كيف يمكن للأقمار الصناعية أن تساعد في جهود إنقاذ ضحايا الزلازل؟

يتأثر ملايين الأشخاص حول العالم سنويًا بالكوارث، سواء كانت طبيعية (أعاصير وزلزال وانزلاقات أرضية وثورانات بركانية وتسونامي وفيضانات وحرائق غابات وإلخ) أو من صنع الإنسان (تلوث نفطي وانفجارات صناعية، وأكثر)

كيف يمكن للأقمار الصناعية أن تساعد في جهود إنقاذ ضحايا الزلازل؟

(Getty)

(ترجمة: عرب 48)

يؤدي التعاون الدولي في مجال تصوير الأقمار الصناعية دوراً حاسماً في جهود الإنقاذ وانتشال الضحايا في الكوارث مثل الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة والزلزال الذي بلغت قوته 7.5 درجة، واللذان ضربا سورية وتركيا في صباح 6 شباط/ فبراير 2023؛ وتُمكِّن بيانات الأقمار الصناعية توصيل المساعدات الإنسانية والمياه والغذاء بشكل أفضل من خلال رسم خرائط لحالة الطرق والجسور والمباني، وتحديد الفئات السكّانية التي تحاول الهرب من الهزَّات الارتدادية المحتملة من خلال التجمع في الملاعب أو غيرها من الأماكن المفتوحة.

وللاستفادة من عدسات الأقمار الصناعية في المناطق المتضررة بوقت قياسي، طلبت رئاسة «إدارة الكوارث والطوارئ» التركية (AFAD) تفعيل الميثاق الدولي للفضاء والكوارث الكبرى في الساعة 7:04 صباحًا بتوقيت تركيا، وفعّلت الأمم المتحدة الميثاق نفسه من أجل سورية الساعة 11:29 بالتوقيت المحلي.

استعدت في غضون ذلك 11 وكالة فضاء لتشغيل أنسب الأقمار الصناعية البصرية والرادارية، وبالنسبة لفرنسا، هذه الأقمار الصناعية هي Spot وPléaides وPléiades Neo (متوسطة وعالية، وعالية الدقة)، والتي وفرت الصور الأولى في أثناء مرورها فوق المنطقة، وستكمل الأقمار الصناعية الرادارية المعلومات البصرية، حيث تعمل أيضًا في الليل وعبر الغيوم، ويمكنها تصوير الانهيارات الأرضية وحتى التغييرات الطفيفة جدًا في الارتفاعات.

يتأثر ملايين الأشخاص حول العالم سنويًا بالكوارث، سواء كانت طبيعية (أعاصير وزلزال وانزلاقات أرضية وثورانات بركانية وتسونامي وفيضانات وحرائق غابات وإلخ) أو من صنع الإنسان (تلوث نفطي وانفجارات صناعية، وأكثر)، وتتزايد لسوء الحظ شدة وتواتر هذه الكوارث مع تغير المناخ، مما يؤدي إلى المزيد من الضحايا، والمنازل المتضررة، والمناطق الطبيعية المدمرة.

تشريح الكارثة

يعرّف الميثاق الدولي للفضاء والكوارث الكبرى الكارثة على أنها حدث مفاجئ وفريدٌ وواسع النطاق وغير خاضع للسيطرة، ويؤدي إلى خسائر في الأرواح أو أضرار تلحق بالممتلكات والبيئة، وتتطلب إجراءات عاجلة للحصول على البيانات وتوفيرها.

أُنشئ الميثاق من قبل المركز الوطني للدراسات الفضائية ووكالة الفضاء الأوروبية في عام 1999، وسرعان ما انضمت إليه وكالة الفضاء الكندية، وتنضم إليه اليوم 17 وكالة فضاء لتوفير صور مجانية عبر الأقمار الصناعية بأسرع ما يمكن فوق مناطق الكوارث، وقد فُعِّل الميثاق منذ عام 2000 حوالي 797 مرة في أكثر من 154 دولة، ومنذ ذلك الحين أُوجدت مبادرات مماثلة في أوروبا (كوبرنيكوس للطوارئ Copernicus Emergency) وآسيا (سنتينل آسيا Sentinel Asia).

ترجع ما يقرب من ثلاثة أرباع عمليات تفعيل الميثاق إلى ظواهر الطقس: العواصف والأعاصير وخاصة الفيضانات، التي تمثل وحدها نصف عمليات التفعيل. ويتفعل الميثاق عندما لا تكون الموارد البرية قادرة دائمًا على تحليل مدى الكارثة، وفي حالات الأزمات غير المتوقعة في بعض الأحيان، وعندما تتضرر الأرض، أو تغمرها الفيضانات، وتكون الطرق غير سالكة، وذلك بهدف تنظيم الإغاثة والمساعدات الإنسانية بأفضل طريقة ممكنة، من خلال التقاط الصور من الفضاء، بدقة عالية جدًا، لتوفير المعلومات للجهات المعنية في وقتٍ قياسيّ.

