الصحف الاسرائيلية: بانتظار خطط اخرى لاخلاء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية

المحللون الاسرائيليون يعتبرون بدء تنفيذ اخلاء المستوطنات يشكل نهاية لاسطورة ارض اسرائيل الكبرى، لكن شارون ما زال يؤكد على معادلته: الانسحاب من القطاع مقابل تعزيز الاستيطان في الضفة والقدس

الصحف الاسرائيلية: بانتظار خطط اخرى لاخلاء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية
اغلق الجيش الاسرائيلي عند منتصف الليل الفائت الحاجز العسكري عند مفترق كيسوفيم المؤدي الى الكتلة الاستيطانية غوش قطيف معلنا بذلك بدء تنفيذ خطة فك الارتباط واخلاء المستوطنين من القطاع ومن اربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية.

واغلق الجيش الاسرائيلي حاجز كيسوفيم وسط حشد من ممثلي وسائل الاعلام الاسرائيلية والعالمية خصوصا جمعهم في المكان.

ووضع الجيش لافتة كتب عليها باللغتين العبرية والانجليزية "قف! بموجب القانون يحظر الدخول الى قطاع غزة والمكوث فيه" وكتب الى جانب ذلك تاريخ الاغلاق: 15.08.05.

وبدأ 600 طاقم من ضباط وافراد الجيش والشرطة الاسرائيليين اليوم الاثنين بتوزيع بلاغات الاخلاء على المستوطنين في القطاع تقضي بوجوب اخلاء انفسهم طواعية خلال اليوم وغدا وبعد غد والا فان الجيش سيخليهم بالقوة.

وتوقع رئيس اركان الجيش الاسرائيلي دان حالوتس في مؤتمر صحفي عقده امس الاحد ان تخلي 50% من عائلات المستوطنين نفسها طواعية.

لكن حالوتس قال ان تقديرات الجيش بخصوص عدد المستوطنين من الضفة الغربية ونشطاء اليمين المتطرف الاسرائيلي الذين تسللوا الى مستوطنات القطاع بهدف منع الاخلاء كانت اقل من الواقع.

واضاف حالوتس ان عدد المتسللين يبلغ 5000 تقريبا وليس 3000 كما كانت تقديرات الجيش حتى الامس.

وسيشكل هؤلاء المصدر الاساسي لمحاولات مقاومة الاخلاء.

كذلك سلّم ضباط وافراد الجيش والشرطة بلاغات الاخلاء للمستوطنين في اربع مستوطنات معدة للاخلاء في شمال الضفة الغربية.

يشار الى ان الجيش الاسرائيلي حشد 32 الف جندي فيما حشدت الشرطة 10 الاف شرطي في قطاع غزة لتنفيذ عملية اخلاء المستوطنين ولاحباط نشاطات المتسللين لمستوطنات القطاع.

ونقلت تقارير صحفية اسرائيلية عن مصادر في الشرطة قولها انه في حال اخلى 50% من المستوطنين في القطاع انفسهم طواعية حتى يوم الخميس المقبل فان عمليات اخلاء المستوطنين الاخرين والمتسللين ستستكمل في غضون عشرة ايام أي قبل نهاية الشهر الجاري.

وعلى اثر اغلاق حاجز كيسوفيم وصل بضع مئات من شبيبة المستوطنين الذين تسللوا الى القطاع الى بوابة مستوطنة نافيه دكاليم في محاولة لمنع دخول قوات الامن الاسرائيلية الى المستوطنة واشعلوا مواقد وثقبوا اطارات عدد من سيارات الجيب العسكرية.

الا ان مواجهات عنيفة نسبيا وقعت بعد منتصف الليلة الماضية في مستوطنة شافيه شومرون القريبة من مدينة نابلس في قلب الضفة الغربية بعدما اغلق الجيش المخرج الشرقي للمستوطنة المؤدي الى مستوطنتي حوميش وسانور المعدتين للاخلاء في شمال الضفة الغربية.

وافادت وسائل اعلام اسرائيلية ان قرابة 200 مستوطن اصطدموا مع قوات الجيش في مستوطنة شافيه شومرون وهي معقل لغلاة المستوطنين اسفرت عن اصابة ضابط في سلاح الجو الاسرائيلي بجروح طفيفة.

وكشفت صحيفة هآرتس في عددها الصادر اليوم عن اتصالات سرية يجريها ضباط في الجيش الاسرائيلي مع مستوطنين في القطاع للتوصل الى تفاهمات حول اخلائهم بالاتفاق.

