عشية مؤتمر „ديربن 2”، مدير عام „اتجاه” أمير مخول: نشاط إسرائيل والحركة الصهيونية العالمية ضد المؤتمر يستهدف الحق الفلسطيني وأي تفاعل حوله

-

عشية مؤتمر „ديربن 2”، مدير عام „اتجاه” أمير مخول: نشاط إسرائيل والحركة الصهيونية العالمية ضد المؤتمر يستهدف الحق الفلسطيني وأي تفاعل حوله

يبدأ يوم الاثنين المقبل، 20 الجاري في مقر الأمم المتحدة في جنيف المؤتمر الثاني لمكافحة العنصرية „ديربن2 „ ويستمر حتى 24 الجاري. ويهدف المؤتمر الى استعراض مجلس حقوق الإنسان بمشاركة دول العالم والمنظمات غير الحكومية مدى التطور الحاصل منذ المؤتمر الأول العام 2001 ، في كل بلد وعالميا في مجال العنصرية. وقدمت منظمات العمل الأهلي الفلسطيني في الوطن والشتات ومنظمات حقوقية ومتضامنة أخرى تقريرا مشتركا حول ممارسات إسرائيل وبنيتها العنصرية الكولونيالية وكذلك ورقة موقف جماعية. يقول المدير العام لاتحاد الجمعيات العربية „اتجاه”، أمير مخول إنه ضمن المبادرة والمساعي لبلورة إستراتيجية عربية إقليمية وضمنها الفلسطينية وكذلك الاستراتيجيات على الصعيد الدولي فإن منطلق التفكير يجب أن يكون مغايرا عن مؤتمر ديربن الأول، سواء في قراءة المستجدات والتعامل مع قضايا الشعوب الأخرى، أو في شكل الاستعداد والتنظيم أو في التعامل مع الواقع الفلسطيني والعربي الحاليين.

ويضيف مخول ان „إسرائيل اليوم أكثر إجرامية وعنصرية مؤسساتية بنيوية تجد تعبيرها في تصعيد جرائم الحصار والقهر ضد شعبنا في كل مكان وفي القوانين العنصرية والتعديلات العنصرية عليها. وأصبحت علاقة الفلسطينيين في الداخل مع شعبهم في الوطن والشتات ومع البعد العربي الإقليمي جريمة وفق القانون الإسرائيلي بالإمكان محاكمة ومعاقبة أي شخص يضبط متلبسا بالعلاقة مع باقي أجزاء شعبه. وتحولت الملاحقات السياسية إلى نهج دولة بمؤسساتها الأمنية والمدنية وتهدف إلى وضع النضال من اجل حقوق الفلسطينيين في خانة „الإرهاب” ويجري التعامل معه من المنظور الأمني الهادف إلى فك الارتباط بيننا وبين شعبنا في باقي أجزاء الوطن والشتات ومع العالم العربي كامتداد طبيعي لنا وكذلك فك الارتباط مع وطننا.

**بنظرة إلى الوراء،كيف تقيم أعمال المؤتمر الأول، „ديربن1”?

مخول: في مؤتمر ديربن الدولي الأول ضد العنصرية (2001) حقق المجتمع المدني الفلسطيني ضمن المجتمع المدني العربي الإقليمي انجازا غير مسبوق تجلى في محاور أساسية:

·دمغ إسرائيل كنظام عنصري كولونيالي ودمغ الصهيونية بالعنصرية.

·تسليط الضوء بشكل مكثف على الطابع العنصري الكولونيالي لإسرائيل المفروض على فلسطينيي الـ 48 مواطني إسرائيل، كجزء من القضية الفلسطينية الواحدة وواقع لكل الفلسطينيين في الوطن والشتات والذين شتتهم إسرائيل قسرا بقيامها وممارساتها وجوهر المشروع الصهيوني الاستعماري العنصري.

