اتجاهات البوصلة المغناطيسية

اهتم الإنسان بالسفر واكتشاف المجهول منذ زمن طويل، ولحاجته الماسّة لتلبية فطرته بحب اكتشاف المجهول ومعرفة الاتجاهات وخصوصا في عرض المحيطات أثناء الملاحة، احتاج لطريقة موثوقة أكثر من مراقبة السماء الصافية

اتجاهات البوصلة المغناطيسية

(توضيحية - unsplash)

ما هي البوصلة المغناطيسية؟

اهتم الإنسان بالسفر واكتشاف المجهول منذ زمن طويل، ولحاجته الماسّة لتلبية فطرته بحب اكتشاف المجهول ومعرفة الاتجاهات وخصوصا في عرض المحيطات أثناء الملاحة، احتاج لطريقة موثوقة أكثر من مراقبة السماء الصافية ومعرفة المواقع عن طريق الأجرام والنجوم، فقد كان غير قادر على معرفة الاتجاهات في حال كانت السماء ملبدة وغير صافية. لذلك جرى اختراع البوصلة لمساعدة البحارة والمسافرين على الاكتشاف والترحال بأمان من دون الضياع، حيث اختُرعت واستُخدمت للمرة الأولى في الصين قبل أن تنتشر في أوروبا والبلدان الأخرى.

تستخدم البوصلة المغناطيسية أو "الموصلة " لتحديد الاتجاهات أثناء الملاحة والسفر حيث تحتوي البوصلة على سهم مؤشر ممغنط يتأثر بالحقل المغناطيسي الأرضي ويتغير موضعه تبعا لذلك. يمكن التمييز على البوصلة الأربع جهات الرئيسية الشمال، الجنوب، الشرق والغرب. أيضا يستطيع البحار أو المسافر تحديد خطوط العرض والطول لتحديد الموقع بدقة. وبالرغم من أن اكتشاف البوصلة قديم جدا إلا أنها حسنت من الملاحة وأفادت الرّحالة والملّاحين بشكل كبير ولوقت طويل قبل أن يتم استبدالها حديثا بنظام GPS لتحديد المواقع في الأجهزة والهواتف الحديثة.

ما الفرق بين الشمال الجغرافي والشمال المغناطيسي؟

الشمال المغناطيسي

الشمال المغناطيسي هو الجهة الشمالية التي تشير إليها البوصلة المغناطيسية. حيث أن الشمال المشار إليه بالبوصلة هو نتيجة تأثر واستجابة المغناطيس داخل البوصلة للحقل المغناطيسي الأرضي وتتبّعه، فكوكب الأرض هو عبارة عن مغناطيس كبير بقطب شمالي مغناطيسي وقطب مغناطيسي جنوبي، لذلك لا يوجد موقع دقيق ومحدد للشمال المغناطيسي فهو غير ثابت ويعود ذلك للتغيرات في "اللب المغناطيسي الأرضي" والأقطاب المغناطيسية الأرضية فبالتالي يعتبر متغيرا بشكل يومي بمعدل ضئيل جدا.

وقد جرى اكتشاف تحرك القطب الشمالي المغناطيسي مسافة قصيرة تقدر ببضعة كيلومترات كل عام ويسمى هذا التحرك بظاهرة التحول القطبي. اكتشف الشمال المغناطيسي للمرة الأولى الصينيون في عام 720 بعد الميلاد ثم انتشر مفهوم الشمال المغناطيسي في أوروبا في بداية القرن الخامس عشر الميلادي. يقع الشمال المغناطيسي حاليا في منطقة "إلسيمير" وهي جزيرة تقع في شمال كندا.

الميل المغناطيسي

الميل المغناطيسي

يعرف أيضا بخط الاستواء المغناطيسي ويقع على مستوى قريب من خط الاستواء الجغرافي. خط الاستواء المغناطيسي هو خط وهمي غير حقيقي تتساوى فيه قوة الجذب المغناطيسية للقطب الشمالي المغناطيسي والقطب الجنوبي المغناطيسي. ويمثل الميل المغناطيسي الاختلاف بالمسافة بين الشمال المغناطيسي والشمال الجغرافي الحقيقي.

الشمال الجغرافي

الشمال الجغرافي أو الحقيقي وهو واحد من الجهات الأربعة الأساسية السماوية، تقع الجهة الشمالية أعلى خط الاستواء معاكسة اتجاه الجنوب. يشير مصطلح الشمال الجغرافي للقطب الشمالي الحقيقي لكوكب الأرض، وله أهمية كبيرة جدا في اعتماد نقطة مبدأ لرصد المواقع وتحديد الأماكن على الخريطة الجغرافية حيث يتم تمثيله على الخريطة بمجموعة خطوط الطول التي تلتقي جميعها فيه وخط العرض 90 الذي يقع عليه القطب الشمالي.

أما بالنسبة لمكان الشمال الجغرافي فهو يقع في المحيط المتجمد الشمالي في وسطه ويبعد مسافة 725 كيلومترا شمال جرينلاند. يقدّر العلماء المسافة بين ما يعرف بالشمال الجغرافي وما يعرف بالشمال المغناطيسي بحوالي 500 كيلومتر. تعد نقطة الشمال الحقيقة نقطة ثابتة نسبيا نظرا لصعوبة تحرك الكتل الأرضية على عكس الأقطاب المغناطيسية حيث أن الشمال الجغرافي يشير لموقع جغرافي أرضي معين ومعروف وثابت على عكس الشمال المغناطيسي. يشار للشمال الحقيقي على الخريطة بخط في نهايته نجمة خماسية عند القطب الشمالي.

