التربية في الصغر كالنقش على الحجر

تربية الأطفال في المرحلة المبكرة من عمرهم من أصعب المراحل التي يمر بها الأبوان، خاصة في حالة الطفل الأول، حيث لا يكون لدى الأب أو الأم خبرة سابقة في تربية الأطفال الصغار.

التربية في الصغر كالنقش على الحجر

تربية الأطفال في المرحلة المبكرة من عمرهم من أصعب المراحل التي يمر بها الأبوان، خاصة في حالة الطفل الأول، حيث لا يكون لدى الأب أو الأم خبرة سابقة في تربية الأطفال الصغار.

فكيف يمكن استغلال الفترة الأولى في هذه السن المبكرة من عمر الأطفال لزرع القيم الصحيحة في نفوس الأطفال؟ وما هي محاذير التربية في هذه الفترة؟ وكيف يتحول سلوك الأب والأم إلى أسوة حسنة يتعلم منها الطفل السلوك القويم؟ وما هي محاذير العقاب للأطفال في هذه المرحلة من عمرهم؟ هذه الأسئلة وغيرها نجيب عليها من خلال هذا التحقيق.

يقول د. علي ليلة، أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس: فترة الطفولة المبكرة تعتبر بمثابة مرحلة ذهبية في هذه السن المبكرة من عمر أطفال الأسرة الصغار، والتي يمكن خلال هذه السنوات للأسرة أن تزرع منظومة القيم والأخلاق الإيجابية في نفوس أطفالها الصغار، كتشجيعهم على أنماط من سلوكيات الإيثار، وإعلاء قيمة المصلحة العامة، وحب الخير.

وشدد على ضرورة أن تستغل الأسرة هذه الفترة من عمر الأطفال الصغار في غرس القيم الدينية المعتدلة في نفوس الأطفال بما يعودهم على اتباع هذه القيم والتمسك بها.

واعتبر د. علي أن غرس المبادئ والقيم في هذه الفترة المبكرة من عمر الأطفال عن طريق القدوة الحسنة التي يقدمها الآباء، سوف يؤدي إلى بناء قاعدة أخلاقية يتمسك بها الصغار عندما يكبرون، وسوف تكون هذه القاعدة قائمة على المبادئ والدين الحنيف، مؤكدا أنه في مثل هذه الحالة سوف تظل هذه المبادئ راسخة في نفس الأطفال في نفوسهم حتى بعد تقدمهم في العمر.

أما د. عزة كريم، أستاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية، فتؤكد على ضرورة أن يحافظ جميع أفراد الأسرة على السلوك القويم، مع اتباع وإعلاء القيم الإيجابية أمام الأطفال الصغار، كما تؤكد على ضرورة أن يحرص الآباء والأمهات على التحلي بالقيم الفاضلة، والحفاظ على السلوك القويم في التعامل بينهم وبين الآخرين أمام أطفال الأسرة خاصة في المراحل السنية المبكرة من عمرهم، وتشير إلى أن مثل هذا السلوك سوف يؤدي إلى ترسيخ القيم الإيجابية في نفوس الأطفال الصغار ليشبوا على مثل هذه الأخلاق والمبادئ.

وهو نفس ما تتفق معه، د. سامية الساعاتي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس ، وتقول: تربية الأبناء على القيم الإيجابية مهم للغاية في هذه الفترة المبكرة من حياة الصغار، مشيرة إلى أن الطفل ينشأ مقلدا تصرفات الآخرين، ومؤكدة في نفس الوقت على أن القيم التي يكتسبها الطفل الصغير من أسرته تكبر معه إلى أن يكون شابا له دور في الحياة.

كما تؤكد على ضرورة توعية الطفل منذ الصغر على أهمية المطالبة بحقوقه وواجباته تجاه الآخرين سواء في المدرسة أو الجامعة، بالإضافة إلى ضرورة حرص الأسرة على تشجيع الطفل منذ الصغر على الإبداع، ونشر الحب، وتربية الأطفال على روح العطاء للآخرين منذ الصغر، لأن معنى الحب هو بذل الفرد أقصى ما عنده.

وتضيف د. عزة سلام، أستاذ أصول التربية بجامعة المنيا: الأسرة لها دور هام في تنشئة الطفل حتى يكون ذا شخصية سوية ومتزنة تجاه المجتمع المحيط به وتجاه الآخرين، مشيرة إلى أنه من الواجب تدريب الطفل على الاشتراك في اتخاذ القرارات لأنه يعي ويفهم، وسيطبق ذلك عند الكبر.

وتؤكد على أنه من الأهمية وضع برنامج تربوي لصحة نفسية أفضل للطفل، وأن يكون هذا البرنامج قائما على أسس علمية سليمة بمعونة من المتخصصين في تربية الطفل، بالإضافة إلى ضرورة إلحاق الطفل بدار حضانة مناسبة للمرحلة العمرية التي يمر بها، لتدريب الطفل تدريجيا في هذه المرحلة العمرية من حياته على الانفصال عن أمه فترة من الزمن، وتعويده على التعامل مع الآخرين والغرباء عنه، وتوسيع دائرة معارفه واتصالاته، والتعرف على البيئة وأيضا حروف الهجاء ومبادئ الكتابة والإعداد، ثم حفظ القرآن الكريم تدريجيا حسب سنه.

وتشير د. عزة إلى أنه في هذه المرحلة التحضيرية التي تبدأ من سن سنتين إلى ست سنوات، يجب اختيار المعلمة أو المعلم المناسب الذي يجب أن يتصف بصفات، منها أن يكون متدينا متزنا، وذا خلق، وذا شخصية وقورة رزينة، ويعلم جيداً طرق التربية الصحيحة للأطفال، مؤكدة على أن المعلم ذو تأثير كبير في تكوين شخصية الطفل في هذه المرحلة الهامة.

كما تشدد على ضرورة تكريم الطفل ومكافأته عن كل ما يظهر منه من أخلاق جميلة وأفعال محمودة، وتقول: “إن ظهر من جانب الطفل في بعض الحالات سلوك غير صحيح، فيجب علينا ألا نعاقبه أو نوبخه، فإن كرر الخطأ فنعاتبه سرا وليس أمام أحد، ونوجهه إلى عدم تكراره مرة أخرى”، محذرة من أن تكرار عتاب الطفل أمام الآخرين يعوّده على سماع المهانة مما يجعله يكرر نفس الأخطاء.

وتضيف: إن لم يفد التوبيخ في ردع الطفل، فيمكن الاستعانة بالضرب باليد ضربا لا يكون موجعاً لدرجة تثير فيه الخوف الشديد، ولا يكون خفيفاً لدرجة لا تجعله يستهان به، فيجب أن يكون الضرب موجعاً قليلاً في المرة الأولى، وأن يتعود الطفل على احترام من هو أكبر منه سنا، ويتعلم طاعة الوالدين ومعلميه ومربيه، مع ضرورة امتناع الطفل تماما عن الكلام الفاحش واللعن والسب، كما ينبغي أن يتعلم الطفل أن يصبر، ولا يكثر من الصراخ والشغب، ولا يستنجد بأحد، ويتعوّد على أن الصبر من صفات الرجال والشجعان.

اقرأ/ي أيضًا| الشخصية المستفزة... أقصر الطرق للتوتر الزوجي

التعليقات