جمعية الثقافة العربية تنظم ندوة حول "القومية والمواطنة والديمقراطية..

-

جمعية الثقافة العربية تنظم ندوة حول
ضمن الفعاليات الثقافية والسياسية التي تنظمهما جمعية الثقافة العربية، أقيمت يوم الثلاثاء 17-1-2007 ندوة في جامعة تل أبيب تحت عنوان، "القومية، المواطنة والديمقراطية" تناولت التناقض القائم في نظام دولة إسرائيل، واستحالة الوصول الى مواطنة ديمقراطية مدنية في ظل استمرار التعريف اليهودي للدولة.

وقد جرى استعراض أبحاث وكتب جديدة في الندوة لباحثين وكتاب يتناولون هذا التناقض في المواطنة الإسرائيلية، كما هدفت الى كشف الطلاب العرب للجدل القائم بين المدرسة النقدية (وهي الأقل عددا)، وبين التيار المركزي المتسلط في الاكادمية الإسرائيلية. وتساهم الأمسية أيضا في اطلاع الطلاب العرب واليهود على دور خطاب دولة المواطنين في الجدل الأكاديمي.

شارك في الندوة كل من بروفسور عدي اوفير ود. أرئيلا أزولاي والدكتور أمل جمال وبروفيسور شلومو زند والدكتور امنون راز، وقد أدار النقاش السيد سامي ابو شحادة.

تناولت مداخلة بروفسور عدي اوفير ود. أرئيلا أزولاي عرضا لكتابهما الجديد "هذا النظام ليس واحدًا: الاحتلال والديمقراطية بين البحر والنهر" (من المتوقع ان يصدر الكتاب في الأسابيع القريبة)، الذي يرفض التجاوز القائم لقضية الاحتلال في دراسة نظام الحكم في إسرائيل، وخاصة لدى المدرسة "الليبرالية الصهيونية" التي تخرج قضية الاحتلال من نقاشاتها حول الديمقراطية في إسرائيل، بحيث يعتبر أن قضية الاحتلال حسمت باتجاه إنهاء الاحتلال في يوم من الأيام، وبالتالي لا حاجة للتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي كسمة من سمات النظام القائم، مما يؤدي للاكتفاء في بحث إمكانية تعايش الديمقراطية واليهودية في دولة إسرائيل من خلال التركيز على تواجد أقلية عربية فيها. ويشفع تحيد الاحتلال في بحث النظام الإسرائيلي من تعريفها كدولة فصل عنصري (ابارتهايد) ويتيح المجال أمام وصفها بالديمقراطية المنقوصة او المعطوبة وفقا للبحث الليبرالي الصهيوني. والانكى من ذلك أن معظم الباحثين والأكاديميين العرب يقعون أيضا في هذا المطب، ويتعاملون مع دراسة النظام في إسرائيل من منطلق مفاده أن الاحتلال سوف يزول لا محال، وبهذا يقومون بدراسة التناقض في النظام الإسرائيلي من منظور وجود أقلية عربية قومية تعيش في إسرائيل، دون أن يشملوا حالة الأبارتهايد القائمة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويقبلون ضمنا فرضية وجود حل منفصل للأقلية داخل إسرائيل وللفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال.

بينما يقترح الباحثان التعامل مع النظام القائم في دولة إسرائيل من منطلق وجود تناقضين قائمين بالتوازي ينتجان نوعين من الأنظمة: التناقض الأول قائم بين اليهود وغير اليهود في الدولة؛ والثاني بين المواطنين وغير المواطنين. والسؤال البحثي الذي يجب ان يطرح هو كيف يتعايش التناقضان معا: الديمقراطية المعطوبة داخل إسرائيل والاحتلال الجائر. أي انه على باحث النظام في دولة إسرائيل ان يشمل في وحدة البحث جميع المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

وعرض البروفسور شلومو زند، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة تل أبيب، كتابة الجديد "متى وكيف اختُرع الشعب اليهودي؟"، الذي يخلص الى ضرورة دفع فكرة جعل إسرائيل "دولة جميع مواطنيها"، واستحالة تعايش الديمقراطية والطابع اليهودي للدولة. وفي حال استمر الوضع القائم هناك خطر ان يتحول الجليل الى كوسفو، وبفضل السياسيات تجاه الأقلية العربية.

