عبد الفتاح في أم الفحم: لا بديل عن مرجعية سياسية وطنية موحدة منتخبة

"آفة العنف لم تكن لتنتشر بهذا الشكل وعلى هذا النطاق، في العديد من البلدات العربية، بدون وجود نظام سياسي معني بذلك"

عبد الفتاح في أم الفحم: لا بديل عن مرجعية سياسية وطنية موحدة منتخبة
دعا أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي، عوض عبد الفتاح، إلى الإسراع في تشييد المؤسسات التمثيلية العربية وبناء مرجعية وطنية منتخبة، ليست فقط كآلية بل كإستراتيجية لمواجهة المخطط الإسرائيلي الهادف إلى تفكيك وتحطيم المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل عبر إغراقه في دوامة العنف والفقر والحدّ من قدراته على المقاومة والثبات.
 
جاء ذلك ضمن استضافته في خيمة الاعتصام المنصوبة مقابل مركز الشرطة الاسرائيلية في مدينة أم الفحم، للاحتجاج على الإهمال المتعمد من جانب الشرطة لظاهرة العنف وغياب الجدية في ملاحقة المجرمين والقتلة. واستقبله وقدمه الشيخ خالد حمدان، رئيس بلدية أم الفحم.
 
وجاء في كلمة عبد الفتاح، الذي حيّا القيمين على الخيمة والمعتصمين فيها، وأثنى على حالة الاستنفار في المدينة ضد آفة العنف، أن "آفة العنف لم تكن لتنتشر بهذا الشكل وعلى هذا النطاق، في العديد من البلدات العربية، بدون وجود نظام سياسي معني بذلك. وفي بلادنا يوجد نظام كولونيالي عنصري ينتهج سياسة الاقتلاع والنهب والسيطرة على أصحاب البلاد الأصليين، فأنتج الفقر بنسبة 53% تحت خط الفقر، ليتحول إلى تربة خصبة للجنوح والعنف والضياع، والنظريات الاجتماعية تقول حين ينسدّ الأفق أمام المجتمع يتحول عنفه إما ضد النظام القائم وإما إلى داخله".
 
وواصل: "أنا أرى أن المؤسسة الاسرائيلية تنظر إلى العنف الفردي والطائفي والشجارات العائلية كأرخص وسيلة للسيطرة على المواطنين العرب بعد أن وصلت وسائل السيطرة الأخرى إلى طريق مسدود تقريبًا، فالدولة العبرية، لم تكتفِ بنهب الأرض وحصار القرى والمدن العربية والسطو على أملاك إخواننا وأقربائنا (اللاجئين) وتدمير البنية الاقتصادية الاجتماعية العربية التي كان من المفترض أن تتطور إلى بنية حديثة ومستقلة، إنّما أتبعت ذلك بوسائل سيطرة أخرى كجهاز التعليم بعد تفريغه من التاريخ الفلسطيني والتراث الوطني، ووسائل القمع المعنوي والمادي، والقوانين العنصرية. كما أن حملات التحريض المتصاعدة ضد العرب وقياداتهم تندرج ضمن إستراتيجية السيطرة لأنها تهدف إلى تخويف الناس وإلزامهم البيوت بدل الخروج إلى ساحات النضال، والتقوقع في همومنا الخاصة والذاتية، أي سلب إنسانيتنا. ولكنها اكتشفت بعد هبة القدس والأقصى، أن هذه السياسة المعادية والوحشية لم تفضِ إلا إلى نتائج عكسية؛ مثل الاعتزاز بالهوية الوطنية، وبالهوية الثقافية العربية الإسلامية، وبالاستعداد المتزايد للنضال والانتظام في أحزاب وحركات وطنية والتفاعل مع كفاح شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية ضد الاحتلال وضد الاستبداد والسيطرة الاستعمارية. وتجلت أيضًا هذه النتائج في نقل قضايا المواطنين العرب إلى الساحة العالمية والمحافل الدولية، وذلك جاء بفضل نموّ نخبة واسعة من القيادات والكوادر والخبراء والمختصين والذين اكتسبوا المعرفة والتجربة الغنية في خضم مقارعة النظام الاسرائيلي العنصري".
 
وواصل حديثه: "صحيح أن المؤسسة الاسرائيلية حققت اختراقات في مجالات السيطرة والتحكم، واحتوت أوساطا معيّنة من ممثلي جمهور عربي يقفون ضد تنظيم المجتمع العربي على أساس قومي، وأرخت الحبل على الغارب لظاهرة العنف، وهي تراهن على تحقيق المزيد من الاختراقات مستغلة نقاط الضعف التي نعاني منها كمجتمع وكمؤسسات وكأفراد. ولكن إيانا أن نفقد ثقتنا بأنفسنا وبقدرتنا على المواجهة والعمل، فالدولة ومؤسساتها المختلفة ترمي  إلى إضعاف الثقة الذاتية وإلى إشغالنا بخلافاتنا وتصوير قضية العنف وكأنها نابعة بصورة أساسية من عقلية مجتمعنا وتركيبته التقليدية. ونحن نقول أن المؤسسة عملت بصورة منهجية منذ النكبة على استثمار هذه التركيبة لمنع تحديثنا وتطورنا كمجموعة قومية متماسكة قادرة على إدارة شؤونها الداخلية والتحكم بمسار تطورها".
 
وأضاف مُسهبًا في هذه النقطة: "تسعى إسرائيل بدون كلل إلى إبعادنا وإبعاد جماهيرنا عن السياسة، أي عن الانخراط في النضال السياسي والشعبي ضد مخططاتها الجهنمية عبر إغراقنا في دوامة العنف والفقر، وعبر إثقال السلطات المحلية العربية بالأزمات المالية، وذلك حتى تستنزفنا وتفرقنا فنسلك سياسة الاستجداء والخنوع والتراجع، ولكن الردّ الرئيسي على مجمل هذه السياسة هو إعادة تفعيل الشارع العربي وزجّه في نضال شعبي مفتوح، وهذا لا يتم إلا عبر التأسيس لنظام عربي داخلي قائم على الشرعية الانتخابية يقود المواطنين العرب للنهوض بوضعهم قبل الغرق بالمزيد من الأزمات".
 
كما أشار إلى الجهود التنسيقية التي تقوم بها مؤخراً قوى سياسية رئيسية كالتجمع والحركة الإسلامية لإطلاق مشروع انتخاب لجنة المتابعة الذي يحتاج إلى خطة عمل جدية تمتدّ على مدار عدة سنوات يجري خلالها إقامة اللجان الشعبية واللجان التحضيرية الفنية والقانونية والمالية وتنظيم المحاضرات وجمع التواقيع دعمًا للمشروع في القرى والمدن والجامعات والمدارس.
 
 وكان رئيس بلدية أم الفحم السيد خالد حمدان افتتح الفعالية مرحبا بالحضور والأمين العام لحزب التجمع قائلا: "يجب أن نكون نحن القدوة، وعلينا ان نرتقي الى مستوى الحدث. وفي حال لم نرتق إلى مستوى الحدث فلن نحقق مبتغانا، هناك العديد من الميادين التي علينا أن نقف فيها، الخيمة هي خيمة واحدة لكل أهل أم الفحم، نريد حشدا متميزا لهذه الخيمة، نريد تحقيق شعارات الانتماء والعطاء، أكرر النداء للحضور، آتوا بأهليكم، بأحزابكم، بطلابكم، لا بد من الحشد من أجل الوصول للهدف".
 
واختتمت الفعالية بقراءات شعرية للشاعر مسلم محاميد.
 

التعليقات