تسبب إعصار هارفي في فيضانات في تكساس في عام 2018، ما أدى إلى تشريد 30 ألف شخص، وتطلب إنقاذ 17 ألف شخص. (سنتينل هَب/فليكر)

ولا يمكن تفعيل الميثاق في بعض الحالات عندما تكون الأزمة خارج نطاق الميثاق (الحروب والنزاعات المسلحة) أو عندما تكون الصور الفضائية قليلة الأهمية أحيانًا (في حالة موجات الحر والأوبئة)، أو لأن الظاهرة تتطور ببطء، وعلى مدى فترة طويلة الفترة الزمنية (الجفاف).

بيانات الأقمار الصناعية استجابة للأزمات حول العالم

تُبرمج الأقمار الصناعية فور وقوع الكوارث لالتقاط الصور بسرعة فوق المناطق المتضررة، ويمكن شحذ أكثر من 60 قمراً صناعياً، بصرياً أو رادارياً، في أي وقت، واعتمادًا على نوع الكارثة، يجري تجهيز أقمار صناعية مختلفة، بناءً على خطط الأزمات المحددة مسبقًا، من بينها: TerraSAR-X/ Tandem-X وQuickBird-2 وRadarsat وLandsat-7/8 وSPOT وPleiades وSentinel- 2 من بين أقمارٍ أخرى.

تتشابه الصور البصرية مع الصور التي تُرى من الفضاء، لكن قد تكون صور الرادار عصية على الفهم أكثر عند غير المتخصصين، لذلك وبعد الكارثة، يُعاد تنسيق وصياغة معلومات الأقمار الصناعية لتسهيل فهمها، فمثلًا، تحوَّل الصور لعمال الإنقاذ إما إلى خرائط تأثير أو تغيير، أو إلى خرائط التنبيه من الفيضانات للجمهور، ورسم خرائط المناطق المحترقة أو المغمورة مع تقديرات الأضرار لصانعي القرار.

يعتبر العمل التعاوني بين المستخدمين الميدانيين ومشغلي الأقمار الصناعية أمراً ضرورياً. وقد أحرزنا تقدما كبيراً، بفضل الابتكارات في تقنيات مراقبة الأرض (لا سيما أداء الدقة الضوئية من 50 إلى 20 مترًا والآن 30 سنتيمترًا) وبرامج معالجة البيانات ثلاثية الأبعاد، وأيضًا بفضل تطوير الأدوات الرقمية التي يمكن أن تجمع بين الأقمار الصناعية وبيانات المواقع. ساهمت احتياجات المجال أيضًا في تطور عمليات تدخل الميثاق من حيث وقت التسليم وجودة البيانات/المنتجات المقدمة.

إعادة الإعمار بعد الكوارث

تعد إدارة الطوارئ أمرًا ضروريًا بالطبع، ولكن من المهم بالقدر نفسه لجميع البلدان المتضررة أن تفكر في إعادة الإعمار والمستقبل، وتفترض "دورة المخاطر" أن إعادة الإعمار واستمرارية العمل والوقاية من المخاطر تؤدّي جميعها دورًا حرجًا في عودة إلى الحياة إلى حالتها الطبيعية. ومع أنه لا يمكن التنبؤ بالكوارث، إلا أنه يمكن الاستعداد لها بشكل أفضل، لا سيما في البلدان التي تتكرر فيها.، حيث يمكن للسكان في مناطق الزلازل، مثلًا، الاستفادة من هذه الخبرات في بناء أبنية مقاومة للزلازل، أو إنشاء أماكن تجمع آمنة أو الانتقال إلى مناطق معيشة آمنة.

نُفذَّت العديد من المبادرات المسماة "مراصد إعادة الإعمار"، بعد الكوارث الكبرى، مثالان على ذلك هايتي في عام 2021 وبيروت بعد انفجار المرفأ في عام 2019، وكان الهدف تنسيق صور الأقمار الصناعية لتمكين إجراء تقييم مفصل وديناميكي للأضرار التي لحقت بالمباني والطرق والمزارع والغابات وأكثر من ذلك في المناطق الأكثر تضررًا، لمراقبة تخطيط إعادة الإعمار وتقليل المخاطر ورصد التغييرات على مدى ثلاثة إلى أربع سنوات.

التعليقات