جمعية صوت العامل:تقرير مؤسسة التامين حول الفقر لا يعكس بتاتا كارثة الفقراء العرب في اسرائيل

"سياسة التمييز التي تنتهجها الحكومة واذرعتها ووزاراتها، تدخل الانسان العربي الى دائرة الفقر المدقع وهنا يكمن الوضع الكارثي للفقراء العرب في اسرائيل"

جمعية صوت العامل:تقرير مؤسسة التامين حول الفقر لا يعكس بتاتا كارثة الفقراء العرب في اسرائيل

ورد في تقرير " التأمين الوطني" حول الفقر في البلاد بأن مقاييس الفقر في اوساط الاقلية العربية وصلت في العام 2002 الى 27 % من النسبة الاجمالية لعدد الفقراء في اسرائيل وذلك على الرغم من أن العائلات العربية تشكل نسبة 10% من عدد العائلات في البلاد، هذه الارقام تشمل لاول مرة السكان العرب في مدينة القدس.

ترى جمعية صوت العامل أن التقرير يحوي على الكثير من المعطيات والارقام غير الدقيقة والكامله كما ان المقاييس التي وردت في التقرير لا تعكس حقيقة الفقر المدقع والماساوي للفقراء العرب في اسرائيل وذلك لان التقرير استند في المعطيات والارقام على بنك المعلومات في مؤسسة " التامين الوطني " ودائرة الاحصاء المركزية التي غالبا وعلى مدى السنوات الاخيرة تنشر معطيات غير دقيقة حول " اعداد العاطلين عن العمل في الوسط العربي" . حدد التقرير حول الفقر معايير تحدد من هو الانسان الفقير على النحو التالي: كل انسان يعيش بمفرده ويتقاضى دخلا بقيمة اقل من 1743 شيكل او زوج يتقاضى اقل من 2789 شيكل في الشهر او عائلة مكونة من اربعة افراد ودخلها الشهري اقل من 4463 شيكل او عائلة مكونة من ستة افراد ودخلها الشهري اقل من 5927 شيكل في الشهر.
ترى جمعية صوت العامل ان هذه المعايير لا يمكن ان تكون مقياسا يحدد نسبة الفقر في الوسط العربي اذا ما نظرنا الى الوضع الماساوي الذي تعيشه عشرات الالاف من العائلات العربية التي تعتاش على مخصصات ضمان الدخل، الشيخوخة، العجز، النفقة واصابات العمل.

وذلك لان الجمعية تقيس وتحدد معايير الفقر في الوسط العربي وفقا لمفهوم ورؤية الجمعية الثاقبة بان مسالة الفقر وجذورها تعود بالاساس الى سياسة التمييز العامة التي تنتهجها الحكومة واذرعتها ووزاراتها والتي تطال في السنوات الاخيرة في التامر ونهب مخصصات ضمان الدخل للعاطلين عن العمل وفقا لمجموعة قوانين جائرة يتم سنها في أروقة وزارة العمل والتي تحرم الانسان العربي من المخصصات وبالتالي تدخله الى دائرة الفقر المدقع وهنا يكمن الوضع الكارثي للفقراء العرب في اسرائيل.يقول التقرير ان دفع المخصصات من قبل مؤسسة التامين الوطني قد ساهم كثيرا في عدم اتساع دائرة الفقر ولولا ذلك لكان عدد الفقراء في اسرائيل قد وصل الى 2 مليون شخص وان 630 الف عائلة اخرى ستدخل الى دائرة الفقر!! ولكن هل يمكن تطبيق مثل هذا الكلام على الفقراء في الوسط العربي؟؟؟؟؟؟

ان مؤسسة التامين الوطني التي تنشر تقريرها السنوي حول الفقر تتجاهل تماما انها تدخل في كل شهر اكثر من الف عائلة عربية في منطقة الناصرة والجليل الى دائرة الفقر المدقع والمعاناة وظروف حياة معيشية تعيسة للغاية.

ان التقرير لا يذكر ولا يتطرق بتاتا الى ان الاف العائلات العربية تحرم او تقلص مخصصاتها لضمان الدخل بسبب قانون الاملاك الذي يطبق فقط في الوسط العربي، ولعل القصة التالية هي نموذج حي على كارثة الفقر في الوسط العربي التي لم تاخذها بالحسبان دائرة الاحصاء المركزية وقسم التخطيط والمعلومات في مؤسسة التامين الوطني. انها قصة تتكرر عشرات المرات في كل بلدة وقرية عربية في البلاد.

