من راعي أغنام إلى صانع قرار... علي النعيمي وتجربة النجاح

"لا تزال بيوت الشعر في مخيلتي تتجاور منتصبة على الرمال. لقد عشنا حياة شبه معزولة عن المدنية والحضارة... لقد كانت كتبنا هي الشمس الحارقة والقمر المنير والنجوم المتلألئة وكانت مدارسنا مجالس السمر حول النار... لم نأبه للفقر ولا لشظف العيش...

من راعي أغنام إلى صانع قرار... علي النعيمي وتجربة النجاح

(رويترز)

من طفل بدوي لم تعرف قدماه النعل، ومن رحالة وراعي غنم يطلب الماء والكلأ، إلى رجل صانع قرار على صعيد النفط العالمي وشخصية مؤثرة في منظمة أوبك والعالم.

كان علي بن إبراهيم النعيمي خافت الصوت في صحراء تطارد فيها الذئاب أغنام العشيرة، ليصبح بعد ستين عاما قادرا على تحريك أسواق العالم بتصريح واحد يصدر عنه.

وجد النعيمي أن الطريق الذي بدأ موحشا وانتهى بعالم الذهب الأسود، يستحق تضمينها في كتاب حمل عنوان "من البادية إلى عالم النفط"، الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون.

وفي 293 صفحة من القطع المتوسط، يحكي النعيمي تجربة حياة صحراوية قاسية بدأت بالارتحال منذ مولده عام 1935 وتعلم فيها الصبر والكفاح من أجل البقاء.

ويقول عن تلك المرحلة: "لا تزال بيوت الشعر في مخيلتي تتجاور منتصبة على الرمال. لقد عشنا حياة شبه معزولة عن المدنية والحضارة... لقد كانت كتبنا هي الشمس الحارقة والقمر المنير والنجوم المتلألئة وكانت مدارسنا مجالس السمر حول النار... لم نأبه للفقر ولا لشظف العيش... أصابتنا أمراض كثيرة نتيجة نقص الفيتامينات في طعامنا لكني كنت محظوظا لأني شهدت بداية النهضة وتباشير الازدهار."

والازدهار المقصود في كتاب النعيمي هو النفط الذي أسماه "كنز تحت أقدامنا". ويشرح الكاتب في هذا الفصل تفاصيل المرحلة الأولى من التنقيب عن النفط وعدم ثقة المملكة العربية السعودية بالشركات البريطانية إذ كان الملك عبد العزيز آل سعود وزعماء الخليج عموما يرتابون في البريطانيين نظرا لنزعتهم الاستعمارية في المنطقة.

ويقول النعيمي: "الأمريكيون لم يكونوا بدورهم أقل سوءا من البريطانيين فقد كانوا انتهازيين يهتمون بجني الأموال لكن تلك الميول الانتهازية هي التي شفعت لهم مقارنة بميول البريطانيين الاستعمارية."

وفي تفاصيل مرحلة التنقيب عن النفط يروي النعيمي في صفحاته، قصة رجلين كانا أسطورة الثلاثينيات، وهما البدوي خميس بن رمثان والأميركي ماكس ستاينكي، اللذان شكلا بوصلة الصحراء والسهم الذي يقود إلى الثروة الهائلة وأبديا ثقة بأن هذه الثروة حبيسة في قاع الأرض.

وفي سن الحادية عشرة، بدأ النعيمي بالتعرف على المجتمع الأميركي من خلال وجود عمال النفط الأميركيين على الأراضي السعودية. وتنوعت اهتماماته من فنون لعبة البيسبول إلى الطباعة في شركة أرامكو، قبل السفر إلى الولايات المتحدة في الستينات للدراسة.

وكان النعيمي عام 1984 أول مواطن سعودي يرأس شركة أرامكو الوطنية السعودية، قبل تعيينه في منصب وزير البترول والثروة المعدنية من آب/لأغسطس عام 1995 إلى أيار/مايو 2016.

ويلقي النعيمي الضوء في كتابه على سنوات توليه المنصب وزياراته إلى معظم الدول كوزير وشخصية تهز العالم بقراراتها النفطية.

ولعب النعيمي دورا لا يستهان به على الساحة العالمية، حتى أن ألان جرينسبان، الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأميركي" وصفه ذات مرة بأنه "الرجل الأكثر أهمية الذي لم نسمع به قط".

 

التعليقات