المكتب السياسي للتجمع: المفاوضات مصلحة للاحتلال وضرر فادح لشعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية..

"المفاوضات الحقيقية تجريها إسرائيل على الأرض وتستمر بالاستيطان وحصار غزة وتهويد القدس وسحب الهويات من سكانها وهدم المنازل وبناء جدار الفصل العنصري"..

المكتب السياسي للتجمع: المفاوضات مصلحة للاحتلال وضرر فادح لشعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية..
مع اقتراب موعد البدء بمفاوضات مباشرة بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، أصدر المكتب السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي، بياناً أكد فيه رفضه ومعارضته لهذه المفاوضات لأنها تصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي، وتجلب ضرراً فادحاً للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.

وأكد بيان المكتب السياسي على أن المفاوضات المباشرة الحالية لن يكون حالها أفضل من سابقاتها، وهي تأتي تلبية للمطالب الإسرائيلية، فهي مفاوضات بلا شروط ودون مرجعية ولم يستجب فيها لأي من الشروط الفلسطينية.

وأشار البيان إلى أن المفاوضات الحقيقية تجريها إسرائيل على الأرض حيث تصعد حملتها ضد كل مقومات المشروع الوطني الفلسطيني، وتستمر بالاستيطان وحصار غزة وتهويد القدس وسحب الهويات من سكانها، وتقوم بهدم المنازل وإخلاء الناس من بيوتها، وتواصل بناء جدار الفصل العنصري، وتعمل ليل نهار على فرض الأمر الواقع على الأرض حتى يأتي الحل الدائم وفق المقاييس والشروط الإسرائيلية.

كما أشار إلى أنه بموازاة ذلك تقوم إسرائيل بحملة دولية للحصول على اعتراف بها كدولة يهودية ولحشد دعم لها للضغط على العرب والفلسطينيين للقبول بهذا الشرط الاسرائيلي. وهي تقوم ايضاً بتسويق رؤيتها للحل من خلال الادعاءات حول مصالحها الأمنية في غور الأردن والجبال المطلة عليه، وحول فرض قيود صارمة على الدولة الفلسطينية إذا قامت. من هنا فإن الكلام عن مفاوضات مباشرة هو ذر الرماد في العيون، أي معنى للمفاوضات وإسرائيل لم تغير مواقفها حتى تكون فرصة للتفاوض الجدي، وهي ماضية باستغلال المفاوضات كغطاء لسياساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطينية وشعوب المنطقة.

وأكد المكتب السياسي للتجمع على أن المفاوضات المباشرة تصب في مصلحة إسرائيل وتغذي سياساتها العدوانية، فهي تمنح الحصانة لحكومة نتنياهو في المجتمع الدولي، وتمنع تعرضها للنقد على اعتبار أنها تجري مفاوضات تسمى جدية وتنعت بأنها فرصة للسلام. وقد صرح أكثر من مسؤول إسرائيلي أن المفاوضات تؤدي إلى رفع معدلات النمو الاقتصادي، وستستغل اسرائيل هذا النمو لزيادة الميزانيات العسكرية، كما أعلن بيبي نتنياهو في مؤتمر هرتصليا الأخير.

وأشار بيان التجمع أيضا إلى أن المفاوضات تبدأ وقد تراجعت السلطة الفلسطينية عن الشروط التي وضعتها لاستئناف المفاوضات. وأوضح البيان أن مفاوضات تبدأ بهذا الشكل لا يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية لصالح الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية وافقت على المفاوضات المباشرة دون التزام إسرائيلي بتجميد الاستيطان في الضفة والقدس، ودون موافقة اسرائيلية على مرجعية للمفاوضات.

وجاء في البيان "عبثاً حاولت السلطة الفلسطينية الحصول على غطاء شرعي لدخول المفاوضات المباشرة. فهي تدخل المفاوضات بلا غطاء شرعي أو شعبي أو حزبي أو مؤسساتي. أما الاستناد إلى بيان اللجنة الرباعية فهو غطاء مخروم، فإسرائيل رفضته وهذا يعني أنه ليس مرجعية متفقا عليها للمفاوضات، وهو أصلاً يمثل تراجعاً لا تقدماً في موقف الرباعية، فقد استبدل الموقف السابق بتجميد الاستيطان بجملة مبهمة تنص حرفياً على أن الرباعية "تدعو الطرفين من جديد إلى التحلي بالهدوء وضبط النفس والامتناع عن أي عمل استفزازي وأي لهجة عدوانية"، وهذا بالحد الاقصى يعتبر الاستيطان (دون ذكره مباشرة) بانه عمل استفزازي وليس خرقاً فاضحاً للقانون الدولي ومناقضاً لقرارات الأمم المتحدة وحتى تحدياً لقرارات سابقة لنفس الرباعية".

