مع افتتاح السنة الدراسية: أبو عصبة: 20% من العائلات العربية غير قادرة على إعالة نفسها

-

مع افتتاح السنة الدراسية: أبو عصبة: 20% من العائلات العربية غير قادرة على إعالة نفسها
يتحدث مدير معهد "مسار" للأبحاث الإجتماعية، خالد أبو عصبة، عن الوضع الإقتصادي المتردي والضائقة التي تعاني منها العائلات العربية، مستعرضًا الطريق الصعبة للأهل إلى المدرسة، واصفًا الوضع في البيوت العربية بأنه "صعبٌ للغاية"، وهذا أمر ليس متعلقًا فقط بمناسبةٍ ما أو افتتاح السنة الدراسية الجديدة، بل يشعر الأهل بعجزهم عن الخروج من الأزمة التي فرضها عليهم الواقع، بينما تحصُل بعض الأسر على مبلغ زهيد من مؤسسة التأمين الوطني، كداعمٍ للأسر أحادية المعيل، وهم قلة من أبناء المجتمع. أما الأكثرية فيعيشون تحت معاناة كبيرة عشية افتتاح السنة الدراسية.

تساءَل أبو عصبة عن دور السلطات المحلية العربية وأقسام الشؤون الاجتماعية والمعارف، و"كيف لا يبحثون عن حل لبعض الأسر التي لا تستطيع إعالة نفسها بنفسها، وعددهم يصل إلى نحو 20 بالمائة من الأسر العربية. هؤلاء في رأي أبو عصبة “يحتاجون الى دراسة مستفيضة، لمساعدتهم والأخذ بيدهم حتى يتمكنوا من تزويد ابنائهم بالمستلزمات الأساسية من جهة والتحضير لمناسبة شهر رمضان وقرب عيد الفطر".

ويعتقد أبو عصبة أن "هناك علاقة قوية ومباشرة بين الوضع الاقتصادي المتردي لمعظم العائلات وبين تحصيل أبنائهم، ففي الحقيقة أشارت الأبحاث التربوية منذ مدة ٍطويلة إلى وجود العلاقة بين المسألة المادية والمركز الاجتماعي وبين علامات الطلاب، ما معناه أنه كلما تدنى وضع الأهل اقتصاديًا، كلما قلّ استثمار الأبناء في دراستهم بسبب الافتقار الى المحفزات العلمية والأدوات والمعدات ووسائل بسيطة أخرى يحتاجها الطالب، وهو يعرف تمام المعرفة أنه حتى لو كان في قمة احتياجه الى دروسٍ خاصة، فليس بإمكانه أن يتلقاها".

وأشار أبو عصبة في أبحاثه ومشاركته المتعددة في مؤتمرات تتناول التعليم العربي إلى أنّ "التعليم اللامنهجي" (فعاليات في نطاق الأسرة أو في نطاق المجتمع المدني أو “الفعاليات المبرمجة”)، هي فعاليات لا تقل أهمية عن التعليم المنهجي الرسمي في تطوير مهارات الطلاب وتطوير شخصية الفرد، مبينًا أنَّ "هذه الصرخة والنداء ذهبت أدراج الرياح.. فكلما حاولت التأكيد على أنّ التعليم لوحده لا يكفي، وأننا بحاجة لبناء شخصية الطالب وتنشئته، عبر نشاطات خارج المؤسسة التعليمية وليس فقط من خلال المؤسسات التعليمية الرسمية، كنتُ دومًا أصطدم بواقع مأساوي في هذا الشأن".

وكشف أبو عصبة أنّ "5% فقط من الطلاب العرب وأبناء الشبيبة، يستغلون وقت الفراغ بصورة فعّالة، ومنهجية، وتعود بالفائدة عليه، أما النسبة الأكبر 95%، فلا يستغلون اوقات الفراغ بأمور تعود بالفائدة عليهم، ومردود هذه النتيجة يعود إلى عدم وجود أطر مناسبة ترعى هؤلاء الطلبة والشباب، وهي مسؤولية السلطات المحلية والحكم المركزي، ومسؤولية المجتمع المدني، الذي لم يفلِح في تغيير نمط الشباب، وفي خلق حركات شبابية وأطر تنشئة ترعى الشباب وتبعدهم عن حوادث العنف والسلوك الخطر".

في تطرقه إلى "نتائج البجروت أشار أبو عصبة إلى أن النتائج التي كانت في العام 2008، ستكون في العام 2009، وما دام ثلث الطلاب حصلوا على شهادة بجروت، فمَن هو المسؤول عن الثلثين المتبقيين، صحيح أنّ ثلث الطلاب أحرزوا نجاحًا، لكن من بينهم فقط 80% منهم مؤهلون، (4 وحدات انجليزي و4 وحدات رياضيات كشرطٍ أساسي للإنتساب للدراسات العليا)".

يتحدث أبو عصبة عن 25% من الطلاب كحدٍ أعلى ممن حصلوا على شهادة نجاح في البجروت، متسائلاً: "أين الـ 75% الباقين؟! شماعة مَن ستحمل هذا الفشل؟! أهي مسؤولية الحكم المركزي، أم هي مسؤولية الحكم المحلي، أم مسؤولية الأهالي؟ ومن يدفع الثمن لمثل هذا الاخفاق في التحصيل".

ويرى أبو عصبة أنّ "هناك حاجة الى خطة جذرية تنهض بجهاز التعليم العربي ولا تكفي البرامج الإضافية التي تضيف بضع ساعات وبضع معلمين، وتزيد وحدات الصفوف هنا وهناك بفعل النمو طبيعي الذي يحتاج الى رفع جاهزية المدرسة وزيادة عدد الصفوف، إنه واجب وزارة المعارف كحدٍ أدنى لعملها الذي يجب أن تقوم به، لكن القضية ليست قضية الصفوف، فالمدارس العربية تحتاج الى الكثير من الخدمات لسد الفجوات المتراكمة منذ سنوات".

يقترح أبو عصبة إضافة إلى خطط وزارة المعارف، "أن تخرج مخططات محلية ومدرسية، فالسلطات المحلية مسؤولة تمامًا مثلما هم مدراء المدارس والمعلمون، وعليه تحتاج مدارسنا إلى الكوادر البشرية والمخططين والمربين والتربويين، وإلى رصد الموارد لهذه الخطط. من أجل ذلك هناك دور للحكم المحلي وللمؤسسات وللجمعيات الأهلية".

ويختتم أبو عصبة بقوله "أنّ رجال التربية والتعليم سئموا مقارعة وزارة المعارف خلال عشرات السنين، وآن الأوان أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني بدورها على أكمل وجه، إن لم يكن حرصًا على المستوى التعليمي، فليكن حرصًا على الطلاب، فهم أبناؤنا جميعًا، ويجب أخذ مصلحتهم في رأس سلم الاعتبارات".

التعليقات