02/07/2018 - 22:00

العطلة الصيفية: الفترة الأكثر خطرًا على أطفال النقب

الأهالي والمتطوعون من خارج السرة، يقومون بإضافة مرافق ملائمة للقرية بقدر استطاعتهم، لكن السلطة الإسرائيلية لا تريد "القيام بعملها ولا تريدنا نحن أيضا أن نفعل ذلك، فقد يصل أمر هدم لأرجوحة حديدية للأطفال، قبل أن يصل الأطفال إليها".

العطلة الصيفية: الفترة الأكثر خطرًا على أطفال النقب

قرية السرة بالنقل، اليوم (عرب 48)

تعاني القرى العربية في النقب وخصوصًا مسلوبة الاعتراف منها، انعدام الأراضي العامة وعدم جاهزية مرافقها لاستخدام الأطفال، ويظهر هذا الوضع بشكل واضح خلال العطل الصيفية لطلاب المدارس والتي تبدأ في 30 حزيران/ يونيو من كل عام.

وكشفت إحصائيات التقارير الرسمية وغيرها من تقارير المجتمع المدني الحجم الكبير من المخاطر التي يتعرض لها الأطفال العرب بالنقب خلال العطلة الصيفية، التي يتوجه فيها عدد كبير منهم إلى العمل ومساعدة ذويهم، بالإضافة إلى قضاء معظم أوقاتهم داخل البلدات التي يعيشون فيها بهدف الترفيه والترويح عن النفس.

وكشف تقرير أصدرته جمعية "بطيرم لأمان الأولاد" في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، معطيات خطيرة حول أطفال النقب، حيث أن الإحصائيات أشارت إلى أنهم يشكلون النسبة الأعلى بين الأطفال الذين سقطوا ضحايا الحوادث المختلفة في البلاد.

ويستدل من التقرير أن "البلدات العربية في منطقة الجنوب هي صاحبة أعلى نسب وفيات للأولاد، حيث أن جميع البلدات ذات نسب الوفيات المرتفعة عن المعدل العام في البلاد كانت من نصيب البلدات العربية، مع نسبة بارزة وسلبية للبلدات العربية في الجنوب".

وأشار التقرير إلى أن "نسبة وفيات الأولاد اليهود انخفضت ضعفين مقارنة بوفيات الأولاد العرب، فعلى مدار 15 عاما كانت نسبة الانخفاض في الوفيات نتيجة الحوادث عند الأولاد اليهود مضاعفة عن نسبتها بين الأولاد العرب، أي بنسبة 60% بين اليهود وبنسبة 31% بين الأولاد العرب. وتوفي 102 طفل في البلاد عام 2016 في الحوادث البيتية منهم 22 طفلا عربيا من النقب".

وتُعتبر قرية السرة غير المعترف بها إسرائيليا، أحد النماذج للبلدات العربية في النقب، التي تعاني من إجحاف السلطات الإسرائيلية ومنع أهاليها من توفير مرافق ملائمة لأولادهم حتى بمجهودهم الشخصي، حيث أنهم طالبوا على مدار سنوات بتحصيل خدمات حياتية أساسية منها المرافق العامة وأماكن لعب الأطفال الآمنة، لكن دون جدوى.

وتقع قرية السرة بجانب مطار "نيفاتيم" العسكري المقام على أراضي القرية التي صودرت عام 1980 في أعقاب اتفاقية "كامب ديفيد"، بعد أن نصت الاتفاقية بين مصر وإسرائيل عام 1978 على نقل المنشآت العسكرية الإسرائيلية من سيناء ومنها المطار الجوي إلى النقب.

ويقيم أهالي القرية البالغ عددهم أكثر من 400 نسمة على أرضهم التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم منذ عشرات السنين، وقد اعترفت سلطات الانتداب البريطاني بملكية أهل القرية لأراضيهم، لكن طلبهم تسجيل أراضيهم وفقا لقانون تسجيل الأراضي الإسرائيلي لا يزال عالقًا منذ السبعينيات دون حصولهم على أي من الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والخدمات الصحية الملائمة من السلطات الإسرائيلية.