·اعتراف عربي إقليمي رسمي وغير حكومي بجدارة قضايا الفلسطينيين في الداخل وبجدارة المنظمات التي ترفع قضاياهم وبالذات اتحاد الجمعيات العربية – اتجاه - والذي أقام تحالفا واسعا واللجنة التحضيرية المحلية لمؤتمر ديربن،

وقيام اتحاد الجمعيات بلعب دور قيادي فلسطينيا محليا وفلسطينيا عاما وعربيا اقليميا وعالميا

·اعتراف دولي بجدارة قضايا الفلسطينيين في الداخل كجزء من القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني وجدارة دور المنظمات الأهلية الفلسطينية.

·اعتراف دولي رسمي بأن الشعب الفلسطيني هو ضحية.

·تفاعل ايجابي وتكاملي بين المستوى الأهلي غير الحكومي العربي والمستوى الحكومي او الرسمي سواء فلسطينيا ام على صعيد الحكومات الوطنية أم على صعيد الجامعة العربية.

·توحيد الخطاب الفلسطيني على مستوى العمل الأهلي في الوطن والشتات وطرح القضية الفلسطينية بكل مركباتها كقضية واحدة.

·اعتماد خطاب الحق والشرعية والقانون الدولي والذي اكسب العمل العربي والفلسطيني جدارة عالية ومصداقية وساهم في هزيمة إسرائيل والمنظمات الصهيونية العالمية والإسرائيلية على السواء.

·إعادة الزخم لحركة التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، ودمغ إسرائيل ومقاطعتها دوليا ومناهضة التطبيع عربيا.

·إقامة تحالفات وكتل منظمات غير حكومية داعمة للتضامن المتبادل وبالذات بين المجموعة العربية والمجموعة الآسيوية والأفريقية والأمريكية اللاتينية وكذلك مع منظمات عديدة في أوروبا والولايات المتحدة، مما أعاد للأذهان الوعي وتلمس ضرورة وضع القضية الفلسطينية في تفاعل ايجابي مع قضايا الشعوب والمجموعات المظلومة في العالم وتشكيل كتلة شعبية عالمية متضامنة تتقاسم المسؤولية خاصة في عصر العولمة حيث لا يمكن التأثير وتحقيق تغيير دون بناء كتل وتحالفات كبيرة تعاني من تبعات ذات نظام الهيمنة العالمي وخاصة حيث تتقاسم الدول المهيمنة دورها وتدافع عن بعضها البعض.

** وما هي، برأيكم أبرز المستجدات منذ „ديربن 1”؟

مخول: إن التطور الأهم في المنطقة العربية منذ ديربن الأول، وهو يعكس أيضا بعدا عالميا، هو ما يسمى „الحرب على الإرهاب” والاحتلال الأمريكي للعراق وإرهاب الدولة العظمى، والآن تضاف إليها الأزمة المالية والاقتصادية العالمية والأزمات السياسية والاجتماعية الخطيرة التي ستنتج عنها على مستوى تعزيز الفروقات والفجوات الاجتماعية والطبقية والعنصرية وكذلك الأزمة البنيوية في علاقة الشمال بالجنوب، حيث أن النظام الاقتصادي والمالي العالمي السائد سيسعى إلى فرض ذاته على دول الجنوب وبالذات الدول العربية، وإيجاد حلول للأزمة على حساب الأخيرة وشعوبها وبالذات المنطقة العربية والدول النفطية.

ولو حصرنا النقاش هنا بالوضع العربي لرأينا أن مخطط تفتيت وتشتيت الأمة العربية والعالم العربي المكمل لاحتلال العراق إنما أدى وسيؤدي إلى إحلال الهويات التجزيئية على حساب الهوية الجامعة بمفهوم بناء الأمة. ووفق منطق التجزئة والتشتيت يجري تغييب طبيعة الصراع الرئيسي وإحلال النزاعات الجهوية بدل مقاومة الاحتلال والاستعمار.

هناك وضمن المستجدات أمر مركزي آخر وهو تراجع محورية القضية الفلسطينية في العالم وتراجع سعة حركة التضامن العالمي والحراك العالمي حول فلسطين رغم وجود نضوج في الطرح وفي الخطاب.

