حياة السود مهمّة: ما الذي يجعل متوسط أعمارهم منخفضًا مقارنة بالبيض؟

وعلى الرغم من نجاح الأميركيّين السود في القضاء على العبوديّة، إلّا أنّهم لا يزالون يعانون من التمييز والعنصريّة

حياة السود مهمّة: ما الذي يجعل متوسط أعمارهم منخفضًا مقارنة بالبيض؟

جدارية لجورج فلويد (Getty)

نشرت صحيفة "تايمز" البريطانيّة، تقريرًا يؤكّد على ما ذهب إليه بعض الباحثين، بانخفاض متوسّط العمر لدى الأميركيّين السود، إذ أفادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أنّه على مدار العامين الماضيين، انخفض متوسّط العمر للأميركيين السود إلى حوالي 71 عامًا، أي ستّ سنوات أقلّ من المواطنين الأميركيّين البيض.

وفي ولاية فيرجينيا، كان ما هو غير متوقّع، إذ يبلغ العمر المتوقّع للسكّان حتّى 96 عامًا، والذي يعدّ "ارتفاعًا وطنيًّا"، وأُبلغ القائم على الدراسة، جونثان روثيول، عن مئات الأماكن في الولايات المتّحدة الأميركيّة، التي تتجاوز توقّعات "مؤشّر التقدّم"، وهو أداة وتقرير طوّرا بالشراكة مع مؤسّسة NAACP، حيث يوفّر هذا التقرير، وسيلة لفهم رفاهيّة وصحّة الأشخاص السود، والظروف التي تشكّل حياتهم.

ويقول التقرير، إنّ الباحثين غالبًا ما يقارنون معدّلات ملكيّة المنازل، أو الدخل، أو التحصيل العلميّ، دون الالتفات إلى التمييز الذي يهدف إلى خلق تفاوتات، ولهذا، فإنّ الأبحاث الخالية من السياقات المحلية، غالبًا ما تخفي التقدّم الحقيقيّ الذي يحدث في جميع أنحاء البلاد، على سبيل المثال، في مقاطعة جيفرسون في أوهايو، قالت الدراسات إنّ الشخص الأسود يعيش 33 عامًا أقلّ من المناطق مثل ولاية فيرجينيا، وهذه الفجوة تعادل 100 عام.

وتقول الدراسات الحديثة حول حياة السود في الولايات المتّحدة الأميركيّة، إنّهم ليسوا كتلة متراصّة، ولديهم نتائج مختلفة على نطاقات أوسع في البلاد. ويشير انخفاض متوسّط العمر في مقاطعات ومناطق إلى أنّ العنصريّة مستفحلة في هذه الأماكن، لكن في المناطق والولايات التي يزدهر فيها السود، فإنّ الأمر مختلف.

تفسّر الدراسة نتائجها، بناء على أنّ العرق هو بناء اجتماعيّ وليس بيولوجيًّا فقط، وإنّ ما يفسّر هذه الاختلافات الكبيرة فيما يخصّ متوسّط العمر المتوقّع، هو كلّ التأثيرات البيولوجيّة وغير البيولوجيّة على الحياة، ومن خلال استخدام خوارزميّات التعلّم الآلي، يحدّد المؤشّر 13 حالة اجتماعيّة تتنبّأ بمتوسّط العمر المتوقّع للسود في الولايات المتّحدة الأميركيّة، مثل الدخل والتعليم والسكن وتكوين الأسرة وغيرها من المحدّدات، وهناك محدّدات غير متوقّعة، مثل الدين، مع العلم أنّ هذه المحدّدات هي مترابطة، وليست سببيّة.

وحسب الدراسة، فإنّ الأماكن التي يزدهر فيها السود، لها علاقة بهم أنفسهم، في أماكن مثل مقاطعة مونتغومري في ولاية ماريلاند، حيث يعمل الأفراد والجماعات الحقوقيّة هناك على تفكيك بنية التمييز العنصريّة.

(Getty)

وعلى الرغم من نجاح الأميركيّين السود في القضاء على العبوديّة، إلّا أنّهم لا يزالون يعانون من التمييز والعنصريّة، وبعد نحو نصف قرن على خطاب الدكتور مارتن لوثر كينغ الذي جاء بعنوان "لديّ حلم"، فما زال الأميركيّون السود يعيشون واقعًا معيشيًّا صعبًا. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي. خلال الأسبوع الماضي، مقطع فيديو يوثّق جريمة أقدم عليها أحد ضبّاط الشرطة في لوس أنجلس، واستخدامه للمسدس الصاعق ضد كينان أندرسون عند احتجازه، ما أدى إلى مقتله. وكان أندرسون يصيح، بينما الضابط يجلس على ركبته "إنّهم يفعلون بي كما فعلوا في فلويد". وأندرسون، هو ابن عم مؤسس "حياة السود مهمة"، باتريس كولورس.

وتتزايد مقاطع الفيديو التي تثبت حجم العنصريّة التي يتعرّض لها المواطنين السود من قبل رجال الشرطة البيض في الولايات المتّحدة الأميركيّة، فبعد جورج فلويد، قُتل أحمد آربيري في مدينة برونزويك في ولاية جورجيا، على يد شخص أبيض، ونتج عن ذلك احتجاجات غاضبة في مدن أميركيّة عديدة

وفي أيّار/ مايو الماضي، كتب الباحث في الصحّة العامّة، شيرفين آساري، في موقع "بزنس إنسايدر"، إنّه قد وجد بالفعل أنّ الآثار العنصريّة في الولايات المتّحدة، تتجاوز بكثير عمليّات إطلاق النار من قبل الشرطة، والسود هم من يدفعون الثمن والكلفة الأعلى دائمًا.

ووجد أنّ العنصريّة وما يرتبط بها من فقر وظلم، هو المسبّب الأساسيّ لأن يبلغ متوسّط عمر الأسود أقلّ من الأبيض، وبسبب زيادة خطر إصابة السود بأنواع عديدة من السرطان والسكتة الدماغيّة وفيروس نقص المناعة، بالإضافة إلى جرائم القتل، إذ تعدّ جرائم القتل هي السبب الأساسي للوفاة بين الرجال السود.

وتربط هذه الدراسة التي عمل عليها الباحث آساري، بالإضافة إلى عدد من الدراسات، بين الوفيّات وضعف الصحّة النفسيّة والجسديّة، وارتباطها بشكل وثيق بالعنصريّة وما يتعرّض له السود في الولايات المتّحدة، فالعنصريّة تجربة يوميّة يتعرّضون لها، يمكن أن تتسبّب بالضرر لصحّتهم وإصابتهم بأمراض مزمنة.

التعليقات