16/10/2010 - 16:48

اصدار جديد: "ضحايا الجهل، من هم العرب؟"

يتميز كتاب (ضحايا الجهل، من هم العرب؟) للدكتورين اسامة الخالدي ومنير شماعة بثراء في المعلومات الموثقة عن القضية الفلسطينية وبكونه يشكل قراءة سهلة ممتعة.. ولكن !!

اصدار جديد:

                                                                                                                       صورة توضيحية

يتميز كتاب (ضحايا الجهل، من هم العرب؟) للدكتورين اسامة الخالدي ومنير شماعة بثراء في المعلومات الموثقة عن القضية الفلسطينية وبكونه يشكل قراءة سهلة ممتعة.. ولكن !!

اما ما يحتمل ان يأتي بعد "ولكن" فهو اتجاه قد يتكون عند بعض القراء ويتمثل في أمرين أولهما الى من يتوجه هذا الكتاب القيم؟ وثانيهما ما قد يخطر لقارىء ان يسمّيه "طيبة قلب" المؤلفين على رغم انهما اسمان شهيران في مجال العلم كل في اختصاصه.

توضيحا لذلك لا بد من ان نلاحظ ان كثيرا من المعلومات الواردة في الكتاب لاظهار حقائق وتوضيح ما قد يكون غامضا في القضية الفلسطينية منذ البداية جاء نتيجة ان الكتاب موجه الى القارىء الغربي لايضاح الامور له.. هنا اهمية الامر لانه لو كان هدف الكاتبين هو القارىء العربي فلا بد من القول ان اهمية هذه المعلومات هي في الغالب انها موثقة بوضوح يساعد المهتمين بالامر.

لكن هذه المعلومات عامة ليست مجهولة عند اي مثقف عربي ذي اطلاع معقول على قضية فلسطين والقضايا القومية في العالم العربي.

اما الامر الاخر فلايضاحه لا بد من الاشارة الى النتائج التي استخلصها المؤلفان واورداها في نهاية الكتاب.

الفصل الاخير حمل عنوان "الخاتمة" واستهل ببيت من معلقة الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد اذ يقول:

وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند.

خلاصة هذا القول اذن يمكن ان نقرأها ويقرأها القارىء الغربي على الشكل التالي: ان ما اصابنا من ويلات وظلم انما هو من صنع ايدينا او فلنقل من صنع جهلنا.

في هذا القول قدر من الحقيقة دون شك لكن الزعم انه كل الاسباب يستجلب كلام القارىء - الذي قد يكون مخطئا او ظالما وان بنية حسنة وعسى ان يكون الامر كذلك - عن طيبة القلب المشار اليها.

ولا بد من ان نتابع القراءة في بعض ما ورد في الخاتمة التي بدأت بالقول:

"خلافا للفصول السابقة ينقل هذا الفصل مشاعر وانطباعات الكاتبين العربيين وبذلك قد يكون عرضة لموافقة القارىء الغربي او بعض العرب او عدم موافقتهم. وفي رأينا يتقاسم اغلبية الشعب العربي الانطباعات الاولى سواء كانوا مسلمين او مسيحيين متعصبين متطرفين او عربا ليبراليين معتدلين."

وقالا "واخيرا ليس هناك من مناقشة كاملة للعلاقات العربية - الامريكية من دون ان نتطرق الى موضوع الاسرائيليين. يعجز العرب عن استيعاب مسألة الدعم المادي والعسكري والسياسي الكبير وغير المشروط الذي تمنحه الولايات المتحدة لدولة اسرائيل على حساب ثلاثمائة مليون عربي ومليار وثلاثمائة مليون مسلم..."

واضافا "وقد تناولنا في فصول سابقة النظرة الامريكية غير المنصفة والمتحيزة التي يبديها الامريكيون نحو الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني. ويكفي القول بان صمت الولايات المتحدة التام في ما يخص قرارات مجلس الامن في الامم المتحدة التي تطالب الاسرائيليين بالانسحاب من الاراضي المحتلة والقبول بحيازة اسرائيل لترسانة من اسلحة الدمار الشامل فيما شنت حربا مكلفة من اجل ذريعة العراق نفسها وبناء جدار عنصري فاصل على ارض عربية بين العرب واليهود من دون اي توبيخ شفهي ما عدا الاضعف الذي وجهته الولايات المتحدة هي امثلة عن بعض الدعم الذي يمارس على العرب."

وانتقلا الى القول "وقد اجبرت هذه الاسباب العديد من العرب بمن فيهم الاكثر تحررا على تصنيف ادارة الولايات المتحدة كعدو للعرب. وسؤالنا هو: هل يصب الخط الذي تتبعه السياسة الامريكية في مصلحة الشعب الامريكي؟

"وهل تدعي السياسة الامريكية انها سوف تسلك المسار الذي يتماشى مع المباديء الديمقراطية؟ ام هي مسألة معايير مزدوجة بحيث تنطبق الفئة الاولى مع السياسات الامريكية الداخلية والفئة الاخرى مع الشرق الاوسط.. ولماذا يتم نقض او تجاهل القرارات الامنية التي تلقي اللوم على اسرائيل بينما يتم التشديد على القرارات المعادية للعرب؟"

وفي الختام وبعد هذه التساؤلات المحقة التي يجب ان يسمعها المواطنون الغربيون يقول الكاتبان ما لا يبدو ان القارىء حتى القارىء الغربي المطلع سيقتنع به.

