في الذكرى الستين لمجزرة دير ياسين: سلاح الجوّ الإسرائيلي يهبط في المدارس العربية!

-

في الذكرى الستين لمجزرة دير ياسين: سلاح الجوّ الإسرائيلي يهبط في المدارس العربية!
في التاسع من نيسان كانت مجزرة دير ياسين، التي راح ضحيتها 250 شهيدا فلسطينيا؛ كان ذلك قبل ستين عامًا... رجال وأطفال لقوا نحبهم على أيدي العصابات التي ترأسها إسحق شامير ودافيد بن غوريون، هذه العصابات التي شكّلت ما يسمى بجيش الدفاع الإسرائيلي.

بمناسبة مرور 60 عامًا على قيام إسرائيل أعلنت وزيرة المعارف مؤخرًا عن نيتها القيام بحملة تواقيع على “وثيقة الإستقلال” في المدارس الثانوية ومن ضمنها المدارس العربية، متجاهلة الجانب الإنساني والثقافي للطلاب العرب وهويّتهم الفلسطينية، كما أقرّت وزارة المعارف برنامج “المائة مصطلح” الذي بدأ تطبيقه في المرحلتين الإبتدائية والإعدادية والذي يهدف إلى بلورة الوسائل لتعميق القيم الصهيونية واليهودية لدى الشباب الإسرائيلي.

محاولات تشويه هوية الطلاب العرب عبر البرامج التي تعدها وزارة المعارف بالتنسيق مع مكتب رئيس الحكومة ومركباته المختلفة، لم تتوقف عند هذا الحدّ، بل أصدرت وزيرة المعارف تمير تعليماتها الى مدراء المدارس العربية بوجوب فتح الباب أمام الجمعيات المروجة للخدمة المدنية بالدخول للمدارس العربية.

لكن ما حصل أمس الأول الأربعاء، يوم الذكرى السّتين لمجزرة دير ياسين كان التصعيد الأخطر في الهجوم على الطلاب العرب ومحاولات الغزو الثقافي وتشويه هويتهم الفلسطينية، حيث نظمت وزارة المعارف، بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، سلسلة من المحاضرات في العديد من المدارس العربية التي تهدف إلى تعريف الطلاب العرب بإنجازات الدولة على مدار السّتين عامًا الماضية.

وعلمت صحيفة فصل المقال ان عشرات المدارس العربية من مختلف المناطق قد إستضافت هذه المحاضرات، التي قام بتقديمها جنود من سلاح البحرية وسلاح الجو، على مدار ساعات في المدارس، بعد تنسيق مع المجالس العربية وإدارات المدارس. فقد استضافت مدرستا البعينة النجيدات ومدرسة العزير الثانويتين، أمس الأول، جنودًا وضباطًا من سلاح البحرية والجو الإسرائيلي حيث قاموا بتقديم محاضرات وورشات عن إنجازات إسرائيل ومؤسسيها، وكذلك إنجازاتها في الحروب المختلفة، مرورا بسحق حزب الله في الحرب الأخيرة على لبنان!

هذه المحاضرات لقيت سخطا واسعا في صفوف عدد كبير من المعلمين والطلاب، الذين أعربوا عن إمتعاضهم من إدخال جنود الى المدارس ، كما واعلنت لجنة أولياء أمور الطلاب عن إمتعاضها من خطوة مدير المدرسة والمجلس المحلي الذي نفذ هذه المحاضرات دون موافقتهم او إعلامهم.

وكان الجنود الإسرائيليون قد قاموا بتعليق العلم الإسرائيلي داخل الصفوف وكذلك وضع اعلام صغيرة لسلاح الجو والبحرية على الطاولات، كما بثوا فيلما قصيرا باللغة العبرية عن إنجازات الدولة على الأصعدة المختلفة، وتم توزيع مجلة على الطلاب بمناسبة مرور 60 عاما على تأسيس سلاح الجو الإسرائيلي، شملت مقابلة مع وزيرة المعارف صرحت خلالها أن جهازي التعليم والأمن هما الأهم في الدولة، حيث يكمل أحدهما الآخر ويؤثران على بعضهما، كما وأشادت تمير بالشراكة بين وزارة المعارف وسلاح الجو المتمثل باطلاق مشروع " الطريق بين الأرض والسماء"، الذي إعتبرته بمثابة نضال مشترك من أجل المجتمع ألإسرائيلي!

الإستخفاف بالطلاب العرب وصل ذروته حيت قام الجنود بتوزيع ملصق على الطلاب باللغة العبرية كتب عليه "سلاح الجو في قلبي وروحي".

