كيف غيَّر كوڨيد-19 عالم الأعمال إلى الأبد؟

أدى التحول إلى العمل عن بعد إلى الانهيار الكامل لحدود العمل-المنزل، خاصة بالنسبة للآباء الذين يرعون أطفالهم ومع التعليم المنزلي والتوفيق بينها وبين متطلبات العمل. تداخلت اجتماعات Zoom ذات التوقيت السيئ أو اللانهائي مع قدرة الأشخاص على إنجاز العمل

كيف غيَّر كوڨيد-19 عالم الأعمال إلى الأبد؟

(Getty)

(ترجمة: عرب٤٨)

تأثرت أعمال وأشغال كل الناس تقريبًا وطريقة تنفيذها. فقد ملايين البشر وظائفهم أو فُرض عليهم إجازات طويلة أو تحولوا للعمل من المنزل، وفيما واصل العُمال الأساسيون أعمالهم، إلا أن تغييرات كثيرة طرأت عليها من ناحية النوع أو الأعباء، بما في ذلك إجراءات السلامة الإضافة والوعي بالأمراض المعدية كخطر جديد يكتنف بيئة العمل. ووفقًا لمكتب إحصاءات العمل، انخفض التوظيف بمقدار 20.5 مليون وظيفة في الولايات المتحدة وحدها في أبريل/نيسان 2020؛ وكان مقدمو الخدمات هم الأكثر تضررا إذ قد فُقدت 7.7 مليون وظيفة في قطاع الترفيه والضيافة، منها 5.5 مليون في مؤسسات خدمات الأكل أو الشرب.

أدى التحول إلى العمل عن بعد إلى الانهيار الكامل لحدود العمل-المنزل، خاصة بالنسبة للآباء الذين يرعون أطفالهم ومع التعليم المنزلي والتوفيق بينها وبين متطلبات العمل. تداخلت اجتماعات Zoom ذات التوقيت السيئ أو اللانهائي مع قدرة الأشخاص على إنجاز العمل وأضرت أحيانًا بالعلاقات مع الزملاء. اكتشف العمال الأساسيون في كثير من الأحيان أن استراتيجية أصحاب العمل الوحيدة لسد الفجوة التي أحدثها الطلب المتزايد كانت أن عليهم العمل بجد أكبر، ولم تكن ثمة تعزيزات أو مساعدات حقيقية في الأفق. كان على العديد من الموظفين التعامل مع معدات الحماية الشخصية غير الملائمة بينما شعروا بمعاملة غير عادلة، بل وصار من الصعب على الموظفين الاسترخاء والتعافي من الإرهاق المستمر حيث تم إغلاق مرافق الترفيه واللياقة البدنية. عانى العمال، نظرًا لهذه التغييرات، من إجهاد أكثر، وصاروا أكثر سلبية وسخرية بشأن مكان العمل وشعروا بتآكل الثقة بالنفس، وهي العلامات الثلاثية للاحتراق الوظيفي.

في الوقت نفسه، وجد أشخاص آخرون، خاصة أصحاب المكاتب المنزلية المريحة وذوي القليل من المسؤوليات الأبوية، فوائد في العمل عن بُعد، إذ منحهم كونهم بمفردهم تحكمًا أكبر بحياتهم بقدر أقل من مصادر الإلهاء، ومنح غياب التنقل الناس مزيدًا من الوقت والطاقة ووفر عليهم المال. وصار بإمكان الأشخاص الذين كانوا يعملون في أماكن عمل غير سارة أو عدوانية تجنب اللقاءات والمواقف غير المريحة.

لقد علّمت الجائحة الكثير من الناس أن الوظيفة لا يجب أن تكون على النحو الذي كانت عليه. قد يكون هذا الإدراك أحد الأسباب التي تجعل الكثيرين لا يعودون إلى وظائفهم القديمة. واجه موفرو الخدمات وقطاعا الضيافة في نهاية عام 2021 تحديات كبيرة في جذب الناس للعودة إلى هذه الوظائف منخفضة الأجر والمطلوبة بشدة، مع بقاء العديد من الوظائف شاغرة. استقال في الوقت نفسه 4.5 مليون أمريكي (3 في المئة من القوة العاملة، فيما يُعرف بالاستقالة العظمى أو (The Great Resignation) طواعية من وظائفهم في نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما يعكس عدم رضاهم عن مناصبهم ورغبتهم في إيجاد وظائف أفضل. لكن حل مشكلة الاحتراق الوظيفي لا يمكن أن يقع على عاتق العمال الأفراد، بل يجب أن يتغير مكان العمل.

يحترق الناس وظيفيًا لأن أصحاب العمل لم ينجحوا في التعامل مع ضغوط العمل المزمنة. يجب أن نركز بشكل أقوى على تعديل أو إعادة تصميم ظروف مكان العمل. كيف يمكن أن تكون بيئات العمل أماكن تساعد الناس على الازدهار بدلاً من إنهاكهم؟

يمكن للأشخاص الذين تحسنت حياتهم العملية خلال العامين الماضيين بوجه عام أن يشكروا مواردهم الشخصية، مثل غرفهم المريحة، بدلاً من بصيرة من أصحاب العمل، لكن يمكن لأصحاب العمل تعلم الكثير من خلال الاهتمام بما ساعد الناس على أن يكونوا أكثر إنتاجية ورضا خلال الوقت الماضي. كان العمال، على سبيل المثال، أقل تشتيتًا بسبب غياب الاجتماعات غير المجدية وإعدادات المكتب المفتوحة وكانوا قادرين على التركيز على المهام ذات المعنى بدلاً من تحميلهم عبء العمل الفارغ وغير المنتهي. تحاول بعض الشركات إغراء العمال بأجور أعلى أو إجازات أكثر، إلا أن تحسين ظروف العمل لديه إمكانية أكبر لتحقيق تأثير ذي ديمومة أعلى.

يستغرق العمل الكثير من وقت الناس ويستنزف كثيرًا من مواهبهم وإمكاناتهم، ويطالب العمال مطالبة متزايدة بتقديم نوعية حياة مستدامة ومجزية في المقابل ما يضعونه من جهدٍ للشركات.

التعليقات