وتبين ان من اصل 21 مستوطنة هناك عشرة مستوطنات قسم من المستوطنين فيها ينتمون الى اليمين الاسرائيلي المتطرف ويرفضون الاخلاء طواعية.

وافادت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان الغالبية العظمى من المستوطنين في مستوطنات دوغيت وايلي سيناي ونيسانيت غادرتها الى مناطق استيعاب المستوطنين داخل الخط الاخضر وبذلك لم تبق سوى مستوطنة كفار داروم في وسط القطاع بين المستوطنات الواقعة خارج كتلة غوش قطيف الاستيطانية.

من جهة اخرى خصصت وسائل الاعلام الاسرائيلية المرئية والمسموعة والمقروءة معظم برامجها وصفحاتها لتغطية بدء تنفيذ خطة فك الارتباط ولاعطاء منصة للمستوطنين للتعبير عن مشاعرهم.

وبدا ان غالبية المستوطنين سيرضخون لقرار الحكومة والكنيست الاسرائيليين بالاخلاء وان المعارضة الاساسية تتركز في صفوف اليمين المتطرف وغلاة المستوطنين.

ونشرت الصحف الاسرائيلية تحليلات تناولت فيها عدة جوانب لعملية اخلاء الفلسطينيين ولعملية فك الارتباط عموما.

وكتب المحلل العسكري زئيف شيف مقالا في صحيفة هآرتس قال فيه ان ثمة مسألتين عسكريتين اساسيتين "تقلق" الجيش والشرطة وجهاز الشاباك مع بدء تنفيذ اخلاء المستوطنين من القطاع وشمال الضفة.

واضاف ان المسألة الاولى تتعلق فيما اذا كان يتواجد في غوش قطيف وشمال الضفة متطرف يهودي سيقوم باطلاق النار باتجاه قوات الامن الاسرائيلية.

والمسألة الثانية تتعلق فيما اذا كانت حركة حماس وتنظيمات فلسطينية مسلحة اخرى ستقوم باطلاق النار اثناء تنفيذ اخلاء المستوطنين من قطاع غزة.

ولفت شيف الى ان قوات الامن الاسرائيلية تستعد للاحتمالين.

واضاف ان تقويمات للوضع "رافقها جدل" جرت خلال الايام الماضية تتعلق بهاتين المسألتين في قيادة الاجهزة الامنية الاسرائيلية.

وتبين من خلال المداولات التي اجرتها اجهزة الامن ان عدد المتطرفين اليهود الذين يمكن ان يطلقوا النار باتجاه قوات اسرائيلية قليل ولا يتعدى المئة متطرف يهودي.

واوضح ان الخمسة الاف متسلل الى مستوطنات قطاع غزة الذين تحدث عنهم رئيس اركان الجيش الاسرائيلي في المؤتمر الصحفي امس هم عائلات من المستوطنين ومعهم الكثير من الاولاد ولا تعتبرهم اجهزة الامن كمن يمكن ان يستخدموا اسلحتهم اثناء اخلائهم بالقوة.

واضاف شيف ان عشرات المتطرفين الذين يمكن ان يطلقوا النار على قوات الامن الاسرائيلية يحمل غالبيتهم بنادق "واسماؤهم معروفة منذ وقت طويل".

الجدير بالذكر ان بحوزة هؤلاء المتطرفين بنادق ومسدسات مرخصة وحصلوا عليها من الجيش الاسرائيلي المسؤول عن كل ما يجري في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقد سلم الجيش الاسرائيلي هذه الاسلحة لغلاة المتطرفين خصوصا بزعم "حماية انفسهم" من هجمات فلسطينية محتملة وغالبيتهم يقيمون في بؤر استيطانية عشوائية.

وتفترض اجهزة الامن الاسرائيلية ان هناك عددا من المتطرفين اسماؤهم غير معروفة "مثل الارهابي اليهودي عيدن نتان زادة "منفذ عملية شفاعمرو الارهابية.

ويذكر ان اجهزة الامن الاسرائيلية ادعت بعد وقوع عملية شفاعمرو الارهابية بان "عدم التوقع بقيام زادة بعملية من هذا النوع هو فشل في عمل الشاباك والجيش ناجم عن عدم التنسيق بينهما".

