15/05/2015 - 18:59

القاتل الأخطر في اليرموك: فقد عيناً ويبحث عن ثأر (١)

هو أمير الحرب الفلسطيني السوري الذي كان سابقاً صاحب محل لتصليح الدرجات الهوائية في حي الحجر الأسود بجنوب دمشق، اليوم فقد البصر في عينه اليمنى، ولا تزال ثلاثة شظايا في جمجمته، يتحسس عينه ورأسه، ويبحث عن ثأره في مخيم اليرموك.

القاتل الأخطر في اليرموك: فقد عيناً ويبحث عن ثأر  (١)

كيس الخبز الذي علقه "المؤذن" وميليشيته

أمر 'المؤذن' أحد عناصره بتعليق ربطة خبز في ساحة الريجة في مدخل مخيم اليرموك ليراها السكان بشكل واضح، فيما جلس خلف قناصته يصطاد الجائعين في تشرين الأول/أكتوبر 2013. المخيم خال تماماً من الطعام ويّسجل يومياً حالة وفاة جديدة نتيجة الحصار والجوع، فكر وهو يرصد الساحة، كيف لغّم جثة وأدخلها إلى المخيم، فانفجرت وقتلت خمسة عشرة شخصًا بينهم أطفال في منتصف 2013. ماهر المؤذن هو 'أمير الحرب' الفلسطيني السوري الذي كان سابقًا صاحب محل لتصليح الدرجات الهوائية في حي الحجر الأسود جنوب دمشق، واليوم، فاقد البصر في عينه اليمنى، ولا تزال ثلاثة  شظايا في جمجمته، يتحسس عينه ورأسه، ويبحث عن ثأره في مخيم اليرموك.

اعتاد في الماضي عدد كبير من اللاجئين الفلسطينين في سوريا على تلقي تدريبات عسكرية في معسكرات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، في معسكرات الناعمة في لبنان، وكان من السهل على الفلسطيني السوري الذي يحمل بطاقة تعريف من القيادة العامة أن يدخل إلى لبنان عبر الخط العسكري، في الفترة التي كان ينتشر فيها الجيش السوري في الأراضي اللبنانية.

 ماهر المؤذن هو أحد عناصر القيادة العامة الذين تلقوا تدريبًا عسكريًا عال المستوى، وحتى ما قبل تشكيل اللجان الشعبية في اليرموك في تموز/ يوليو عام 2012 ، لم يكن هو مع أكثر من تسعمئة عنصر من ميليشيا القيادة العامة يلعبون أي دور عسكري في الصراع السوري.

بدء نجم المؤذن في الصعود بعد مظاهرة الحادي عشر من تموز/ يوليو 2012.  كان 17 جنديًا فلسطينيًا من عناصر الخدمة الإلزامية في جيش التحرير الفلسطيني،  قد استشهدوا بعد أن اختطفهم مجهولون وهم في طريقهم من معسكر للتدريب في مصياف بحماة إلى مخيم النيرب  في حلب،  كان الحدث صادماً للمخيمات التي خرجت تنديداً بالمجزرة المروعة، وكان نصيب اليرموك حينها عدد من الشهداء في المظاهرة التي استخدم فيها الأمن السوري الرصاص الحي، فسقط عدد من الشهداء داخل المخيم  للمرة الأولى منذ بداية الثورة السورية. التهب المخيم، وتدخلت مجموعات للجيش الحر من أحياء التضامن، واشتبكت مع الأمن السوري، لتعلن الأحياء المجاورة لليرموك بداية اشتعال دمشق انطلاقاً من اليرموك، وبات الدخول إلى المخيم من قبل المعارضة السورية حدثاً شبه يومي.

تحت شعار “حماية المخيم”، اجتمعت الفصائل الفلسطينية المتواجدة في دمشق، 'لتجنيب المخيم الدخول في الصراع'، فعرضت القيادة العامة فكرة تشكيل لجان شعبية، الأمر الذي رفضته عدة فصائل ووافقت عليه أخرى في وقت لاحق، وتحملت القيادة العامة مسؤولية تشكيل هذه اللجان على عاتقها، كما تحملت مسؤولية النتائج وحدها، كما قال أمينها العام أحمد جبريل في خطاب لاحق له في ذات الشهر.