** ثمة استعدادات إسرائيلية رسمية لإجهاض أعمال المؤتمر؟

مخول: من المهم أن نعترف أنه مقابل مساع محدودة في المجتمع المدني الفلسطيني والعربي لاستخلاص العبر والدروس وتوثيق التجربة من مؤتمر ديربن الأول، فإن إسرائيل من خلال وزارة خارجيتها وبإشراك وتقاسم العمل مع المنظمات الصهيونية العالمية قد أعطت الموضوع حقه وكانت السباقة في الاستعدادات لمؤتمر ديربن الاستعراضي الوشيك.

وإذ قررت إسرائيل رسميا والحركة الصهيونية العالمية استهداف المؤتمر فإن الهدف بالنسبة لهما ليس المؤتمر بحد ذاته إنما استهداف الحق الفلسطيني وأي تفاعل حوله سواء أكان عربيا أم دوليا. وإسرائيل كما كل نظام كولونيالي عنصري تدرك ان نقطة القوة الفلسطينية الأقوى هي عدالة القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني في مواجهة الغبن التاريخي الذي أنزلته إسرائيل بقيامها ومنذ قيامها بهذا الشعب وبالشعوب العربية.

وتعتمد الإستراتيجية الصهيونية أكثر من مسار ومنها:

·السعي إلى حجب التمويل الدولي للمنظمات غير الحكومية المعنية بالمشاركة في المؤتمر واستبعاد صوتها الجماعي القوي.

·السعي إلى نزع شرعية المؤتمر مسبقا باتهامه بالانحياز التلقائي ضدها وباللا سامية. وفي ذات الوقت تسعى لابتزاز مواقف ضمنه تتساوق مع سياستها.

·إقامة تحالفات ودعم قضايا شعوب أخرى تتوافق مع المخططات الأمريكية والأوروبية.

·محورة المؤتمر في اللا سامية والتعامل معها كقضية إسرائيلية واحتماء إسرائيل من خلال اعتبار أي نقد لها او تعرية لمواقفها هو موقف ضد اليهود.

·السعي لتسويق „الدولة اليهودية” وشرعنتها عالميا من خلال تسويقها ضمن لغة „السلام” (دولة فلسطينية ودولة يهودية) والانقضاض على حق العودة للاجئين وعلى فلسطينيي الـ48.

·وعربيا كما في استراتيجيات حروبها السابقة حيث سعت إلى نقل المعركة إلى أراضي „العدو”، فان مسعاها في مؤتمر ديربن الاستعراضي هو أيضا نقل محور النقاش إلى العنصرية في العالم العربي أو العالم وإبعادها عن مشروعها، واعتبار القضية الفلسطينية بكل مركباتها قضية صراع سياسي يتم التطرق له ضمن المفاوضات بين إسرائيل وبين السلطة الفلسطينية.

·في واقع الحال تشارك إسرائيل بقوة في المؤتمر. وحتى وان قاطعته رسميا ستكون موجودة كذلك المنظمات الصهيونية موجودة وكذلك ستكون دول وحكومات تحمي مصالحها بالذات الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي. كما حدث في العام 2001.

** وهل هناك استراتيجية فلسطينية لمواجهة المخططات الإسرائيلية؟

مخول: مقابل الإستراتيجية الإسرائيلية الصهيونية فإن غياب إستراتيجية فلسطينية رسمية هو أقرب إلى الخطيئة منه إلى الخطأ، وغياب إستراتيجية عربية على مستوى جامعة الدول العربية هي اخطر ما في الوضع، وتلقى عمليا المسؤولية على المجتمع المدني الفلسطيني الذي كثيرا ما يقلل بدوره أيضا من البعد العربي وتغيب منظمات غير حكومية عربية إقليمية وبالذات منظمات حقوق الإنسان عن الدور الريادي الجماعي المنظم. ورغم كل هذا فإن عدالة القضية الفلسطينية وجوهر إسرائيل هما مصدر قوة وإقناع وتحقيق انجازات في مؤتمر ديربن الاستعراضي .