وتذكر الاجهزة الامنية الاسرائيلية في هذا السياق المعلومات التي حصلت عليها بعد عملية شفاعمرو الارهابية وتفيد بان زادة كان قد ابلغ زملاءه في مستوطنة تبواح انه متوجه مع سلاحه الى غوش قطيف لمقاومة اخلاء المستوطنين.

وقال شيف ان التقويمات حيال امكانية اطلاق الفلسطينيين النار خلال عمليات اخلاء المستوطنين مختلفة.

وبحسب مصادر اجهزة الامن الاسرائيلية فان المسؤولين في السلطة الفلسطينية ابلغوا مبعوثين امريكيين واسرائيليين بانهم "اقنعوا حماس بالامتناع عن اطلاق النار اثناء فترة الاخلاء".

وقال شيف ان "عدد افراد القوات الفلسطينية التي تم نشرها في القطاع لمنع اطلاق مسلحين فلسطينيين النار باتجاه اهداف اسرائيلية هو 1500 وليس 5000 كما وعد وزير الداخلية الفلسطيني نصر يوسف".

رغم ذلك فان تقويمات اجهزة الامن الاسرائيلية تفيد بان حماس ستمتنع عن اطلاق النار اثناء الاخلاء.

الا ان هذه التقويمات تفيد بان هذا التوجه من جانب حماس سيتغير فور انتهاء الاخلاء وبقاء قوات الجيش الاسرائيلي وحدها في القطاع لشهر اضافي بهدف هدم مباني وبنى تحتية في مستوطنات القطاع.

وبحسب تقويمات اجهزة الامن الاسرائيلية فان حماس سيبدأ باطلاق النار بهدف اظهار ان الجيش الاسرائيلي ينسحب تحت اطلاق النار "ليعتبر الانسحاب نصرا فلسطينيا".

ونقل شيف عن مصادر عسكرية اسرائيلية قولها انه في حال اطلاق الفلسطينيين النار اثناء اخلاء المستوطنين فان عمليات الاخلاء ستتوقف وسيرد الجيش الاسرائيلي بقوة.

من جانبه اعتبر المراسل العسكري لصحيفة يديعوت احرونوت الكس فيشمان في مقال نشره اليوم ان اغلاق حاجز كيسوفيم عند منتصف الليلة الماضية لا يعبر عن بداية خطوة تكتيكية فحسب وانما يعبر عن "وضع حجر الاساس لعملية سياسية دراماتيكية ذات اهمية تاريخية نهايتها غير معروفة، لاقامة حدود دائمة ومعترف بها لدولة اسرائيل وللدولة الفلسطينية".

وادعى فيشمان ان "خطة التقسيم مع تعديلات عصرية قد انطلقت" واضاف ان "هذه الخطة هي صنعت الفارق الجوهري بين الانسحاب من شبه جزيرة سيناء في العام 1982 والانسحاب من غزة في العام 2005".

ونقل فيشمان عن مصادر امنية اسرائيلية قولها ان "عدد الاشارات التي تنبئ بحدوث نشاطات عنيفة اثناء عمليات الاخلاء من جانب المتطرفين اليهود اخذة بالتزايد".

واضاف ان "احد الاخفاقات الكبيرة التي حدثت هو حقيقة عدم سيطرة اذرع الامن على عدد المتسللين الى القطاع".

واشار الى ان الضباط الميدانيين في الجيش الاسرائيلي يتحدثون عن امكانية تسلل اكثر من 5000 متطرف يهودي الى مستوطنات القطاع.

وتابع ان الحل الذي يوفره الجيش امام تسلل المتطرفين هو باضافة فرقة عسكرية الى الفرق الثلاث المتواجدة في القطاع.

لكن فيشمان، الذي يعتبر مقربا من اجهزة الامن الاسرائيلية، اضاف انه "قد نفاجأ بعملية تكتيكية تنفذها الفرقتان اللتان ستعملان على اخلاء المستوطنين بالقوة بان نراها يوم الاربعاء المقبل تعمل في قلب المستوطنات (التي يتواجد فيها المتسللون) وليس في المستوطنات التي يعتبر اخلاؤها سهلا والتي اصبح عدد المستوطنين فيها قليل جدا".

من جانبه افاد المراسل العسكري لهآرتس عاموس هرئيل ان اجهزة الامن الاسرائيلية اوضحت لقادة المستوطنين ان اللعبة انتهت" وان الجيش والشرطة "لن يضيعا الوقت في صراع قوى واتصالات سرية".