ن. عبد الحليم من قرية كفرمندا يبلغ من العمر 59 عاما، عمل طوال حياته في البناء ودفع طوال حياته مخصصات التامين من راتبه الشهري. في العام 2003 توجه عبد الحليم الى مؤسسة التامين الوطني للحصول على مخصصات ضمان الدخل، غير ان طلبه جوبه بالرفض لانه بنى بيتا لابنه فوق منزله قبل عدة سنوات. ووفقا لقانون مؤسسة التامين الوطني فان السيد عبد الحليم مسجله باسمه املاك، اي المنزل الذي يسكنه ابنه ممكن ان يشكل مصدر دخل بالنسبه له ولذلك فانه يحرم من المخصصات وفقا لهذا القانون التعسفي.

ان قضية السيد عبدالحليم هي الشغل الشاغل لمئات العاطلين عن العمل في منطقة الناصرة وقرى عربية اخرى لا يتقاضون المخصصات لهذا السبب، ولعل عشرات الملفات والقضايا التي تصل الى مكتب جمعية صوت العامل من كافة انحاء الوسط العربي حول هذه القضية تؤكد ان هذا القانون التعسفي ما هو الا السياط الذي تجلد به الدولة المواطنين العرب عبر مؤسسات الرفاه- مؤسسة التامين الوطني.

ان هؤلاء الاشخاص وهم بالمئات على الاقل في منطقة الناصرة لا يندرجون في اية احصائية رسمية او دراسة اكاديمية حكومية، وبالتاكيد غيبوا تماما في تقرير مؤسسة التامين الوطني حول الفقر للعام 2002.

على ذات الصعيد، فانه من دواعي الاستغراب ان يذكر التقرير بان دفع المخصصات من قبل مؤسسة التامين الوطني قد انقذ الاف العائلات من الفقر اذ ان الامر على عكس ذلك تماما في الوسط العربي المنكوب بالبطالة والفقر.

وحتى نبرهن على صحة موقفنا واقوالنا فاننا نورد هذا المثل الذي ينطبق على الاف العاطلين عن العمل في الوسط العربي.

عاطل عن العمل، رب اسرة مكونة من سبعة اولاد، من قرية عرابة البطوف حصل على مخصصات ضمان الدخل بقيمة 3222 شيكل للشهر الواحد منذ العام 1991. وفقا لقانون التسويات الحكومي منذ بداية العام 2003 والذي اصبح ساري المفعول ايضا على العاطلين عن العمل في الوسط اليهودي فقد تم تخفيض نسبة مخصصات ضمان الدخل لكل مستحقي هذه المخصصات بنسبة 30% واصبح العاطل عن العمل من عرابة يحصل على مبلغ 2250 شيكل. الامر لم يتوقف عند هذا الحد طالما ان التقليصات تشمل كل مستحقي مخصصات ضمان الدخل، لكن مرة اخرى يجلد العاطل عن العمل في الوسط العربي مرتين وهذا ما حدث للعاطل عن العمل من قرية عرابة، اذ ان المخصصات التي يستحقها اليوم لا تتجاوز ال 640 شيكل . لقد قلصت المخصصات الى هذا المبلغ الزهيد بادعاء ان العاطل عن العمل من عرابة" وريث شرعي لاملاك والده المتوفي منذ العام 1975" كما تدعي مؤسسة التامين الوطني.

والحقيقة ان والد العاطل عن العمل كان قد باع في سنوات السبعين قطعة ارض لاشخاص من قرية عرابة اقيم عليها عدد من البيوت والمحال التجارية لكن قسيمة الارض ظلت مسجله في اسمه في دائرة الطابو حتى يومنا هذا.

قضية المواطن من عرابة هي الكارثة المعيشية الحقيقية التي تنطبق على المئات من العاطلين عن العمل في منطقة الناصرة وهي معاناة مستمرة للعائلات العربية التي دخلت بفضل قوانين مؤسسة التامين الوطني الجائرة الى دائرة الفقر المدقع الذين يعتاشون على دخل اقل من المقاييس التي حددتها مؤسسة التامين الوطني في تقريرها.

نشرت جمعية صوت العامل النقابية في الناصرة والتي تعنى بشؤون العمال والعاطلين عن العمل في المجتمع العربي في الداخل تقريرا مطولا حول التقرير الذي نشرته مؤسسة " التأمين الوطني" حول الفقر في اسرائيل للعام 2002 والذي أثار زوبعة اعلامية حول الارقام المذهلة التي وردت في التقرير فيما يتعلق بالفقر في اوساط الاطفال، اذ ان كل طفل ثالث في اسرائيل يعيش في دائرة الفقر وان عدد العائلات في البلاد التي تعيش تحت خط الفقر يبلغ عددها 340 الف عائلة اي بنسبة 18 % من سكان البلاد ويعتبر التقرير ان شريحة العاطلين عن العمل في اسرائيل هي الاكثر فقرا في البلاد في العام 2002 اذ بلغ عدد العائلات التي تعتاش على مخصصات ضمان الدخل 137 الف عائلة. 