ونضالنا في طبيعته هو نضال للمدى البعيد يعتمد مبدأ المراكمة الهادفة لتحقيق غاياتنا. والنجاح في مؤتمر ديربن لن يقاس بالبيان الختامي وصوت المجتمع المدني فحسب بل في أية تحالفات إستراتيجية سنخرج بها من المؤتمر وأية آلية دفع شعبي فلسطيني وعربي ودولي سنطورها خلال المؤتمر، وكيف سنعزز خطاب الحقوق والعدالة.

لكن صراعنا مع إسرائيل يتطلب العمل بمنهجية وبنظرة واضحة باتجاهات ثلاثة متكاملة:

1. بناء الذات والقدرات والتحالفات وبناء آليات حماية للوجود وللانجازات.

2. استقطاب المجتمع الدولي لصالح قضية فلسطين العادلة وتحميل المجتمع الدولي مسؤولياته ومكافحة ازدواجية المعايير في كل ما يتعلق بالموقف من إسرائيل.

3. النيل من شرعية إسرائيل وجوهرها العنصري الكولونيالي من خلال طرح طابعها وفضح ممارساتها وكذلك حشد الرأي العام لمقاطعتها وفرض العقوبات عليها لإلزامها باحترام القانون الدولي والشرعية الدولية.

أما نحن فسيكون توجهنا هجوميا وليس دفاعيا، أي نؤدي إلى وضع تجري فيه محاصرة عنصرية إسرائيل والمنظمات الصهيونية من خلال الخطاب الواضح وبناء التحالفات الصحيحة والتحضير الجيد والتركيز على الجوهري في المؤتمر كون سعة المشاركة العربية والفلسطينية محدودة.

في ديربن كما في محافل دولية أخرى هنالك إمكانيات أفضل لإخراج القضية الفلسطينية والعربية من حدود توازن القوى المحلي والإقليمي المائل بشكل صارخ لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. ولدينا قدرات التأثير الكبيرة بالذات على مستوى المنظمات غير الحكومية.

لكن أيضا احتمالات النجاح الدبلوماسي أو الحكومي العربي والفلسطيني متوفّرة، وإمكانيات حشد تضامن هي جديّة فيما إذا كان العمل موحدا وهادفا ومنظما. واعتقد أن جامعة الدول العربية كانت ستحسن صنعا لو بادرت إلى اجتماع عربي إقليمي تحضيري حكومي وغير حكومي مشترك.

** وكيف يمكن طرح الموقف الفلسطيني في ظل حال الانقسام السائد؟

مخول: في استعدادنا لمؤتمر ديربن يجدر التحذير من التناقضات الفلسطينية وإحضارها إلى هذا المحفل الدولي. ولا أقصد الصراعات السياسية في السلطة الفلسطينية بل تجنب احتمالات الصدام بالمواقف بين المستوى الرسمي الفلسطيني والمستوى غير الحكومي. هناك مجال ومتسع لتقاسم عمل مع المستوى الرسمي والمستوى غير الحكومي...المستوى الرسمي بإمكانه استغلال ضغط وسقف العمل الأهلي العالي من اجل الشد إلى الاعلي وهزيمة إسرائيل أو على الأقل تحسين الموقف الفلسطيني على حساب النيل من الموقف الإسرائيلي وإبراز الحق الفلسطيني خارج محدودية تفرضها توازنات القوى والاملاءات الإسرائيلية الرسمية. وهذا يعيدنا إلى السلوك القيادي الداعم الذي قام به الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي دعم المجتمع المدني واستقوى بصوته خدمة للحق الفلسطيني.

ثمة حاجة ثابتة إلى إطار استراتيجي متناسق عربي إقليمي للمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والأهلي العربي ويكون باتصال وتنسيق ايضا مع الحركة السياسية على تعدديتها ومع الجانب الرسمي والجامعة العربية. ويبلور رؤية تتفاعل مع قضايا العالم وترفع القضية العربية. اطار يحدد الاستراتيجيات في الحلبات الدولية المختلفة ويسعى الى اعادة الاعتبار للحضور العربي في المحافل الدولية.




التعليقات