ضياء وجميلة... غرفة واحدة بإحدى مستشفيات حلب!

بعد شعوره بالتعب، يستلقي ضياء ذو الـ14 عامًا، على سريره داخل حد مستشفيات غرب حلب، وذلك بعد إصابته بشظايا قذيفة، والتي أدّت إلى شلل في عموده الفقري، أثناء توجّهه إلى ورشة الخياطة حيث يعمل، وقال "أصبت في طريقي إلى العمل.

ضياء وجميلة... غرفة واحدة بإحدى مستشفيات حلب!

بعد شعوره بالتعب، يستلقي ضياء ذو الـ14 عامًا، على سريره داخل حد مستشفيات غرب حلب، وذلك بعد إصابته بشظايا قذيفة، والتي أدّت إلى شلل في عموده الفقري، أثناء توجّهه إلى ورشة الخياطة حيث يعمل، وقال 'أصبت في طريقي إلى العمل في حي ميسلون عندما سقطت قذيفة، سقطتُ أرضًا بعدما فقدتُ وعيي'.

ضياء الذي كان يعيل أسرته، ترك المدرسة منذ عامين، وذلك بعدد سقوط قذائف عليها، حتّى أنّ قذيفة سقطت لتصيب أربعة من أصدقائه في باحة المدرسة. وكما يقول 'يبدو أنّ قدري قد جاء الآن'.

تمسك والدة ضياء بيده الصغيرة، وتُشيح بنظرها عنه لكي لا يرى عينيها الدامعتين، وتقول وهي تنظر إليه بحنان 'كنت أخاف عليه كلّما خرج من المنزل، خاصة عندما كانت القذائف تنهمر، حاولت منعه عدة مرّات من الخروج... لكن دون جدوى'.

وضياء هو أحد آلاف المصابين جراء القذائف في مدينة حلب منذ 2012، وبعد أن تكمل أمّه حديثها يقاطعها قائلًا 'عليّ الذهاب إلى العمل، لأنّني أعيل عائلتي، وإذا لم أعمل لن نستطيع أن نأكل'، ثمّ يصمت قليلًا قبل أن يواسي نفسه 'القذائف تسقط في كلّ مكان، وإن بقيت في المنزل قد تسقط عليّ أيضًا'.

إلى أين سنذهب؟

ترقد جميلة عبد الرحمن في الغرفة نفسها في المستشفى، وجميلة ذات الـ23 عامًا، تعاني من شلل بسبب كسر في عمودها الفقري وحوضها ورجلها، وذلك بعد سقوطها من الطابق الثالث، جراء قذيفة استهدفت المبنى في حيّ الإذاعة.

بدت أمّ جميلة منهكة بعد عدّة أيام كانت قد أمضتها في المستشفى بجانب ابنتها، 'سقطت القذيفة ليلًا، أصبت بانهيار وبدأت أصرخ حتّى أتى الجيران وأسعفوها'. تسأل الأمّ ثانية بغصّة، 'ماذا يمكنني أن أفعل؟ أنا وحيدة. لا أدري إلى أين سنتوجه بعد خروجنا من المستشفى، ثمّ تضيف لا مكان لديّ لأسكنه، بعدما أصيب المنزل بأضرار كبيرة، واقتلعت الأبواب وتهدمت الجيران. أصبح غير قابل للسكن'.

كانت صفاء التي ترتدي معطفًا خمريّ اللون، مكسوًّا بالغبار، تروي كيف سقط الصاروخ في حي المشارقة قبل يومين، أدّى إلى فصل بناء مؤلف من أربعة طوابق إلى شطرين، وانهيار واجهته الأماميّة، مما أدّى إلأى وفاة ثمانية أشخاص بينهم أربع من عائلة واحدة'.

أمّا قباني ذات الثلاثين عامًا، والتي تتعافى من إصابة في رأسها، وعدّة رضوض في جسمها، جراء تهدّم المبنى، تقول 'كنّا نشاهد التلفزيون ونتسامر بعد العشاء، سمعنا صوت ضوضاء، سبقت انهيار السقف وتدفق المياه'.

وأضافت 'لم أعرف كيف حملت ابني ذا السنتين، والذي كان يجلس بقربي وخرجت من الغرفة، اكتشفت بعدها أنّ الدماء تسيل على وجنتيّ'.

وكانت عائلة صفاء قد انتقلت للإقامة في المنزل قبل ثلاثة أشهر، بعد تنقّلها من أماكن عديدة، وتقول بحسرة 'القدر يتبع الإنسان مهما فرّ منه، إنّ الأطفال باتوا يشعرون بالرهاب منذ وقوع الحادثة'.

القذائف في كلّ مكان

وفي غرب حلب، كان حيّ الفرقان قد تعرّض لسقوط عدد كبير من القذائف. وقال فوز ذو الـ50 عامًا، بعد أن كان يملك بسطة لبيع الملابس في الحيّ نفسه 'لم يسبق أن شاهدنا القذائف تسقط في كلّ مكان وبأيّ وقت بهذه الكثافة.

ومن جهته، قال معاون رئيس المستشفى، رضوان قهواتيّة 'لم تتوقف الإصابات ليوم واحد حتّى اللحظة'. وأضاف 'ذات يوم استقبلنا 150 جريحًا، وفي يوم آخر استقبلنا 50 إصابة خلال نصف ساعة، مشيرًا إلى أنّ قسم الإسعاف كان يغصّ بالمصابين، 'لدرجة أنّه لم يكن يتسنّى لعمال التنظيف الفرصة لتنظيف برك الدم عن الأرض'.

اقرأ/ي أيضًا | الموت يحاصر حلب

وأضاف أبو عبدو، الرجل الأربعيني الذي جاء للاطمئنان على شقيقته صفاء بعد إصابتها، 'الناس يعيشون على أعصابهم، الناس يعيشون في رعب، لا تشعر إلا بقذيفة هاون سقطت هنا، وصاروخ هناك، وجرّة في مكان آخر'.

التعليقات