"و تفسيرنا الوحيد لهذا السلوك غير المنطقي وغير المنصف هو اننا نحن العرب ضحايا الجهل في الولايات المتحدة والعالم الغربي."

وعلى ما في هذه الخلاصة من الصحة فلا بد من القول ان فيها تبسيطا وطيبة قلب وهي هنا بالمعنى الجيد اي الخلقي الرفيع الذي ربما تسببت مثالية لديه في ان تفوته بعض الاسباب الاخرى غير "الجهل."

والواقع ان الدول ليس قادتها عادة من "المبشرين" النبلاء فالذين يتخذون القرارات في الولايات المتحدة والعالم الغربي لا يجهلون واقع العرب الى هذا الحد بل ان مصادر معلوماتهم كما يقول البعض توصل اليهم كل شيء وكل التفاصيل "وحتى ما يحلم به العرب" كما قال احد المتابعين لهذا الامر.

ويضيف انه اذا لم يكن الجهل وحده وراء هذه القرارات الظالمة فلا بد من ان تكون هناك اسباب اخرى "تجعل الالام العربية والمظالم في حق العرب التي لم تعد بفضل الاعلام على الاقل تخفى على الانسان العادي في اقاصي الارض غير مرئية وغير مسموعة لدى من يتخذون القرارات في كثير من الدول الكبرى."

الكتاب الذي جاء في 175 صفحة متوسطة القطع صدر عن دار (رياض الريس للكتب والنشر في بيروت). وقد ترجمته عن الانجليزية رنا عدنان فنيش.

الدكتور شماعة طبيب لبناني شهير درس في الجامعة الامريكية في بيروت وتابع دراسته في جامعة هارفارد الامريكية وهو استاذ اكلينيكي في كلية الطب في الجامعة الامريكية في بيروت.

الدكتور الخالدي ولد في القدس وعمل استاذا لمادة الكيمياء الحيوية في الجامعة الامريكية في بيروت طوال سنوات واستاذا زائرا في كلية الطب في جامعة هارفارد ومستشارا في وزارة التنمية والصناعة في البحرين وتولى مركز الامين العام للهيئة العليا للعلوم و التكنولوجيا في دولة الاردن.

ولا بد من الاشارة الى عناوين في فصول هذا الكتاب القيم دون شك ومنها "الارض العربية" والحديث عنها وعن مياهها وانهرها ومشكلة المياه العربية - الاسرائيلية.

ومن العناوين "الخصائص العربية" و"الدين والعرب" و" أديان ابراهيمية مقارنة" و"التشدد الديني" و"اصل الصراع العربي الاسرائيلي" و"الثقافة والتكنولوجيا العربية - الماضي والحاضر" وغير ذلك.

ومن القراءات الممتعة العديدة في الكتاب صورة طريفة مؤلمة ربما بررت الى حد ما القول ان جهل الغربيين للعرب اسهم في مصائبنا.

قال المؤلفان عن سبب تأليفهما للكتاب "ان الدافع هو حادثة بسيطة جدا لكن استفزازية وقعت في ليلة صافية وهادئة من شهر مارس اذار من العام 2004 حين قرر الكاتبان ان يتناولا العشاء في مطعم لبناني شعبي في رأس بيروت مع زوجتيهما. وبعد فترة وجيزة دخل اربعة غرباء رجلان وامرأتان الى المطعم وتبين انهم امريكيون وواجهوا صعوبة في التفاهم مع النادل. فترجم الكاتبان لهم واقترحا عليهم بعض الاطباق.

وبعد حديث معهم تطرق الامر "الى قضية اليوم الاساسية اي قضية العراق.

"كان ادراك زوارنا للعرب والاسلام مغايرا لكل ما نعرفه. فقاموا اولا بتهنئتنا على كوننا لبنانيين لا عربا وفوجئوا حين اخبرناهم بان اللبنانيين عرب. واستنتج السيد الاكبر سنا قائلا "لا بد ان تكونوا اذا عربا مسيحيين" واضاف قائلا "لقد كان لدينا انطباع بان لجميع العرب لحى وشوارب لكن لحيتيكما محلوقتان وزوجتيكما لا تضعان الحجاب وهما ترتديان ثيابا كثياب النساء الامريكيات.

"فأجبناه بانه محق ولكن بنسبة 50 في المئة فقط لان أحدنا مسيحي متزوج بمسيحية واما الاخر فهو مسلم متزوج بامرأة مسيحية. ومرت لحظة قلق بعد ان افصحنا عن اسمينا لان احدنا يحمل اسم "اسامة" الذي اصبح ذا سمعة سيئة. فمضينا نشرح لهم بان اسم اسامة اسم شائع في اللغة العربية يعني الاسد وان كثيرا من المسيحيين والمسلمين يحملونه ثم قدمنا انفسنا بمزيد من التفاصيل...".

التعليقات