 رسالة جمعية صوت العامل التي وصلتنا بهذا الخصوص :


ان التقرير الذي اعدته مؤسسة التامين الوطني سيظل غير دقيقا وصحيحا بالنسبة للوسط العربي اذا ما اقتصر على معطيات فروع مؤسسة التامين الوطني في البلاد وعلى دائرة الاحصاء المركزية.

ترى جمعية صوت العامل ان قانون مؤسسة التامين الوطني الذي يمنح مخصصات البطالة للشبان واليهود والذين تتراوح اعمارهم ما بين 18 –20 عاما، يحرم الشبان العرب في هذا الجيل من الحصول على المخصصات وذلك لعدم تاديتهم الخدمة العسكرية او الوطنية.

من هنا فان هذا القانون يمنع اصلا الشبان العرب من التوجه الى مؤسسة التامين الوطني وطلب مخصصات البطالة لان القانون واضح في حيثياته ونصوصه العنصرية.

من الطبيعي ان يكون هذا القانون حجر عثرة اساسي امام مئات الشبان العرب الذين يطلبون الحصول على هذه المخصصات وان هذه الفئة لم يشملها التقرير على الرغم من انها تلعب دورا بارزا وفعالا في المساهمة في اقتصاد العائلة وتطورها. لا يمكن تناول تقرير مؤسسة التامين الوطني وتوجيه النقد الى ما ورد فيه دون الوقوف على معاناة العاطلين عن العمل العرب في مكاتب التشغيل في الوسط العربي، فهذه المحطة رئيسية ومهمة لكي نبرهن ان هذا التقرير لا يزال بعيدا عن نقل الحقائق والارقام المذهلة لكارثة الفقر في الوسط العربي.
تنتهج مكاتب التشغيل سياسة منهجية تتجسد بتسجيل اكبر عدد من العاطلين عن العمل كرافضي عمل وحرمانهم من المخصصات وبالتالي اخراج او اجبار الكثير منهم على ترك التسجيل في مكاتب العمل بعد ان دخلوا الى دائرة الياس.

ان العاطلين عن العمل الذين سجلوا رافضي عمل وتوقفوا عن التسجيل في مكتب العمل نتيجة التعامل التعسفي في هذه المكاتب خرجوا من معاناة مكاتب العمل لكنهم ظلوا في دوامة الفقر والبطالة بدون مخصصات واية فرصة عمل.

ونذكر على ذلك المثال التالي:

اذ قام مكتب العمل في حيفا في اوائل العام 2002 بتسجيل عشرات العاطلين عن العمل من شفاعمرو، كابول ، اعبلين وطمرة "رافضي عمل" بحجة عدم موافقتهم العمل في دائرة الاثار والحدائق العامة.

42 عاطل عن العمل سجلوا "رافضي عمل" وحرموا من المخصصات، فيما بعد توقفوا نهائيا عن التسجيل في مكتب العمل نتيجة للمعاملة المهينة التي يتلقونها في مكتب العمل.
هؤلاء العاطلين عن العمل لم تدرج اسمائهم فيما بعد كطالبي عمل وفي التقرير الشهري لمكتب مصلحة الاستخدام لم يبلغ عنهم الى مؤسسة التامين الوطني وبذلك يكون الانطباع بان مكتب العمل قد وجد عملا ل 42 عاطل عن العمل وكأن نسبة البطالة قد تقلصت في منطقة شفاعمرو.

ان هذا المثال ينطبق تماما على كافة مكاتب التشغيل في الوسط العربي، وبذلك نرى في الاحصائيات الشهرية لمكتب مصلحة الاستخدام ومؤسسة التامين الوطني بان هذه المجموعة التي حرمت من المخصصات غير قائمه في حساباتهم ولكنها قائمه في جحيم الفقر المدقع كنتيجة مباشرة لسياسة "مؤسسات الرفاه ".

ان التقرير السنوي حول الفقر في اسرائيل، والذي اعدته مؤسسة التامين الوطني لا يشكل بالنسبة لجمعية صوت العامل النقابية والاف العمال والعاطلين عن العمل الا زوبعة اعلامية لتقرير اكاديمي، لا نستهتر به، لكننا وبفضل عملنا المتواصل والدوؤب مع الشرائح الفقيرة لمجتمعنا العربي لا نرى ان هذا التقرير قد سلط الضوء على الصورة القاتمة للمجتمع العربي الفقير، فالصورة القاتمة للفقراء العرب في اسرائيل تنذر بما هو أسوا مما قد يكتب في تقرير او دراسة او خبر في الصحافة.

التعليقات