16/08/2023 - 21:10

اللغة المشتركة: كيف تتواصل الكائنات الحيّة؟

كشفت دراسات رائدة حول اتّصالات النمل، عن عالم معقّد من الفيرومونات، موضّحة كيف تدعم هذه الإشارات الكيميائيّة السلوك المنظّم لمستعمرات النمل بأكملها

اللغة المشتركة: كيف تتواصل الكائنات الحيّة؟

(Getty)

تعدّ اللغة المشتركة بين الحيوانات موضوعًا قديمًا للبحث، ويكشف النقاب عن الطرق المعقّدة الّتي تتفاعل وتتواصل من خلالها الأنواع المختلفة في بيئاتها، ومن أصوات الطيور إلى الألحان البحريّة، ومن الإشارات الكيميائيّة إلى الإشارات متعدّدة الوسائط، تستخدم الحيوانات مجموعة من طرق الاتّصال الّتي تخدم الوظائف الحاسمة للبقاء والتكاثر والتماسك الاجتماعيّ.

وسلّط علماء الضوء على تعقيد التواصل مع الحيوانات وأهمّيّته لفهمنا للعالم الطبيعيّ، حيث اعتبرت أنّ التواصل هو حجر الزاوية، وبينما طوّر البشر لغات معقّدة لنقل العواطف والأفكار، فإنّ المملكة الحيوانيّة تزخر بأشكال مختلفة من التواصل، والتي يمكن اعتبارها حيويّة بالقدر نفسه للبقاء والتفاعل الاجتماعيّ.

ويشير الاتّصال الحيوانيّ إلى تبادل المعلومات بين الأفراد من نفس النوع أو الأنواع المختلفة من خلال طرائق حسّيّة مختلفة، مثل الإشارات البصريّة والسمعيّة واللمسيّة والكيميائيّة، وتخدم هذه الإشارات مجموعة متنوّعة من الوظائف، بما في ذلك طقوس التزاوج، وتحذيرات الحيوانات المفترسة، وتحديد المنطقة، والتعاون داخل المجموعات الاجتماعيّة، وفي حين أنّ التواصل مع الحيوانات قد يفتقر إلى تعقيد اللغات البشريّة، فإنّه مع ذلك نظام متطوّر يعرض قدرة الأنواع على التكيّف في نقل المعلومات الأساسيّة.

ويعدّ النطق أحد أكثر الجوانب المدروسة جيّدًا للتواصل بين الحيوانات. الطيور، على وجه الخصوص، كانت محطّ تركيز البحث بسبب أصواتها المتنوّعة والمعقّدة، حيث كشفت دراسة أجريت على أصوات العصافير عام 1962، أنّ أصوات العصافير ليست مجرّد عرض للبراعة الصوتيّة، ولكنّها أيضًا شكل من أشكال الاتّصال الّذي يحمل معلومات حول لياقة الطير وأرضه وحتّى هويّته.

كذلك العالم المائيّ يعرف بأنّه غنيّ بأمثلة التواصل بين الكائنات البحريّة، حيث أسرت الحيتان، المعروفة بأصواتها المعقّدة، الباحثين لعقود، وكشفت أبحاث أنّ صوت الحيتان الحدباء يمكن أن تسافر لمسافات شاسعة عبر المحيط، كما تخدم على الأرجح غرضًا مزدوجًا، وهو جذب الأصدقاء والحفاظ على التماسك الاجتماعيّ، وتتشابه التسلسلات الإيقاعيّة والمنقوشة لأصوات الحيتان بشكل ملحوظ مع الموسيقى البشريّة، ممّا يثير أسئلة مثيرة للاهتمام حول الأصول التطوّريّة للموسيقى والتواصل.

ويلعب الاتّصال الكيميائيّ، الّذي تحرّكه الفيرومونات، دورًا مهمًّا في حياة العديد من الأنواع، وخاصّة الحشرات، وتعتبر الفيرومونات مركّبات كيميائيّة تطلقها الحيوانات للتأثير على سلوك أو فسيولوجيا الآخرين من نفس النوع، مثل الفيرومونات الّتي يستخدمها النمل لتحديد مساراتهم وتوجيه زملائهم العاملين إلى مصادر الغذاء، حيث كشفت دراسات رائدة حول اتّصالات النمل، عن عالم معقّد من الفيرومونات، موضّحة كيف تدعم هذه الإشارات الكيميائيّة السلوك المنظّم لمستعمرات النمل بأكملها.

وغالبًا ما تستخدم الحيوانات طرقًا متعدّدة للاتّصال في وقت واحد، ممّا يؤدّي إلى إنشاء نظام معقّد ومتعدّد الطبقات من الإشارات، ويمكن العثور على مثال على هذا التعقيد في النحل، حيث يستخدم النحل مزيجًا من الرقص والصوت والفيرومونات لإيصال موقع مصادر الرحيق إلى زملائهم في الخليّة.

وإلى جانب الأشكال التقليديّة للاتّصال، تعرض بعض الحيوانات سلوكيّات يمكن اعتبارها سلائف للثقافة والمعرفة المشتركة، حيث لوحظ استخدام أدوات كان يعتقد أنّها مقصورة على البشر، في العديد من أنواع الحيوانات، بما في ذلك الشمبانزي والغربان.

التعليقات