وقال المحامي والناشط ابن القرية، خليل العمور، لـ"عرب 48 " إن "أهالي السرة لا يملكون الكثير من الخيارات لتنظيم أماكن لعب للأطفال وحمايتهم من المخاطر البيئية والحوادث رغم توجههم المستمر للسلطة القضائية والسلطة التشريعية لإيجاد الحلول. استطعنا أن نستنتج مما رأيناه الأمر الذي نعلمه جيدا بأن منعنا من الخدمات ومن التنظيم لمكان سكننا ينبع من أهداف سياسية فقط ".

وتحدث العمور عن مشهد أطفال السرة في العطلة الصيفية قائلا إن "أطفالنا مفعمون بالطاقة والفضول وينبضون بالحياة ويريدون اللعب وقضاء الوقت والتعلم من محيطهم، وهو ما نريد وما نخاف في نفس الوقت، فمنطقة قرية السرة وقرية الجُرف المقابلة لها مليئة بالآبار والكهوف والتضاريس الصلبة، وكوننا قرب المطار العسكري المقام على أرضنا المصادرة، وقيام الجيش الإسرائيلي بتدريبات دورية في منطقتنا، فنحن نعاني كما باقي القرى العربية في النقب من مخلفات الجيش " .

وأشار إلى أنهم يحاولون منع أطفالهم من اللعب في المنطقة القريبة للبيوت وفي ملعب القرية الذي رممه المتطوعون، لكن السلطات الإسرائيلية استصدرت أوامر هدم وأزالت جزءا منه.

وختم العمور بالقول إن "الأهالي والمتطوعين من خارج القرية يقومون بإنشاء مرافق ملائمة للقرية بقدر استطاعتهم، لكن السلطة الإسرائيلية لا تريد القيام بعملها ولا تريدنا نحن أيضا أن نفعل ذلك، فقد يصل أمر هدم لأرجوحة حديدية للأطفال قبل أن يصل الأطفال إليها".

وقال ابن القرية، أحمد النصاصرة، لـ"عرب 48" عن أوضاع قريته، إن "أطفالنا في خطر محدق وباستمرار، نراه ونشعر به، لأننا محاصرون من كل الجهات، المطار العسكري من جهة وتدريبات الجيش في المنطقة وشارع البحر الميت السريع من جهة أخرى ".

وأضاف أن "العطلة الصيفية قد بدأت، وإضافة على انعدام المرافق الملائمة في القرية، فإن قريتنا تقع في منطقة صحراوية وهي بالتالي تحتوي العديد من الحيوانات البرية، الحشرات والأفاعي والعقارب التي يُمكن أن تشكل خطرًا كبيرًا على أطفالنا".

وأكد النصاصرة أن "كل ما نريده هو فقط حقوقنا الأساسية، وعيشنا الكريم على أرضنا التي لم يتبق منها الكثير بعد أن صودر معظمها في أعقاب التسوية مع مصر، ونحاول بمجهودنا الذاتي تطويرها بشكل دائم، لكن السلطات تمنعنا من ذلك، وبالإضافة إلى هدمها لمرافقنا، فهي تلزمنا بدفع الغرامات الباهظة أيضًا".

وقال الطالب الجامعي والناشط طالب العمور، من سكان القرية لـ"عرب 48"، إن "نادي شباب السرة الثقافي يعمل منذ أعوام، واستخدمه الشباب والطلاب والطالبات وحتى كبار السن من القرية، وقد سد هذا النادي فراغا كبيرا لأبناء القرية".

وأضاف أن "الشباب يحتاجون لكل مساهمة ممكنة لخلق الأطر للجيل الشاب المتعطش للنشاط والتعلم وتوسيع الأفق".

وختم العمور بالقول إن "أبناء وبنات قرية السرة يتطوعون بشكل تلقائي مع الأطفال لإسعادهم ومحاولة سد النقص في البرامج، لأن الشيء الوحيد الموجود لدينا هو الطاقة البشرية، وتسخير هذه الطاقة في العطاء هو سلاحنا الوحيد في مواجهة إجحاف السلطات".

اقرأ/ي أيضًا | النقب: الشرطة تجبر أهالي أم نميلة على هدم منزلين

التعليقات