ويذكر ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون كان قد اعلن في شباط/فبراير 2004 عن خطة فك الارتباط لاول مرة خلال مقابلة صحفية منحها للكاتب الصحفي يوئيل ماركوس الذي يعتبر كبير كتبة المقالات في هآرتس.

ونشرت هآرتس على صفحتها الاولى اليوم مقالا بقلم ماركوس تحت عنوان "انتهى الحلم" استذكر فيه اقوال شارون في تلك المقابلة.

وكتب ماركوس ان "ما التقطته اذني اكثر من أي شيء اخر (في تلك المقابلة مع شارون) كانت الجملة انه //لا يمكن النظر الى الاخلاء على انه نهاية العملية//".

واضاف ماركوس ان شارون "اتخذ قرارا نهائيا بينه وبين نفسه يقضي بتقسيم البلاد ووداع فكرة ارض اسرائيل الكاملة".

ولفت ماركوس الى اقوال شارون في الايام الاخيرة الماضية بان "كان لدينا حلم لكنه غير قابل للتنفيذ".

ويذكر ان شارون كان قد اعترف في مقابلة نشرتها صحيفة يديعوت احرونوت يوم الجمعة الماضي بان الانسحاب من قطاع غزة جاء نتيجة عمليات المقاومة الفلسطينية ضد الجيش الاسرائيلي والمستوطنين.

وقال شارون ليديعوت احرونوت "كان واضح لي منذ البداية ان العملية (الانسحاب من قطاع غزة) لن تمر بسهولة لكن التواجد في غزة وكل ما يتعلق بذلك والثمن الذي ندفعه كان يجب ان ينتهي".

وانتقد ماركوس بشدة الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساب الذي القى الاسبوع الماضي خطابا طلب فيه "السماح" من المستوطنين على اخلائهم.

وقال الكاتب انه "كان على كتساب طلب السماح من جنود الجيش الاسرائيلي، الابناء والاباء، الذين شكلوا على مدار عشرات السنوات درعا واقيا للمستوطنين".

ويأتي مقال ماركوس في اطار الجدل الاسرائيلي الداخلي حول خطة فك الارتباط اذ انهى مقاله بالقول ان شارون لن يطلب في خطابه مساء اليوم (الاثنين) السماح من المستوطنين "فهؤلاء استنفذوا حقهم في الاحتجاج واصبحوا الان يلحقون ضررا في صلاحيات الدولة وبمناعتها القومية وبالنظام الدمقراطي.

"لن يجرؤ المستوطنون على رفع اصبع ضد الجيش والشرطة كي لا يحولوا استمرار وجود الدولة الى حلم".

والتزم كبير صحافيي يديعوت احرونوت ناحوم برنياع بخط الدفاع عن فك الارتباط من جهة والتنبؤ بانسحابات اسرائيلية مستقبلية من الضفة الغربية.

وكتب برنياع مقالا احتل الصفحتين الثانية والثالثة في يديعوت احرونوت قال فيه انه "عندما تجف دموع المستوطنين ويهدأ الغبار الاعلامي فان ما سيبقى في الوعي هو ان هذه المرة الاولى التي فيها اخلاء مستوطنات داخل المنطقة التي تعتبر ارض اسرائيل".

واضاف ان لعملية كهذه "اهمية بالغة للغاية من الناحيتين الاجتماعية والسياسية.

"لقد فقد المستوطنون حق الفيتو الذي كانوا يتمتعون به حيال اخلاء مستوطنات.

"وقد ارتدع رابين وبيرس وبراك (وجميعهم رؤساء وزراء من حزب العمل) امام قوة المستوطنين الكبيرة".

واعتبر برنياع ان "شارون كان اشجع منهم لانه تجرأ على وضع علامة سؤال على الاسطورة الرمز (ارض اسرائيل الكاملة) ونفذ ذلك بصورة احادية الجانب ايضا".

واضاف ان "المنطق ذاته الذي قاد الى اتخاذ قرار اخلاء المستوطنات الحالية سيقود الى خطة اخلاء مستوطنات اخرى.

"لقد قلصت اسرائيل تطلعاتها (لتشمل) الكتل الاستيطانية".

من جانبه، ما انفك رئيس وزراء اسرائيل عن تكرار توضيح "اهمية" خطة فك الارتباط مؤكدا على ان المعادلة هي "الانسحاب من غزة لتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية والقدس والجليل والنقب".




التعليقات