حتى الآن لم يكن المؤذن قد انخرط في لجان جبريل، وانتقل من منزله في الحجر الأسود بعد سيطرة المعارضة على الحي، إلى منزل ذويه في شارع العروبة المتاخم لبلدة يلدا، التي كانت تحت سيطرة المعارضة المسلحة، كان قد خسر منزله وورشته، وتضاربت الروايات حول شقيقه إذا ما كان قتل من قبل المعارضة، أم اختظف ثم قتل لاحقاً، كان المؤذن ينتظر، حين كلفه جبريل شخصياً  بوضع البذور الأولى للميليشيا الخاصة به، فقاد المؤذن مجموعة عرفت باسمه في شارع العروبة اختارها من قاع المخيم الاجتماعي، نجت في صدّ عدة محاولات للدخول إلى اليرموك من جهة يلدا، وينقل عنه سكان المخيم تلك الفترة تميزه بشراسة عالية في القتال، إلى درجة كان فيها يلاحق المقاتلين المتسللين إلى المخيم حتى بعد انسحابهم إلى مداخل يلدا.

حتى الآن لم يكن المؤذن قد تورط بقتل أي مدني، كانت كل عملياته تقتصر على خطوط النار مع عناصر المعارضة المسلحة، وسرعان ما اكتسب شهرة كبيرة نتيجة ما تمتع من شراسه مع مقاتليه، حتى أنه تدخل في حالات عدة لفلك نزاعات داخلية في المخيم، منها حادثة تدخل فيها لفتح مخبز أغلقه القائمون عليه بعد أن باعوا الطحين لبلدة يلدا، فقام المؤذن مع مقاتليه بفتح المخبز عنوة وإعادة الإنتاج، ما رفع من شعبيته لدى بعض السكان.

قبل الحادثة  المفصلية في اليرموك، حين قصفت  طائرة من سلاح الجو التابع للنظام جامع فلسطين في السادس عشر من كانون الأول/ ديسمبر عام 2012، بأربعة أيام فقط، كانت المعارضة  السورية المسلحة قد سيطرت على شارع العروبة  وبدأت تتقدم باتجاه شارع اليرموك، انهارت ميليشا جبريل بشكل كامل، المئات من عناصره فروا باتجاه دمشق، أو انشقوا وانضموا للمعارضة المسلحة، بدأت الأنباء تشير إلى اقتراب معركة دمشق، ففرت وجوه القيادة العامة باتجاه بلدان عربية وأجنبية، منهم أحمد جبريل الذي غادر سوريا باتجاه مصر، المؤذن أيضاً غادر موقعه في العروبة باتجاه شارع اليرموك، وهو من كان مطلوباً من تنسقيات الثورة في ريف دمشق، وبالذات في الحجر الأسود ويلدا، فما كان منه قبل انسحابه إلا أن فخخ سيارة كانت مركونة أمام منزل عائلته وفجرها، مودياً بحياة عدد غير معروف من المدنيين في ثلاثة أبنية طالها التفجير.

تحصن المؤذن في شارع اليرموك، وقاد معاركه من هناك وحيداً إلا من خمسة مخلصين من عناصره، لم تكن القوات النظامية قد تدخلت براً في المخيم، ولم يتوغل عناصر 'شبيحة' شارع نسرين في حي التضامن المجاور للقتال معه، لخمسة أيام بقي المؤذن محاصراً  ويقاتل في شارع اليرموك، فيما كانت القذاىف تُمطر سقف البناء الذي يتحصن فيه وكاد  أن يهدم فوقه،  لكنه نجا من أخطر معركة خاضها حتى الأن، وخرج حياً لينتقل إلى مداخل المخيم وتبدأ ميليشيته في لعب الدور الأكثر إجراماً بحق مخيم اليرموك.

يتبع في الجزء الثاني...

التعليقات