استخدامات البوصلة المغناطيسية

بناء الأبنية

استخدمت البوصلة لأغراض البناء لأول مرة في الدانمارك في عام 570 حيث قاموا بتحويل مباني بعض كنائسهم Romanesque churches وتدويرها مقدار 5-15 درجة بين الشرق والغرب الحقيقيين ومع عقارب الساعة من أجل التوافق مع الانحراف المعياري المغناطيسي. وعُدّت هذه الخطوة برهان على انتشار البوصلات واستخدامها على نطاق واسع في أوروبا.

التعدين

ساعد وجود البوصلة في القرن الثالث عشر عمال المناجم بشكل كبير حيث استخدمت البوصلة كأداة البحث عن مواقع المعادن في المناجم بعد أن استطاعوا تحديد الاتجاهات بواسطتها تحت الأرض في أنفاق مدينة "توسكان ماسا" مدينة التعدين. وما ساعدهم على ذلك هو استعمالهم للإبر المغناطيسية التي كانت تعوم وتطوف ضمن الأنفاق.

علم الفلك

علم الفلك

بعد عدة تجارب قُدمت من بيتر برجرينوس في عام 1248، توصل بيتر إلى وصف ثلاثة أنواع من البوصلات الفلكية وذلك من أجل تحديد خطوط الطول. هذا وقد نشر الملك الأشرف اليمني رسالة كان قد كتبها تحتوي على خطوات وتعليمات من أجل استخدام الاسطرلاب واستخدام البوصلة للتمكن من تعيين خطوط الطول والقبلة. والجدير بالذكر أن البوصلة استخدمت لتحديد القبلة من قبل "ابن سيمون" وهو فلكي مصري ومؤذن كتب أطروحته للمسلمين لمعرفة جهة مكة المكرمة.

البوصلة الشمسية

وتعد من أبرز استخدامات البوصلة، حيث ساعدت البوصلة الشمسية في معرفة مكان الشمس وتحديد موقعها من أجل معرفة الوقت قديما.

تحديد الجهات

حيث يستخدمها الكشافة والرّحالة أثناء السفر أو التخييم أو المسير لمسافات كبيرة فهي تساعدهم على معرفة الجهات والوصول للوجهة المطلوبة. بالإضافة إلى دور البوصلة البارز وإحداثها لثورة في تطور إنشاء ورسم الخرائط وتحديد المواقع على الخريطة.

أخطاء البوصلة المغناطيسية

انحراف البوصلة deviation

يعد الانحراف المغناطيسي أو انحراف البوصلة أو الاختلاف المغناطيسي من الأخطاء الشائعة، ويعرّف بأنه مقدار الخطأ أو الزاوية التي تنحرف بها البوصلة لتأثرها بحقل مغناطيسي حيث ينشأ الانحراف المغناطيسي للبوصلة بسبب استجابة الإبرة الممغنطة للحقل المغناطيسي المتشكل نتيجة وجود معادن مثل الفولاذ أو بعض الأسلاك الناقلة للتيار ويسمى "الحقل المغناطيسي المحلي". ولتقليل الخطأ في البوصلة يجب توجيه السفن أو الطائرات لوجهات معروفة بشكل دقيق وذلك بواسطة مجموعة مغناطيسات قابلة للتعديل ضمن صندوق البوصلة.

الميل أو الحدور المغناطيسي declination or variation

لأن الأرض عبارة عن مغناطيس ضخم، فإن الحقل المغناطيسي الأرضي معقد للغاية ولذلك فالمكون الشاقولي لا يكون صفرا إلا عند خط الاستواء، أما في بعض الأماكن الأخرى ينشأ الحدور المغناطيسي بزاوية ميل تتغير وتزداد بالقرب من خطوط العرض عند الأقطاب على خطوط العرض 65 درجة في الجنوب أو الشمال، ولكن المكون الأفقي غالبا ما يكون ضعيفا ويضلل حركة الملاحة، ويشير في أماكن أخرى إلى شرق أو غرب الشمال الجغرافي الحقيقي. تتغير قيمة زاوية الميل بشكل بطيء مع مرور الزمن.

أخطاء التوليف tuning errors

على مستخدم البوصلة أن يراعي مدى الاختلاف بين حالة إبرة البوصلة التي تكون متوازنة ومتأرجحة أفقيا قبل المغنطة وبعدها، لأنه عند الإشارة للمكون الأفقي فقط للحقل المغناطيسي الأرضي فيجب الانتباه لموازنة ثقل الميناء في البوصلة بجهة الشمال أو الجنوب بحسب مكان استخدام البوصلة سواء في نصف الكرة الجنوبي أو الشمالي. أيضا الأخطاء في التوليف تسبب عدم فعالية البوصلة المغناطيسية أبدا في الطائرة ولذلك من الأفضل استخدام البوصلة الجيروسكوبية بدلا منها لأن المغناطيسية لا تعطي دلالة دقيقة قبل أن تستوي الطائرة في المسار لبضع دقائق.

التعليقات