوحيدتين. وتقول إن"الطب الشرعي أثبت انها ماتت من شدة الضرب الذي أدى لحدوث نزيف في الدماغ والرئتين وتهتك في أضلاع القفص الصدري".

وتروي الأم الثكلى وهي تنظر إلى زوجها سليمان بركة (70 عاما) الذي يحاول عبثا حبس دموعه أو إخفاءها بطرف كوفيته الحمراء والبيضاء، قصتها بينما يجلسان في أرض زراعية على الحدود الشرقية لمدينتهما اشتراها الأب نزولا عند رغبة ابنته استبرق التي كانت تحب الزراعة والورود قبل أسبوعين من وفاتها، كما يرويان.

ويعكس مصير استبرق وضع عدد كبير من نساء غزة، إذ يفيد تقرير صادر عن مكتب الاحصاء الفلسطيني في 2019 بأن أكثر من 38% من النساء في القطاع الذي تحكمه حركة "حماس" ويحاصره الاحتلال الإسرائيلي منذ 2007، تعرضن لعنف نفسي أو جسدي.

وتفيد أرقام مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي في مدينة غزة بأنه سجل ست حالات قتل أو انتحار بسبب عنف زوجي مفترض في 2019. لكن في 2020 ارتفع عدد هذه الحالات إلى 19 في هذه المنطقة التي لا يمكن الفرار منها.

ويزور والدا استبرق قبر ابنتهما يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع منذ وفاتها. لكنهما يصران على البقاء في حداد حتى إصدار حكم القتل بحق صهرهما الذي قام بتسليم نفسه للشرطة.

وقال والدها إن "الجاني اعترف بجريمته منذ سنة وشهر لكن حتى الآن لم يحصل شيء". وأضاف "أطالب الحكومة بالإسراع"، بينما أكدت زوجته "لن نفتح بيت عزاء حتى نحصل على حقها".

يجمع مراقبون على أن جرائم العنف المنزلي ارتفعت خصوصا بسبب وباء فيروس كورونا الذي أدى إلى "حبس الناجين من العنف مع مهاجميهم في المنزل"، بحسب هيئة الأمم المتحدة للمرأة.

لكن الأرقام بعيدة عن الواقع. وتقول المحامية في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان آية الوكيل إن "كثيرا من النساء تتعرض للضرب والإهانة من الزوج ويعتبرن أن هذا حق من حقوقه وليس عنف ضدها".

وتصطدم النساء خصوصا بقانون الأحوال الشخصية الذي يختص بقضايا الطلاق والحضانة والميراث وينتقد خبراء استمرار تطبيقه منذ خمسينات القرن الماضي.

ويهدد هذا القانون الأمهات المعنفات بخسارة حضانة أطفالهن في حال لجوئهن لطلب الطلاق، كما توضح منى الشوا مديرة قسم دائرة المرأة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

من حملة لدعم قضايا النساء في غزة (Gettyimages)

وتضيف الشوا أن القانون يمنح الأب الحق في حضانة الأطفال في سن التاسعة للابن والحادية عشرة للابنة، مشددة على أن المرأة "تفضل أن تكون ضحية ولا تطلب الطلاق لأنها تعلم أنها ستفقد حضانة أطفالها".

وتقول هيئة الأمم المتحدة للمرأة إن القوانين "البالية والتمييزية تمنع الناجيات من العنف من الحصول على العدالة"، وغالبا ما تواجه الناجيات من العنف وصمة العار الاجتماعية وإلقاء اللوم عليهم كمسؤولات عن العنف الذي تعرضن له".

في شباط/ فبراير الماضي، قتلت نهى اخزيق (31 عاما) نتيجة ضربهما من زوجها أمام اطفالهما الأربعة في مدينة غزة بحسب عائلتها.

كانت الضحية تلجأ إلى بيت والديها بعد اعتداءات زوجها المتكررة خلال زواجهما، إلا إنها كانت تهرب كل مرة للعودة لبيت زوجها للبقاء مع اطفالها بحسب ما يروي شقيقها عبد العزيز (28 عاما).

ويقول الشاب الذي يتقاسم مع شقيقته ملامح الوجه ولون العيون الخضراء "كانت ترفض الطلاق لأنها خائفة من خسارة أطفالها. الطب الشرعي أكد أن الوفاة حدثت نتيجة نزيف حاد في الرئتين بعد ضربها بعنف في القفص الصدري".

ويتابع بحسرة أن "زوجها قام بتقييدها وتركها في البيت حتى لا تهرب إلينا وغادر حين عاد كانت قد ماتت".

وعلى الرغم من إقراره بالشعور بالرضا بعد صدور حكم بالإعدام على الزوج بعد خمسة أشهر من الحادثة، يطالب الحكومة في غزة بالتسريع بتنفيذ الحكم.

يوجد في غزة مأوى رئيسي واحد لحماية النساء المعنفات في القطاع الساحلي المحاصر منذ 2007 الذي يعيش فيه أكثر من مليوني نسمة.

وتدير وزارة الشؤون الاجتماعية التابعة لحركة "حماس" المأوى الذي يطلق عليه اسم "بيت الأمان" منذ تأسيسه عام 2011 ويضم حاليا أكثر من ثلاثين سيدة، بحسب مديرة المركز سهاد قنيطة.

داخل المأوى تجلس سيدة في غرفة طليت جدرانها باللون الأصفر بينما تغطي كدمات زرقاء كامل جهها وعينيها، وتستعد مع ذلك للموافقة على اتفاق صلح للعودة لزوجها الذي اعتدى عليها بالضرب.

وتقول المتحدثة باسم وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية، عزيزة الكحلوت "القانون ليس مع المرأة طول الوقت في قطاع غزة، فكرنا بفتح بيت الأمان بسبب تعرض النساء للظلم".

وتتابع الكحلوت أن "الحصار الاسرائيلي زاد العنف الأسري في القطاع بسبب سوء الاوضاع وضيق الأفق أمام المواطنين".

لكن هذا ليس كافيا لسليمان بركات الذي يرى أن سلطات غزة مسؤولة جزئيا عن موت ابنته. وقال الرجل الذي يضع صورة لابنتيه وهما طفلتين كخلفية لشاشة هاتفه "هناك محكومين بالاعدام منذ عشر سنوات من دون تنفيذ الاحكام".

وأضاف أن "هذه المماطلة تشجع المجرمين".

التعليقات