تناول الدكتور أمل جمال رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة تل أبيب في مداخلته تعريف دولة إسرائيل كدولة مؤممة تنتج مواطَنة خاوية للسكان الفلسطينيين. وقال جمال إن هناك تناقضا حادا بين طابع الدولة المؤمم الناتج عن الرغبة في السيطرة ومن الشعور الدائم بالخوف، وكتلك التي تعمل باستمرار على تأميم الحيز العام، والزمن، والفضاء العام والثقافة والرموز والمواطنة المتساوية. هذا النمط من النظام يسعى لتحويل ثقافة المجموعة المسيطرة إلى ثقافة طاغية تخنق الثقافات الأخرى، ولا تعترف بها مما يفرغ المواطنة الرسمية من أي مضمون، في المجال السياسي والمجال الثقافي والمجال الاقتصادي. دولة مؤممة تفرغ المواطنة من البعد الأممي كما تفرغ المواطنة مضمونها الثقافي.

ودولة إسرائيل وفقا لجمال هي مشروع استعماري متواصل منذ بداية القرن التاسع عشر يعمل على التوسع والسيطرة. ومن حيث تفريغ المضمون السياسي للمواطنة لا تكتفي الدولة بنزع الشرعية والفحوى السياسية (على الأخص التأثير السياسي) للقيادة العربية بل تقوض المضمون السياسي الفعلي للسكان العرب. كما تقسم الدولة الفضاء العام في حدود سيطرتها، الفضاء الطبيعي التي يتحرك فيه المواطن اليهودي والفضاء غير العادي الذي يعيش فيه المواطن العربي بحيث يشعر المواطن العربي بالغربة في وطنه.

أما الدكتور أمنون راز، فقد عبر في بداية مداخلته عن سعادته للمشاركة في محاضرة تعقد بتل أبيب ويحضها جمهور عربي ويهودي، ذلك أننا يمكن اعتبار هذا المشهد اختراقًا غير مألوف في تل أبيب، المدينة الإسرائيلية التي تدعي الليبرالية، في السنوات الأخيرة. إذ أن تل أبيب هي المدينة "الغربية" الوحيدة الخالية من وجود سكان عرب وظواهر اجتماعية وثقافية ودينية عربية. فالعربي غير متواجد بتل أبيب وغير مرغوب فيه أيضا، هذا الواقع يمكن ان يلخص ويفسر وضعية المواطنين العرب في الدولة وقد يلخص إشكالية المواطنة في الدولة. وحتى في حرب لبنان الأخيرة، يقول راز، طُلِب من المشاركين العرب في المظاهرات المشتركة التي أقيمت بتل أبيب عدم الهتاف باللغة العربية، ذلك ان اللغة العربية تخيف، توتر بل وتقلق الأذن اليهودية.

ويطالب راز أن يتركز النقاش حول عدم اعتراف السكان اليهود والدولة بالقومية الفلسطينية قبل الحديث عن تغير أنماط المواطنة في إسرائيل، القائمة على نفي القومية الفلسطينية. المطالبة بالاعتراف بالقومية الفلسطينية هو المدخل لحل التناقض القائم وتغيير أنماط المواطنة وتغيير النظام القائم في الدولة، دون ذلك لا يمكن التوصل الى مواطنة متساوية، فهذا شرط ضروري للتحول في الوعي والإدراك لدى السكان اليهود، ومنه يمكن التوصل الى مواطنة متساوية والمطالبة بالمساواة المادية وتقسيم الموارد، دون الاعتراف بالقومية الفلسطينية والغبن التاريخي لا يمكن التوصل الى مساواة. ويطالب راز ان لا نتجاهل قضية حق العودة التى لم تذكر من قبل ألمشاركين في هذه الندوة.

هذا وقد شارك قرابة 100 من الطلاب العرب واليهود من جامعة تل أبيب في هذه الندوة.

التعليقات