ولفت البيان إلى أن إسرائيل قد رفضت بيان الرباعية، ووافقت على المفاوضات وفق الموقف الأمريكي الرسمي، الذي عبرت عنه هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية. موضحا أن الموقف الأمريكي يستجيب بالكامل للمطالب الإسرائيلية ويلغي تماماً الشروط الفلسطينية المعلنة، وبموجب هذا الموقف فإن المفاوضات هي مرجعية ذاتها، وخلالها ستبحث مسألة الاستيطان وتجميده وشروط الحل الدائم، وهذا هو بالضبط الموقف الإسرائيلي، كما عبر عنه بيبي نتنياهو.

وقال المكتب السياسي "تدل حيثيات المفاوضات المباشرة على اهتراء الموقف الرسمي العربي، وتنصله من مسؤولياته القومية تجاه القضية الفلسطينية. فقد تحول هذا الموقف من قوة دعم للقضية الفلسطينية إلى عامل ضغط مساعد ومساند عملياً للموقف الأمريكي. الجامعة العربية اليوم تقف أمام مفترق طرق حول مهامها ودورها ومسؤليتها في الذود عن المصالح القومية العربية والدفاع عن حقوق الامة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. لقد لعبت الجامعة العربية دوراً سلبياً حيث منحت الشرعية للرضوخ للضغوط الأمريكية بشأن مفاوضات بلا شروط، بدلاً من استثمار ثقل العالم العربي في التصدي لهذه الضغوط".

وأكد البيان أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تعتبر من أكثر حكومات إسرائيل تطرفاً، وهي تعرض في المفاوضات أقل بكثير مما عرضه براك في "كامب ديفيد" ورفضه الرئيس الراحل ياسر عرفات، وأقل حتى مما عرضته حكومة أولمرط قبل عامين ولم يكن صالحاً للتوصل إلى اتفاق وتسوية. وتساءل البيان عن أية فرصة يمكن أن ترتجى مع حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة كحكومة نتنياهو، ليخلص إلى أن المطلوب حقا هو محاصرة نتنياهو وحكومته وسياساته وعزلها وحشد الضغوط عليها، لا منحها الفرج وإنقاذها من العزلة التي كان من الممكن أن تكون فيها لو توفرت الإرادة العربية والفلسطينية لاستراتيجية بديلة عن "مفاوضات ومزيد من المفاوضات".

وأضاف البيان أن الحديث عن مسار المفاوضات قد يؤدي إلى خروج بعض أحزاب اليمين من حكومة نتنياهو ودخول حزب "كاديما" إليها، ونسج الأوهام حول تطور من هذا النوع، فهو يأتي من باب التمني لا التحليل السياسي الموضوعي لحقيقة الأوضاع الداخلية في إسرائيل. فحتى لو تغيرت تركيبة الحكومة، فلن تتغير سياساتها، خاصة وأن تسيبي ليفني، زعيمة كاديما هي أكثر إصراراً على الشروط التي يضعها نتنياهو ولم تناقشه عليها في يوم من الأيام وانتقدته فقط على الأسلوب لا المضمون.

وقال إن "تسيبي ليفني هي صاحبة النظرية الخطيرة التي تقول بأن التفاوض مع "المعتدلين" يمكن اسرائيل من قمع وملاحقة وضرب من تسميهم بالمتطرفين، وكان هذا هو منطقها في تشديد الحصار على غزة وفي تسويغ الحرب الإجرامية عليها".

وفي نهاية البيان قال المكتب السياسي للتجمع إن الانقسام الداخلي الفلسطيني قد أضعف الموقف الفلسطيني وجعله أكثر عرضة للابتزاز والضغوط. وأنه في ظل الانقسام أصبح من المستحيل التوصل إلى موقف فلسطيني موحد، كما عطل الانقسام إمكانيات حشد طاقات الشعب الفلسطيني في مواجهة الضغوط والسياسات الإسرائيلية والأمريكية.

وخلص إلى أنه قد آن الأوان لوضع حد لهذا الانقسام، لأن الوحدة الوطنية هي حزام الأمان للصمود في وجه مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية، وهي شرط لازم لتحقيق إنجازات على درب المشروع الوطني الفلسطيني.

وفي الوقت نفسه أشار البيان إلى أن الأغلبية الساحقة من القوى والشخصيات الوطنية الفلسطينية قد عبرت عن معارضتها للمفاوضات المباشرة، وهذا بمثابة استفتاء يؤكد أنه لا توجد شرعية شعبية ووطنية لهذه المفاوضات. لقد حاولت قوى الأمن التابعة للسلطة قمع تحركات شعبية وحزبية ضد المفاوضات، وهذا بحد ذاته تعبير عن ضعف نهج المفاوضات العبثية. "إن واجب كل القوى الوطنية الفلسطينية في كل مكان أن ترفع صوتها عالياً ضد هذه المفاوضات المدمرة التي يستفيد منها الاحتلال الإسرائيلي وتسبب ضرراً فادحاً لقضية فلسطين العادلة. هذه المفاوضات لن تأتي بتسوية عادلة، ولا سلام بلا عدالة" بحسب البيان.

التعليقات