وقالت الطالبة رلى زيادنة من البعينة في حديث لـ "فصل المقال"، إن الخطوة لإدخال جنود الى المدرسة هي خطوة سلبية للغاية، فكيف لنا ان نحتفل بمرور 60 عامًا على قيام إسرائيل، ونحن أبناء الشعب الفلسطيني الذي أقيمت على ارضه دولة إسرائيل، وقالت: خلال المحاضرات وصفوا الجيش الإسرائيلي بجيش دفاع، مع العلم أنه يرتكب الجرائم بحق أبناء شعبنا، وأردفت : " تم التباهي خلال المحاضرات بيهودية الدولة وهذا التعريف يستثنينا كمواطنين عرب بل ويعزز من التمييز اللاحق بنا، ولهذا فاننا نطالب بأن تكون الدولة للجميع ومما يكفل المساواة للجميع وياتي بالسلام الداخلي والعيش المشترك".

من ناحيته استنكر الشيخ المربي أحمد أشراف خطوة استقبال الجنود في المدرسة وتقديمهم للمحاضرات واعتبرها جزءا من الحملة المبرمجة لتشويه هوية الطلاب العرب وانتمائهم لشعبهم، فجيش الدفاع الذي يرتكب الجرائم والمجازر ضد ابناء شعبنا ويقتل الابرياء من نساء، أطفال وشيوخ، يجب الا يفتح الباب أمامه لتقديم المحاضرات لطلابنا، وهذا الامر يجب ان يوضع له الحد، وبدلا من ذلك يجب الإهتمام بتثقيف الطلاب على تاريخ شعبنا ونكبته ومما يتعرض له المواطنون العرب من تمييز وعنصرية صارخة.

وكانت القوى الوطنية والحركات السياسية والدينية في البعينة النجيدات قد عقدت إجتماعا لها فور انتشار خبر حضور الجنود الى القرية، أعلنوا عن تشكيل لجنة شعبية للتصدي للترويج للخدمة المدنية أو العسكرية في القرية، والعمل على إخراج المشاركين في الخدمة المدنية من مدارس القرية، ومن المتوقع ان يوزع منشور في القرية يحذر الأهالي من الوقوع في "فخ" الخدمة المدنية، أو القبول بدخول المشاركين في المشروع الى المدارس. كما وأقر المشاركون في الإجتماع تخصيص خطبة يوم الجمعة في مسجد القرية لتحذير الاهالي من مخاطر الخدمة المدنية والأمنية على مستقبل وهوية أولادهم.

وقال رئيس المجلس المحلي السابق وعضو التجمع الوطني الديمقراطي، الحاج عبد الرحيم فقرا خلال الإجتماع أن المجلس المحلي هو المسؤول الأول عن إدخال مشروع الخدمة المدنية الى القرية، هذه التي سبقت دخول الجنود الى المدرسة الثانوية يوم الاربعاء، كما وتم ادخال العديد من المشاريع المشبوهة الى مدارس القرية كمشروع ما يسمى "معرفة البلاد" الذي يعلمه خريجو الوحدات العسكرية ، وأضاف: أن مصلحة طلابنا وحفاظا على مستقبلهم وهويتهم الوطنية بل وأخلاقهم يجب ان يوضع الحد لهذه الظاهرة وعدم السماح لاي كان بالعبث بمستقبل الطلاب والقرية بشكل عام".

وقال رئيس لجنة أولياء أمور الطلاب في المدرسة الثانوية ان دخول الجنود وإجراء المحاضرات في المدرسة لم يتم بالتنسيق مع اللجنة، وان مدير المدرسة إعتذر للجنة عن هذه الخطوة، ووعد بان أي نشاط مستقبلي يقترح على المدرسة من قبل جهات خارجية سيتم عرضه على اللجنة، وقال زيادنة: "نحن نرفض اي ترويج للخدمة المدنية أو الامنية وننظر الى هذه الخطوة في غاية الخطورة، ولن نسمح بتكرار هذه الخطوة".

وقال عبد عنبتاوي، مدير مكتب لجنة المتابعة العليا، في حديث لفصل المقال، ان لجنة المتابعة ترفض نهج وزيرة المعارف في فرض برامج وإملاءات تحت ما يسمى باحتفالات الستين لقيام إسرائيل، وأن مكتب المتابعة وجه رسائل للوزيرة في هذا الموضوع، كما وعمم رسائل على السلطات المحلية العربية وأقسام المعارف وكذلك على مدراء المدارس في ضرورة رفض التوجه الإستعلائي وبالمقابل وطالبتهم بادراج النكبة الفلسطينية وإسقاطاتها على المواطنين العرب وطرح الرواية الفلسطينية لنكبة شعبنا على الطلاب.

وأضاف عنبتاوي أن رفض سياسة المعارف والالتزام بقضية شعبنا هو موقف أخلاقي وطني، منوها الى أن غياب التنظيم الطلابي كما كان سابقا يسهل دخول هذه المشاريع الى المدارس والتي هدفها المس بالهوية الوطنية والجماعية.

وعن دخول جنود سلاح الجو والبحرية قال عنبتاوي أن غالبية المدارس رفضت المشاركة في هذه الفعاليات التي سبقها العديد من الإجتماعات والجلسات التحضيرية لمدراء المدارس، وأضاف أن لجنة المتابعة بمركباتها ماضية في التصدي لهذه المشاريع.



........

التعليقات